مَا يَمْنَعُ شَهَادَتَهُ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ. (ثُمَّ يُشَافِهُهُ الْمُزَكِّي بِمَا عِنْدَهُ وَقِيلَ تَكْفِي كِتَابَتُهُ لَهُ وَشَرْطُهُ كَشَاهِدٍ مَعَ مَعْرِفَتِهِ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ) أَيْ أَسْبَابِهِمَا لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِهِمَا. (وَخِبْرَةُ بَاطِنِ مَنْ يَعْدِلُهُ) أَوْ يَجْرَحُهُ (لِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ) لِيَتَأَتَّى لَهُ التَّعْدِيلُ أَوْ الْجَرْحِ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ لَفْظِ شَهَادَةٍ) مِنْهُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ لِكَذَا وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُهَا (وَأَنَّهُ يَكْفِي هُوَ عَدْلٌ) مَعَ لَفْظِهَا (وَقِيلَ يَزِيدُ عَلَى وَلِيٍّ) وَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ تَأْكِيدٌ (وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجَرْحِ) لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ (وَيَعْتَمِدُ فِيهِ) أَيْ الْجَرْحِ (الْمُعَايَنَةَ أَوْ الِاسْتِفَاضَةَ وَيُقَدَّمُ عَلَى التَّعْدِيلِ) لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ. (فَإِنْ قَالَ الْمُعَدِّلُ عَرَفْت سَبَبَ الْجَرْحِ وَتَابَ مِنْهُ وَأَصْلَحَ قُدِّمَ) قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ الْجَارِحِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ وَقَدْ غَلِطَ) فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ وَقِيلَ يَكْفِي فِي حَقِّهِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
وَيُسَمَّى الْأَوَّلَانِ صَاحِبَيْ مَسْأَلَةٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُشَافِهُهُ الْمُزَكِّي) أَيْ يُشَافِهُ الْمَبْعُوثُ الْحَاكِمُ الَّذِي أَرْسَلَهُ بِمَا سَمِعَهُ، مِنْ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَقِيلَ يُشَافِهُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ، بِمَا يَعْلَمُهُ الْمَبْعُوثُ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَالْمُزَكِّي الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ هُوَ الْمَبْعُوثُ وَالثَّانِي هُوَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوَافِقُهُ لَكِنْ يَبْعُدُ هَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي الْمَذْكُورُ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمُزَكِّي الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَشَرْطُ الْمَبْعُوثِ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ خِبْرَةِ بَاطِنِهِ. قَوْلُهُ: (وَخِبْرَةَ بَاطِنٍ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ خَبِيرًا بِبَاطِنِ مَنْ يَعْدِلُهُ أَوْ يَجْرَحُهُ، وَلَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ مِمَّنْ يُخْبِرُهَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ.
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا حَاجَةَ فِي الْجَرْحِ إلَى خِبْرَةِ الْبَاطِنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (لِكَذَا) رَاجِعٌ إلَى غَيْرِ عَدْلٍ أَيْ أَنْ يَقُولَ هُوَ غَيْرُ عَدْلٍ لِأَنَّهُ مَجْرُوحٌ بِالْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ مَثَلًا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِكَذَا لَمْ يُقْبَلْ وَيَتَوَقَّفُ نَدْبًا فِي الْحُكْمِ وَقِيلَ وُجُوبًا وَيُنْدَبُ تَفْرِقَةَ الشُّهُودِ وَاسْتِقْصَاءَ شَهَادَتِهِمْ وَالْأَوْلَى قَبْلَ التَّزْكِيَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَأَلَ الْخَصْمَ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ إجَابَتُهُ.
قَوْلُهُ: (هُوَ عَدْلٌ) أَوْ مَرَضِيٌّ أَوْ مَقْبُولُ الْقَوْلِ وَلَا يَكْفِي لَا أَعْلَمُ فِيهِ إلَّا خَيْرًا أَوْ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ مَا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا وَقَعَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (عَلَيَّ وَلِيٍّ) الْمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ صِفَةٌ تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ وَقَالَ الْقَفَّالُ مَعْنَى عَلَيَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَدُوًّا لِي وَمَعْنَى لِي أَنَّهُ لَيْسَ وَلَدًا لِي مَثَلًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَائِلَ مَا ذُكِرَ هُوَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ خِبْرَةِ الْبَاطِنَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَبْعُوثِ لِاعْتِذَارِهِ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِيِّ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ الْحُضُورُ وَهَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إنَّهُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجُرْحِ) كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذِكْرُ جُرْحٍ أَكْبَرَ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِدُونِهِ، وَلَا يَكُونُ بِذِكْرِ الزِّنَا قَاذِفًا إذَا لَمْ يَكْتَفِ بِدُونِهِ أَوْ سُئِلَ عَنْهُ، وَإِلَّا فَهُوَ قَاذِفٌ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَإِنَّمَا كَانَ الشَّاهِدُ إذَا نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ قَاذِفًا لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى السَّتْرِ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ الْجُرْحِ وَجَبَ التَّوَقُّفُ إلَى الْبَحْثِ عَنْهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (الِاسْتِفَاضَةُ) أَيْ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ مَا يَعْتَمِدُونَهُ مِنْ مُعَايَنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَتَابَ مِنْهُ) وَأَصْلَحَ ذِكْرُ أَصْلَحَ تَأْكِيدٌ وَالْمُعْتَبَرُ ذِكْرُ التَّوْبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شُرُوطَهَا وَلَا مُدَّتَهَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَخْ) نَعَمْ إنْ قَالَ هُوَ عَدْلٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ عَلَيَّ قُبِلَ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَإِنْ رَاجَعَ الْمُزَكَّيَيْنِ فَقَطْ فَرَسُولٌ وَالْعُمْدَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ اهـ.
وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَقُولُ وَفِي قَوْلِهِمَا فَحُكْمُ الْقَاضِي مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الثُّبُوتَ يَنْتَقِلُ فِي الْبَلَدِ وَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى مَا لَوْ حَكَمَ نَائِبُ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ بِالْجَرْحِ أَوْ التَّعْدِيلِ، ثُمَّ شَافَهَ الْقَاضِيَ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامًا لِلشَّيْخَيْنِ مُحَصِّلُهُ أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي يُشَافِهُهُ بِالثُّبُوتِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ لَهُ بِخِلَافِ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي لِلْقَاضِي. قَوْلُهُ: (أَيْضًا مُزَكِّيًا) قَالَ صَاحِبُ التَّصْحِيحِ مُرَادُهُ بِهِ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ وَبِالْمُزَكِّي الْآتِي الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ لَا الْمَبْعُوثُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَخِبْرَةُ) بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ كَذَا ضَبَطَهُ الْمُحَشِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَوْلُهُ: (لِكَذَا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ) عَلَّلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّا قَبِلْنَا شَهَادَتَهُ مَعَ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى الْأُصُولِ اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ اخْتِصَاصُ الْخِلَافِ بِأَصْحَابِ الْمَسَائِلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَزِيدُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ خَطِّ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ نَقْلًا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ مَعْنَاهُ لَيْسَ عَدُوًّا لِي بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيَّ وَلَيْسَ بِابْنٍ لِي بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِي قَالَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْقَبُولِ بِكُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَبَيَّنَهُ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَكْفِي) أَيْ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ يَقْضِي عَلَيْهِ.