للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاضَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.

(وَتُصَدَّقُ) الْمَرْأَةُ فِي ادِّعَاءِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِأَقَلِّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ بِيَمِينِهَا (إنْ لَمْ تُخَالِفْ) فِيمَا ادَّعَتْهُ (عَادَةً) لَهَا (دَائِرَةً وَكَذَا إنْ خَالَفَتْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ تَتَغَيَّرُ، وَالثَّانِي لَا تُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ.

(وَلَوْ وَطِئَ) الزَّوْجُ (رَجْعِيَّةً وَاسْتَأْنَفَتْ الْأَقْرَاءَ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ رَاجَعَ فِيمَا كَانَ بَقِيَ) مِنْ أَقْرَاءِ الطَّلَاقِ دُونَ مَا يُزَادُ عَلَيْهَا لِلْوَطْءِ.

(وَيُحَرَّمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ بِالرَّجْعِيَّةِ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهَا مُفَارَقَةٌ كَالْبَائِنِ (فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ) وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حِلِّهِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ بِحِلِّهِ لِحُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ عِنْدَهُ (وَلَا يُعَزَّرُ إلَّا مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ) بِخِلَافِ مُعْتَقِدِ حِلِّهِ وَالْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِهِ (وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يُرَاجِعْ وَكَذَا إنْ رَاجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ فِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ مِنْ نَصِّهِ، فِيمَا إذَا ارْتَدَّتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ، وَخُرِّجَ قَوْلٌ بِوُجُوبِهِ مِنْ النَّصِّ فِي وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ وَالرَّاجِحُ تَقْرِيرُ النَّصِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَثَرَ الرِّدَّةِ يَرْتَفِعُ بِالْإِسْلَامِ، وَأَثَرَ الطَّلَاقِ لَا يَرْتَفِعُ بِالرَّجْعَةِ، وَالْحِلُّ بَعْدَهَا كَالْمُسْتَفَادِ بِعَقْدٍ آخَرَ.

(وَيَصِحُّ إيلَاءٌ وَظِهَارٌ وَطَلَاقٌ وَلِعَانٌ) مِنْ الرَّجْعِيَّةِ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ (وَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجُ وَالرَّجْعِيَّةُ لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهَا بِصِحَّةِ مَا ذُكِرَ، وَتَقَدَّمَ مَسْأَلَتَا التَّوَارُثِ وَالطَّلَاقِ فِي بَابِهِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى الْمَسَائِلِ الْبَاقِيَةِ فِي أَبْوَابِهَا وَالْغَرَضُ مِنْ جَمْعِهِمْ الْخَمْسَ هُنَا الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا.

(وَإِذَا ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ رَجْعَةً فِيهَا فَأَنْكَرَتْ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: رَاجَعْت يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَتْ: بَلْ السَّبْتِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فِي ادِّعَاءِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) وَكَذَا فِي بَقَائِهَا، وَإِنْ وَصَلَتْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ وَلَهَا النَّفَقَةُ. قَوْلُهُ: (بِأَقَلِّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ) فَلَا تُصَدَّقُ لَوْ ادَّعَتْهُ قَبْلَهَا فَإِنْ عَادَتْ وَادَّعَتْهُ بَعْدَهُ صُدِّقَتْ.

قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُحَلَّفُ، وَإِنْ لَمْ تُتَّهَمْ وَأَنَّهَا لَا يَجِبُ اسْتِفْصَالُهَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وُجُوبُ اسْتِفْصَالِهَا، وَإِنَّمَا تُحَلَّفُ إذَا اُتُّهِمَتْ.

قَوْلُهُ: (رَجْعِيَّةً) وَفِي نُسْخَةٍ بِهَاءِ الضَّمِيرِ بَعْدَ الْفَوْقِيَّةِ، وَنُقِلَ أَنَّهُ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (الْأَقْرَاءَ) خَرَجَ الْحَمْلُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَضَعْ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ، وَالْأَشْهَرُ كَالْأَقْرَاءِ. قَوْلُهُ: (مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ) أَيْ فَرَاغِهِ لِتَوَقُّعِ الْعُلُوقِ قَبْلَهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الصَّوْمَ بَلْ لَا إشْكَالَ وَلَا فَرْقَ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (دُونَ مَا زَادَ) فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ مُضِيِّ قُرْأَيْنِ مِنْ عِدَّةِ النِّكَاحِ، اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ وَالْقَرْءُ الْأَوَّلُ مِنْهَا وَاقِعٌ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ، فِيهِ دُونَ الْقُرْأَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لِتَمَحُّضِهِمَا لِعِدَّةِ الْوَطْءِ.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) مِنْهُ النَّظَرُ وَاللَّمْسُ قَوْلُهُ: (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَلَا عَلَيْهَا إنْ تَكَرَّرَ وَعَلِمَا بِالْحُرْمَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُعَزَّرُ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِلْوَاطِئِ وَمَحَلُّهُ إنْ رُفِعَ لِحَاكِمٍ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ، وَكَذَا يُعَزَّرُ مُعْتَقِدُ الْحِلِّ إذَا رُفِعَ لِمُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ قُرِئَ " يُعَزِّرُ " بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَشَمِلَ الصُّورَتَيْنِ، وَضَمِيرُهُ لِلْحَاكِمِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِبِكْرٍ فِي الْبِكْرِ، وَثَيِّبٍ فِيهَا وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ، وَهُوَ لِلشُّبْهَةِ لَا لِلْعَقْدِ. نَعَمْ إنْ دَفَعَهُ لَهَا تَكَرَّرَ بِقَدْرِ الدَّفْعِ، قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ قَوْلُهُ: (أَنَّ أَثَرَ الرِّدَّةِ) وَهُوَ الْقَتْلُ وَحُرْمَةُ الْوَطْءِ، وَأَثَرَ الطَّلَاقِ وَهُوَ نَقْصُ الْعَدَدِ، فَبِالْإِسْلَامِ يَتَبَيَّنُ حِلُّ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ فِيهِ بِخِلَافِهَا.

قَوْلُهُ (وَإِذَا ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ) أَيْ وَلَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ.

فَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ فَلَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهَا، وَعَلَى الزَّوْجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى زَوْجِيَّةِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ ادَّعَى عَلَى الزَّوْجِ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ - ظَاهِرًا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ -، وَعَدَمِ الرَّجْعَةِ فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي بَطَلَ نِكَاحُ الزَّوْجِ، وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ اسْتَحَقَّهَا

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (فَالْحُكْمُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ لِلْحُرَّةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَلَحْظَةٌ وَلِلْأَمَةِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ وَقَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْ فِي كَلَامِ الشَّرْحِ قَالَ الْمُحَشِّي هَذِهِ حَاشِيَةٌ صَحِيحَةٌ فَيَنْبَغِي تَأَمُّلُهَا.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تُخَالِفْ عَادَةً) وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَكُونَ لَهَا عَادَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ، أَوْ عَادَتُهَا أَقَلَّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهَا عَادَةٌ أَصْلًا، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا تُصَدَّقُ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالرُّويَانِيُّ: إنَّهُ الِاخْتِيَارُ فِي هَذَا الزَّمَانِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ النَّصِّ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ يُعَضِّدُهُ أَصْلٌ ظَاهِرٌ اهـ.

وَلَوْ مَضَتْ الْعَادَةُ فَادَّعَتْ مَزِيدًا، وَأَنَّ الْعَادَةَ تَغَيَّرَتْ فَنَقَلَا فِي الْعِدَدِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ تَصْدِيقُهَا وَجْهًا وَاحِدًا وَعَلَى الزَّوْجِ السُّكْنَى، ثُمَّ أَبْدَى الْإِمَامُ فِيهِ احْتِمَالًا بِأَنَّا لَوْ صَدَّقْنَاهَا لَرُبَّمَا تَمَادَتْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ، وَفِيهِ إجْحَافٌ بِالزَّوْجِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَرْتَفِعُ إلَخْ) أَيْ، لِأَنَّ تِلْكَ الطَّلْقَةَ حُسِبَتْ وَلَمْ تَمْحُهَا الرَّجْعَةُ ثُمَّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ أَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ لَوْ عَلِمَتْ الزَّوْجَةُ التَّحْرِيمَ، وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: وَشُبْهَتُهُ قَوِيَّةٌ، لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ إلَّا بِرَجْعَةٍ.

قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا) وَلِأَنَّ اللَّهَ سَمَّاهُ بَعْلًا فِي قَوْله تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] فَثَبَتَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>