للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَةً (إنْ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا) وَيَكُونُ ذِكْرُ الْوَقْتِ لَغْوًا بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوهُ مُؤَقَّتًا فَإِنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِسْلَامُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ لَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ (وَكَذَا لَوْ قَارَنَ إسْلَامٌ عِدَّةَ شُبْهَةٍ) بِأَنْ أَسْلَمَا بَعْدَ عُرُوضِهَا، وَقَبْلَ انْقِضَائِهَا فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى النِّكَاحِ الَّذِي عَرَضَتْ لَهُ، (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْفَعُ النِّكَاحَ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ، (لَا نِكَاحُ مَحْرَمٍ) كَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ لِلُزُومِ الْمُفْسِدِ لَهُ

(وَلَوْ أَسْلَمَ) الزَّوْجُ، (ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ) فِي الْعِدَّةِ (وَهُوَ مُحْرِمٌ أُقِرَّ) النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُؤَثِّرُ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ، وَفِي قَوْلٍ قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ

، (وَلَوْ نَكَحَ حُرَّةً وَأَمَةً) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (وَأَسْلَمُوا) أَيْ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَتَانِ مَعَهُ (تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ مَعَ وُجُودِ حُرَّةٍ تَحْتَهُ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ، الثَّانِي لَا تَنْدَفِعُ الْأَمَةُ نَظَرًا إلَى الْإِمْسَاكِ كَاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ لَا كَابْتِدَائِهِ.

(وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ) أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) قَالَ تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ - وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: ٤ - ٩] (وَقِيلَ فَاسِدٌ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إخْلَالُهُمْ بِشُرُوطِ النِّكَاحِ، لَكِنْ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا رِعَايَةً لِلْعَهْدِ وَالذِّمَّةِ، وَنُقِرُّهُمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ تَخْفِيفًا، (وَقِيلَ) مَوْقُوفٌ (إنْ أَسْلَمَ وَقَرَّرَ تَبَيَّنَّا صِحَّتَهُ، وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَرِّرْ تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَإِنْ تَصَوَّرَ عِلْمُنَا بِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ فِي نِكَاحٍ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (إنْ اعْتَقَدُوهُ) وَالْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ أَهْلِ مِلَّةِ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ أَسْلَمَا) أَيْ مَعًا وَكَذَا مُرَتَّبًا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ كَأَنْ كَانَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ بِالْحَمْلِ فَلَا تَحْرُمُ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فِيهَا، وَالْآخَرُ بَعْدَ فَرَاغِهَا، أَوْ قَبْلَ عُرُوضِهَا بِأَنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَكِنْ لَا يُقَالُ فِي هَذَيْنِ إنَّهُمَا أَسْلَمَا فِيهَا، وَالْكَلَامُ فِي شُبْهَةٍ لَمْ تُحَرِّمْ كَوَطْءِ الْأَبِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (لَا نِكَاحٌ مُحَرَّمٌ) وَإِنْ طَرَأَ التَّحْرِيمُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا عُلِمَ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ) لَمْ يَقُلْ: أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا لِيَشْمَلَ عَكْسَ مَا ذَكَرَهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ: قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ) فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الْحَاكِيَةِ الْمُخَالِفِ لِلْقَاطِعَةِ، وَفِي تَرْجِيحِهِ تَقْدِيمُ الدَّوَامِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذِهِ عَكْسُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مُرَتَّبًا) وَإِنْ تَقَدَّمَتْ الْأَمَةُ، وَكَانَ نِكَاحُهَا بِالشُّرُوطِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْمَعِيَّةِ بَلْ عَدَمَ التَّخَلُّفِ عَنْ الْإِسْلَامِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ أَسْلَمُوا مُرَتَّبًا. قَوْلُهُ: (وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ صَالِحَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِلَّا بَقِيَا؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الدَّوَامَ بِخِلَافِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (أَيْ مَحْكُومٍ بِصِحَّتِهِ) أَيْ رُخْصَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا، وَتَأْوِيلُ الصَّحِيحِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُوَافَقَةُ الْفِعْلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ، وَلَا شَرْعَ عِنْدَهُمَا، وَشَمِلَ مَا لَوْ عَلِمْنَا مِنْهُمْ فَسَادَهُ، وَلَا نَسْأَلُهُمْ عَنْ فَسَادِهِ، لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَشَمِلَ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ أَيْضًا، فَيَجِبُ بِهِ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يُفَرَّقُ إلَخْ) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ التَّرَافُعِ فِيمَا إذَا لَمْ نَعْلَمْ فَسَادَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ تَصَوَّرَ عِلْمُنَا) لَوْ قَالَ: فَإِنْ وَقَعَ بِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ كَانَ أَوْلَى.

ــ

[حاشية عميرة]

إنْ اعْتَقَدُوا مُؤَبَّدًا) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الزَّوْجَيْنِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ بَقِيَ إلَخْ) أَيْ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَقَدْ فَاتَ النِّكَاحُ.

قَوْلُهُ: (مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا) أَمَّا مَعَ الْمَعِيَّةِ أَوْ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ، فَلَا إشْكَالَ فِي انْدِفَاعِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ قَارَنَ الْعَقْدَ، وَالْإِسْلَامَ، وَأَمَّا عِنْدَ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَفْسَدُوا فِيهِ نِكَاحَ الْأَمَةِ نَاظِرِينَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ كَالِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّوَامِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعِدَّةِ الطَّارِئَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بَدَلٌ يَعْدِلُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحُرَّةِ، وَالْإِبْدَالُ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأُصُولِ فَلِذَا غَلَبَ هُنَا شَائِبَةُ الِابْتِدَاءِ انْتَهَى. قُلْت وَكَذَا لَوْ طَرَأَ الْيَسَارُ أَوْ أَمِنَ الْعَنَتَ بَعْدَ نِكَاحِ الْكَافِرِ الْأَمَةَ بِحَيْثُ قَارَنَ اجْتِمَاعَ الْإِسْلَامِيِّينَ انْدَفَعَتْ الْأَمَةُ.

فَائِدَةٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُفْسِدُ لِلنِّكَاحِ إنْ قَارَنَ الْعَقْدَ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْإِسْلَامِ اكْتَفَى فِي كَوْنِهِ دَافِعًا بِمُقَارَنَةِ أَحَدِ الْإِسْلَامِيِّينَ، وَإِنْ طَرَأَ وَقُلْنَا بِتَكْثِيرِهِ كَالْيَسَارِ وَأَمْنِ الْعَنَتِ فِي الْأَمَةِ اُشْتُرِطَ مُقَارَنَتُهُ لِلْإِسْلَامِيَّيْنِ انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِمُقَارَنَةِ الْإِسْلَامِيِّينَ مُقَارَنَةُ اجْتِمَاعِهِمَا، فَإِنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ أَوَّلًا وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ طَرَأَ الْيَسَارُ وَاسْتَمَرَّ حَتَّى قَارَنَ إسْلَامَهَا انْدَفَعَتْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى صَدْرِ كَلَامِهِ لَوْ قَارَنَ الْيَسَارَ، وَأَمِنَ الْعَنَتَ الْعَقْدُ وَاسْتَمَرَّ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا إنْ قَارَنَ الْإِسْلَامِيِّينَ، كَمَا فِي الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ وُجُودِ حُرَّةٍ تَحْتَهُ) أَيْ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ وَهُوَ الصَّلَاحِيَةُ لِلِاسْتِمْتَاعِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: حَاصِلُ مَا سَلَفَ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا بِعَقْدٍ مَضَى فِي الشِّرْكِ، وَإِلَّا فَلَا إلَّا فِي الْعِدَّةِ وَالْإِحْرَامِ الطَّارِئَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ) يُرِيدُ بِهَذَا دَفْعَ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ مُوَافَقَةُ الْفِعْلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ، وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّحْقِيقُ أَنَّهَا يَعْنِي أَنْكِحَتَهُمْ إنْ وَافَقَتْ الشَّرْعَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَمَحْكُومٌ لَهَا بِالصِّحَّةِ رُخْصَةً وَتَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ. قَالَ الْإِمَامُ قَدْ خَرَجَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُنَا عَنْ قِيَاسِ مَذْهَبِهِ مِنْ تَكْلِيفِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ لِلْأَخْبَارِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الْإِسْلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّحِيحِ) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِمْ، وَتَصَرُّفَاتِهِمْ قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يُفَرَّقُ إلَخْ) اسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ مَا لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي شَأْنِ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَفَسَادِهِ قَالَ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>