للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُطَالَبَتُهُ، لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ حَقُّهَا وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الْمُرَاهِقَةِ وَلَا يُطَالِبُ لَهَا وَلِيُّهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا) بِأَنْ لَمْ تُطَالِبْهُ (فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّرْكِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ.

(وَتَحْصُلُ الْفَيْئَةُ بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ بِقُبُلٍ) وَلَا يَكْفِي فِي الدُّبُرِ لِأَنَّهُ مَعَ حُرْمَتِهِ لَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ (وَلَا مُطَالَبَةَ إنْ كَانَ بِهَا مَانِعُ وَطْءٍ كَحَيْضٍ وَمَرَضٍ) لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ الْمَطْلُوبِ حِينَئِذٍ، (وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِي الزَّوْجِ (مَانِعٌ طَبِيعِيٌّ) مِنْ الْوَطْءِ (كَمَرَضٍ طُولِبَ بِأَنْ يَقُولَ: إذَا قَدَرَتْ فِئْتُ) لِأَنَّهُ يَخِفُّ بِهِ الْأَذَى (أَوْ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِطَلَاقٍ) لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُهُ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ

(فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ) وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ: إنْ فِئْتَ عَصَيْتَ وَأَفْسَدْتَ عِبَادَتَك، وَإِنْ لَمْ تَفِئْ طَلُقَتَا عَلَيْك كَمَنْ غَصَبَ دَجَاجَةً وَلُؤْلُؤَةً فَابْتَلَعَتْهَا يُقَالُ لَهُ: إنْ ذَبَحْتَهَا غَرِمْتَهَا، وَإِلَّا غَرِمْتَ اللُّؤْلُؤَةَ.

(وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً) نِيَابَةً عَنْهُ وَالثَّانِي: لَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ إلَيْهِ بَلْ يَحْبِسُهُ، أَوْ يُعَزِّرُهُ لِيَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ (وَأَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةً) لِيَفِيءَ، أَوْ يُطَلِّقَ فِيهَا لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِهَا عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالثَّانِي يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِقُرْبِهَا وَقَدْ يَنْشَطُ فِيهَا لِلْوَطْءِ (وَأَنَّهُ إذَا وَطِئَ بَعْدَ مُطَالَبَةٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

بِالطَّلَاقِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ فَائِدَةَ الْخِلَافِ، أَنَّهُ فِي التَّرْدِيدِ إذَا طَلَّقَ الْحَاكِمُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ نُطَالِبْهُ) هُوَ بَيَانٌ لِمَعْنَى التَّرْكِ وَإِلَّا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا بِاللَّفْظِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ سَقَطَ حَقُّهَا، وَلَا تَرْجِعُ إلَى الْمُطَالَبَةِ.

قَوْلُهُ: (بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا، أَوْ مُكْرَهًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيهَا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا، وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ مُطَالَبَتُهَا لَهُ فَقَطْ فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ كَامِلٌ حَنِثَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ قَوْلُهُ: (بِقُبُلٍ) أَيْ مَعَ زَوَالِ الْبَكَارَةِ وَلَوْ فِي الْغَوْرَاءِ، وَيَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ حَرَّمَ الْحَيْضُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَا يَكْفِي الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ) لَكِنْ يَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ لِحِنْثِهِ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ حَلِفَهُ بِغَيْرِهِ، فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كَإِحْرَامٍ) وَصَوْمِ فَرْضٍ وَظِهَارٍ. قَوْلُهُ: (يُطَالَبُ بِطَلَاقٍ) . نَعَمْ إنْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الْإِحْرَامِ، أَوْ الظِّهَارِ دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ فِيهَا أُمْهِلَ، وَكَذَا يُمْهَلُ فِي الصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا مُطَالَبَةَ) أَيْ بِوَطْءٍ وَلَا طَلَاقٍ. قَوْلُهُ: (كَحَيْضٍ) . نَعَمْ إنْ وَقَعَ الطَّلَبُ قَبْلَهُ اسْتَمَرَّتْ الْمُطَالَبَةُ فِيهِ بِالطَّلَاقِ، وَهَذَا مَحَلُّ قَوْلِهِمْ طَلَاقُ الْمَوْلَى فِي الْحَيْضِ لَيْسَ بِدْعِيًّا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ) وَتُسَمَّى فَيْئَةَ اللِّسَانِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ) بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ، أَوْ قَدْرِهَا فِي قُبُلٍ وَهُوَ مُخْتَارٌ عَامِدٌ عَالِمٌ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، أَوْ صَائِمٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مُحَرِّمَاتِ الْوَطْءِ، أَوْ فِي دُبُرٍ كَذَلِكَ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ، أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَتَعْصِي هِيَ أَيْضًا بِتَمْكِينِهِ فِي ذَلِكَ.؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا مُطَالَبَةَ) وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْوَطْءَ تَحْصُلُ بِهِ الْفَيْئَةُ فِي غَيْرِ الدُّبُرِ وَتَسْقُطُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ مُطْلَقًا، وَلَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ إنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ مَجْنُونًا أَوْ نَائِمًا، وَإِلَّا فَيَنْحَلُّ وَلَا يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَعْصِ بِالْوَطْءِ، وَإِنْ وَطِئَ فِي الدُّبُرِ يَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ وَلَا تَحْصُلُ بِهِ الْفَيْئَةُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَا فَائِدَةُ عَدَمِ حُصُولِ الْفَيْئَةِ مَعَ سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ، وَانْحِلَالِ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ عَدَمُ حُصُولِ الْفَيْئَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَبَى إلَخْ) أَيْ ثَبَتَ امْتِنَاعُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحُضُورٍ أَوْ غَيْبَةٍ لِنَحْوِ تَمَرُّدٍ، أَوْ تَوَارٍ أَوْ تَعَزُّزٍ. قَوْلُهُ: (يُطَلِّقُ عَلَيْهِ) بِأَنْ يَقُولَ أَوْقَعْتُ عَلَى فُلَانٍ طَلْقَةً، أَوْ حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (طَلْقَةً) وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَقَعْ الزَّائِدُ عَلَيْهَا، وَلَوْ طَلَّقَ الْمَوْلَى - وَلَوْ جَاهِلًا - بِطَلَاقِ الْقَاضِي مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ وَمَعَ مَا أَوْقَعَهُ أَيْضًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ بِأَنْ طَلَّقَ الْقَاضِي بَعْدَ طَلَاقِ الْمَوْلَى، وَلَوْ بِالتَّبَيُّنِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُ الْقَاضِي، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ بَعْدَ وَطْئِهِ وَلَوْ طَلَّقَ الْحَاكِمُ مَعَ وَطْئِهِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِهِمَا مَعًا، أَنْ يَقَعَ هُنَا وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ تَبَعًا لِلْخَطِيبِ هُنَا. لِئَلَّا يَلْزَمَ خُرُوجُ الْوَطْءِ عَنْ الْحِلِّ إلَى الْحُرْمَةِ عَلَى أَنَّ فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِمَا إذَا طَلَّقَا مَعًا نَظَرًا؛ إذْ طَلَاقُ الْقَاضِي إنَّمَا يَقَعُ مَعَ الِامْتِنَاعِ وَمَعَ طَلَاقِ الْمَوْلَى لَا امْتِنَاعَ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةً) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَلْ دُونَهَا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ وَفِي الْمَنْهَجِ يُمْهَلُ يَوْمًا، فَأَقَلَّ كَزَوَالِ نِفَاسٍ، أَوْ فِطْرِ صَائِمٍ، أَوْ شِبَعِ جَائِعٍ أَوْ خِفَّةٍ لِمَرَضٍ وَهَذَا فِي الْفَيْئَةِ بِالْوَطْءِ، وَأَمَّا فَيْئَةُ اللِّسَانِ فَلَا يُمْهَلُ فِيهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (إذَا وَطِئَ) أَيْ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَلَوْ بَعْدَ وَطْئِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) إنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ. قَوْلُهُ: (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) إنْ كَانَ قَدْ حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ فَإِنْ كَانَ بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ لَمْ يَرْغَبْ فِيهَا لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَنَذْرِ اللَّجَاجِ، فَإِنْ رَغِبَ فِيهَا لَزِمَتْهُ عَيْنًا، وَإِنْ كَانَ بِتَعْلِيقِ عِتْقٍ، أَوْ طَلَاقٍ لَهَا أَوْ لِضَرَّتِهَا وَقَعَ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَيَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا وَطْءٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْإِيلَاءُ قَبْلَهُمَا وَهُوَ يَتَعَدَّدُ إذَا كَرَّرَهُ وَقَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ، أَوْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ، وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ - وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ -، أَوْ أَطْلَقَ - وَاتَّحَدَ الْمَجْلِسُ - فَلَا، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَصْدِ التَّأْكِيدِ كَمَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْإِيلَاءِ، أَوْ فِي مُدَّتِهِ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[حاشية عميرة]

الْجَاهِلِيَّةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْمُخَلِّصَ مِنْهُ بِالْمُدَّةِ فَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ وَوَقَعَ عِنْدَ انْقِضَائِهَا. قَالَ الْقَاضِي: وَهَذِهِ دَعْوَى عَرِيضَةٌ مِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - جَعَلَ الْمُخَلِّصَ بِالْمُدَّةِ فَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ، وَوَقَعَ عِنْدَ انْقِضَائِهَا فَإِنْ عَنَوْا بِهِ الْإِيلَاءَ فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) وَلَوْ بِفِعْلِهَا وَلَوْ مُكْرَهًا، وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: (كَحَيْضٍ) قَالَ فِي الْبَسِيطِ: إنَّ الْعَجَبَ أَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ وَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ.

قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ وَقِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ طَلَبُ الطَّلَاقِ، وَيُطْلَبُ مِنْهُ الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ كَالْمَانِعِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يُقَالُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَيْسَ لَنَا حَانِثٌ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ جَزْمًا إلَّا هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>