للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْغَارِمُ الْوَلِيُّ أَمْ الزَّوْجَةُ، بِأَنْ سَكَتَ عَنْ الْعَيْبِ، وَكَانَتْ أَظْهَرَتْ لَهُ أَنَّ الزَّوْجَ عَرَفَهُ.

(وَيُشْتَرَطُ فِي الْعُنَّةِ رَفْعٌ إلَى حَاكِمٍ) لِيَفْعَلَ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ ثُبُوتِهَا (وَكَذَا سَائِرُ الْعُيُوبِ) أَيْ بَاقِيهَا يُشْتَرَطُ فِي الْفَسْخِ بِكُلٍّ مِنْهَا الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ (فِي الْأَصَحِّ) لَيُفْسَخَ بِحَضْرَتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَيَنْفَرِدُ كُلُّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالْفَسْخِ كَمَا فِي فَسْخِ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ.

(وَتَثْبُتُ الْعُنَّةُ بِإِقْرَارِهِ) عِنْدَ الْحَاكِمِ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ) وَلَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهَا بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لِلشُّهُودِ عَلَيْهَا. (وَكَذَا) تَثْبُتُ (بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَسْبُوقِ بِإِنْكَارِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ اطِّلَاعِهَا عَلَى عُنَّتِهِ بِالْقَرَائِنِ وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ وَيَقُولُ لَا تَحْلِفُ وَيَقْضِي بِنُكُولِهِ (وَإِذَا ثَبَتَتْ ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَةً) كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ، وَقَالُوا تَعَذُّرُ الْجِمَاعِ قَدْ يَكُونُ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ، فَتَزُولُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ بُرُودَةٍ فَتَزُولُ فِي الصَّيْفِ أَوْ يُبُوسَةٍ فَتَزُولُ فِي الرَّبِيعِ، أَوْ رُطُوبَةٍ فَتَزُولُ فِي الْخَرِيفِ، فَإِذَا مَضَتْ السُّنَّةُ وَلَا إصَابَةَ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِنْ وَقْتِ ضَرْبِ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ (بِطَلَبِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ فَلَوْ سَكَتَتْ لِجَهْلٍ أَوْ دَهْشَةٍ فَلَا بَأْسَ بِتَنْبِيهِهَا وَيَكْفِي فِي الضَّرْبِ قَوْلُهَا إنِّي طَالِبَةٌ حَقِّي عَلَى مُوجِبِ الشَّرْعِ وَإِنْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَا فَرْقَ فِي ضَرْبِ السَّنَةِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ. (فَإِذَا تَمَّتْ) أَيْ السَّنَةُ (رَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَإِنْ قَالَ وَطِئْت) فِي السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ تُصَدِّقْ (حَلَفَ) أَنَّهُ وَطِئَ كَمَا ذَكَرَ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ) هِيَ (فَإِنْ حَلَفَتْ) أَنَّهُ مَا وَطِئَ (أَوْ أَقَرَّ) هُوَ بِذَلِكَ (اسْتَقَلَّتْ) هِيَ (بِالْفَسْخِ وَقِيلَ تَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي) لَهَا بِهِ (أَوْ فَسْخِهِ وَلَوْ اعْتَزَلَتْهُ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ حُبِسَتْ فِي الْمُدَّةِ) ،

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (أَمْ الْمُسَمَّى) عَلَى الْمَرْجُوحِ وَذِكْرُ الْمَنْهَجِ لِهَذَا لَا مَحَلَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْغَارِمُ) عَطْفٌ عَلَى الْمَغْرُومِ، فَهُوَ اسْمُ كَانَ، وَالْوَلِيُّ وَالزَّوْجَةُ خَبَرُهَا.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ سَكَتَ إلَخْ) هُوَ تَصْوِيرٌ لِوُجُودِ التَّغْرِيرِ مِنْهَا وَقَدْ يَكُونُ مِنْهَا حَقِيقَةً بِأَنْ عَقَدَتْ بِنَفْسِهَا، وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ.

قَوْلُهُ: (رَفْعٌ إلَى حَاكِمٍ) فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ أَوْ تَوَقَّفَ عَلَى أَخْذِ مَالٍ، فَلَهَا نَصْبُ مُحَكَّمٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ إنْ مَضَتْ السَّنَةُ وَهُوَ مَعْدُومٌ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْفَرِدُ) عَلَى الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارِهِ) فَلَا بُدَّ مِنْ تَكْلِيفِهِ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ، فَتَقْيِيدُ إقْرَارِهِ بِالْحَاكِمِ لِدَفْعِ التَّكْرَارِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (سَنَةً) أَيْ هِلَالِيَّةً. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ ابْتَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْحِكْمَةِ وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ بَعْدَهُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ اكْتِفَاءٌ بِإِحْدَى صِفَتَيْ كُلِّ فَصْلٍ عَنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ إذْ فِي الصَّيْفِ مَعَ الْحَرَارَةِ الْيُبُوسَةُ، وَفِي الشِّتَاءِ مَعَ الْبُرُودَةِ الرُّطُوبَةُ وَفِي الرَّبِيعِ مَعَ الرُّطُوبَةِ الْحَرَارَةُ، وَفِي الْخَرِيفِ مَعَ الْبُرُودَةِ الْيُبُوسَةُ، وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ، فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِمُضَادَّتِهَا لِبَعْضِهَا فَالْيُبُوسَةُ فِي الصَّيْفِ، وَالرُّطُوبَةُ فِي الشِّتَاءِ ضِدَّانِ، وَالْحَرَارَةُ فِي الرَّبِيعِ وَالْبُرُودَةُ فِي الْخَرِيفِ ضِدَّانِ، وَإِنْ كَانَ لِشُهْرَتِهَا فَالْحَرَارَةُ فِي الرَّبِيعِ وَالْبُرُودَةُ فِي الْخَرِيفِ، أَشْهَرُ فَلَوْ ذَكَرُوا فِي كُلِّ فَصْلٍ صِفَتَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَأَشْهَرَ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (عَجْزٌ خُلُقِيٌّ) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ لِخُصُوصِ امْرَأَةٍ أَوْ زَمَنٍ كَمَا مَرَّ، فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِطَلَبِهَا) أَيْ لَا بِطَلَبِ وَلِيِّهَا وَلَوْ مَحْجُورَةً بِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ رِقٍّ. قَوْلُهُ: (حَقِّي) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ تَقَرُّرُ الْمَهْرِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ آنِفًا.

قَوْلُهُ: (الْحُرِّ وَالْعَبْدِ) وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَقَالَ مَالِكٌ: يُضْرَبُ لِلْعَبْدِ نِصْفُ سَنَةٍ فَقَطْ، وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْحُرُّ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (رَفَعَتْهُ) إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا وَإِلَّا انْتَظَرَتْ إفَاقَتَهُ أَوْ كَمَالَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَذَّبَتْهُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ صَدَّقَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ تُزَلْ الْبَكَارَةُ لِرِقَّةِ ذَكَرِهِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ وَطْءٌ مُعْتَبَرٌ إلَّا فِي التَّحْلِيلِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ) وَلَا حَاجَةَ لِمُرَاجَعَتِهَا نَعَمْ إنْ كَانَتْ بِكْرًا غَيْرَ غَوْرَاءَ حَلَفَتْ هِيَ وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةٍ بِعُذْرَتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ بَكَارَةٍ مَشْرُوطَةٍ صُدِّقَتْ فِي أَنَّهَا بِكْرٌ لِدَفْعِ الْفَسْخِ وَصُدِّقَ هُوَ فِي عَدَمِهَا، لِعَدَمِ كَمَالِ الْمَهْرِ، فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تُشْطَرُ. قَوْلُهُ: (حَلَفَتْ) فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَتْ، فَإِنْ نَكَلَ فَسَخَتْ بِلَا يَمِينٍ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ مَا وَطِئَ) أَوْ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا أَوْ أَنَّ بَكَارَتَهَا أَصْلِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (اسْتَقَلَّتْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ أَوْ ثَبَتَتْ الْعُنَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَكَمْت بِذَلِكَ، وَلَوْ رَجَعَتْ بَعْدَ إنْكَارِهَا وَصَدَّقَتْهُ قُبِلَتْ وَسَقَطَ الْفَسْخُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (أَمْ الْمُسَمَّى) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ مُطْلَقًا

قَوْلُهُ: (وَكَذَا سَائِرُ الْعُيُوبِ) أَيْ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ

قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارٍ) يَخْرُجُ بِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْحَاكِمِ) إنَّمَا قُيِّدَ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُقَالَ مَا بَعْدَ هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ بِبَيِّنَةٍ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْهُ. قَوْلُهُ: (الثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْرَهُهَا أَوْ يَسْتَحْيِي مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ) قَالَ الْإِمَامُ قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اتِّبَاعِهِ فِي هَذَا قَوْلُهُ: (عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجَزَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَخْدِشُهُ كَوْنُ الشَّخْصِ يَعِنُّ عَنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى وَعَنْ مَأْتِيٍّ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْفَصْلِ أَثَرٌ لِأَثَرِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (مِنْ وَقْتِ ضَرْبِ الْقَاضِي) لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا لِثُبُوتِهَا بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ، فَيَكُونُ مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ. قُلْت وَهَذَا التَّعْلِيلُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِي الْعَامِّ الْإِجْمَاعُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَفَعْته) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وُجُوبُ الْفَوْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>