للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ، أَوْ بَعْدَهُ بِعِوَضٍ، أَوْ بِدُونِهِ وَاسْتُوْفِيَ عَدَدُ طَلَاقِهَا، أَوْ لَمْ يُسْتَوْفَ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ فِيمَا ذُكِرَ، وَبِخِلَافِ مَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا لِاخْتِصَاصِ الرَّجْعَةِ بِالطَّلَاقِ (مَحَلٌّ لِحِلٍّ لَا مُرْتَدَّةٌ) فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ، فَلَوْ ارْتَدَّتْ الرَّجْعِيَّةُ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا، لِأَنَّهَا آيِلَةٌ إلَى الْفِرَاقِ بِالرِّدَّةِ حَتَّى لَوْ رَاجَعَهَا، ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الرَّجْعَةِ.

(وَإِذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ) كَأَنْ تَكُونَ آيِسَةً (وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ طَلَاقِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ (أَوْ وَضْعَ حَمْلٍ لِمُدَّةِ إمْكَانٍ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لَا آيِسَةٌ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينٍ) لِأَنَّ النِّسَاءَ مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَى أَرْحَامِهِنَّ، وَالثَّانِي لَا وَتُطَالَبُ بِالْبَيِّنَةِ لِإِمْكَانِهَا، فَإِنَّ الْقَوَابِلَ تَشْهَدْنَ الْوِلَادَةَ غَالِبًا أَمَّا الْآيِسَةُ مِنْ الْحَيْضِ فَلَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْوَضْعِ، لِأَنَّهَا لَا تَحْبَلُ.

وَأَمَّا مُدَّةُ الْإِمْكَانِ فَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ادَّعَتْ وِلَادَةَ) وَلَدٍ (تَامٍّ فَإِمْكَانُهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ) لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٌ لِلْوِلَادَةِ (أَوْ) وِلَادَةَ (سَقْطٍ مُصَوَّرٍ ادَّعَتْ الْمُعْتَدَّةُ فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ (أَوْ) وِلَادَةَ (مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ فَثَمَانُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَقْسَامُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ عَلَى خِلَافٍ فِي الثَّالِثِ يَأْتِي فِي بَابِهَا فَإِنْ ادَّعَتْ الْوَضْعَ فِي أَيِّ قِسْمٍ لِأَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ لَمْ تُصَدَّقْ وَكَانَ لِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (عُلِّقَتْ) وَلَوْ احْتِمَالًا.

قَوْلُهُ: (بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ) خَرَجَ الْمُعَاشَرَةُ فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ بَعْدَهَا وَالْمُرَادُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، فَيَدْخُلُ مَا لَوْ طَلُقَتْ فِي الْحَيْضِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَشْرَعْ فِي الْعِدَّةِ وَمَا لَوْ وُطِئَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الَّتِي بِغَيْرِ الْحَمْلِ بِشُبْهَةٍ، فَحَمَلَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ انْفِصَالِ تَمَامِ الْوَلَدِ، أَوْ قَبْلَ ثَانِي التَّوْأَمَيْنِ، نَعَمْ لَا رَجْعَةَ لَهُ مَا دَامَتْ فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ، وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ لِلشُّبْهَةِ مِنْهُ رَاجَعَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ فَقَطْ، وَإِنْ تَدَاخَلَتْ الْعِدَّتَانِ إلَّا إنْ حَمَلَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَى الْوَضْعِ لِوُقُوعِ الْحَمْلِ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ مَعًا.

قَوْلُهُ: (مَنْ طَلُقَتْ) فَلَوْ شَكَّ فِي طَلَاقِهَا فَرَاجَعَ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ الْحَالُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَاقِعِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ وَطْءٍ) وَتُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الْوَطْءِ وَنَفْيِ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) وَلَوْ مُعَاشَرَةً قَوْلُهُ: (فَلَوْ ارْتَدَّتْ) أَوْ ارْتَدَّ هُوَ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَتَسْتَأْنِفُ لَوْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ.

تَنْبِيهٌ: بَقِيَ شَرْطٌ سَابِعٌ وَهُوَ كَوْنُهَا مُعَيَّنَةً فَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ، ثُمَّ رَاجَعَ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً لَمْ يَصِحَّ، أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهَمَةً، ثُمَّ رَاجَعَ قَبْلَ التَّعْيِينِ، وَلَوْ بِقَوْلِهِ رَاجَعْتُ الْمُطَلَّقَةَ مِنْكُمَا، أَوْ أَحَدًا كَمَا لَمْ يَصِحَّ أَوْ نَسِيَ الْمُطَلَّقَةَ وَرَاجَعَ كَذَلِكَ قَبْلَ الْبَيَانِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي هَذِهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْكَرَ صُدِّقَ) وَفِي عَكْسِ هَذِهِ تُصَدَّقُ هِيَ مِنْ حَيْثُ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا النِّكَاحُ وَلَهَا النَّفَقَةُ، وَيُصَدَّقُ هُوَ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ نِكَاحِهِ نَحْوَ أُخْتِهَا وَخَرَجَ بِ أَنْكَرَ مَا لَوْ مَاتَ فَتَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ وَلَا تُصَدَّقُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَا تَرِثُهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا صُدِّقَتْ، وَلَوْ مَاتَتْ فَادَّعَى وَارِثُهَا الِانْقِضَاءَ قَبْلَ مَوْتِهَا صُدِّقَ الْوَارِثُ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي غَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ كَالطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ، وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا وَخَرَجَ بِالْعِدَّةِ غَيْرُهَا كَطَلَاقِهَا، وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا كَمَا مَرَّ، وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ فِي الْأَمَةِ وَالنَّسَبِ لِلْوَلَدِ - فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ وَالزَّوْجَ يُنْكِرَانِهَا وَلَهُمَا نَفْيُهُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ - وَلُحُوقِ الْوَلَدِ لِلزَّوْجِ بِالْفِرَاشِ فِيمَا لَمْ يُنْكِرْ وَضْعَهُ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْآيِسَةُ مِنْ الْحَيْضِ) وَكَذَا الصَّغِيرَةُ وَنَحْوُهَا كَقُرْبِ زَمَنِ الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ (فَلَا تُصَدَّقُ) وَيُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ لِلْيَمِينِ خُصُوصًا فِيمَا لَا يُمْكِنُ عَقْلًا قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى الْوَضْعِ) وَأَمَّا الْحَيْضُ فَتَقَدَّمَ قَبُولُ الْآيِسَةِ فِيهِ

قَوْلُهُ: (بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ: عَدَدِيَّةٌ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَتَيْنِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا: عَدَدِيَّةٌ هِلَالِيَّةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (مُصَوَّرٍ) أَيْ فِيهَا صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ بِقَوْلِ الْقَوَابِلِ وَهَذِهِ يَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِيلَادُ وَلَا يَجِبُ فِيهَا الْغُرَّةُ.

قَوْلُهُ: (بِلَا صُورَةٍ) أَيْ لَا ظَاهِرَةٍ وَلَا خَفِيَّةٍ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْقَوَابِلِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ، وَإِلَّا لَمْ تَنْقَضِ بِهَا الْعِدَّةُ كَالْعَلَقَةِ، وَيَثْبُتُ لَهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَثُبُوتُ النِّفَاسِ وَفِطْرُ الصَّائِمَةِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ) لَوْ وَطِئَهَا فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ أَسْتَأْنَفَتْ وَدَخَلَ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى وَيُرَاجِعُ فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ لَا غَيْرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ خَالَطَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَنْقَضِ وَلَكِنَّ الرَّجْعَةَ فِي زَمَنِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ خَاصَّةً تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ} [البقرة: ٢٢٨] الْآيَةَ وَلَهُ الرَّجْعَةُ بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ، ثُمَّ تَصْدِيقُهَا قَاصِرٌ عَلَى بَاقِي الْوَلَدِ دُونَ النَّسَبِ وَكَذَا فِي اسْتِيلَادِ الْأَمَةِ وَنَحْوِهَا.

قَوْلُهُ: (فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ يُصَوَّرُ فِي ثَمَانِينَ وَكَذَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْحَاوِي، وَنَقَلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَشْهَدُ لَهُ رِوَايَةٌ فِي مُسْلِمٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ) إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا خَفِيَّةٌ فَلَا بُدَّ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأَ خَلْقِ آدَمِيٍّ بِشَهَادَةِ الْقَوَابِلِ،.

قَوْلُهُ: (وَاللَّحْظَةُ الْأُولَى إلَخْ) كَذَلِكَ لَنَا قَوْلُ إنَّ اللَّحْظَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ ذَلِكَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَوِيٌّ نَظَرًا لِلِاحْتِيَاطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>