لِلْعَيْنِ خَالِيَةً عَنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَلَا تُجْبَرُ هِيَ عَلَى دَفْعِ نِصْفِ الْعَيْنِ لِلزِّيَادَةِ وَلَا هُوَ عَلَى قَبُولِهِ لِلنَّقْصِ، (وَزِرَاعَةُ الْأَرْضِ نَقْصٌ) لِأَنَّهَا تَسْتَوْفِي قُوَّةَ الْأَرْضِ (وَحَرْثُهَا زِيَادَةٌ) ، لِأَنَّهُ يُهَيِّئُهَا لِلزَّرْعِ الْمُعَدَّةِ لَهُ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى نِصْفِ الْأَرْضِ الْمَحْرُوثَةِ، أَوْ الْمَزْرُوعَةِ وَتَرْكِ الزَّرْعِ إلَى الْحَصَادِ فَذَاكَ، وَإِلَّا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِلَا زِرَاعَةٍ وَلَا حِرَاثَةٍ (وَحَمْلُ أَمَةٍ وَبَهِيمَةٍ زِيَادَةٌ) لِتَوَقُّعِ الْوَلَدِ (وَنَقْصٌ) أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَلِلضَّعْفِ فِي الْحَالِ وَخَطَرِ الْوِلَادَةِ، وَأَمَّا فِي الْبَهِيمَةِ فَلِأَنَّ الْمَأْكُولَةَ يَرْدُؤُ لَحْمُهَا وَغَيْرَهَا تَضْعُفُ قُوَّتُهَا (وَقِيلَ الْبَهِيمَةُ) أَيْ حَمْلُهَا (زِيَادَةٌ) بِلَا نَقْصٍ لِانْتِفَاءِ خَطَرِ الْوِلَادَةِ (وَإِطْلَاعُ نَخْلٍ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا (وَإِنْ طَلَّقَ وَعَلَيْهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ) وَالتَّأْبِيرُ تَشْقِيقُ الطَّلْعِ (لَمْ يَلْزَمْهَا قَطْفُهُ) أَيْ قَطْعُهُ لِيَرْجِعَ هُوَ إلَى نِصْفِ النَّخْلِ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهَا فَتُمَكَّنُ مِنْ إبْقَائِهِ إلَى الْجِدَادِ (فَإِنْ قُطِفَ تَعَيَّنَ نِصْفُ النَّخْلِ) حَيْثُ لَمْ يَمْتَدَّ زَمَنُ الْقَطْفِ، وَلَمْ يَحْدُثْ بِهِ نَقْصٌ فِي النَّخْلِ، بِانْكِسَارِ سَعَفٍ وَأَغْصَانٍ (وَلَوْ رَضِيَ بِنِصْفِ النَّخْلِ وَتَبْقِيَةِ الثَّمَرِ إلَى جِدَادِهِ أُجْبِرَتْ فِي الْأَصَحِّ، وَيَصِيرُ النَّخْلُ فِي يَدِهِمَا) كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالثَّانِي لَا تُجْبَر لِأَنَّهَا قَدْ تَتَضَرَّرُ بِيَدِهِ وَدُخُولِهِ الْبُسْتَانَ، (وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ) ، أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَخْذِهِ نِصْفَ النَّخْلِ وَتَبْقِيَةِ الثَّمَرِ إلَى الْجِدَادِ. (فَلَهُ الِامْتِنَاعُ) مِنْهُ (وَالْقِيمَةُ) أَيْ طَلَبُهَا لِأَنَّ حَقَّهُ نَاجِزٌ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ، فَلَا يُؤَخَّرُ إلَّا بِرِضَاهُ (وَمَتَى ثَبَتَ خِيَارٌ لَهُ أَوْ لَهَا) لِحُدُوثِ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ لَهُمَا لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ كَمَا سَبَقَ (لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَهُ حَتَّى يَخْتَارَهُ ذُو الِاخْتِيَارِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَيْسَ هَذَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ (وَمَتَى رَجَعَ بِقِيمَةِ) لِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَلَفٍ (اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ مِنْ) قِيمَتَيْ (يَوْمَيْ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ) ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهَا لَا تَعَلُّقَ لِلزَّوْجِ بِهَا، وَالنَّقْصُ عَنْهَا مِنْ ضَمَانِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا وَجَوَّزَ الْإِمَامُ اعْتِبَارَ قِيمَةِ يَوْمِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَوْمُ ارْتِدَادِ الشَّطْرِ إلَيْهِ.
(وَلَوْ أَصْدَقَ تَعْلِيمَ قُرْآنٍ) بِنَفْسِهِ (وَطَلَّقَ قَبْلَهُ فَالْأَصَحُّ تَعَذُّرُ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَزِرَاعَةُ الْأَرْضِ) وَلَوْ بَعْدَ حَرْثٍ لِانْعِدَامِ زِيَادَتِهِ بِالزَّرْعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُهَيِّئُهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهَا مِمَّا تُزْرَعُ لِلْحَرْثِ وَأَنَّهُ فِي وَقْتِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ نَقْصٌ مَحْضٌ. قَوْلُهُ: (تَرْكُ الزَّرْعِ إلَخْ) أَيْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الزَّرْعِ، وَفَارَقَ الثَّمَرَةَ بِأَنَّهَا مِنْ عَيْنِ الْأَصْلِ، قَوْلُهُ: (وَحَمْلُ إلَخْ) . فَإِنْ أَخَذَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَنَقَصَتْ فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهَا قَطْفُهُ) بِالْفَاءِ أَيْ قَطْعُهُ بِالْعَيْنِ وَإِنْ اُعْتِيدَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَطَفَ) أَوْ قَالَتْ لَهُ ارْجِعْ وَأَنَا أَقْطِفُهُ تَعَيَّنَ نِصْفُ النَّخْلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْتَدَّ) زَمَنًا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ. قَوْلُهُ: (أُجْبِرَتْ) إنْ رَجَعَ لَا إنْ قَالَ أَنَا أَصْبِرُ إلَى أَوَانِ الْقَطْعِ، وَإِنْ أَبْرَأَهَا مِنْ ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ طَلَبُهَا) أَيْ الْقِيمَةِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ لَوْ سَمَحَتْ لَهُ بِنِصْفِ الثَّمَرِ، لِأَنَّهُ الْآنَ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ فَهُوَ كَالزَّرْعِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الطَّلْعَ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُمَا) يَجُوزُ دُخُولُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ نَعَمْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ وَحْدَهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَ الزِّيَادَةِ الْمَحْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ هَذَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْآخَرُ، وَإِلَّا لَزِمَ فَوْرًا وَلَا يُعَيِّنُ فِي طَلَبِهِ عَيْنًا وَلَا قِيمَةً لِأَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ، بَلْ يَطْلُبُ حَقَّهُ مِنْهَا، وَلَا تُحْبَسُ لَوْ امْتَنَعَتْ بَلْ تُنْزَعُ الْعَيْنُ مِنْ يَدِهَا، وَتُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا فَإِنْ أَصَرَّتْ أَعْطَاهُ الْحَاكِمُ نِصْفَ الْعَيْنِ، إنْ سَاوَى قَدْرَ الْوَاجِبِ لَوْ بَاعَهُ، وَإِلَّا بَاعَ مِنْهَا بِقَدْرِ الْوَاجِبِ وَدَفَعَهُ لَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَاعَ الْجَمِيعَ وَدَفَعَ لَهُ مِنْهُ قَدْرَ الْوَاجِبِ، لَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ فِي هَذِهِ إلَّا إنْ حُكِمَ لَهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَلِفَ) أَيْ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ، مَا لَمْ يَمْتَنِعْ بَعْدَ طَلَبِهِ وَإِلَّا فَكَالْغَصْبِ. قَوْلُهُ: (اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (قِيمَتَيْ يَوْمَيْ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ) وَكَذَا مَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَصْدَقَ تَعْلِيمَ قُرْآنٍ) أَيْ جَعَلَ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ لَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ صَدَاقًا لَهَا، وَكَتَعْلِيمِهَا تَعْلِيمُهُ لِعَبْدِهَا مُطْلَقًا أَوْ لِوَلَدِهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهَا نَفَقَتُهُ وَفِي الرَّقِيقَةِ لِمَنْ عَيَّنَ السَّيِّدُ تَعْلِيمَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ فَرَاجِعْهُ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ لِكَافِرَةٍ يُرْجَى إسْلَامُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَالْقُرْآنِ فِي صِحَّةِ جَعْلِهِ صَدَاقًا سَمَاعُ حَدِيثٍ أَوْ حُكْمٍ أَوْ وَعْظٍ أَوْ شَعْرٍ مِنْ كُلِّ مَا يَحِلُّ تَعْلِيمُهُ، وَفِيهِ كُلْفَةٌ بِحَيْثُ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَيُقَدَّرُ جَمِيعُ ذَلِكَ بِالزَّمَنِ، كَيَوْمٍ أَوْ بِعَيْنِهِ كَسُورَةِ كَذَا أَوْ بِقِرَاءَتِهِ مَعَ سَمَاعِهَا مَثَلًا، وَلَا تَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا بَطَلَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ الْمُزَنِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ صِحَّةِ جَعْلِ الصَّدَاقِ شِعْرًا فَقَالَ يَجُوزُ إنْ كَانَ مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ وَهُوَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الْأَنْصَارِيُّ:
يُرِيدُ الْمَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ ... وَيَأْبَى اللَّهُ إلَّا مَا أَرَادَا
يَقُولُ الْمَرْءُ فَائِدَتِي وَزَادِي ... وَتَقْوَى اللَّهِ أَعْظَمُ مَا اسْتَفَادَا
قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى التَّعْلِيمِ حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ وَتَقْيِيدُهُ بِالنَّفْسِ، لِقَوْلِهِ تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَذَّرُ، لِأَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يُعَلِّمُهَا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّعْلِيمِ لَهَا أَيْضًا، بِخِلَافِ عَبْدِهَا وَوَلَدِهَا وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ. قَوْلُهُ:
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُهَيِّئُهَا إلَخْ) . يُرِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ مَحَلُّهُ فِي الْأَرْضِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَبَهِيمَةٍ) قَدْ خَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْخِيَارِ فَقَالَ إنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ عَيْبًا فِي الْبَهِيمَةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ هُنَا نَقْصًا أَنْ يُلْحَقَ بِالْعُيُوبِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا قَدْ تَتَضَرَّرُ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ يَمْنَعُهَا السَّقْيَ إذَا تَضَرَّرَ بِهِ الشَّجَرُ وَاحْتَاجَتْ هِيَ إلَيْهِ لِلثَّمَرِ قَوْلُهُ: (اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، يُسْتَثْنَى مَا لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهَا بَعْدَ الْفِرَاقِ وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ إنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا فَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ، لِأَنَّ الرُّجُوعَ وَقَعَ إلَى عَيْنِ الصَّدَاقِ ثُمَّ تَلِفَ تَحْتَ يَدِ ضَامِنِهِ اهـ.
وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ تَلِفَ يُخَالِفُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَلَفٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ الْفَرْقِ.
قَوْلُهُ (فَالْأَصَحُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَوْضِعُ الْخِلَافِ حَيْثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute