وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ وَكَابْنَيْ ابْنٍ أَوْ بِنْتٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا ذَكَرَ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ وَالْآخَرُ وَارِثًا.
(فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا) لِأَنَّ الْقُرْبَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ، (فَإِنْ اسْتَوَى قُرْبُهُمَا فَبِالْإِرْثِ فِي الْأَصَحِّ) ، لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ وَقِيلَ لَا أَثَرَ لِلْإِرْثِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، (وَالثَّانِي بِالْإِرْثِ ثُمَّ الْقُرْبِ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا فَيُقَدَّمُ عَلَى هَذَا الْوِرْثُ الْبَعِيدُ عَلَى غَيْرِهِ، الْقَرِيبِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِرْثِ قُدِّمَ أَقْرَبُهُمَا (وَالْوَارِثَانِ) عَلَى الْوَجْهَيْنِ (يَسْتَوِيَانِ أَمْ تُوَزَّعُ بِحَسَبِهِ) أَيْ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجْهَانِ وَجْهُ الِاسْتِوَاءِ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الْإِرْثِ، وَوَجْهُ التَّوْزِيعِ إشْعَارُ زِيَادَةِ الْإِرْثِ بِزِيَادَةِ قُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذِهِ.
(وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فَعَلَى الْأَبِ) نَفَقَتُهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ بَالِغًا أَمَّا الصَّغِيرُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَأَمَّا الْبَالِغُ فَبِالِاسْتِصْحَابِ، (وَقِيلَ عَلَيْهِمَا لِبَالِغٍ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ وَهَلْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا أَوْ يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجْهَانِ رَجَحَ مِنْهُمَا الثَّانِي (أَوْ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ إنْ أَدْلَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالْأَقْرَبُ) مِنْهُمْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ (وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ وَقِيلَ الْإِرْثِ) كَالْخِلَافِ فِي طَرَفِ الْفُرُوعِ (وَقِيلَ بِوِلَايَةِ الْمَالِ) فَإِنَّهَا تُشْعِرُ بِتَفْوِيضِ التَّرْبِيَةِ إلَيْهِ.
(وَمَنْ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَفِي الْأَصَحِّ عَلَى الْفَرْعِ وَإِنْ بَعُدَ) . -
ــ
[حاشية قليوبي]
هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا) أَيْ وَصَرَّحَ بِهِ لِقُوَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ الْأَصَحُّ الْمَذْكُورُ وَأَمَّا الْمُقَابِلُ لِقَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ فَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَقِبَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْإِرْثِ) أَيْ فِي وُجُودِهِ لَا فِي قَدْرِهِ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْوَارِثَانِ) وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْإِرْثِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْوَجْهَيْنِ) يُعْلَمُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا قُرْبًا أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَطْلَقَهُمَا هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَإِنَّ الْمُرَجَّحَ فِيهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ هُوَ الْمُرَجَّحُ فِي هَذِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ كَوْنُهَا تُوَزَّعُ بِحَسَبِ الْإِرْثِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَقَعْ لِلْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فِي الْمِنْهَاجِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ ثَلَاثَةٍ هَذَا وَاحِدٌ مِنْهَا. وَالثَّانِي فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ، وَالثَّالِثُ فِي بَابِ الدَّعَاوَى بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَتَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ مَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ التَّوْزِيعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا عُلِمَ.
قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ فِيهَا كَمَا عُلِمَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (أَبَوَانِ) أَيْ أَبٌ وَإِنْ عَلَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبُ وَأُمٌّ وَإِنْ عَلَتْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَبِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (لِبَالِغٍ) أَيْ عَاقِلٍ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ.
قَوْلُهُ: (رُجِّحَ مِنْهُمَا الثَّانِي) وَهُوَ كَوْنُهُ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الْإِرْثِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ.
قَوْلُهُ: (أَجْدَادٍ وَجَدَّاتٍ) الْمُرَادُ أَجْدَادٌ فَقَطْ أَوْ جَدَّاتٌ فَقَطْ، فَإِنْ اجْتَمَعَا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي الْأَبَوَيْنِ فَيُقَدَّمُ الْأَجْدَادُ عَلَى الْجَدَّاتِ، وَإِنْ كُنْ أَقْرَبَ مِنْهُمْ وَعَلَى كُلٍّ إذْ تَسَاوَوْا أَوْ تَسَاوَيْنَ فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ أَوْ عَدَمِهِ اتَّفَقُوا أَوْ اتَّفَقْنَ مَعًا، وَالْأَقْدَمُ الْأَقْرَبُ ثُمَّ الْوَارِثُ ثُمَّ يُوَزَّعُ كَمَا مَرَّ وَفِي الرَّوْضَةِ اسْتِوَاءُ الْكُلِّ وَضُعِّفَ.
قَوْلُهُ: (كَالْخِلَافِ فِي طَرَفِ الْفُرُوعِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ مَعًا بِأَنْ اجْتَمَعَ وَارِثٌ بَعِيدٌ مَعَ غَيْرِ وَارِثٍ قَرِيبٍ كَأَبِي الْجَدِّ مَعَ أَبِي الْأُمِّ فَبِالْقُرْبِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي وُجُودِ الْإِرْثِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقُرْبِ كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ، وَأَمِّ الْأَبِ، فَعَلَى الْأَقْرَبِ قَطْعًا أَوْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِرْثِ وَعَدَمِهِ كَأَبِي الْأَبِ وَأَبِي الْأُمِّ فَعَلَى الْوَارِثِ عَلَى الْمُرَجَّحِ.
ــ
[حاشية عميرة]
كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ وَهُنَاكَ مُتَبَرِّعَةٌ فَلَا وَجْهَ لِجَرَيَانِ هَذَا قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا أَثَرَ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ مُرَاعَاةِ الشَّيْءِ مُنْفَرِدًا أَنْ لَا يُعْتَبَرَ مُرَجَّحًا لِغَيْرِهِ ثُمَّ قَوْلُهُ لَا أَثَرَ إلَخْ. مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْفَعُك فِي فَهْمِ الْحَاشِيَةِ الْآتِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِرْثِ) مِثَالُهُ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَبِ) أَيْ وَإِنْ عَلَا قَوْلُهُ: (لِبَالِغٍ) أَيْ غَيْرِ مَجْنُونٍ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ) قَدْ سَلَفَ أَنَّ الْجَدَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُمِّ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ فَلْيَكُنْ مُقَدَّمًا عَلَى أُمَّهَاتِهَا بِالْأَوْلَى، فَلْيَخْرُجْ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ نَعَمْ لَوْ اجْتَمَعَ أَبُو الْأَبِ وَالْأُمِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ اكْتَفَيْنَا سَوَّيْنَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْإِرْثَ أَوْ الْوِلَايَةَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى أَبِي الْأَبِ اهـ. أَقُولُ إذَا قُدِّمَ أَبُو الْأَبِ عَلَى الْأُمِّ فَهَلَّا قُدِّمَ عَلَى أَبِيهَا ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَاعْتَرَضَهُ بِعَيْنِ مَا قُلْت وَنَقَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ، إنَّمَا هِيَ تَقْدِيمُ الْأَبِ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا قُرْبًا وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ يُرَاعَى الْإِرْثُ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّالِفِ كَالْخِلَافِ فِي طَرَفِ الْفُرُوعِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ إذَا اكْتَفَيْنَا بِالْقُرْبِ يَعْنِي عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ، بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْإِرْثِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ أَيْ بَلْ يَسْتَوِيَانِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِوِلَايَةِ الْمَالِ) قَالَ فِي الْبَسِيطِ مُسْتَنَدُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَطَعَ بِأَنَّ الْأَبَ أَوْلَى فِي حَالَةِ الضَّعْفِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي الْبَالِغِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْوِلَايَةِ الْجِهَةُ الَّتِي يَعْتَدُّ بِهَا لَا نَفْسُ الْوِلَايَةِ الَّتِي قَدْ يَمْنَعُ مِنْهَا مَانِعٌ مَعَ قِيَامِ الْجِهَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلْيَكُنْ