للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجِعُ إذَا غَرِمَ كَالضَّامِنِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ الْعِلْمِ عَنْ الْحَاصِلِ بَعْدَهُ، فَهُوَ رَقِيقٌ وَالْمُرَادُ بِالْحُصُولِ الْعُلُوقُ، وَقَوْلُهُ صَحَّحْنَاهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ، فَإِنَّ الْحُكْمَ كَمَا ذُكِرَ إذَا أُبْطِلَ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَكَذَا إذَا بَطَلَ بِكَوْنِ الزَّوْجِ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِشُبْهَةِ التَّغْرِيرِ (وَالتَّغْرِيرُ بِالْحُرِّيَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ سَيِّدِهَا) ، لِأَنَّهُ إذَا قَالَ زَوَّجَتْك هَذِهِ الْحُرَّةَ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ عَتَقَتْ (بَلْ) يُتَصَوَّرُ (مِنْ وَكِيلِهِ) فِي نِكَاحِهَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْفَوَاتُ فِي ذَلِكَ بِخُلْفِ الشَّرْطِ تَارَةً وَالظَّنِّ أُخْرَى، (أَوْ مِنْهَا) وَالْفَوَاتُ فِيهِ بِخُلْفِ الظَّنِّ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ بِعَاقِدٍ، وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ مِنْهَا تَعَلَّقَ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهَا) ، فَتُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهَا وَلَا بِرَقَبَتِهَا (وَلَوْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) ، لِأَنَّ حَيَاتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَصِلْ بِجِنَايَةٍ فَفِيهِ لِانْعِقَادِهِ حُرًّا غُرَّةٌ لِوَارِثِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا كَانَ أَوْ سَيِّدَ الْأَمَةِ أَوْ الْمَغْرُورَ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا تَعَلَّقَتْ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَيَضْمَنُهُ الْمَغْرُورُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ بِعَشْرِ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ الْجَنِينُ الرَّقِيقَ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا مَا يَضْمَنُ بِهِ الرَّقِيقَ وَالْغُرَّةَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ مِنْهَا فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ الْأَبِ الْحُرِّ غَيْرِ الْجَانِي إلَّا أَمُّ الْأُمِّ الْحُرَّةِ.

(وَمَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ أَوْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ تُخُيِّرَتْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) ، قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ أَمَّا مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا خِيَارَ لَهَا، لِأَنَّ مَا حَدَثَ لَهَا مِنْ الْكَمَالِ مُتَّصِفٌ بِهِ الزَّوْجُ، وَلَوْ عَتَقَا مَعًا فَلَا خِيَارَ،

ــ

[حاشية قليوبي]

قَبْلَ الْعِلْمِ إلَخْ) وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِالْوِلَادَةِ فَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعِلْمِ فَهُوَ حُرٌّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (حُرٌّ) أَيْ يَنْعَقِدُ حُرًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَا يُتَصَوَّرُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُوَ لِلْغَالِبِ فَلَا يَرِدُ كَوْنُ سَيِّدِهَا مَرِيضًا عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، أَوْ سَفِيهًا أَوْ مُفْلِسًا أَوْ مُكَاتَبًا وَأَذِنَ لَهُمْ فِي التَّزْوِيجِ أَوْ كَوْنُهَا مَرْهُونَةً أَوْ جَانِيَةً، وَزُوِّجَتْ كَذَلِكَ أَوْ كَوْنُ اسْمِهَا حُرَّةً أَوْ أُرِيدَ بِالْحُرِّيَّةِ الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَى لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ. قَوْلُهُ: (عَتَقَتْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ سَبْقُ حُرِّيَّتِهَا عَلَى الْعَقْدِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ وَكِيلِهِ) فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى مَنْ غَرَّ سَوَاءٌ هِيَ أَوْ سَيِّدُهَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ وُجِدَ مِنْهُمَا مَعًا فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ الْغُرْمِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (بِخُلْفِ الشَّرْطِ) رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ وَالظَّنُّ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ خُلْفِ الظَّنِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ وَلَوْ لِبَعْضِهَا أَوْ الْيَسَارِ مَا لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً وَإِلَّا طُولِبَ حَالًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْجَانِي) أَيْ الْحُرِّ. قَوْلُهُ: (عَبْدًا) أَيْ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا. قَوْلُهُ: (بِرَقَبَتِهِ) فَإِنْ كَانَ عَبْدًا لِلْمَغْرُورِ فَحَقُّ سَيِّدِهَا عَلَى سَيِّدِ الْمَغْرُورِ. قَوْلُهُ: (لِلسَّيِّدِ) أَيْ لِلْأَمَةِ الْأُولَى لِمَالِكِ الْوَلَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) لِأَنَّ الْأُمَّ رَقِيقَةٌ فَلَا تَرِثُ، وَحِصَّةُ أُمِّ الْأُمِّ الْمَذْكُورَةِ فِي رَقَبَةِ الرَّقِيقِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً أَيْضًا، فَكُلُّهَا لِلْأَبِ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ جَانِيًا فَكُلُّهَا لِأُمِّ الْأُمِّ الْحُرَّةِ، وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَتَقَتْ) وَلَوْ بِكَمَالِ حُرِّيَّتِهَا فِي مُبَعَّضَةٍ أَوْ بِوُجُودِ صِفَةٍ فِي مُعَلَّقَةٍ أَوْ بِأَدَاءِ نُجُومٍ فِي مُكَاتَبَةٍ، وَكَذَا بِتَصْدِيقِ زَوْجِهَا لَهَا فِي دَعْوَاهَا الْحُرِّيَّةَ لَكِنْ يُصَدَّقُ السَّيِّدُ إنْ أَنْكَرَهَا وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الْمَهْرِ شَيْءٌ، لَوْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَلَيْسَ لِزَوْجِهَا لَوْ عَتَقَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّ أَوْلَادَهَا أَرِقَّاءَ بِزَعْمِ السَّيِّدِ، وَهَلْ لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُهَا مَعَ زَعْمِهِ بَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ رَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَتْ) أَيْ إنْ كَانَتْ كَامِلَةً وَإِلَّا كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ، فَحَتَّى تَكْمُلَ وَلِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْفَسْخِ وَعَلَيْهِ لِمُعْتَقِهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى إنْ وَطِئَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (بَرِيرَةَ) بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَقَوْلُهُ عَبْدًا. اسْمُهُ مُغِيثٌ. قَوْلُهُ: (تَحْتَ حُرٍّ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَتَقَا مَعًا) وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَوْ عَتَقَ بَعْدَ عِتْقِهَا، وَقَبْلَ فَسْخِهَا فَلَا خِيَارَ أَيْضًا.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَالتَّغْرِيرُ بِالْحُرِّيَّةِ إلَخْ) جَعَلَ الْجِيلِيُّ مِنْ صُوَرِ التَّغْرِيرِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك أُخْتِي هَذِهِ وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أُخْتُهُ وَهِيَ رَقِيقَةٌ لَهُ قَوْلُهُ: (مِنْ وَكِيلِهِ) مِثْلُهُ وَلِيُّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْوَكِيلِ وَالْمَرْأَةِ صَوَّرَ الشَّافِعِيُّ الْغُرُورَ فَكَانَ ذَلِكَ حَامِلًا لِلْأَصْحَابِ عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ السَّيِّدِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ التَّمْثِيلَ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ السَّيِّدِ فِي صُوَرٍ وَسَاقَهَا. قَوْلُهُ: (وَالظَّنُّ أُخْرَى) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ أَوْ يَصِفُهَا لَهُ بِذَلِكَ إلَخْ. مُرَادُهُ بِهِ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِخُلْفِ الشَّرْطِ لَا أَنَّهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا وَلَا رُجُوعَ وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ السَّابِقَةُ فِيمَا لَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً

قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَتَقَتْ إلَخْ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُبَعَّضَةِ الَّتِي كَمَلَ عِتْقُهَا تَحْتَهُ.

فَرْعٌ: لَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْعِتْقَ وَصَدَّقَ الزَّوْجُ صُدِّقَ السَّيِّدُ وَهَلْ تَفْسَخُ؟ قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي قَالَ شَيْخُنَا سَمِعْت شَيْخِي أَبَا عَلِيٍّ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي زَعْمِهِمَا وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي، فَعَلَى هَذَا لَوْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَسْقُطْ الصَّدَاقُ لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ وَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَأَيْسَرَ فَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُهَا لِأَنَّ أَوْلَادَهَا أَرِقَّاءُ.

قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَتْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) لَوْ مَاتَ أَوْ عَتَقَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا فَلَا خِيَارَ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا خِيَارَ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>