للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا يُثْبِتُ فِي الدِّيوَانِ أَعْمَى، وَلَا زَمِنًا، وَلَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) غَيْرَهُمَا لِعَجْزِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُ الْأَقْوِيَاءَ الْمُسْتَعِدِّينَ لِلْغَزْوِ مِنْ الرِّجَالِ الْمُكَلَّفِينَ الْأَحْرَارِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْمُسْلِمِينَ، (وَلَوْ مَرِضَ بَعْضُهُمْ أَوْ جُنَّ وَرُجِيَ زَوَالُهُ) أَيْ زَوَالُ مَرَضِهِ أَوْ جُنُونِهِ (أُعْطِيَ) لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ الْجِهَادِ وَيَشْتَغِلُوا بِالْكَسْبِ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ) زَوَالُهُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى) أَيْضًا (وَكَذَا) تُعْطَى (زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ إذَا مَاتَ) لِئَلَّا يُشْغَلَ النَّاسُ بِالْكَسْبِ عَنْ الْجِهَادِ، إذَا عَلِمُوا ضَيَاعَ عِيَالِهِمْ بَعْدَهُمْ، (فَتُعْطَى الزَّوْجَةُ حَتَّى تُنْكَحَ وَالْأَوْلَادُ) الذُّكُورُ (حَتَّى يَسْتَقِلُّوا) بِالْكَسْبِ، وَالْإِنَاثُ حَتَّى يَتَزَوَّجْنَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْوَسِيطِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُعْطَى هُوَ وَلَا عِيَالُهُ بَعْدَهُ، لِعَدَمِ رَجَاءِ نَفْعِهِ وَلِزَوَالِ تَبَعِيَّتِهِمْ لَهُ

(فَإِنْ فَضَّلَتْ) بِالتَّشْدِيدِ (الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ وَزَّعَ) الْفَاضِلَ (عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ بَعْضَهُ فِي إصْلَاحِ الثُّغُورِ وَالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ) أَيْ الْخَيْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُدَّةٌ لَهُمْ، وَيَكُونُ الْمُوَزَّعُ الْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ يُوَزِّعُ جَمِيعَ الْفَاضِلِ، (وَهَذَا حُكْمُ مَنْقُولِ الْفَيْءِ فَأَمَّا عَقَارُهُ) وَهُوَ الدُّورُ وَالْأَرَاضِيُ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُجْعَلُ وَقْفًا) بِأَنْ يَقِفَهُ الْإِمَامُ (وَتُقَسَّمَ غَلَّتُهُ) كُلَّ سَنَةٍ (كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ قَسْمِ الْمَنْقُولِ، أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَخُمُسُهَا لِلْمَصَالِحِ، وَالْأَصْنَافُ الْأَرْبَعَةُ سَوَاءٌ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا مِنْ غَيْرِ جُعْلٍ، وَوُجِّهَ أَنَّهُ يُقَسَّمُ كَالْمَنْقُولِ إلَّا سَهْمَ الْمَصَالِحِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

بِالْقُرْبِ فَيَسْبِقُ الْإِسْلَامُ فَبِالدِّينِ فَبِالسِّنِّ، فَبِالْهِجْرَةِ فَبِالشَّجَاعَةِ فَبِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَقَدَّمَ السِّنَّ هُنَا عَكْسَ إمَامَةِ الصَّلَاةِ نَظَرًا لِلِافْتِخَارِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ) وَهُوَ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: وَيُقَدَّمُ فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ إلَى هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَثْبُتُ) أَيْ نَدْبًا فَيُكْرَهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالزِّيَادِيِّ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وُجُوبًا فَيَحْرُمُ، وَهَذَا فِي إثْبَاتِ أَسْمَاءِ الْمُرْتَزِقَةِ، أَمَّا عِيَالُهُمْ فَيُثْبِتُهُمْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَعْطَى) وَإِنْ مَحَى اسْمَهُ مِنْ الدِّيوَانِ قَالَ شَيْخُنَا وَمَحْوُ اسْمِ مَنْ لَمْ يُرْجَ، وَطَالَ مَرَضُهُ مَنْدُوبٌ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ وُجُوبُهُ، وَلَعَلَّ الْإِعْطَاءَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ وَاجِبٌ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَشْتَغِلَ النَّاسُ إلَخْ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ وُجُوبِ إعْطَاءِ أَوْلَادِ الْعَالِمِ وَظَائِفَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِرَغْبَةِ الْأَنْفُسِ فِي الْعِلْمِ، لَا عَنْهُ وَهَذَا فِي الْأَوْقَافِ، وَأَمَّا أَمْوَالُ الْمَصَالِحِ فَأَوْلَادُ الْعَالِمِ بَعْدَهُ يُعْطَوْنَ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (فَيُعْطِي الزَّوْجَةَ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَكَذَا الْمُسْتَوْلَدَةُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تُنْكَحَ) أَوْ تَسْتَغْنِيَ أَوْ تَمُوتَ. قَوْلُهُ: (الذُّكُورُ) قَيَّدَ بِهِ لِمُنَاسِبَةِ قَوْلِهِ لِيَسْتَقِلُّوا إلَخْ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْإِنَاثَ فِي كَلَامِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِ مَا ذَكَرَهُ بَقَاءَ إعْطَاءِ الْبَنَاتِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ، وَإِنْ اسْتَقَلُّوا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَنْ يُعْطَى فِي جَمِيعِ مَنْ ذُكِرَ بِالْإِسْلَامِ وَالْخِيَرَةِ فِي قَدْرِ الْمُعْطِي، وَزَمَنُ الْإِعْطَاءِ لِلْإِمَامِ وَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِمْ لَكِنْ بِسَبَبٍ وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ إنْ اسْتَغْنَى، وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَيُجِيبُ مَنْ طَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا وَرَآهُ مَصْلَحَةً، وَفِي الْمَالِ سَعَةٌ.

فَرْعٌ: مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ قَبْلَ جَمْعِ الْمَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ

. قَوْلُهُ: (بِالتَّشْدِيدِ) أَيْ فِي الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ التَّخْفِيفَ، وَفِيهِ إيهَامُ بَقَاءِ جَمِيعِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَزَّعَ الْفَاضِلَ عَلَيْهِمْ) أَيْ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ لَا عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَا ذَرَارِيِّهِمْ. قَوْلُهُ: (عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى قَدْرِ نِسْبَةِ مَا أَعْطَى لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَخَذَهُ الْجَمِيعُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَصْرِفَ بَعْضَهُ) أَيْ الْفَاضِلَ لَا جَمِيعَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْكُرَاعِ أَيْ الْخَيْلِ) وَكَذَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَبِنَاءِ الرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ، وَلَهُ صَرْفُهُ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ وَيُعَوِّضُهُمْ عَنْهُ وَلَهُ صَرْفُهُ لَهُمْ عَنْ عَامٍ قَابِلٍ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُبْقِي فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْفَيْءِ شَيْئًا مَا وَجَدَ لَهُ مَصْرِفًا وَلَا يَدَّخِرُ مِنْهُ شَيْئًا لِنَحْوِ خَوْفِ نَازِلَةٍ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا أُنْزِلَتْ وَاحْتَاجَتْ لِمَالٍ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَهُ الْإِدْخَالُ.

فَرْعٌ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَنْ عَجَزَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ إعْطَائِهِ بَقِيَ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ لَا عَلَى نَاظِرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقِفَهُ الْإِمَامُ) وَغَلَّتُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَخُمُسُهَا لِأَهْلِ الْخُمُسِ الْخَمْسَةِ، وَهَذَا إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَلَهُ بَيْعُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَقَسْمُ ثَمَنِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَلَهُ قَسْمُهُ مَنْ رَآهُ كَذَلِكَ إلَّا خُمُسَ الْخَمْسِ الَّذِي لِلْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ قِسْمَتُهُ فَوَقْفُهُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُقَسَّمُ) وَقَدْ مَرَّ تَرْجِيحُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَمَرَّ عَدَمُ تَصَوُّرِهِ فِي سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَاهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ) إفْرَادُ الْأَوَّلِ وَجَمْعُ الثَّانِي رُبَّمَا يُوهِمُ الِاقْتِصَارَ عَلَى زَوْجَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، ثُمَّ اُسْتُغْرِبَ أَنَّهَا تُعْطَى.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وُزِّعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُنَا فَرْعٌ لِلْإِمَامِ صَرْفُ مَالِ الْفَيْءِ فِي غَيْرِهِ وَيُعْطِيهِمْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا رَأَى

الْمَصْلَحَةَ

فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>