للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَسَائِلِ الْجُرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

(وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ) أَيْ لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ (وَيَجِبُ قِصَاصُ الْجُرْحِ) كَالْمُوضِحَةِ، وَقَطْعِ الْيَدِ (فِي الْأَظْهَرِ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْجِنَايَةِ، وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ حَالَةُ اسْتِقْرَارِهَا (يَسْتَوْفِيهِ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ) لِلتَّشَفِّي (وَقِيلَ الْإِمَامُ) لِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمُرْتَدِّ (فَإِنْ اقْتَضَى الْجُرْحُ مَالًا وَجَبَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِهِ وَدِيَةٍ) لِلنَّفْسِ (وَقِيلَ) الْوَاجِبُ (أَرْشُهُ) بَالِغًا مَا بَلَغَ فَفِي قَطْعِ الْيَدِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَيْهِمَا، وَفِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ دِيَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَدِيَتَانِ عَلَى الثَّانِي (وَقِيلَ) هُوَ (هَدَرٌ) تَبَعًا لِلنَّفْسِ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ، وَعَلَى الْوُجُوبِ فَالْوَاجِبُ فَيْءٌ لَا يَأْخُذُ الْقَرِيبُ مِنْهُ شَيْئًا

(وَلَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ) لِتَخَلُّلِ حَالَةِ الْإِهْدَارِ (وَقِيلَ: إنْ قَصُرَتْ الرِّدَّةُ وَجَبَ) الْقِصَاصُ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ تَخَلُّلُهَا (وَتَجِبُ الدِّيَةُ) عَلَى الْأَوَّلِ لِوُقُوعِ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ حَالَةَ الْعِصْمَةِ (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهَا) تَوْزِيعًا عَلَى حَالَتَيْ الْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ، وَفِي ثَالِثٍ ثُلُثَاهَا تَوْزِيعًا عَلَى حَالَتَيْ الْعِصْمَةِ وَحَالَةِ الْإِهْدَارِ وَالْأَقْوَالُ فِيمَا إذَا طَالَتْ الرِّدَّةُ، فَإِنْ قَصُرَتْ وَجَبَ كُلُّ الدِّيَةِ قَطْعًا، وَقِيلَ هِيَ فِي الْحَالَيْنِ.

(وَلَوْ جَرَحَ) مُسْلِمٌ (ذِمِّيًّا، فَأَسْلَمَ أَوْ حُرٌّ عَبْدًا، فَعَتَقَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْجِنَايَةِ مَنْ يُكَافِئُهُ، (وَتَجِبُ دِيَةُ مُسْلِمٍ) لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ مَضْمُونٌ وَفِي الِانْتِهَاءِ حُرٌّ مُسْلِمٌ (وَهِيَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ) سَاوَتْ قِيمَتَهُ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا (فَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَتِهِ) لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ

(وَلَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بِسِرَايَةٍ فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ) أَرْشُ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ فِي مِلْكِهِ لَوْ انْدَمَلَ الْقَطْعُ (وَفِي قَوْلٍ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَقِيمَتُهُ) لِأَنَّ السِّرَايَةَ حَصَلَتْ بِمَضْمُونٍ لِلسَّيِّدِ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا فِي حَقِّهِ بِأَنْ يُقَدِّرَ مَوْتَ الْمَقْطُوعِ رَقِيقًا

ــ

[حاشية قليوبي]

وَجْهِ الْوُجُوبِ الرَّاجِحِ فِي مَسَائِلِ الرَّمْيِ هُنَا، فَنَقْطَعُ بِأَنَّهَا كَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ الْمَرْجُوحِ فِي مَسَائِلِ الْجُرْحِ السَّابِقَةِ، فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ وَعَدَمِهِ وَعُذْرُهُ فِي التَّعْبِيرِ بِهِ تَرَتُّبُ الْخِلَافِ وَأَحَدِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي كَوْنِهَا مُخَفَّفَةً أَوَّلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ الشَّارِحُ عُذْرًا فِي التَّعْبِيرِ بِهِ فِيهَا إمَّا اكْتِفَاءً بِالْعُذْرِ الْأَوَّلِ، أَوْ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ هُنَا لِعَدَمِ قَطْعِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَا فِي هَذِهِ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْخِلَافِ فِيهِمَا بِعَكْسِ الْأَوَّلِ، وَيُمْكِنُ كَوْنُهُ تَوْجِيهًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ) فَإِنْ انْدَمَلَ جُرْحُهُ وَلَمْ يَمُتْ فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَلِوَارِثِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ قِصَاصُ الْجُرْحِ) فَإِنْ وَجَبَ مَالُ وَقْفٍ كَبَقِيَّةِ أَمْوَالِهِ. قَوْلُهُ: (يَسْتَوْفِيهِ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ) وَهُوَ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ وَلَهُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ كَمَا يَأْتِي وَيَنْتَظِرُ كَمَالَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَلِلْإِمَامِ الْقَوَدُ وَالْعَفْوُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبِ الْمَالِ ابْتِدَاءً أَوْ بِعَفْوٍ يَكُونُ فَيْئًا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّ) أَيْ الْمَجْرُوحُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْجَارِحِ مَعًا وَإِنْ عَادَا إلَى الْإِسْلَامِ مَعًا فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِبَقَاءِ الْقَوَدِ فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعِلَّةِ وَلِلْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ إذْ لَيْسَ مَعْنَى الْمُكَافَأَةِ الْمُسَاوَاةَ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَلْ عَدَمُ نَقْصِ الْمَقْتُولِ عَنْ الْقَاتِلِ بِوَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الدِّيَةُ) ، وَهِيَ دِيَةُ عَمْدٍ حَالَّةٌ فِي مَالِهِ قَوْلُهُ: (وَالْأَقْوَالُ) أَيْ الثَّلَاثَةُ مِنْ وُجُوبِ كُلِّ الدِّيَةِ أَوْ ثُلُثَيْهَا أَوْ نِصْفِهَا قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هِيَ إلَخْ) أَيْ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُ الرِّدَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكَانَ أَنْسَبَ

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ دِيَةُ مُسْلِمٍ) أَيْ مُغَلَّظَةٌ حَالَّةٌ فِي مَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ) فَهُوَ يُطَالِبُ الْجَانِيَ بِهَا لَا بِقِيمَتِهِ لَكِنْ لَوْ دَفَعَ الْجَانِي الْقِيمَةَ وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ قَبُولُهَا وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ عِنْدَ الْجَانِي. قَوْلُهُ: (فَالزِّيَادَةُ) أَيْ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ، وَهَذِهِ عَلَى الْعَكْسِ فِيمَا لَوْ جَرَحَ ذِمِّيًّا ثُمَّ اُسْتُرِقَّ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ

قَوْلُهُ (وَلَوْ قَطَعَ إلَخْ) أَيْ فَاَلَّذِي مَرَّ فِي جُرْحٍ لَا مُقَدِّرَ لَهُ. قَوْلُهُ: (الْوَاجِبَةِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ كَالزَّرْكَشِيِّ لَا مَعْنَى لَهُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ) هُوَ قَوْلُ الْمَتْنِ وَقِيلَ تَجِبُ دِيَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّ) هَذَا عَكْسُهُ مَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ) كَمَا لَوْ قُتِلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَوْلَى، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَعْتَبِرُ حَالَةَ اسْتِقْرَارِهَا) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ صَارَتْ نَفْسًا فَكَمَا لَا شَيْءَ فِي النَّفْسِ بِتِلْكَ الْجِرَاحَةِ وَالنَّفْسُ هُنَا مُهْدَرَةٌ فَلَوْ أَدْرَجْنَا لَأَهْدَرْنَا فَجُعِلَتْ الرِّدَّةُ قَاطِعَةً قَائِمَةً مَقَامَ الِانْدِمَالِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّ) هَذِهِ الْحَالَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ مَا سَلَفَ، قَوْلُهُ: (تَخَلَّلَهَا) لِأَنَّهُ إذَا قَصُرَ زَمَنُهَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُ السِّرَايَةِ وَرُدَّ بِأَنَّ السِّرَايَةَ حَاصِلَةٌ فِي زَمَنِهَا وَلَا بُدَّ وَهِيَ حَالَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فَانْتَهَضَتْ الشُّبْهَةُ

قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَرَحَ إلَخْ) هَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ نَظِيرُ الَّتِي ابْتَدَأَ الْفَصْلَ بِهَا لَكِنَّهَا تُفَارِقُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَجْرُوحَ مَضْمُونٌ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.

قَوْلُهُ: (فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ إلَخْ) فَإِنَّهُ إنْ كَانَ نِصْفُ الْقِيمَةِ أَقَلَّ فَهُوَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى مِلْكِهِ، وَمَا زَادَ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ عَنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ نَقَصَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ، وَهُوَ الْإِعْتَاقُ قَوْلُهُ: (الْوَاجِبَةُ) مُسْتَدْرَكَةٌ قَوْلُهُ: (وَنِصْفُ قِيمَتِهِ) احْتَرَزَ عَنْ قِيمَةِ النِّصْفِ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) . الَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ وَلَا يَصِحُّ التَّعْوِيلُ فِي الْفَرْقِ عَلَى كَوْنِ الْأَرْشِ هُنَا مُقَدَّرًا وَفِي الْأُولَى غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُقَدِّرَ مَوْتَ الْمَقْطُوعِ) أَيْ بِقَدْرِ مَوْتِهِ حُرًّا وَمَوْتِهِ رَقِيقًا وَتُوجِبُ لِلسَّيِّدِ أَقَلَّ الْعِوَضَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ) أَيْ الْقِصَاصُ قَطْعًا وَكَذَا النَّفْسُ عَلَى الْأَصَحِّ، قَوْلُهُ: (لِوُجُودِهَا) وَلَا يَضُرُّهَا شَرِكَةُ الْأَوَّلِ كَمَا فِي شَرِكَةِ الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>