للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَقُوَّةِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِالْأَوَّلِ لِلْآيَةِ، (وَالرِّقَابُ الْمُكَاتَبُونَ) ، فَيُدْفَعُ إلَيْهِمْ مَا يُعِينُهُمْ عَلَى الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَا يَفِي بِنُجُومِهِمْ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً، وَيَجُوزُ الدَّفْعُ قَبْلَ حُلُولِ النَّجْمِ، وَبِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، (وَالْغَارِمُ إنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) كَنَفَقَةِ عِيَالِهِ، (أُعْطِيَ) بِخِلَافِ الْمُسْتَدِينِ فِي مَعْصِيَةٍ، كَالْخَمْرِ وَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يُعْطَى، (قُلْت: الْأَصَحُّ يُعْطَى إذَا تَابَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا، وَوُجِّهَ مُقَابِلُهُ بِأَنَّهُ يَتَّخِذُ لَهُ التَّوْبَةَ ذَرِيعَةً لِلْأَخْذِ، وَيَعُودُ وَالرَّافِعِيُّ حَكَى الْوَجْهَيْنِ، وَتَصْحِيحُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ جَمَاعَةٍ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ) بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى وَفَاءِ مَا اسْتَدَانَهُ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِعُمُومِ الْآيَةِ (دُونَ حُلُولِ الدَّيْنِ) فَلَا يُشْتَرَطُ (قُلْت الْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ حُلُولِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى وَفَائِهِ، وَالْأَوَّلُ يُنْظَرُ إلَى وُجُوبِهِ (أَوْ) اسْتَدَانَ (لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) أَيْ الْحَالِ بَيْنَ الْقَوْمِ كَانَ يَخَافُ فِتْنَةً بَيْنَ قَبِيلَتَيْنِ تَنَازَعَتَا فِي قَتِيلٍ، لَمْ يَظْهَرْ قَاتِلُهُ فَيَتَحَمَّلُ الدِّيَةَ تَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ، (أُعْطِيَ مَعَ الْغِنَى) ، بِالْعَقَارِ وَالْعَرَضِ وَالنَّقْدِ لِعُمُومِ الْآيَةِ، (وَقِيلَ إنْ كَانَ غَنِيًّا بِنَقْدٍ فَلَا) يُعْطَى، وَالْفَرْقُ أَنَّ إخْرَاجَهُ فِي الْغُرْمِ لَيْسَ، فِيهِ مَشَقَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ، أَوْ الْعَرَضِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الشَّرُّ مُتَوَقَّعًا فِي مَالٍ فَتُحْمَلُ قِيمَةُ الْمُتْلِفِ فَفِي إعْطَائِهِ مَعَ الْغِنَى وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ فِتْنَةَ الدَّمِ أَشَدُّ، وَلَوْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِالضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ أُعْطِيَ مَا يَقْضِي

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَنِيَّتُهُ ضَعِيفَةٌ) أَيْ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ مَنْ نَشَأَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهَا مُزَلْزَلَةٌ فِي الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُ شَرَفٌ) أَيْ أَوْ مَنْ قَوِيَ إسْلَامُهُ لَكِنْ لَهُ شَرَفٌ إلَخْ. قَوْلُهُ: (يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ) أَيْ سَوَاءٌ قَسَمَ الْإِمَامُ أَوْ الْمَالِكُ وَسَوَاءٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِمْ أَوْ لَا وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ شَرْطِ أَنْ يَقْسِمَ الْإِمَامُ، وَأَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِمْ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْقِسْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ. وَهُمْ مَنْ يَكْفِينَا شَرَّ مَنْ يَلِيهِ مِنْ الْكُفَّارِ، أَوْ مَانِعِي الزَّكَاةِ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى ذَلِكَ فَوَاضِحٌ. قَوْلُهُ: (وَالرِّقَابُ) جَمْع رَقَبَةٍ عَبَّرَ بِهَا عَنْ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ كَالْحَبْلِ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمُكَاتَبِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: (فَيَدْفَعُ) أَيْ يَدْفَعُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا أَوْ الْمَالِكُ غَيْرُ السَّيِّدِ أَوْ السَّيِّدُ مِنْ غَيْرِ زَكَاةِ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ: لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ، وَهُوَ لَا يَدْفَعُهَا لِمَمْلُوكِهِ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِمْ) أَوْ إلَى سَيِّدِهِمْ وَهُوَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً) وَأَنْ تَكُونَ لِجَمِيعِهِ، وَأَمَّا مُكَاتَبُ الْبَعْضِ فَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى شَيْئًا؛ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ فَاسِدَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِمُهَايَأَةٍ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْغَارِمُ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إمَّا لِنَفْسِهِ أَوْ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ أَوْ لِضَمَانٍ، وَيُعْتَبَرُ الْفَقْرُ فِي غَيْرِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) وَمِثْلُهُ لِإِقْرَاءِ ضَيْفٍ أَوْ بِنَاءِ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَاجَةُ الْآتِيَةُ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِقَصْدِهِ ذَلِكَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْقَرَائِنِ. قَوْلُهُ: (أَعْطَى) وَإِنْ صَرَفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمُسْتَدِينِ فِي مَعْصِيَةٍ) أَيْ وَصَرَفَهُ فِيهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا أُعْطِيَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يُعْطَى) وَهُوَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الْخَمْرِ فَهُوَ حَرَامٌ لِكَوْنِهِ بِاسْتِدَانَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ مَالٍ عِنْدَهُ فَلَا يَحْرُمُ. قَوْلُهُ: (إذَا تَابَ) وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى تَوْبَتِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَوُجِّهَ مُقَابِلُهُ) بِضَمِّ الْوَاوِ مَعَ تَشْدِيدِ الْجِيمِ الْمَكْسُورَةِ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَّخِذُ التَّوْبَةَ ذَرِيعَةً لِلْأَخْذِ وَيَعُودُ وَمُنِعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَقْدِرَ) أَيْ يُفْقَدَ عِنْدَهُ وَلَا يُكَلَّفَ بَيْعَ نَحْوِ مَسْكَنِهِ، وَلَا غَيْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ وَإِنْ عَصَى بِالدَّيْنِ، وَلَوْ وَفَّى دَيْنَهُ مِنْ قَرْضٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ، أَوْ بِإِبْرَاءٍ اسْتَرَدَّ، وَإِنْ طَرَأَ دَيْنٌ بَعْدَهُ قَبْلَ الرَّدِّ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ الْأَظْهَرِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْخِلَافَ أَوْجَهُ، كَمَا فِي الشَّرْحِ لِيُوَافِقَ اصْطِلَاحَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ) هُوَ بَيَانٌ لِذَاتِ الْبَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فِي قَتِيلٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَنَحْوِ كَلْبٍ بَلْ لَيْسَ قَيْدًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَظْهَرْ) لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الدِّيَةَ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ الْقِيمَةُ وَغَيْرُهَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أُعْطِيَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ مَا اسْتَدَانَهُ بَاقِيًا وَحَلَّ أَجَلُهُ، فَإِنْ وَفَّاهُ مِنْ مَالِهِ، أَوْ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (فِي مَالٍ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) لِأَنَّ الْمَالَ كَالنَّفْسِ لَمَّا عَلَّلَ بِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنٍ) وَكَذَا بِإِذْنٍ وَأَعْسَرَ هُوَ وَالْأَصِيلُ. قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

وِلَايَةِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَقَامَ لَهَا نَاظِرًا. قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ) اُنْظُرْ مَا الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ حِينَئِذٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ فَرَّقَ الْمَالِكُ سَقَطَ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِمْ إذَا دَعَتْ إلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ وَدَعَا إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمُكَاتَبُونَ) أَيْ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي جَعْلِهِمَا الْمُرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِذَلِكَ رِقَابَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتِرَانُهُمْ فِي الْآيَةِ مَعَ الْغَارِمِينَ وَكَمَا أَنَّهُ يَدْفَعُ لِلْغَارِمِينَ كَذَلِكَ الرِّقَابُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ) . فَائِدَةٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الِاسْتِدَانَةِ لِلْمَعْصِيَةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ فِي الْإِعْطَاءِ مِنْ الْحَاجَةِ قَطْعًا وَلَوْ قَدَرَ هَذَا الْغَارِمُ عَلَى الْكَسْبِ لَمْ يُكَلَّفْ نَعَمْ إنْ كَانَ اسْتَدَانَ فِي مَعْصِيَةٍ فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ وَجْهَانِ وَهُوَ مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَصَدْرُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَوْلَانِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَالُ) تَفْسِيرٌ لِذَاتِ الْبَيْنِ قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: قَوْلُهُمْ: إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ يَعْنِي الْأَحْوَالَ. الَّتِي بَيْنَهُمْ وَإِصْلَاحُهَا بِالتَّعَهُّدِ وَلَمَّا كَانَتْ مُلَابَسَةً وُصِفَتْ بِهِ فَقِيلَ لَهَا ذَاتُ الْبَيْنِ كَمَا قِيلَ لِلْإِسْرَارِ ذَاتُ الصُّدُورِ كَذَلِكَ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُعْطِيَ مَعَ الْغَنِيِّ) لَوْ اسْتَدَانَ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ أَوْ إقْرَاءِ ضَيْفٍ لَمْ يُعْطَ مَعَ الْغِنَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالِاسْتِدَانَةِ لِنَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>