للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسِيَ ثُمَّ عَرَفَ أَوْ تَذَكَّرَ وَالثَّانِي لَا يَقْبَلُ لِلْمُنَاقَضَةِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِكَلَامِهِ تَأْوِيلًا بِمَا ذَكَرَ مِنْ جَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ وَإِنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي حَاضِرَةً وَحَلَّفَهُ ثُمَّ أَحْضَرَهَا قُبِلَتْ جَزْمًا فَلَعَلَّهَا حَضَرَتْ وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ بِالْقَبُولِ وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِيهَا الْوَجْهَيْنِ. .

(وَإِذَا ازْدَحَمَ خُصُومٌ) مُدَّعُونَ (قَدَّمَ الْأَسْبَقَ) فَالْأَسْبَقُ مِنْهُمْ (فَإِنْ جَهِلَ) الْأَسْبَقَ (أَوْ جَاءُوا مَعًا أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ وَقَدَّمَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ. .

(وَيُقَدَّمُ مُسَافِرُونَ مُسْتَوْفِزُونَ) شَدُّوا الرِّحَالَ لِيَخْرُجُوا مَعَ رُفْقَتِهِمْ عَلَى مُقِيمِينَ (وَنِسْوَةٌ) عَلَى رِجَالٍ، (وَإِنْ تَأَخَّرُوا) أَيْ الْمُسَافِرُونَ وَالنِّسْوَةُ فِي الْمَجِيءِ إلَى الْقَاضِي (مَا لَمْ يَكْثُرُوا) وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ مُدَّعِينَ وَمُدَّعًى عَلَيْهِمْ وَتَقْدِيمُهُمْ جَائِزٌ رُخْصَةً وَقِيلَ وَاجِبٌ، وَاخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ كَثُرُوا أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ مُسَافِرِينَ أَوْ نِسْوَةً فَالتَّقْدِيمُ بِالسَّبْقِ أَوْ الْقُرْعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. .

(وَلَا يُقَدَّمُ سَابِقٌ وَقَارِعٌ إلَّا بِدَعْوَى) وَاحِدَةٍ لِئَلَّا يَطُولَ عَلَى الْبَاقِينَ وَيَلْحَقُ بِهِمَا الْمُسَافِرُ فِي احْتِمَالٍ لِلرَّافِعِيِّ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَدِّمَ بِجَمِيعِ دَعَاوِيهِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ فِي الرَّوْضَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْبَاقِينَ إضْرَارًا بَيِّنًا وَإِلَّا فَيُقَدِّمُ بِوَاحِدَةٍ. .

(وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ شُهُودٍ مُعَيَّنِينَ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ (وَإِذَا شَهِدَ) عِنْدَهُ (شُهُودٌ فَعَرَفَ) فِيهِمْ (عَدَالَةً أَوْ فِسْقًا عَمِلَ بِعِلْمِهِ) ، فِيهِمْ فَيَقْبَلُ مَنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُ وَيَرُدُّ مَنْ عَرَفَ فِسْقَهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ فِيهِمْ مَا ذَكَرَ (وَجَبَ الِاسْتِزْكَاءُ بِأَنْ يَكْتُبَ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الشَّاهِدُ وَالْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ) مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالْحَرْفِ وَغَيْرِهَا (وَكَذَا قَدْرُ الدَّيْنِ) الْمَشْهُودِ بِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَكْتُبُهُ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَا تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ فَلَا تَتَجَزَّأُ، وَالْأَوَّلُ قَالَ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ ذِكْرُ الْمَالِ أَطْيَبُ لِقَلْبِ الْمُزَكِّي وَكَثِيرُهُ أَجْدَرُ بِالِاحْتِيَاطِ. .

(وَيَبْعَثُ بِهِ) أَيْ بِمَا يَكْتُبُهُ (مُزَكِّيًا) ، يَبْحَثُ عَنْ حَالِ مَنْ ذَكَرَ فِي قَبُولِ الشَّاهِدِ فِي نَفْسِهِ وَهَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَنْكَرَ وَدِيعَةً ثُمَّ ادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا قُبِلَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ رُبَّمَا إلَخْ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ اعْتِرَافُهُ بِعَدَمِ نِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ. قَوْلُهُ: (وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ.

قَوْلُهُ: (مُدَّعُونَ) فَلَا يُعْتَبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) وُجُوبًا إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ حَضَرَ خَصْمُهُ، وَإِلَّا قُدِّمَ غَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ تَقْدِيمُ الْمُسْلِمِ عَلَى غَيْرِهِ، مُطْلَقًا وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَقْرَعَ) وُجُوبًا.

قَوْلُهُ: (مُسَافِرُونَ) وَلَوْ رِجَالًا عَلَى مُقِيمِينَ وَلَوْ نِسَاءً بِجَمِيعِ دَعَاوِيهِمْ. قَوْلُهُ: (وَنِسْوَةٌ عَلَى رِجَالٍ) اسْتَوَى الْكُلُّ سَفَرًا أَوْ إقَامَةً وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَتُقَدَّمُ شَابَّةٌ عَلَى عَجُوزٍ.

قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَكْثُرُوا) أَيْ بِحَيْثُ يَحْصُلُ ضَرَرٌ لِغَيْرِهِمْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُفَرِّقَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَرْجَحُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ وَالتَّقْيِيدُ بِالدَّعْوَى الْوَاحِدَةِ فِيمَا إذَا كَانُوا ذُكُورًا وَاتَّفَقُوا سَفَرًا أَوْ إقَامَةً أَوْ إنَاثًا كَذَلِكَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي قَاضٍ يَلْزَمُهُ فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَإِلَّا فَلَهُ تَقْدِيمُ مَنْ شَاءَ.

فَرْعٌ: الِازْدِحَامُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ وَالْبَائِعِ وَنَحْوِهِمْ، كَالْقَاضِي سَوَاءٌ تَعَيَّنَ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِفْتَاءُ وَغَيْرُهُ فَرْضَ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ، أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَإِلَيْهِ رَجَعَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ آخِرًا وَاعْتَمَدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ شُهُودٍ مُعَيَّنِينَ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُمْ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُزَكِّيَ وَغَيْرَهُ كَذَلِكَ، وَعُلِمَ بِقَوْلِهِ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَعْيِينُهُمْ مَعَ قَبُولِ غَيْرِهِمْ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَلَهُ تَعْيِينُ مَنْ يَكْتُبُ الْوَثَائِقَ إنْ رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ لِأَدَائِهِ إلَى الْمُفَادَاةِ فِي الْأُجْرَةِ، وَلَا يَظْهَرُ التَّكَبُّرُ عَلَى الشُّهُودِ وَلَا الِاسْتِهْزَاءُ بِهِمْ وَلَا يَتَعَنَّتُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَلْفَاظِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا شَهِدَ) أَوْ زَكَّى قَوْلُهُ: (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ قَاضِي ضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الِاسْتِزْكَاءُ) وَلِلْحَاكِمِ الْحَيْلُولَةُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَلَوْ بِغَيْرِ طَلَبِ الْمُدَّعِي إنْ رَآهُ وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا فِي مُدَّتِهَا وَلِلْحَاكِمِ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ أَنْ يَحْكُمَ حَالًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: " أَلَك دَافِعٌ " فَلَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ أَمْهَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَجِبُ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ وَلَا حَجْرٍ وَلَا حَبْسٍ قَبْلَ الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَتَجَزَّأُ) أَيْ الْعَدَالَةُ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ وَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ قَالَ لَا يَبْعُدُ اخْتِلَافُهَا بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (مُزَكِّيًا) اثْنَيْنِ وَيُنْدَبُ كَوْنُ الْبَعْثِ سَوَاءً وَأَنْ لَا يَعْلَمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَمَعَ كُلِّ وَرَقَةٍ مَخْتُومَةٍ، مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ صَاحِبُهُ. قَوْلُهُ: (يَبْحَثُ) مِنْ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَيُسَمَّى مُزَكِّيًا أَيْضًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ،

ــ

[حاشية عميرة]

لِمُسْتَوْفِزُونَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِتَضْبِيبِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ شُهُودٍ) أَمَّا تَعْيِينُ مَنْ يَكْتُبُ الْوَثَائِقَ فَجَائِزٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ إذَا طَلَبَ الْخَصْمُ التَّزْكِيَةَ وَجَبَ وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي الْعَدَالَةَ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَصْلَهُ وَفَرْعَهُ فَلَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمَا كَمَا لَا يُزَكِّيهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ الِاسْتِزْكَاءُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ.

قَوْلُ: (الْمَتْنِ مُزَكِّيًا) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ يَجْرَحُ وَيُزَكِّي وَلَكِنْ وُصِفَ بِأَحْسَنِ أَحْوَالِهِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُزَكِّيًا كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَصَوَابُهُ إلَى الْمُزَكِّي كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْمَسَائِلِ وَإِنْ سُمُّوا بِذَلِكَ فَالْمُزَكِّي هُوَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ كَمَا بَيَّنَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ يُشَافِهُهُ الْمُزَكِّي قَالَ أَيْ يُشَافِهَ الْقَاضِيَ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ شَهَادَةُ الْمُزَكِّي وَإِنَّمَا أُرْسِلَ إلَيْهِ أَوَّلًا لِيُمَهِّدَ لَهُ الْأَمْرَ بِمَا كَتَبَهُ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يَجْرِي آخِرًا، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ وَأَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ اعْتَذَرَ عَنْ قَبُولِهَا، وَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَالْأَصْلُ حَاضِرٌ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ.

قَالَ الْإِمَامُ وَلِئَلَّا يَشْتَهِرَ الْمُزَكُّونَ وَيَكْثُرُ تَرَدُّدُهُمْ، ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ وَلِيَ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ الْجُرْحَ وَالتَّعْدِيلَ فَحُكْمُ الْقَاضِي مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَإِنْ بَحَثَ وَشَهِدَ فَالْحُكْمُ أَيْضًا، مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>