للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَدِ الْوُجُوبِ مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِيهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّونَ، بِأَنْ تُصْرَفَ إلَيْهِمْ أَيْ يَحْرُمُ، وَلَا يُجْزِئُ لِمَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ النَّقْلُ وَيُجْزِئُ لِلْإِطْلَاقِ فِي الْآيَةِ، (وَلَوْ عُدِمَ الْأَصْنَافُ فِي الْبَلَدِ وَوَجَبَ النَّقْلُ) إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ (أَوْ) عُدِمَ (بَعْضُهُمْ وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ) مَعَ وُجُودِهِمْ (وَجَبَ) نَقْلُ نَصِيبِ الْمَعْدُومِ إلَى مِثْلِهِ، (وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى الْبَاقِينَ، وَقِيلَ: يُنْقَلُ) لِوُجُودِ مُسْتَحِقِّهِ، وَالْأَوَّلُ يَقُولُ عَدَمُهُ فِي مَحَلِّهِ كَالْعَدَمِ الْمُطْلَقِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْخِلَافُ فِي جَوَازِ النَّقْلِ وَتَفْرِيقُهُ ظَاهِرٌ، فِيمَا إذَا فَرَّقَ رَبُّ الْمَالِ زَكَاتَهُ، أَمَّا إذَا فَرَّقَ الْإِمَامُ، فَرُبَّمَا اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْحَابِ طَرْدَ الْخِلَافِ فِيهِ، وَرُبَّمَا دَلَّ عَلَى جَوَازِ النَّقْلِ لَهُ، وَالتَّفْرِقَةِ كَيْفَ شَاءَ وَهَذَا أَشْبَهُ انْتَهَى.

(وَشَرْطُ السَّاعِي) وَهُوَ الْعَامِلُ وُصِفَ بِأَحَدِ أَوْصَافِهِ السَّابِقَةِ، (كَوْنُهُ حُرًّا عَدْلًا فَقِيهًا بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ) يَعْرِفُ مَا يَأْخُذُ وَمَنْ يَدْفَعُ إلَيْهِ (فَإِنْ عُيِّنَ لَهُ أَخْذٌ وَدَفْعٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفِقْهُ) الْمَذْكُورُ، وَتَقَدَّمَ شَرْطُ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا، وَلَا مُطَّلِبِيًّا، وَلَا مَوْلَاهُمْ وَكَذَا، وَلَا مُرْتَزِقًا، مِمَّا ذُكِرَ فِي سَهْمِ الْغُزَاةِ

(وَلْيُعْلِمْ) أَيْ السَّاعِي (شَهْرًا لِأَخْذِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ نَدْبًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُحَرَّمَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السُّنَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَذَلِكَ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ الْمُخْتَلِفُ فِي حَقِّ النَّاسِ، بِخِلَافِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ، كَالزُّرُوعِ، وَالثِّمَارِ فَوَقْتُ الْوُجُوبِ فِيهِ، اشْتِدَادُ الْحَبِّ، وَإِدْرَاكُ الثِّمَارِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ فِي النَّاحِيَةِ الْوَاحِدَةِ كَثِيرَ اخْتِلَافٍ ثُمَّ بَعْثُ السُّعَاةِ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ، وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامَةِ

(وَيُسَنُّ وَسْمُ نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ) لِلْأَتْبَاعِ فِي بَعْضِهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقِيَاسُ الْبَاقِي عَلَيْهِ، وَفِيهِ فَائِدَةُ تَمَيُّزِهَا عَنْ غَيْرِهَا، وَأَنْ يَرُدَّهَا وَاجِدُهَا لَوْ شَرَدَتْ أَوْ ضَلَّتْ، (فِي مَوْضِعٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا صُلْبٌ ظَاهِرٌ (لَا يَكْثُرُ شَعْرُهُ) وَالْأَوْلَى فِي الْغَنَمِ الْآذَانُ، وَفِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْأَفْخَاذُ (يُكْرَهُ فِي الْوَجْهِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

وَقْتَ الْوُجُوبِ نَعَمْ يَجُوزُ فِي الدَّيْنِ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ فِي كُلٍّ مِنْ مَحَلِّ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ وَقْتَ الْوُجُوبِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَا لَوْ تَشَقَّصَ النِّصَابُ بِبَلَدَيْنِ كَعِشْرِينَ شَاةً بِبَلَدٍ وَعِشْرِينَ بِأُخْرَى فَلَهُ إخْرَاجُ شَاةٍ فِي إحْدَاهُمَا مَعَ الْكَرَاهَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَ فِي كُلِّ بَلَدٍ نِصْفَهَا لَمْ يُكْرَهْ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يُجْزِئُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمَنْعِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ النَّقْلُ وَتُجْزِئُ) وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ الْفِرْكَاحِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: وَيَجُوزُ لِلشَّخْصِ الْعَمَلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَكَذَا يَجُوزُ الْعَمَلُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، كَالْأَذْرَعِيِّ وَالسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عُدِمَ الْأَصْنَافُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ يَجِبُ نَقْلُهُ لِمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (فَيُرَدُّ) أَيْ إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُمْ وَإِلَّا وَجَبَ نَقْلُ الْفَاضِلِ لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَنْعَ النَّقْلِ بِكَوْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ لَا الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَتَفْرِيقِهِ) الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَوْ عُدِمَ بَعْضُهُمْ إلَخْ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّفْرِقَةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ، " وَتَفْرِيقِهِ " مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى جَوَازِ.

تَنْبِيهٌ: مُؤْنَةُ النَّقْلِ حَيْثُ جَازَ عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ أَخْذِ السَّاعِي، وَإِلَّا فَهِيَ الزَّكَاةُ فَيُبَاعُ جُزْءٌ مِنْهَا لَهُ، وَكَذَا لِإِنْقَاذِهَا مِنْ نَحْوِ خَطَرٍ.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: فُرِّقَ هَذَا عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَدْخُلْ هُوَ، وَلَا مُمَوَّنُهُ، وَإِنْ نَصَّ عَلَيْهِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَرَّقَ الْإِمَامُ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ، وَمِنْ نَائِبِهِ الْمَالِكُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّفْرِقَةِ. قَوْلُهُ: (جَوَازِ النَّقْلِ) وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْبَلَدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا أَشْبَهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ السَّاعِي إلَخْ) وَسَيَأْتِي أَنَّ بَعْثَهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (حُرًّا عَدْلًا) الْمُرَادُ بِالْعَدْلِ فِي الشَّهَادَةِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ حُرًّا كَمَا فَعَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمُقْتَضَاهُ اشْتِرَاطُ السَّمْعِ وَالنُّطْقِ وَالذُّكُورَةِ وَعَدَمِ التُّهْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُيِّنَ لَهُ أَخْذٌ وَدَفْعٌ) إنْ أُرِيدَ أَخْذُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَدَفْعُهُ لِمُعَيَّنٍ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ كَافِرًا وَفَاسِقًا وَعَبْدًا وَغَيْرَهُمْ، وَإِنْ أُرِيدَ غَيْرُ ذَلِكَ، اُشْتُرِطَتْ الْعَدَالَةُ دُونَ الْفِقْهِ، وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَفِيهِ عَلَى ذَلِكَ تَأَمُّلٌ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْفِقْهِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ شَرْطُ إلَخْ) فَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْإِمَامُ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ أَعْطَاهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ إلَّا مِنْ الزَّكَاةِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ السَّاعِي) أَيْ بِأَمْرِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ. قَوْلُهُ: (الْمُحَرَّمِ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ يَتِمُّ حَوْلُهُ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَعِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ. قَوْلُهُ: (فَوَقْتُ الْوُجُوبِ) أَيْ وَقْتُ انْعِقَادِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ إلَخْ) . هُوَ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَابْنُ الْفِرْكَاحِ عِنْدَ وُجُودِ مَصْلَحَةٍ مِنْ قَرِيبٍ، وَنَحْوُهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: يَجُوزُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَجْزَاءِ، وَأَمَّا التَّحْرِيمُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ وَقِيلَ فِيهِمَا. اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَتْنِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ، وَلَوْ كَانَ الْفُقَرَاءُ مَحْصُورِينَ بِالْبَلَدِ. تَنْبِيهٌ لَوْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ كِفَايَتِهِمْ وَجَبَ نَقْلُ الْفَاضِلِ. قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فَيُرَدُّ) هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ وَاحِدًا مِنْ صَفٍّ فَقَطْ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَعَمِ الصَّدَقَةِ) مُرَادُهُ بِهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِنْ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْفِيَلَةِ وَغَيْرِهَا لِقَوْلِهِ: وَالْفَيْءُ وَالْوَسْمُ جَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِيهِ الْإِعْجَامَ، وَقِيلَ بِالْإِهْمَالِ لِلْوَجْهِ وَبِالْإِعْجَامِ لِسَائِرِ الْجَسَدِ قَوْلُهُ: (فِي نَعَمِ الْجِزْيَةِ إلَخْ) أَيْ وَالسِّمَةُ فِي نَعَمِ الْجِزْيَةِ الَّتِي هِيَ بَعْضُ الْفَيْءِ جِزْيَةٌ أَوْ صِغَارٌ فَالْخَبَرُ قَوْلُهُ جِزْيَةٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْفَيْءِ مِنْ غَيْرِ الْجِزْيَةِ فَيُكْتَبُ عَلَيْهِ فَيْءٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>