للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمْسَاكُ الْأَخِيرَاتِ، وَإِذَا مَاتَ بَعْضُهُنَّ فَلَهُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ، وَيَرِثُ مِنْهُنَّ كُلَّ ذَلِكَ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْحَدِيثِ.

(وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ) بَعْدَهُ، (فِي الْعِدَّةِ أَرْبَعٌ فَقَطْ تَعَيَّنَّ) وَانْدَفَعَ نِكَاحُ مَنْ بَقِيَ.

(فَلَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا كِتَابِيَّتَانِ أَوْ) غَيْرُ كِتَابِيَّتَيْنِ وَ (أَسْلَمَتَا فَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا حَرُمَتَا أَبَدًا) ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهِمْ وَفَسَادِهِ (أَوَّلًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ (بِوَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا، (تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ) وَانْدَفَعَتْ الْأُمُّ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهِمَا (وَفِي قَوْلٍ يُتَخَيَّرُ) ، بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى فَسَادِ نِكَاحِهِمْ فَإِنْ اخْتَارَ الْبِنْتَ حَرُمَتْ الْأُمُّ أَبَدًا، أَوْ الْأُمُّ انْدَفَعَتْ الْبِنْتُ، وَلَا تَحْرُمُ مُؤَبَّدًا إلَّا بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ (أَوْ) دَخَلَ (بِالْبِنْتِ) فَقَطْ (تَعَيَّنَتْ) وَحَرُمَتْ الْأُمُّ أَبَدًا (أَوْ) دَخَلٌ (بِالْأُمِّ) فَقَطْ (حَرُمَتَا أَبَدًا) لِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمِّ يُحَرِّمُ بِنْتَهَا مُطْلَقًا وَالْعَقْدُ عَلَى الْبِنْتِ يُحَرِّمُ أُمَّهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهِمْ، (وَفِي قَوْلٍ تَبْقَى الْأُمُّ) بِنَاءً عَلَى فَسَادِ نِكَاحِهِمْ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ نَكَحَهُمَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا.

(أَوْ) أَسْلَمَ (وَتَحْتَهُ أَمَةٌ أَسْلَمَتْ مَعَهُ) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) أَسْلَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ أَقَرَّ) النِّكَاحَ (إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ) حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أُقِرَّ عَلَى نِكَاحِهَا، فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ انْدَفَعَ نِكَاحُهَا (وَإِنْ تَخَلَّفَتْ) عَنْ إسْلَامِهِ (قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) كَمَا فِي الْحُرَّةِ.

(أَوْ) أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ (إمَاءٌ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ أَمَةً إنْ حَلَّتْ لَهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) ، لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ جَازَ لَهُ اخْتِيَارُهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ حِينَئِذٍ

ــ

[حاشية قليوبي]

كَذَلِكَ وَلَا لِتَعَيُّنِ مَعْنَى أَحَدِهِمَا مِنْ الْإِبْقَاءِ، وَالدَّفْعِ كَذَلِكَ. فَالْوَجْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُودُ فِي ضِمْنِ أَيِّهِمَا وُجِدَ، وَهُوَ تَمْيِيزُ مُبَاحَةٍ مِنْ غَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ لِظَاهِرِ الدَّلِيلِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ إلَخْ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى قَاعِدَةٍ ذَكَرهَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْوَقَائِعِ الْقَوْلِيَّةِ بِدَلِيلِ آخِرِهَا، بِقَوْلِهِ تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ وَلَهُ قَاعِدَةٌ أُخْرَى، فِي الْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ وَهِيَ وَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبُ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال، كَمَا فِي وَضْعِ يَدِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَلَى عَقِبَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاتِهِ وَاسْتَمَرَّ فِيهَا فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ، فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى عَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِاللَّمْسِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) يَنْبَغِي عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الدُّخُولِ لَا إلَى الزَّوْجِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَرْتِيبٍ فَتَدَبَّرْ. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ) أَيْ الْأَرْبَعُ قَالَ فِي الْمَنْهَجِ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُ كِتَابِيَّتَيْنِ وَأَسْلَمَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ، وَأَسْلَمَتْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا) وَلَوْ احْتِمَالًا حَرُمَتَا أَبَدًا. قَوْلُهُ: (أَوَّلًا بِوَاحِدَةٍ) أَيْ يَقِينًا بِأَنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ) مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ.

قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) وَإِلَّا لَمْ تَنْدَفِعْ لِعَدَمِ الْوَطْءِ، فَمَا فِي الْمَنْهَجِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ دَخَلَ بِالْبِنْتِ) وَلَوْ احْتِمَالًا مَعَ تَيَقُّنِ عَدَمِ الدُّخُولِ، بِالْأُمِّ تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ دَخَلَ بِالْأُمِّ) وَلَوْ احْتِمَالًا سَوَاءٌ تَيَقَّنَ عَدَمَ الدُّخُولِ بِالْبِنْتِ أَوْ لَا حَرُمَتَا أَبَدًا.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ إسْلَامِهِ) الْوَجْهُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَقَرَّ النِّكَاحَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا، وَلَمْ يُرَاجِعْهَا. قَوْلُهُ: (إنْ حَلَّتْ لَهُ) بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ فِيهِ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَخَلَّفَتْ عَنْ إسْلَامِهِ) أَيْ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ إسْلَامِهِ) وَكَذَا قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (اخْتَارَ أَمَةً) أَيْ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا تَعَيَّنَ اخْتِيَارُ أَمَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) الصَّوَابُ وَإِسْلَامِهَا لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ اثْنَتَانِ مِنْ أَرْبَعٍ فَعَتَقَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ أُسْلِفَ الْأُخْرَيَانِ، انْدَفَعَتَا بِهَذِهِ الْحُرَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ ثُمَّ أُخْرَى وَهِيَ لَا تَحِلُّ لَهُ ثُمَّ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ اخْتِيَارُ الثَّانِيَةِ، وَلَهُ اخْتِيَارُ إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ إلَّا إنْ كَانَ اخْتِيَارُ الْأُولَى عَقِبَ إسْلَامِهَا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، اخْتِيَارُ الثَّالِثَةِ أَيْضًا كَذَا قَالُوهُ فَرَاجِعْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تُعِفَّهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِاخْتِيَارِهَا، وَقَدْ يُقَالُ بِجَوَازِ اخْتِيَارِ ثَانِيَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ، وَهَذَا أَوْجُهُ، فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ، وَأَسْلَمُوا أُقِرَّتْ الْأَمَةُ إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ غَيْرَ صَالِحَةٍ، وَمَا هُنَا مِثْلُهُ ثُمَّ فِي تَعَيُّنِ الْوَاحِدَةِ فِيمَا ذَكَرُوهُ نَظَرٌ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَجَعْلِهِمْ التَّقْرِيرَ كَالدَّوَامِ، فَكَانَ

ــ

[حاشية عميرة]

وَهُوَ بَعِيدٌ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ حَمْلُ أَمْسِكْ عَلَى ابْتَدِئْ وَلَنَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَجْدِيدُ عَقْدٍ، وَأَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَى التَّجْدِيدِ لَمْ تُجْعَلْ الْخِيَرَةُ لَهُ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ تَعْيِينُ الْبِنْتِ عَلَى قَوْلِ الْفَسَادِ أَيْضًا، كَمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِمْ، لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا صَرَّحَ بِأَنَّ قَوْلَ التَّعَيُّنِ مَبْنِيٌّ عَلَى الصِّحَّةِ امْتَنَعَ ذَلِكَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) أَيْ كِتَابِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَمْ عَبْدًا

قَوْلُ الْمَتْنِ: (اخْتَارَ أَمَةً إنْ حَلَّتْ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ صُدُورُ الِاخْتِيَارِ عِنْدَ عُرُوضِ الْيَسَارِ فِيمَا يَظْهَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>