كِتَابِيَّةٌ (تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ قِيلَ وَلَا غَيْرُ صَالِحَةٍ) لَهُ كَأَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مَجْذُومَةً أَوْ بَرْصَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ فِي حَدِيثٍ «نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، وَالْأَوَّلُ يُقَيِّدُهُ بِالصَّالِحَةِ لِلِاسْتِمْتَاعِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ أَمَةَ غَيْرِهِ مُقَيَّدٌ، بِمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْإِعْفَافِ، أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَأَمَةِ مُكَاتَبِهِ، (وَأَنْ يَعْجَزَ عَنْ حُرَّةٍ) ، مُسْلِمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ (تَصْلُحُ) لِلِاسْتِمْتَاعِ (قِيلَ: أَوْ لَا تَصْلُحُ) ، لَهُ بِأَنْ لَا يَجِدَهَا أَوْ لَا يَقْدِرَ عَلَى صَدَاقِهَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} [النساء: ٢٥] الْآيَةَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ، وَقَوْلُهُ الْمُؤْمِنَاتِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْوَجْهُ الْمَرْجُوحُ فِي غَيْرِ الصَّالِحَةِ، كَالْقَرْنَاءِ وَالرَّتْقَاءِ يُوَجَّهُ بِحُصُولِ بَعْضِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ بِهَا، وَالْمُتَوَلِّي بَنَى الْخِلَافَ فِيهَا عَلَى الْخِلَافِ، فِيمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ وَالْبَغَوِيُّ جَزَمَ بِجَوَازِ الْأَمَةِ هُنَا مَعَ الْجَوَابِ بِالْمَنْعِ هُنَاكَ، (فَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَائِبَةٍ حَلَّتْ لَهُ أَمَةٌ إنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا أَوْ خَافَ زِنًى مُدَّتَهُ) ، أَيْ مُدَّةَ قَصْدِهِ وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ، بِأَنْ يُنْسَبَ مُحْتَمَلُهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ، وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ، (وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ) وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ حِلُّ أَمَةٍ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
إلَّا بِشُرُوطٍ) أَيْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ عَمّ الثَّالِثُ الْحُرَّ وَغَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (تَحْتَهُ حُرَّةٌ) لَيْسَ قَيْدًا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (تَصْلُحُ) أَيْ عُرْفًا لَا بِالنَّظَرِ لِطَبْعِهِ، وَلَوْ مَآلًا كَصَغِيرَةٍ أَمِنَ الزِّنَى إلَى صَلَاحِهَا. قَوْلُهُ: (لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ، وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ، وَأَمَةِ مُكَاتَبِهِ، وَلَوْ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَقْدِرَ) أَيْ بِنَفْسِهِ بِمَالِهِ أَوْ بِكَسْبِهِ وَلَا بِوَلَدِهِ. قَالَ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ، وَمَحَلُّهُ فِي الْوَلَدِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إعْفَافُهُ، بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ هُمَا زَائِدًا عَلَى مَا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي الْفِطْرَةِ مَا يَبْذُلُ صَدَاقًا بِقَدْرِ مَا تَرْضَى بِهِ الْحُرَّةُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ مِثْلِ لَائِقَةٍ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُتَوَلِّي بَنَى الْخِلَافَ إلَخْ) أَيْ إذَا قِيلَ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ فَيُقْطَعُ بِالْجَوَازِ هُنَا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ صِحَّةُ قَطْعِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ، وَفِي ذَلِكَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (فَلَا قَدَرَ عَلَى غَائِبَةٍ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَيْسَتْ تَحْتَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهَا تَحْتَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ ابْنِ حَجَرٍ الْأَوْلَى عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَوْ جَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ صَحَّ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيهِ، وَلَوْ لَمْ تَرْضَ الْغَائِبَةُ بِالنُّقْلَةِ إلَى بَلَدِهِ فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَكَالْغَائِبَةِ زَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ إذَا خَافَ الزِّنَى مُدَّةَ الْعِدَّةِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَأَنْكَرَ وَصَارَتْ تَهْرَبُ مِنْهُ إذَا طَلَبَهَا، وَكَذَا الْمُتَحَيِّرَةُ حَيْثُ مُنِعَ مِنْ وَطْئِهَا مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ عَلَى الْمَرْجُوحِ السَّابِقِ، وَالزَّانِيَةُ كَعَدَمِهَا أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْسُبَ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ غُرْمُ مَالٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ لَوْمٌ وَتَعْيِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِقَصْدِهَا. قَوْلُهُ: (بِمُؤَجَّلٍ) أَوْ بِلَا مَهْرٍ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ فِيهِمَا شَمِلَ مَا لَوْ قَصُرَ الْأَجَلُ وَعَلِمَ قُدْرَتَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ فَرَاجِعْهُ. وَفَارَقَ وُجُوبَ شِرَاءِ مَاءِ الطَّهَارَةِ فِي ذَلِكَ لِمَا يَلْزَمُ هُنَا مِنْ مُؤَنِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ، وَرُبَّمَا تَنْفَسِخُ بَعْدُ فَيَعُودُ مَا كَانَ لِأَجْلِهِ الْجَوَازُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ) لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَكَذَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ وَقَدَرَ عَلَيْهَا أَيْ فَلَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ. نَعَمْ إنْ سَاوَى الْأَكْثَرُ مَا يَطْلُبُهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ قَدَّمَ الْحُرَّةَ عَلَيْهَا وُجُوبًا وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ هِبَةِ الْمَهْرِ، وَلَا التَّكَسُّبُ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَيْسَ قَيْدًا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْقَادِرِ أَوْلَى بِجَوَازِ الْأَمَةِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ) وَكَذَا لَوْ سَاوَتْ تَقْوَاهُ، وَلَوْ مِنْ حَيَاءٍ أَوْ مُرُوءَةٍ وَكَذَا مَجْبُوبٌ وَمَمْسُوحٌ بِخِلَافِ الْخَصِيِّ، وَالْعِنِّينِ إذَا خَافَ الْعَنَتَ وَالْمُرَادُ بِخَوْفِ الْعَنَتِ عُمُومُهُ، فَلَوْ خَافَهُ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِمَيْلِهِ إلَيْهَا لَمْ يَجُزْ نِكَاحُهَا وَإِنْ فَقَدَ الطَّوْلَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا بِشُرُوطٍ) أَيْ وَعِنْدَ اجْتِمَاعِهَا قِيلَ يُسْتَحَبُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: ٢٥] وَقِيلَ الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ بِدَلِيلِ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ، الْأَوَّلُ لِابْنِ السَّمْعَانِيِّ وَالثَّانِي لِلزَّرْكَشِيِّ، هَذَا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْآيَةِ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى، وَقَوْلُ الْمَتْنِ حُرَّةٍ الْأَحْسَنُ مَنْكُوحَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَجِدَ مَهْرَ حُرَّةٍ وَسَطٍ لَا عَجُوزٍ وَلَا قَبِيحَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيلَ وَلَا غَيْرُ صَالِحَةٍ) مَدْخُولُ الْوَاوِ الْمَذْكُورَةِ مُفْرَدٌ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ تَصْلُحُ؛ لِأَنَّهَا فِي تَأْوِيلِ الْمُفْرَدِ. وَأَمَّا الْوَاوُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاوُ التَّلْقِينِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [البقرة: ١٢٤] ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَاطِفَيْنِ هُنَا أَحَدُهُمَا الْقَائِلُ وَالْآخَرُ لِآخَرَ. قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ) أَيْ وَلِإِمْكَانِ الْوَطْءِ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَعْجَزَ عَنْ حُرَّةٍ) وَذَلِكَ يَصْدُقُ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْمَهْرِ، وَلَا يَجِدَ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ غَائِبًا قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا أَعْلَمُ الْآنَ أَحَدًا يَعْجَزُ عَنْ طَوْلِ حُرَّةٍ. قَوْلُهُ: (فِيمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ) قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْإِسْرَافِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ غُرْمُ مَالٍ هَذَا مَا ظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَضِيَتْ بِلَا مَهْرٍ فَإِنَّ الْأَمَةَ تَحِلُّ لِوُجُوبِهِ بِالْوَطْءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute