للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى، وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَنَحْوُ صَدْرِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، (فَإِنْ جَمَعَ بِعَقْدٍ بَطَلَ أَوْ مُرَتَّبًا فَالثَّانِي) ، بَاطِلٌ (وَمَنْ حَرُمَ جَمْعُهُمَا بِنِكَاحٍ حَرُمَ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكٍ لَا مِلْكُهُمَا) ، فَيَجُوزُ شِرَاءُ أُخْتَيْنِ مَثَلًا، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهُمَا وَلَهُ وَطْءُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ، (فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً) مِنْهُمَا (حَرُمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى) بِمَحْرَمِ (كَبَيْعٍ) لِكُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (أَوْ نِكَاحٍ) أَيْ تَزْوِيجِهَا (أَوْ كِتَابَةٍ لَا حَيْضٍ وَإِحْرَامٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُزِيلَا الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ (وَكَذَا رَهْنٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ الْحِلُّ؛ إذْ يَجُوزُ الْوَطْءُ مَعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَالثَّانِي يَكْفِي الرَّهْنُ كَالتَّزْوِيجِ، فَلَوْ عَادَتْ الْأُولَى كَأَنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ قَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَى فَلَهُ وَطْءُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ الْعَائِدَةِ، أَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا حَرُمَتْ تِلْكَ الْعَائِدَةُ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى (وَلَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ نَكَحَ أُخْتَهَا) الْحُرَّةَ (أَوْ عَكَسَ) أَيْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ مَلَكَ أُخْتَهَا (حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ دُونَهَا) أَيْ دُونَ الْمَمْلُوكَةِ، وَلَوْ كَانَ وَطِئَهَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ بِالنِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهَا بِالْمِلْكِ؛ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَغَيْرُهُ، فَلَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ بَلْ يَدْفَعُهُ

(وَلِلْعَبْدِ امْرَأَتَانِ وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ فَقَطْ) ،

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (لَا الْكُبْرَى إلَخْ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ غَيْرِ الْمُرَتَّبِ، وَفِيهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ تَقْيِيدِ الْمَنْعِ بِكَوْنِ الْعَمَّةِ أَوْ الْخَالَةِ هِيَ الْكُبْرَى كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مُرَتَّبًا) أَيْ وَعُلِمَ عَيْنُ السَّابِقِ يَقِينًا وَلَمْ يُنْسَ فَإِنْ نُسِيَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ، وَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّبْقُ أَوْ السَّابِقَ بَطَلَا مَعًا. نَعَمْ إنْ رُجِيَ مَعْرِفَةُ السَّابِقِ وَجَبَ التَّوَقُّفُ أَيْضًا، وَفِي وُجُوبِ الْمُؤْنَةِ حَالَ الْوَقْفِ مَا مَرَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ اثْنَيْنِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكٍ لَا مِلْكُهُمَا) وَلَا غَيْرُ الْوَطْءِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْأَنْوَارِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَطِئَ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَاحِدَةً مِنْهُمَا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا وَاضِحَةً فَلَا عِبْرَةَ بِوَطْءِ الْخُنْثَى. نَعَمْ إنْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ فَلَهُ حُكْمُهَا. قَوْلُهُ: (حَرُمَتْ الْأُخْرَى) أَيْ حَرُمَ وَطْؤُهَا وَلَا تَخْرُجُ بِهِ الْأُولَى عَنْ الْحِلِّ؛ لِأَنَّ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَرَامًا عَلَيْهِ بِمَحْرَمِيَّةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَوَطْؤُهُ لَهَا لَا يُحَرِّمُ الْأُخْرَى مُطْلَقًا، وَفَارَقَ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ كَمَا مَرَّ. بِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ ثَمَّ حَلَالٌ فِي ذَاتِهَا فَأَثَّرَ وَطْؤُهَا فِي تَحْرِيمِ غَيْرِهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْطُوءَةُ هُنَا كَذَا ذَكَرُوهُ، فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي وَطْءِ الْأَبِ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَوْ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (كَبَيْعٍ) وَلَوْ لِبَعْضِهَا بِلَا خِيَارٍ أَوْ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَعَ قَبْضٍ بِإِذْنِهِ وَلَعَلَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ، وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ عَدَمَ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ مُوجِبٌ لِلتَّحْرِيمِ عَلَيْهِ وَعَوْدُ الْحِلِّ بِنَحْوِ فَسْخٍ لَا نَظَرَ إلَيْهِ، كَمَا فِي تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ كِتَابَةٍ) أَيْ صَحِيحَةٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إلَخْ) وَبِهَذَا التَّعْلِيلِ يُعْلَمُ رَدُّ قِيَاسِ الْوَجْهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فَلَهُ وَطْءُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ) نَعَمْ لَوْ كَانَتْ أُمًّا أَوْ بِنْتَهَا حَرُمَتْ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ مُؤَبَّدًا كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ ادَّعَى الْأَمَتَانِ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الْجَمْعُ كَأُخُوَّةِ رَضَاعٍ مَثَلًا قُبِلَ قَوْلُهُمَا إنْ كَانَ التَّمْكِينُ قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ ادَّعَتَا عُذْرَ الْجَهْلِ. قَوْلُهُ: (الْحُرَّةُ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْحُرِّ أَمَةً وَتَحْتَهُ أَمَةٌ تُعِفُّهُ، فَإِنْ فُرِضَ وُقُوعُهُ فَنَادِرٌ. قَوْلُهُ: (امْرَأَةً) لَمْ يُقَيِّدْ بِالْحُرَّةِ لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ؛ لِأَنَّ سَبْقَهَا لِلْحُرَّةِ لَا يَنْدُرُ، كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فَرَحِمَ اللَّهُ هَذَا الشَّارِحَ مَا أَدْرَاهُ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ إلَخْ) لِمَا فِيهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا، فَهُوَ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِبَاحَةُ أَقْوَى بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَهُوَ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الِاسْتِبَاحَةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ بَطَلَ النِّكَاحُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُمَا لَوْ وَقَعَا مُرَتَّبًا مَعًا حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ أَيْضًا وَحْدَهَا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَسُكُوتُ الشَّارِحِ عَنْهُ لِمَا قِيلَ: إنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَا فِي كَلَامِ الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ) قِيلَ كَانَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى جَوَازُ النِّكَاحِ لِلرَّجُلِ بِلَا حَصْرٍ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ، وَفِي شَرِيعَةِ عِيسَى لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى وَاحِدَةٍ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ النِّسَاءِ، وَقَدْ اعْتَدَلَتْ شَرِيعَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْفَرِيقَيْنِ وَحِكْمَةُ تَخْصِيصِ الْأَرْبَعِ كَمَا قِيلَ، إنَّ غَالِبَ أُمُورِ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّثْلِيثِ وَتَرْكِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، كَمَا فِي الطِّهَارَاتِ وَإِمْهَالِ مُدَّةِ الشَّرْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَوْ زِيدَ هُنَا عَلَى الْأَرْبَعِ لَكَانَتْ نَوْبَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَا تَعُودُ إلَّا بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ. وَقِيلَ الْحِكْمَةُ مُرَاعَاةُ الْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْإِنْسَانِ الْمُتَوَلِّدِ عَنْهَا أَنْوَاعُ الشَّهْوَةِ وَرَدَّ بَعْضُهُمْ هَذِهِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا فِي الرَّقِيقِ مَعَ تَمَامِ الْأَخْلَاطِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَثْنَى) أَيْ اثْنَيْنِ وَثُلَاثَ أَيْ ثَلَاثٍ وَرُبَاعَ أَيْ أَرْبَعٍ. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُبَاحَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ لَا مَجْمُوعُهَا الَّذِي هُوَ تِسْعَةٌ، وَلَا اثْنَانِ مِنْهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَثْنَى اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ مُكَرَّرًا وَهَكَذَا الْبَقِيَّةُ كَمَا اسْتَنَدَ لَهُ بَعْضُ الْمُلْحِدَةِ، فَجَوَّزَ لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ امْرَأَةً فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَدْفُوعٌ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: أَمْسِكْ عَلَيْك إلَخْ، فَإِنَّ فِيهِ مَنْعَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي الدَّوَامِ فَفِي الِابْتِدَاءِ أَوْلَى وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَرُمَ فِي الْوَطْءِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَطْءَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ شِرَاءٌ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْتَهُ وَيَمْتَنِعَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقَطْ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: امْرَأَتَانِ وَقَوْلُهُ أَرْبَعٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>