للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ لِأَنَّ لَهَا نِهَايَاتٍ مَضْبُوطَةً (وَكَذَا أَلْيَانِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُثَنَّى أَلْيَةٍ، وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ وَهُمَا مَوْضِعُ الْقُعُودِ (وَشُفرَانِ) بِضَمِّ الشِّينِ حَرْفَا الْفَرْجِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ فَالثَّانِي قَالَ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا إلَّا بِقَطْعِ غَيْرِهَا، وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الشَّفَةِ وَاللِّسَانِ بِضَعْفٍ.

(وَلَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ) لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَطْعُ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ إلَى مَوْضِعِ الْكَسْرِ وَحُكُومَةُ الْبَاقِي) وَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ وَيَعْدِلَ إلَى الْمَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَظَاهِرٌ مِنْ ذِكْرِ الْقَطْعِ أَنَّ مَعَ الْكَسْرِ قَطْعًا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ إلَى آخِرِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى زِيَادَةٍ (وَلَوْ أَوْضَحَهُ وَهَشَمَ أَوْضَحَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَأَخَذَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ) أَرْشَ الْهَشِمِ (وَلَوْ أَوْضَحَ وَنَقَلَ أَوْضَحَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَلَهُ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) أَرْشُ التَّنْقِيلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْهَشْمِ

(وَلَوْ قَطَعَهُ مِنْ الْكُوعِ فَلَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ أَصَابِعِهِ فَإِنْ فَعَلَهُ عُزِّرَ وَإِلَّا غَرِمَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَهُ)

ــ

[حاشية قليوبي]

الْقِصَاصِ فِي الْبَيْضَتَيْنِ قَطْعُ جِلْدَتَيْهِمَا سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مَعَهُمَا أَوْ وَقَعَتَا بِأَنْفُسِهِمَا بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَفِيهِمَا دِيَةٌ لَا قِصَاصٌ، وَكَذَا لَوْ دَقَّهُمَا. كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الْبَيْضَتَيْنِ مَجَازٌ لِلْمُجَاوَرَةِ أَوْ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَصَرِيحُ كَلَامِهِ الْآتِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ مُثَنَّاهُمَا مَعَ حَذْفِ الْفَوْقِيَّةِ الْمُخَالِفِ لِلْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَفْصَحَ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ الْقُعُودِ) بَيْنَ الظَّهْرِ وَالْفَخِذِ قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الشِّينِ) أَيْ هُوَ الْفَصِيحُ وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِشَفْرَيْ الْعَيْنِ قَوْلُهُ: (بِضَعْفٍ) أَيْ فَهُوَ كَالْعَدَمِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْوُثُوقِ إلَخْ) فَإِنْ أَمْكَنَ وَجَبَ كَمَا فِي السِّنِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِأَنْ تُنْشَرَ بِمِنْشَارٍ مَثَلًا وَهُوَ بِنُونٍ بَعْدَ الْمِيمِ أَوْ تَحْتِيَّةٍ أَوْ هَمْزَةٍ قَوْلُهُ: (أَقْرَبِ مَفْصِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَ كَأَنْ كَسَرَ عَظْمَ الْكُوعِ، فَلَهُ لَقْطُ الْأَصَابِعِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْكَسْرَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَيْسَ فِيهِ إبَانَةٌ وَلَا يَجُوزُ قَطْعُ عُضْوِ الْجَانِي بِدُونِهَا، وَبِأَنَّ مَا هُنَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَطْعَ الْجَانِي يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْكَسْرَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْإِبَانَةِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْرِيحِ بِهَا وَأَنَّ مَا سَيَأْتِي فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا هُنَا مُشْتَمِلٌ عَلَى زِيَادَةٍ كَقَطْعِ الْمَفْصِلِ الْأَبْعَدِ فَلَا تَكْرَارَ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْهَشْمِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ غَالِبًا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ فَقَطْ أَرْشُ التَّنْقِيلِ وَحْدَهُ وَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ أَوْ مُؤَوَّلٍ وَلَوْ أَوْضَحَ وَأَمَّ أَوْضَحَ وَأَخَذَ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْمَأْمُومَةِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا وَثُلُثُ بَعِيرٍ لِأَنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ. كَمَا يَأْتِي وَمَعْنَى أَوْضَحَ فِيمَا ذُكِرَ اسْتَحَقَّ الْإِيضَاحَ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّهُ يُوَكَّلُ فِيهِ وَأَنَّ لَهُ الْعَفْوَ عَنْهُ

قَوْلُهُ: (مِنْ الْكُوعِ) أَيْ مَفْصِلِهِ وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ إلَى الْمَفْصِلِ وَيُسَمَّى الْكَاعَ أَيْضًا، وَمَا يَلِي الْخِنْصَرَ يُسَمَّى الْكُرْسُوعَ وَمَا بَيْنَهُمَا يُسَمَّى الرُّسْغَ بِالْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ، وَمَا يَلِي إبْهَامَ الرِّجْلِ يُسَمَّى الْبُوعَ وَأَمَّا الْبَاعُ فَهُوَ مَدُّ الْيَدَيْنِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلْغَبِيِّ لَا يَعْرِفُ كُوعَهُ مِنْ بُوعِهِ وَنَظَّمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:

وَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُوعٌ وَمَا يَلِي ... لِخِنْصَرِهِ الْكُرْسُوعُ وَالرُّسْغُ مَا وَسَطَ

وَعَظْمٌ يَلِي إبْهَامَ رِجْلٍ مُلَقَّبٌ ... بِبُوعٍ فَخُذْ بِالْعِلْمِ وَاحْذَرْ مِنْ الْغَلَطْ

وَالْأَرْبَعَةُ مَضْمُومَةُ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ أَصَابِعِهِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَوْ أُنْمُلَةً فَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ اللَّقْطَ وَلَوْ لِأُصْبُعٍ عُزِّرَ وَإِنْ عَفَا عَنْ الْبَاقِي وَلَوْ قَبْلَ اللَّقْطِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ بَقِيَّةِ الْكَفِّ بَعْدَهُ) أَيْ لَا طَلَبَ حُكُومَةٍ لِدُخُولِهَا فِي قَطْعِ الْأَصَابِعِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ ثُمَّ أَرَادَ الْعَفْوَ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدِّيَةِ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ بِالْعَفْوِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى قَدْرَهَا، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ حُكُومَةَ الْكَفِّ تَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ لَا فِي لَقْطِهَا، وَالْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ فِي الْقَتْلِ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (مَضْبُوطَةٌ) أَيْ وَكَانَتْ مَنْزِلَةُ الْأَعْضَاءِ الَّتِي لَهُمْ فَاصِلٌ، قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الشِّينِ) أَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ حَسَبُ الْعَيْنِ. نَعَمْ حَكَى الْفَتْحَ هُنَا أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ جَارٍ) يُرِيدُ لَيْسَ الْخِلَافُ مُخْتَصًّا بِمَا بَعْدَ كَذَا كَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ. نَعَمْ هُوَ خِلَافٌ غَيْرُ هَذَا الْخِلَافِ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ قَطْعُ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ إلَى مَوْضِعِ الْكَسْرِ وَحُكُومَةُ الْبَاقِي) خَالَفَ فِي ذَاكَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْمَالِ وَنَظَرَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ وَأَيْضًا، وَلَوْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لَاتَّخَذَهُ النَّاسُ ذَرِيعَةً إلَى الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ، قَوْلُهُ: (وَمِنْ ذَلِكَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَمَّا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْكُوعِ) هُوَ الْعَظْمُ الَّذِي فِي مَفْصِلِ الْكَفِّ مِمَّا يَلِي الْإِبْهَامَ وَمِمَّا يَلِي الْخِنْصَرَ، كُرْسُوعٌ وَالْبُوعُ هُوَ الَّذِي عِنْدَ أَصْلِ الْإِبْهَامِ مِنْ كُلِّ رَجْلٍ وَقَالَ صَاحِبُ تَثْقِيفِ السِّنَانِ الْكُوعُ رَأْسُ الزَّنْدِ، مِمَّا يَلِي الْإِبْهَامَ وَالْبَاعُ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ يَدَيْ الْإِنْسَانِ أَوْ أَحَدِهِمَا يَمِينًا وَشِمَالًا، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ هَذَا بِمَا قَالَاهُ فِيمَا لَوْ قَطَعَ مِنْ نِصْفِ السَّاعَةِ وَثَرَاءِ اللَّقْطِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَلَوْ قَطَعَ ثُمَّ أَرَادَ الْكُوعَ لَمْ يُمْكِنْ أَيْضًا، أَقُولُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوعِ اسْتَوْفَى كُلَّ حَقِّهِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْجِنَايَةِ فَلَا يُقَاسُ بِغَيْرِهِ لَا يُسْتَشْكَلُ، بِمَا لَوْ قَطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ فَاقْتَصَّ مِنْ الْكُوعِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمِرْفَقِ لِأَنَّهُ بِالْقَطْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>