(وَلَوْ حَلَبَ مِنْهَا دَفْعَةً وَأَوْجَرَهُ خَمْسًا أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ حَلَبَ مِنْهَا فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ وَأَوْجَرَهُ فِي مَرَّةٍ (فَرَضْعَةٌ) نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَإِيجَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَفِي قَوْلٍ خَمْسٌ) نَظَرًا إلَى إيجَارِهِ فِي الْأُولَى وَانْفِصَالِهِ فِي الثَّانِيَةِ
(وَلَوْ شَكَّ هَلْ) رَضَعَ (خَمْسًا أَمْ أَقَلَّ أَوْ هَلْ رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَمْ بَعْدُ فَلَا تَحْرِيمَ) لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِ (وَفِي الثَّانِيَةِ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ بِالتَّحْرِيمِ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمُدَّةِ، (وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ وَاَلَّذِي مِنْهُ اللَّبَنُ أَبَاهُ وَتَسْرِي الْحُرْمَةُ إلَى أَوْلَادِهِ) فَهُمْ إخْوَةُ الرَّضِيعِ وَأَخَوَاتُهُ
(وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسٌ مُسْتَوْلَدَاتٍ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَأُمُّ وَلَدٍ فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ صَارَ ابْنَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ.
(فَيَحْرُمْنَ عَلَى الطِّفْلِ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوءَاتُ أَبِيهِ) ، وَلَا أُمُومَةَ لَهُنَّ مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ، وَالثَّانِي لَا يَصِيرُ ابْنَهُ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ تَابِعَةٌ لِلْأُمُومَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ انْفِصَالَ اللَّبَنِ عَنْهَا مُشَاهَدٌ وَلَا أُمُومَةَ فَلَا أُبُوَّةَ فَلَا يَحْرُمْنَ عَلَيْهِ (وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الْمُسْتَوْلَدَاتِ بَنَاتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ) فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً، (فَلَا حُرْمَةَ) بَيْنَ الرَّجُلِ وَالطِّفْلِ، (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْجَدَّ لِلْأُمِّ أَوْ الْخُؤُولَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ وَلَا أُمُومَةَ هُنَا، وَالثَّانِي تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ تَنْزِيلًا لِلْبَنَاتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ مَنْزِلَةَ الْوَاحِدَةِ، كَمَا فِي الْمُسْتَوْلَدَاتِ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْبَغَوِيّ تَحْرُمُ الْمُرْضِعَاتُ لِكَوْنِهِنَّ أَخَوَاتِ الطِّفْلِ أَوْ عَمَّاتِهِ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ الرَّجُلُ أَبًا وَلَيْسَ بِأَبٍ وَهُوَ إمَّا جَدٌّ لِأُمٍّ، أَوْ خَالٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يَحْرُمْنَ لِكَوْنِهِنَّ كَالْخَالَاتِ لِأَنَّ بِنْتَ الْجَدِّ لِلْأُمِّ إذَا لَمْ تَكُنْ أُمًّا تَكُونُ خَالَةً.
وَكَذَا أُخْتُ الْخَالِ (وَآبَاءُ الْمُرْضِعَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَجْدَادٌ لِلرَّضِيعِ) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى حُرِّمَ عَلَيْهِمْ نِكَاحُهَا، (وَأُمَّهَاتُهَا) مِنْ نَسَبٍ وَرَضَاعٍ (جَدَّاتُهُ) فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا حُرِّمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهُنَّ، (وَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتُهُ وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ) فَيَحْرُمُ التَّنَاكُحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ (وَأَبُو ذِي اللَّبَنِ) أَيْ أَبُو الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ اللَّبَنُ (جَدُّهُ وَأَخُوهُ عَمُّهُ وَكَذَا الْبَاقِي) فَأُمُّهُ جَدَّتُهُ.
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلِذَلِكَ رَجَّحَ الْعَبَّادِيُّ عَوْدَ الضَّمِيرِ لِلْعَشْرِ وَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَفْهُومِ حَدِيثِ مُسْلِمٍ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ لِاعْتِضَادِ هَذَا بِأَصْلِ عَدَمِ التَّحْرِيمِ، قَوْلُهُ: (إعْرَاضًا) أَوْ نَوْمًا قَوْلُهُ: (تَعَدُّدَ) إنْ لَمْ يَبْقَ الثَّدْيُ فِي فَمِهِ وَإِنْ عَادَ فَوْرًا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَإِلَّا فَلَا يَتَعَدَّدُ، قَوْلُهُ: (أَوْ تَحَوَّلَ) أَوْ حَوَّلَتْهُ أَوْ قَطَعَتْهُ لِشُغْلٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَتَعَدَّدُ إنْ قَصُرَ زَمَنُ ذَلِكَ وَإِلَّا تَعَدَّدَ قَوْلُهُ: (مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ) شَمَلَ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُرْضِعَةُ وَعَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ إلَى ثَدْيِهَا وَقَالَ هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِثَدْيٍ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَتْ الْمُرْضِعَةُ تَعَدَّدَ قَطْعًا فَرَاجِعْهُ
قَوْلُهُ: (مِنْهَا) قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَلَوْ حَلَبَ مِنْ خَمْسِ نِسْوَةٍ وَأَوْجَرَهُ دَفْعَةً أَوْ خَمْسًا حُسِبَ مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْعًا بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ بِحُصُولِ خَمْسِ رَضَعَاتٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ وَهُوَ وَجِيهٌ حَيْثُ امْتَزَجَ لَبَنُهُنَّ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ إلَخْ) فَتُعْتَبَرُ الْخَمْسُ انْفِصَالًا وَوُصُولًا عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْمَذْهَبِ وَمِنْ تَعَدُّدِ الِانْفِصَالِ مَا لَوْ خَرَجَ مِنْ الثَّدْيِ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ خَمْسَ قَطَرَاتٍ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَظَاهِرُهُ يَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَتْ الْقَطَرَاتُ الْخَمْسُ مِنْ قَبْضَةٍ وَاحِدَةٍ لِتَقَطُّعِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِنَحْوِ جُمُودٍ أَوْ بَرْدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَخْلُوطِ إذَا بَقِيَ قَدْرُ اللَّبَنِ فَأَكْثَرُ.
قَوْلُهُ: (هَلْ رَضَعَ إلَخْ) أَوْ هَلْ حَلَبَ فِي خَمْسٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ هَلْ قَطَعَ إعْرَاضًا مَثَلًا أَوْ لَا، أَوْ هَلْ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ لَا وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فَهُمْ إخْوَةُ الرَّضِيعِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ ضَمِيرَ أَوْلَادِهِ عَائِدٌ إلَى ذِي اللَّبَنِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الرَّضِيعِ، قَالَ وَهُوَ أَوْلَى أَيْ لِاتِّحَادِ الضَّمَائِرِ وَلِاقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوْلَادِ دُونَ الْأُصُولِ وَالْحَوَاشِي وَلِعَدَمِ ذِكْرِهِ أَوْلَادَ الرَّضِيعِ فِيمَا بَعْدُ كَذَا قَالُوا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ) فَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَارْتَضَعَتْ طِفْلَةٌ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَثُبُوتُ الْأُبُوَّةِ دُونَ الْأُمُومَةِ مُشْكِلٌ فَقَدْ قَالُوا لَوْ ارْتَضَعَ صَغِيرَانِ عَلَى بَهِيمَةٍ لَمْ تَثْبُتْ الْأُخُوَّةُ لِأَنَّهَا فَرْعُ الْأُمُومَةِ. وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْعُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ أَصْلٌ كَالْأُمُومَةِ.
ــ
[حاشية عميرة]
فَائِدَةٌ: فِعْلَةٌ إذَا كَانَ اسْمًا أَوْ مَصْدَرًا فُتِحَتْ عَيْنُهُ فِي الْجَمْعِ كَعَرَفَاتٍ وَصَخَرَاتٍ وَرَكَعَاتٍ، وَإِذَا كَانَ وَصْفًا سُكِّنَتْ نَحْوَ ضَخْمَاتٍ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَلَبَ مِنْهَا) خَرَجَ مَا لَوْ حَلَبَهُ مِنْ خَمْسٍ وَأَوْجَرَهُ فَرَضَعَهُ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ. قَوْلُهُ: (فَرَضْعَةٌ وَفِي قَوْلٍ خَمْسٌ) اعْلَمْ أَنَّ فِي صُورَةِ الْأُولَى طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِأَنَّ ذَلِكَ رَضْعَةٌ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الْأُولَى طَرِيقَةُ الْخِلَافِ وَفِي الثَّانِيَةِ طَرِيقَةُ الْقَطْعِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا فِي تَرْجِيحِ طَرِيقِ الْخِلَافِ.
قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) . بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الشَّكَّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَعَارُضِ الْأَصْلَيْنِ، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ دُونَ الْأَصْلِ عَدَمِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَالْأَصْلِ فِي الْإِرْضَاعِ وَالتَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ: (وَاَلَّذِي مِنْهُ اللَّبَنُ أَبَاهُ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ثَارَ لَهَا لَبَنٌ بَعْدَ بُلُوغِ التِّسْعِ وَقَبْلَ الْوِلَادَةِ ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ بِالنَّظَرِ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ
، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّسْوَةَ مَدْخُولٌ بِهِنَّ فَمَتَى تَخَلَّفَ الدُّخُولُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَلَا تَحْرِيمَ، قَوْلُهُ: (مَنْزِلَةَ الْوَاحِدَةِ) أَيْ الْبِنْتِ