للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَلْ تُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ.

(وَحَامِلٍ بِوَضْعِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] فَهُوَ مُقَيَّدٌ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ. (بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) مِنْ انْفِصَالِ كُلِّهِ وَنِسْبَتِهِ إلَى ذِي الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ (فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ عَنْ حَامِلٍ فَبِالْأَشْهُرِ) لَا بِالْوَضْعِ، لِأَنَّ الْحَمْلَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ لِعَدَمِ إنْزَالِهِ (وَكَذَا مَمْسُوحٌ) أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ حَامِلٍ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لَا بِالْوَضْعِ (إذْ لَا يَلْحَقُهُ) الْوَلَدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ، لِأَنَّهُ لَا يَنْزِلُ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ يُخْلَقَ لَهُ وَلَدٌ وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَغَيْرُهُ: يَلْحَقُهُ لِأَنَّ مَعْدِنَ الْمَاءِ الصُّلْبُ وَهُوَ يَنْفُذُ مِنْ ثُقْبَةٍ إلَى الظَّاهِرِ وَهُمَا بَاقِيَانِ، وَيُحْكَى ذَلِكَ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْوَضْعِ عَلَى هَذَا (وَيَلْحَقُ مَجْبُوبًا بَقِيَ أُنْثَيَاهُ) لِبَقَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ وَقَدْ يَصِلُ إلَى الرَّحِمِ بِغَيْرِ إيلَاجٍ (فَتَعْتَدُّ) زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ (بِهِ) أَيْ بِالْوَضْعِ لِوَفَاتِهِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِطَلَاقِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوَطْءُ. (وَكَذَا مَسْلُولٌ) خُصْيَتَاهُ (بَقِيَ ذَكَرُهُ) يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: لَا يَلْحَقُهُ، لِأَنَّهُ لَا مَاءَ لَهُ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ قَدْ يُبَالِغُ فِي الْإِيلَاجِ فَيَلْتَذُّ وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا، وَإِدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَهُوَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ أَوْلَى مِنْ إدَارَتِهِ عَلَى الْإِنْزَالِ الْخَفِيِّ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ بِالْوَضْعِ لِوَفَاتِهِ وَطَلَاقِهِ عَلَى اللُّحُوقِ، وَبِالْأَشْهُرِ لِلْوَفَاةِ وَبِالْأَقْرَاءِ لِلطَّلَاقِ عَلَى عَدَمِ اللُّحُوقِ.

(وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) مُعَيَّنَةً، أَوْ مُبْهَمَةً كَأَنْ قَالَ لَهُمَا: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنَةً أَوْ لَا (وَمَاتَ قَبْلَ بَيَانٍ) لِلْمُعَيَّنَةِ (أَوْ تَعْيِينٍ) لِلْمُبْهَمَةِ (فَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَأْ) وَاحِدَةً مِنْهُمَا (اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَمَا تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُفَارَقَةً بِالطَّلَاقِ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُفَارَقَةً بِالْمَوْتِ فَأَخَذْنَا بِهِ احْتِيَاطًا. (وَكَذَا إنْ وَطِئَ) كُلًّا مِنْهُمَا (وَهُمَا ذَوَاتَا أَشْهُرٍ) سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَمْ رَجْعِيًّا (أَوْ أَقْرَاءٍ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ) فَإِنَّهُمَا يَعْتَدَّانِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُمَا إلَّا عِدَّةُ الطَّلَاقِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي ذَاتِ الْأَشْهُرِ وَكَذَا ذَاتُ الْأَقْرَاءِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ كُلَّ شَهْرٍ لَا يَخْلُو عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَيْضًا (فَإِنْ كَانَ) الطَّلَاقُ فِي ذَوَاتَيْ الْأَقْرَاءِ. (بَائِنًا اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ وَثَلَاثَةٍ مِنْ أَقْرَائِهَا) احْتِيَاطًا أَيْضًا.

(وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ مِنْ الْمَوْتِ، وَالْأَقْرَاءُ مِنْ الطَّلَاقِ) فَلَوْ

ــ

[حاشية قليوبي]

تَرِثُ احْتِيَاطًا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ.

قَوْلُهُ: (وَحَامِلٍ) حُرَّةً أَوْ غَيْرَهَا.

قَوْلُهُ: (بِوَضْعِهِ) وَلَا ثَانِي تَوْأَمَيْنِ انْفَصَلَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ وَدَخَلَ فِي وَضْعِهِ مَا لَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِهِ، وَإِنْ مَكَثَ سِنِينَ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُقَيَّدٌ) وَلَا يُنَاسِبُ اعْتِبَارَ الْغَالِبِ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّ الصَّوَابَ التَّعْبِيرُ بِأَنَّهُ مُخَصَّصٌ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) هُوَ تَتْمِيمٌ لِمُفَادِ الشَّرْطِ السَّابِقِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ هُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ تَنْظِيرٌ وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ وَصَوَّرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُنَا بِمَا لَوْ لَاعَنَ حَامِلًا لِنَفْيِ وَلَدٍ وَلَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى حَامِلٌ، ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا وَمَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَصَوَّرَهَا غَيْرُهُ بِمَا لَوْ رَمَاهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَلَاعَنَهَا لِنَفْيِهِ، فَإِنَّهَا لَا تَبِينُ مِنْهُ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ) لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الِاحْتِلَامِ، قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) مِنْهُ الْقَاضِيَانِ، وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ قَاضِي مِصْرَ، فَإِنَّهُ قَدْ أُلْحِقَ وَلَدٌ بِخَصِيٍّ فَحَمَلَهُ عَلَى كَتِفِهِ، وَخَرَجَ يُنَادِي بَيْنَ النَّاسِ يَقُولُ: إنَّ الْقَاضِيَ جَالِسٌ يُفَرِّقُ أَوْلَادَ الزِّنَى عَلَى الْخُصْيَانِ، قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَصِلُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ اسْتِدْخَالَ مَائِهِ، أَوْ لَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَقْيِيدُهُ، بِمَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَلْحَقُهُ وَلَا تَعْتَدُّ بِهِ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِطَلَاقِهِ) أَيْ مَا لَمْ تَسْتَدْخِلْ مَاءَهُ وَتَحْمِلْ مِنْهُ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ لَهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا) وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْخُصْيَةَ الْيُمْنَى لِلْمَنِيِّ، وَالْيُسْرَى لِلشَّعْرِ، وَلِذَلِكَ لَا لِحْيَةَ لِخَصِيٍّ لَعَلَّهُ لِلْأَغْلَبِ إذْ قَدْ شُوهِدَ خِلَافُهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَطِئَ كُلًّا مِنْهُمَا) أَوْ إحْدَاهُمَا وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا، أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَيُمْكِنُ إدْخَالُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ، قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا مَضَى قَبْلَ الْمَوْتِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَتَقَدَّمَ إلَخْ. إنَّمَا يَأْتِي إذَا لَمْ يَمْضِ قَبْلَ الْمَوْتِ قَدْرُ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (مِنْ الطَّلَاقِ) وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ لَا أَقْرَاءَ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْمُبْهَمَةِ مَعَ أَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَيِسَ مِنْهُ اعْتَبَرَ سَبَبَهُ، وَهُوَ الطَّلَاقُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ: يُجْعَلُ الْمَوْتُ كَالتَّعْيِينِ.

قَوْلُهُ: (بِالْأَكْثَرِ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى بَيَانِ الْوَارِثِ كَمَا مَرَّ. وَقَدْ يُقَالُ احْتِيَاطًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعِدَّةِ، وَأَمَّا لِأَجْلِ الْإِرْثِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي قَدْ مَرَّ.

ــ

[حاشية عميرة]

عِدَّةَ الطَّلَاقِ) قَالَا هُنَا: وَلَهَا النَّفَقَةُ إنْ كَانَتْ حَامِلًا وَذَكَرَ فِي النَّفَقَاتِ خِلَافَهُ وَقَوْلُهُ: الطَّلَاقَ مِثْلُهُ الْفَسْخُ

قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُقَيَّدٌ إلَخْ) . هَذَا قَدْ يُخَالِفُهُ جَعْلُهَا فِيمَا سَبَقَ مَحْمُولَةً عَلَى الْغَالِبِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُغْنِي عَنْ التَّقْيِيدِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُنْزِلُ) زَادَ غَيْرُهُ، لِأَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ مَحَلُّ الْمَنِيِّ يَتَدَفَّقُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ الظَّهْرِ، قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) أَيْ كَالْقَاضِيَيْنِ وَالصَّيْدَلَانِيِّ وَالصَّيْرَفِيِّ وَأَبِي عُبَيْدَةَ حَرْبَوَيْهِ. حَكَى أَنَّهُ وَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ فَقَضَى بِاللُّحُوقِ فَحَمَلَهُ الْخَصِيُّ عَلَى كَتِفِهِ وَخَرَجَ يَقُولُ: الْقَاضِي جَالِسٌ يُفَرِّقُ أَوْلَادَ الزِّنَى عَلَى الْخُصْيَانِ، قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ) زَادَ غَيْرُهُ وَمَا فِيهَا مِنْ الْقُوَّةِ الْمُحِيلَةِ لِلدَّمِ

قَوْلُهُ: (وَإِنْ احْتَمَلَ إلَخْ) هَذَا الِاحْتِمَالُ مَحَلُّ فَرْضِهِ فِي الرَّجْعِيَّةِ إذَا كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَشْهُرِ وَالْأَقْرَاءِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ فَرْضُهُ لِانْتِقَالِهَا إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، قَوْلُهُ: (بِالْأَكْثَرِ) ، لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ فَهِيَ عِدَّتُهَا، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الزَّوْجَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>