للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِانْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ وَالتَّمْكِينِ التَّامِّ وَالثَّانِي يَجِبُ لِوُجُودِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ وَالثَّالِثُ يَجِبُ شَطْرُهَا تَوْزِيعًا لَهَا عَلَى الزَّمَانِ فَلَوْ سَلَّمَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَجَبَتْ قَطْعًا.

(وَلَوْ أَخْلَى) السَّيِّدُ (فِي دَارِهِ بَيْتًا وَقَالَ لِلزَّوْجِ تَخْلُو بِهَا فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ) ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِتَدُومَ يَدُ السَّيِّدِ عَلَى مِلْكِهِ مَعَ تَمَكُّنِ الزَّوْجِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ وَعَلَى هَذَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ (وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِهَا) ، لِأَنَّهُ مَالِكُ رَقَبَتِهَا فَيُقَدَّمُ عَلَى مَالِكِ الِاسْتِمْتَاعِ (وَلِلزَّوْجِ صُحْبَتُهَا) فِي السَّفَرِ لِيَسْتَمْتِعَ بِهَا لَيْلًا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ، وَلَا إلْزَامُهُ بِهِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَإِذَا لَمْ يُسَافِرْ، فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ سَلَّمَهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ بِهَا.

(وَالْمَذْهَبُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَتَلَهَا أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ دُخُولٍ سَقَطَ مَهْرُهَا) ، الْوَاجِبُ لَهُ لِتَفْوِيتِهِ مَحَلَّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَتَفْوِيتُهَا كَتَفْوِيتِهِ.

(وَأَنَّ الْحُرَّةَ لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَ الْأَمَةَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَاتَتْ فَلَا) ، يَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ (كَمَا لَوْ هَلَكَتَا بَعْدَ الدُّخُولِ) وَمَا ذُكِرَ فِي قَتْلِ الْحُرَّةِ هُوَ الْمَنْصُوصُ فِيهَا عَكْسُ الْمَنْصُوصِ السَّابِقِ فِي قَتْلِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُرَّةَ كَالْمُسَلَّمَةِ إلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ إذْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَلِلْأَصْحَابِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: طَرِيقَانِ أَشْهَرُهُمَا فِي كُلٍّ قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ أَرْجَحُهُمَا الْمَنْصُوصُ فِيهِمَا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ قَتْلَ الْأَمَةِ نَفْسَهَا لَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ الْمُسْتَحِقَّةَ لَهُ وَفِي وَجْهٍ أَنَّ قَتْلَ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا أَوْ مَوْتَهَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ كَفَوَاتِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوَّجُ بِالْمِلْكِ.

(وَلَوْ بَاعَ مُزَوَّجَةً) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (فَالْمَهْرُ) الْمُسَمَّى (لِلْبَائِعِ) ، لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِهِ (فَإِنْ طَلُقَتْ) بَعْدَ الْبَيْعِ (قَبْلَ دُخُولٍ فَنِصْفُهُ) الْوَاجِبُ (لَهُ) لِمَا ذُكِرَ.

(وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَسْمِيَتِهِ، وَقِيلَ يَجِبُ ثُمَّ يَسْقُطُ، فَيُسَمَّى حَتَّى لَا يَعْرَى النِّكَاحُ عَنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ عُرُوَّهُ عَنْهُ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فَلَا نَفَقَةَ) لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ التَّامِّ. قَوْلُهُ: (وَلِلسَّيِّدِ) أَيْ لِلزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (السَّفَرُ بِهَا) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا لِأَنَّهَا مَعَهُ كَالْمَحْرَمِ. نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَمْ يُسَافِرْ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْحَقِّ كَمَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (لِيَسْتَمْتِعَ بِهَا لَيْلًا) أَيْ وَقْتَ الرَّاحَةِ كَمَا مَرَّ وَفِي لُزُومِهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا لَمْ يُسَافِرْ) أَوْ سَافَرَ وَلَمْ تُسَلَّمْ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا كَمَا فِي الْحَضَرِ.

قَوْلُهُ: (إنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَتَلَهَا) وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ، أَوْ قُتِلَ زَوْجُهَا كَذَلِكَ سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ السَّيِّدِ، وَقَالَ الْخَطِيبُ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاكِ بِسُقُوطِ مَا يُقَابِلُ السَّيِّدَ وَفِعْلُهَا مَعَ وَاحِدٍ يُسْقِطُ النِّصْفَ تَوْزِيعًا عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) أَوْ زَوْجَهَا كَمَا مَرَّ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ أَيْضًا وَفِيهِ مَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْحُرَّةَ لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) لَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَتْ زَوْجَهَا فَيَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا فِي الْأَمَةِ فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَتَلَ الْأَمَةَ) أَيْ أَوْ الْحُرَّةَ. قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيٌّ) وَمِنْهُ زَوْجُهَا لَمْ يَسْقُطْ كَمَا لَوْ هَلَكَتَا بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ الْقَتْلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَلَوْ بِسَبَبٍ أَوْ بِشَرْطٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَدَخَلَ فِي الْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةُ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَالْخَطِيبِ يَسْقُط مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) فَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ فِي غَيْرِهِمَا تَغْلِيبًا لَهُمَا. قَوْلُهُ: (أَرْجَحُهُمَا الْمَنْصُوصُ فِيهِمَا) وَلَعَلَّهُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ مِنْ الطَّرِيقِ الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ هُمَا الْمُقَابِلَانِ لِلْمَذْهَبِ قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ وَهُوَ فِي الْأُولَى قَوْلٌ وَبَقِيَ مِمَّا ذُكِرَ كَمَوْتِ الْحُرَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ الشَّارِحُ مُقَابِلًا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ) وَمِثْلُهُ الْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (الْمُسَمَّى) قَيَّدَ بِهِ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ بَدَلَهُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ وَجَبَ بِتَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ فَكَذَلِكَ أَوْ بِفَرْضٍ أَوْ وَطْءٍ فِي مُفَوِّضَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مَوْتٍ فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ فَلِلْبَائِعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ الْمَهْرُ لِمَنْ وَجَبَ فِي مِلْكِهِ وَهِيَ بِالْعِتْقِ مَلَكَتْ نَفْسَهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ) أَيْ وَلَا كِتَابَةَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَإِلَّا وَجَبَ الْمَهْرُ وَيَجِبُ فِي الْمُبَعَّضِ بِقِسْطِهِ وَخَرَجَ عَبْدُ غَيْرِهِ، فَيَجِبُ وَلَا يَسْقُطُ بِمِلْكِ سَيِّدِهَا لَهُ بَعْدُ وَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ أَنَّ أَوْلَادَهُمَا بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ، بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ. وَالْأَوْلَادُ لِمَالِكِ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ) وَإِنْ ذُكِرَ أَوْ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُسَنُّ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ سَنِّهِ. قَوْلُهُ: (فَيُسَمَّى) أَيْ نَدْبًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عُرُوَّهُ) أَيْ خُلُوَّ الْعَقْدِ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمَهْرِ أَيْ عَنْ ذِكْرِهِ وَوُجُوبِهِ أَخْذًا عَمَّا قَبْلَهُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ سَفَرِ السَّيِّدِ بِهَا أَمَّا إذَا اسْتَخْدَمَهَا نَهَارًا وَسَلَّمَهَا لَيْلًا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ بِهَا) ، يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ، وَقَوْلِهِ وَإِنْ سَلَّمَهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ.

قَوْلُهُ: (لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) أَيْ أَمَّا لَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الْمَهْرَ لَا يَسْقُطُ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الدُّخُولِ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدَ دُخُولٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ وَإِنْ اتَّحِدْ الْحُكْمَ لِمَكَانِ الْخِلَافِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فِي قَتْلِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يُصَدَّقُ أَيْضًا فِي قَتْلِهَا نَفْسَهَا وَجَعَلَ ذَلِكَ مِثْلَ قَتْلِ السَّيِّدِ فِي إجْرَاءِ الطَّرِيقَيْنِ، أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ فِيهَا نَصًّا مُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّقُوطِ فِي قَتْلِ السَّيِّدِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَرَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ، فِيهَا مَمْنُوعٌ يُعْرَفُ ذَلِكَ بِمُرَاجَعَةِ الرَّافِعِيِّ فَالْحَقُّ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ فِيهَا قَوْلًا وَوَجْهًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) فُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْحُرَّةِ الْوُصْلَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ بِالْعَقْدِ وَالْغَرَضُ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْوَطْءُ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ خَوْفِ الْعَنَتِ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ فَرَجَعَ إلَى الْمَهْرِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَاجَةَ إلَى تَسْمِيَتِهِ) أَيْ وَلَا تُسْتَحَبُّ أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجِبُ ثُمَّ يَسْقُطُ) زَيَّفَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِسُقُوطِهِ دَوَامًا مُقْتَرِنٌ بِالْعَقْدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>