للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ) إنْ رَضِيَ بِهَا (وَسَوَاءٌ فِي هَذَا مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ وَعَبْدٌ) وَمُكَاتَبٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدُمَهَا بِنَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا تَسْتَحِيُ مِنْهُ، وَتَتَغَيَّرُ بِذَلِكَ كَصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَحَمْلِهِ إلَيْهَا لِلْمُسْتَحَمِّ أَوْ لِلشُّرْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَا تَسْتَحِيُ مِنْهُ قَطْعًا كَالْكَنْسِ وَالطَّبْخِ وَالْغَسْلِ، (فَإِنْ أَخْدَمَهَا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْأُجْرَةِ (أَوْ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِمَنْ صَحِبَتْهَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا) وَلُزُومُ نَفَقَتِهَا تَقَدَّمَ فَهُوَ مُكَرَّرٌ (وَجِنْسُ طَعَامِهَا) أَيْ الْمَصْحُوبَةِ (جِنْسُ طَعَامِ الزَّوْجَةِ) ، وَقَدْ سَبَقَ (وَهُوَ) فِي الْقَدْرِ (مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ) كَالْمَخْدُومَةِ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا (وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ) عَلَيْهِ مُدٌّ (فِي الصَّحِيحِ وَمُوسِرٌ مُدٌّ وَثُلُثٌ) اعْتِبَارًا، بِثُلُثَيْ نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ فِيهِمَا وَقِيلَ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ مُدٌّ وَثُلُثٌ كَالْمُوسِرِ، وَقِيلَ وَسُدُسٌ لِيَحْصُلَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَرَاتِبِ فِي الْخَادِمَةِ كَالْمَخْدُومَةِ وَقِيلَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُدٌّ فَقَطْ

(وَلَهَا) أَيْضًا (كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهَا) مِنْ قَمِيصٍ وَمِقْنَعَةٍ وَخُفٍّ وَمِلْحَفَةٍ لِحَاجَتِهَا إلَى الْخُرُوجِ وَجُبَّةٍ فِي الشِّتَاءِ لَا سَرَاوِيلَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَيَجِبُ لَهَا مَا تَفْرِشُهُ وَمَا تَتَغَطَّى بِهِ كَقِطْعَةِ لِبْدٍ وَكِسَاءٍ فِي الشِّتَاءِ وَبَارِيَة فِي الصَّيْفِ وَمِخَدَّةٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ دُونَ مَا يَجِبُ لِلْمَخْدُومَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا.

(وَكَذَا) لَهَا (أُدْمٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْعَيْشَ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ، وَيَكُونُ مِنْ جِنْسِ أُدْمِ الْمَخْدُومَةِ وَدُونَهُ نَوْعًا وَقَدْرُهُ بِحَسَبِ الطَّعَامِ، وَالثَّانِي لَا أُدْمَ لَهَا وَيُكْتَفَى بِمَا يَفْضُلُ عَنْ الْمَخْدُومَةِ (لَا آلَةَ تَنْظِيفٍ) لِأَنَّ اللَّائِقَ بِهَا أَنْ تَكُونَ شَعِثَةً لِئَلَّا تَمْتَدَّ إلَيْهَا الْأَعْيُنُ (فَإِنْ كَثُرَ وَسَخٌ وَتَأَذَّتْ بِقَمْلٍ وَجَبَ أَنْ تَرِفَّهُ) بِمَا يُزِيلُ ذَلِكَ مِنْ مُشْطٍ وَدُهْنٍ وَغَيْرِهِمَا، (وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا فِي الْعَادَةِ إنْ احْتَاجَتْ إلَى خِدْمَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَجَبَ إخْدَامُهَا) كَمَا ذَكَرَ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (وَلَا إخْدَامَ لِرَقِيقَةٍ) حَيْثُ لَا حَاجَةَ لِنَقْصِهَا جَمِيلَةً كَانَتْ أَمْ لَا، (وَفِي الْجَمِيلَةِ وَجْهٌ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِإِخْدَامِهَا (وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ إمْتَاعٌ) لَا

ــ

[حاشية قليوبي]

وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا الْأَكْثَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا لِنَحْوِ مَرَضٍ لَا يَكْفِي فِيهِ وَاحِدَةٌ مَثَلًا، وَتَعْيِينُ الْخَادِمِ ابْتِدَاءً إلَيْهِ وَفِي الِانْتِهَاءِ إلَيْهَا كَأَنْ أَلِفَتْهُ مَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) أَيْ لَا يُجْبِرُهَا عَلَى أَنْ يَخْدُمَهَا بِنَفْسِهِ، وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْهَا فَتَجُوزُ بِالرِّضَا، وَمِثْلُهُ أُصُولُهُ وَأُصُولُهَا وَلَيْسَ لَهَا إجْبَارُهُ عَلَى دَفْعِ أُجْرَةِ الْخَادِمِ لَهَا، وَتَخْدُمُ نَفْسَهَا وَلَا تُجْبَرُ عَلَى الرِّضَا بِخِدْمَةِ مُتَبَرِّعَةٍ عَنْ الزَّوْجِ لِلْمِنَّةِ. وَكَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ فِي دَفْعِ الْأَجْنَبِيِّ النَّفَقَةَ عَنْهُ، وَلِأَنَّ الْمِنَّةَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِرِضَاهُ، وَلَا تُجْبِرُهُ عَلَيْهِ وَلَا تَمْنَعُهُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهَا فِعْلُهُ، لِأَنَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا عَلَيْهَا. وَبِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُكَرَّرٌ) كَذَا قَالَهُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهَذَا اسْتِرْوَاحٌ أَيْ أَخْذُ الشَّيْءِ عَلَى الرَّاحَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ بِفِكْرٍ وَتَأَمُّلٍ بَلْ ذَاكَ لِبَيَانِ أَقْسَامِ الْخَادِمَةِ، وَهَذَا الْبَيَانُ مَا يَلْزَمُهُ لَهَا إذَا رَضِيَ بِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ تَسْلِيمٌ لِلِاعْتِرَاضِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ النَّفْسَ إلَخْ) دَفْعٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ النِّسْبَةِ الْآتِيَةِ فِي الْمُعْسِرِ كَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ لِلْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ فِي النَّفَقَةِ حَالَةَ كَمَالٍ، وَحَالَةَ نَقْصٍ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الثَّانِيَةِ وَيُزَادُ فِي الْأُولَى لِلْمَفْضُولَةِ ثُلُثَ مَا يُزَادُ لِلْفَاضِلَةِ كَالْأَبَوَيْنِ فِي الْإِرْثِ لَهُمَا حَالَةُ نَقْصٍ يَسْتَوِيَانِ فِيهَا، وَهُوَ السُّدُسُ عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ الذَّكَرِ، وَحَالَةُ كَمَالٍ عِنْدَ فَقْدِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ لِلْأَبِ فِيهَا ثُلُثَانِ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ فَقَطْ. زِيدَ لِلْأَبِ ثُلُثُ مَا لِلْأُمِّ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَمِقْنَعَةٍ) وَهِيَ الْخِمَارُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمَخْدُومَةِ وَقِيلَ إنَّهَا فَوْقَ الْخِمَارِ. قَوْلُهُ: (لَا سَرَاوِيلَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ) اعْتِبَارًا بِمَا كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ الْآنَ بِهِ فَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهُ. قَوْلُهُ: (وَبَارِيَة) بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ كَمَا فِي الدَّقَائِقِ وَحُكِيَ تَخْفِيفُهَا نَوْعٌ يُنْسَجُ مِنْ قَصَبٍ كَالْحَصِيرِ. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ الْكِسْوَةِ. قَوْلُهُ: (أُدْمٌ) وَمِنْهُ اللَّحْمُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَقَدْرُهُ بِحَسَبِ الطَّعَامِ) فَيَكُونُ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ مَا يَجِبُ لِلْمَخْدُومَةِ كَمَا فِي النَّفَقَةِ.

تَنْبِيهٌ: كُلُّ مَا وَجَبَ لَهَا مِمَّا ذَكَرَ يَجِبُ مَا يَتْبَعُهُ كَزِرِّ الْقَمِيصِ وَخَيْطِهِ وَتِكَّةِ السَّرَاوِيلِ وَظُرُوفِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالطَّبْخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

فَائِدَةٌ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرُوهُ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمَةِ مُسَاوِيَةٌ لِنَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَنَاقِصَةٌ فِي الْقَدْرِ، وَأَنَّ الْأُدْمَ مُسَاوٍ لَهَا فِي الْجِنْسِ، وَنَاقِصٌ فِي الْقَدْرِ وَالنَّوْعِ وَأَنَّ الْكِسْوَةَ لَهَا مُسَاوِيَةٌ فِي الْقَدْرِ لِكَوْنِهَا بِالْكِفَايَةِ، وَنَاقِصَةٌ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ تَوَابِعُهَا مِثْلَهَا، وَكَذَا تَوَابِعُ غَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ مِنْ الظُّرُوفِ وَغَيْرِهَا. فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَأَذَّتْ) أَيْ الْخَادِمَةُ الْأُنْثَى وَمِثْلُهَا الذَّكَرُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا) أَيْ مَنْ لَا يَجِبُ إخْدَامُهَا. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إخْدَامُهَا) أَيْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ خَادِمَةٍ. قَوْلُهُ: (لِرَقِيقَةِ) أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ

ــ

[حاشية عميرة]

طَلُقَتْ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْإِخْدَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الْجَوَارِي الْبِيضِ كَثِيرًا، قَوْلُهُ: (أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَزِيدَ الْأُجْرَةُ عَلَى نَفَقَةِ الْخَادِمِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِئْجَارُ، قَوْلُهُ: (فِي الْقَدْرِ) تَصْحِيحٌ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ فَإِنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْجِنْسِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ) اُسْتُشْكِلَ إلْحَاقُ الْمُتَوَسِّطِ بِالْمُعْسِرِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ

، قَوْلُهُ: (لَا سَرَاوِيلَ) أَيْ لِأَنَّهَا لِكَمَالِ السَّتْرِ دُونَ أَصْلِهِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا أُدْمٌ عَلَى الصَّحِيحِ) سَكَتَ عَنْ اللَّحْمِ وَبَنَاهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي مُسَاوَاةِ أُدْمِهَا لِأُدْمِ الْمَخْدُومَةِ يَعْنِي جِنْسًا وَنَوْعًا وَقَضِيَّتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>