للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ وَبَنُونَ لَبُونٍ وَحِقَاقٌ وَجِذَاعٌ) جَمْعُ حِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ (فَإِنْ قَتَلَ خَطَأً فِي حَرَمِ مَكَّةَ أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا (وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ أَوْ مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ) كَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ (فَمُثَلَّثَةٌ) لِعِظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ لِمَا وَرَدَ فِيهَا، وَلَا يُلْحَقُ بِحَرَمِ مَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ وَلَا الْإِحْرَامُ وَلَا بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ رَمَضَانُ وَلَا أَثَرَ لِمَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَلَا لِقَرِيبٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ كَوَلَدِ الْعَمِّ (وَالْخَطَأُ وَإِنْ تَثَلَّثَ) دِيَةٌ بِمَا ذُكِرَ (فَعَلَى الْعَاقِلَةِ) دِيَتُهُ (مُؤَجَّلَةٌ) لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (وَالْعَمْدُ) فِي دِيَتِهِ (عَلَى الْجَانِي مُعَجَّلَةٌ) عَلَى قِيَاسِ إبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ (وَشِبْهُ الْعَمْدِ) أَيْ دِيَتُهُ (مُثَلَّثَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةٌ) التَّثْلِيثُ لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ، وَالْبَاقِي لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا.

(وَلَا يُقْبَلُ مَعِيبٌ) بِمُثْبَتِ الرَّدِّ فِي الرَّدِّ فِي الْبَيْعِ (وَمَرِيضٌ إلَّا بِرِضَاهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ

ــ

[حاشية قليوبي]

غَيْرِ لَفْظِهَا وَمِنْ كَلَامِهِ يُعْلَمُ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمِائَةِ إنَاثًا قَوْلُهُ: (جَمْعُ حِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُمَا جَمْعَانِ لِمُؤَنَّثٍ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ أَنَّ الْأَوَّلَ جَمْعٌ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَأَنَّ الثَّانِيَ جَمْعٌ لِلْمُذَكَّرِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهَا إنَاثًا فَلَا تُجْزِئُ الذُّكُورُ إلَّا ابْنُ اللَّبُونِ فِي الْمُخَمَّسَةِ انْتَهَى، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ كَوْنِهَا الدِّيَةَ إنَاثًا لَا يَقْتَضِي خُرُوجَ الشَّارِحِ عَنْ نَهْجِ اللُّغَةِ إلَى الْخَطَأِ الْمُحْصَنِ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قُتِلَ) أَوْ قُطِعَ أَوْ جُرِحَ لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْرَارِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَا فِي الْمَعَانِي. قَوْلُهُ: (فِي حَرَمِ مَكَّةَ) وَلَوْ بِقَطْعِ هَوَائِهِ بِالسَّهْمِ وَإِنْ مَاتَ خَارِجَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا يُغَلِّظُ مُطْلَقًا، وَالتَّغْلِيظُ فِي هَذَا خَاصٌّ بِكَوْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) وَلَوْ بِقَطْعِ السَّهْمِ لِبَعْضِهَا عَلَى مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (ذِي الْقَعْدَةِ) وَهُوَ أَوَّلُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهِيَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَيُغَلِّظُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ، وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْعَبْدِ قَتْلًا أَوْ جُرْحًا وَلَا فِي قَتْلِ الْجَنِينِ بِالْحَرَمِ وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْحُكُومَاتِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُحَرَّمِ) خُصَّ بِوَصْفِ التَّحْرِيمِ لِمَا قِيلَ: إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ فِيهِ الْجَنَّةَ عَلَى إبْلِيسَ وَقِيلَ: لِأَنَّ أَوَّلَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ وَقَعَ فِيهِ وَأَلْ فِيهِ لِلَمْحِ الصِّفَةِ وَخُصَّتْ بِهِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: الشَّهْرُ الْمَعْرُوفُ نُسُكُهُ إلَخْ، وَأُضِيفَ إلَى اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يُقَالُ: شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ لِمَا ذَكَرَ وَلِأَنَّهُ اسْمٌ إسْلَامِيٌّ وَكَانَ يُسَمَّى قَبْلَ ذَلِكَ صَفَرًا. الْأَوَّلُ قَالَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ. قَوْلُهُ: (مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ) لَوْ قَالَ مَحْرَمَ رَحِمٍ بِالْإِضَافَةِ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى لِيَخْرُجَ بِهِ نَحْوُ بِنْتِ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ أَوْ مُرْضِعَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ لِمَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ) وَلَوْ مَعَ الْقَرَابَةِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (مُؤَجَّلَةً) بِالنَّصْبِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الظَّرْفِ وَقِيلَ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ دِيَتُهُ) لَمْ يَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ لِمَكَانِ الشَّرْطِ عَقَّبَهُ الْمَانِعَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِمَا سَيَأْتِي) وَهُوَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَخَذَفَتْ بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ أَيْ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَخْذًا مِنْ لَفْظِ الْخَذْفِ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» أَيْ الْقَاتِلَةِ، وَقَتْلُهَا شِبْهُ عَمْدٍ كَمَا عُلِمَ فَفِي الْخَطَأِ أَوْلَى وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَبَائِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُومُونَ بِنُصْرَةِ الْجَانِي مِنْهُمْ وَيَمْنَعُونَ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِمْ فَأَبْدَلَ الشَّرْعُ تِلْكَ النُّصْرَةَ بِبَذْلِ الْمَالِ وَخَصَّ تَحْمِيلَهُمْ بِغَيْرِ الْعَمْدِ لِكَثْرَتِهِ خُصُوصًا مِمَّنْ يَتَعَاطَى الْأَسْلِحَةَ فَحَسُنَتْ إعَانَتُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ وَأُجِّلَتْ عَلَيْهِمْ رِفْقًا بِهِمْ.

ــ

[حاشية عميرة]

خِلَفٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَقِيلَ مَخَاضٌ عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ كَالْمَرْأَةِ تُجْمَعُ عَلَى نِسَاءٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْخَطَأِ) وَلَوْ بِفِعْلِ صَبِيٍّ عَمْدًا إذَا جَعَلْنَا عَمْدَهُ خَطَأً وَجَوَّزَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُغَلَّظَ بِالتَّثْلِيثِ قَالَ غَلَّظَ بِهِ الْخَطَأَ الْحَقِيقِيَّ عِنْدَ حُصُولِهِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (جَمْعُ حَقَّةٍ وَجَذَعَةٍ) يُرِيدُ أَنَّ الذَّكَرَ مِنْهُمَا لَا يُجْزِئُ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ قِيلَ خَطَأٌ) خَرَجَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ تَغْلِيظُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يُكَبَّرُ كَمَا فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ لَا يُطْلَبُ فِيهَا تَثْلِيثٌ، قَوْلُهُ: (فِي حَرَمِ مَكَّةَ) سَبَبُ التَّغْلِيظِ فِيهِ تَأْمِينُهُ لِدَاخِلِهِ فَإِذَا غَلَّظَ عَلَى الْأُمَّةِ فِي شَأْنِ طَيْرِهِ وَصَيْدِهِ، فَالضَّمَانُ بِالْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالتَّغْلِيظِ قَوْلُهُ: (ذِي الْقَعْدَةِ إلَخْ) . قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَخْبَارُ تَظَافَرَتْ بَعْدَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافُ مَنْ بَدَأَ بِالْمُحَرَّمِ لِتَكُونَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ.

وَاخْتَصَّ الْمُحَرَّمَ بِالتَّعْرِيفِ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ السَّنَةِ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا الَّذِي يَكُونُ دَائِمًا أَوَّلَ الْعَامِ.

قَوْلُهُ: (الْمَدِينَةُ) قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَّا إنْ قُلْنَا بِضَمَانِ صَيْدِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ ضَمِنَا لِاخْتِصَاصِ مَكَّةَ بِالنُّسُكِ، قَوْلُهُ: (لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا) مِنْهُ إنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ مُرَدَّدٌ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، فَأَعْطَى حُكْمَ هَذَا مِنْ جَانِبٍ وَحُكْمَ الْآخَرِ مِنْ جَانِبٍ وَحَدِيثُ الْحَامِلِ الَّتِي مَاتَتْ بِرَمْيَةِ الْحَجَرِ.

قَوْلُهُ: (بِمُثْبِتِ الرَّدِّ) إنَّمَا أُلْحِقَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تُشْبِهُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عِوَضًا عَنْ شَيْءٍ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (وَمَرِيضٌ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ نَبَّهَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ صِحَّةُ أَخْذِهِ مِنْ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ كَالزَّكَاةِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَعِيبَ بِغَيْرِ الْمَرَضِ كَذَلِكَ يُؤْخَذُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>