للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهِيَ جُرْحٌ يَنْفُذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (إلَى جَوْفٍ كَبَطْنٍ وَصَدْرٍ وَثُغْرَةِ نَحْرٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ (وَجَبِينٍ وَخَاصِرَةٍ) أَيْ كَدَاخِلِ الْمَذْكُورَاتِ وَصَوَّرَ فِي الْجَنِينِ بِمَا نَقَلَ عَنْهُمْ مِنْ أَنَّ الْجُرْحَ النَّافِذَ مِنْهُ إلَى جَوْفِ الدِّمَاغِ جَائِفَةٌ وَوَجَّهَ بِهِ الْعُدُولَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ إلَى الْجَنْبَيْنِ الْمَفْهُومِ مِمَّا ذَكَرَ مَعَهُ وَمِنْهُ الْوَرِكُ وَلَيْسَ مِنْ الْجَوْفِ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ (وَلَا يَخْتَلِفُ أَرْشُ مُوضِحَةٍ بِكَبَرِهَا) فَالْكَبِيرَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي أَرْشِهَا الْمُتَقَدِّمِ.

(وَلَوْ أَوْضَحَ مَوْضِعَيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ قِيلَ أَوْ أَحَدَهُمَا فَمُوضِحَتَانِ) وَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ وُجُودُ حَاجِزٍ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ وَالْأَصَحُّ فِيهَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ أَتَتْ عَلَى الْمَوْضِعِ كُلِّهِ كَاسْتِيعَابِهِ بِالْإِيضَاحِ، وَلَوْ عَادَ الْجَانِي فَرَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَزِمَهُ أَرْشٌ وَاحِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا لَوْ تَآكَلَ الْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِسِرَايَةِ فِعْلِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ

(وَلَوْ انْقَسَمَتْ مُوضِحَتُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شَمِلَتْ رَأْسًا وَوَجْهًا فَمُوضِحَتَانِ وَقِيلَ مُوضِحَةٌ) نَظَرًا لِلصُّورَةِ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْحُكْمِ أَوْ الْمَحَلِّ (وَلَوْ وَسَّعَ مُوضِحَةً فَوَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ أَتَى بِهِ ابْتِدَاءً كَذَلِكَ؛ وَالثَّانِي ثِنْتَانِ (أَوْ) مُوضِحَةُ (غَيْرِهِ فَثِنْتَانِ) لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ (وَالْجَائِفَةُ كَمُوضِحَةٍ فِي التَّعَدُّدِ) وَعَدَمِهِ فَلَوْ أَجَافَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ قِيلَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَجَائِفَتَانِ وَلَوْ رَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا أَوْ تَآكَلَ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا لَوْ انْقَسَمَتْ عَمْدًا وَخَطَأً (وَلَوْ نَفَذَتْ) بِالْمُعْجَمَةِ (فِي بَطْنٍ وَخَرَجَتْ مِنْ ظَهْرٍ فَجَائِفَتَانِ فِي الْأَصَحِّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

كَمَا يَأْتِي وَفِي مَأْمُومَةٍ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَثْنَى) لِعَدَمِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ خَرَجَ سَائِرُ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (وَخَاصِرَةٍ) وَمَثَانَةٍ وَعِجَّانٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبُرِ. قَوْلُهُ: (جَائِفَةٌ) وَهِيَ الدَّامِغَةُ السَّابِقَةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ لِدُخُولِهَا فِيمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (الْجَنْبَيْنِ) بِنُونٍ بَعْدَ الْجِيمِ مُثَنَّى جَنْبٍ قَوْلُهُ: (مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ) وَهُوَ الْخَاصِرَةُ بَعْدَهُ وَالْبَطْنُ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ قَوْلُهُ: (دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ) وَكَذَا الْعَيْنُ وَالْفَخِذُ وَالذَّكَرُ، فَالْمُرَادُ بِالْجَوْفِ مَا فِيهِ إحَالَةٌ لِلْغِذَاءِ، أَوْ الدَّوَاءِ، أَوْ مَا هُوَ طَرِيقٌ لَهُ غَيْرُ الْمَذْكُورَاتِ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَرْشٌ وَاحِدٌ) إنْ اتَّفَقَتْ الْجِنَايَتَانِ عَمْدًا وَغَيْرُهُ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ رَفَعَهُ غَيْرُ الْجَانِي لَزِمَهُ أَرْشٌ، وَلَزِمَ الْأَوَّلَ أَرَشَانِ، وَلَوْ رَفَعَهُ مَعَ غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ كَذَا قَالُوا: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْضَحَهُ جَمَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْجَانِيَ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ، وَيَلْزَمُ مَنْ شَارَكَهُ فِي رَفْعِ الْحَاجِزِ أَرْشٌ وَاحِدٌ وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي الْمُوضِحَتَيْنِ وَرَفَعَ أَحَدُهُمَا الْحَاجِزَ لَزِمَ الرَّافِعَ أَرَشَانِ، وَالْآخَرَ أَرْشٌ وَاحِدٌ، كَذَا قَالُوهُ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْضَحَهُ جَمَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الرَّافِعَ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ، وَيَلْزَمُ الشَّرِيكَ فِي الْمُوضِحَتَيْنِ أَرَشَانِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ انْقَسَمَتْ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُوضِحَةَ كَالْجَائِفَةِ تَتَعَدَّدُ صُورَةً وَمَحَلًّا وَحُكْمًا وَفَاعِلًا قَوْلُهُ: (شَمِلَتْ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ مُوضِحَةُ غَيْرِهِ) فَغَيْرُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ مُوضِحَةٍ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِّ، وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ ابْنِ مَالِكٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ وَسِعَ مَعَ صِحَّتِهِ لِمَنْعِ الْعَطْفِ عَلَيْهِ، مِنْ غَيْرِ تَأْكِيدٍ اتِّفَاقًا مَعَ أَنَّ غَيْرَ وُجِدَتْ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ مَجْرُورَةً. قَوْلُهُ: (فِي التَّعَدُّدِ) نَعَمْ لَوْ وَسِعَ جَائِفَةَ غَيْرِهِ مِنْ دَاخِلٍ فَقَطْ، أَوْ مِنْ خَارِجٍ فَقَطْ فَحُكُومَةٌ فَقَطْ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا إلَخْ) أَيْ هُمَا جَائِفَتَانِ فَالتَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَوْ أَجَافَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ فَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

أَنْ يَجِبَ فِي جُرْحِ الْعُضْوِ أَكْثَرُ مِمَّا يَجِبَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَثْنَى) وَذَلِكَ لِأَنَّ جُرُوحَ بَاقِي الْبَدَنِ لَيْسَ فِيهَا مُقَدَّرٌ إلَّا الْجَائِفَةُ، قَوْلُهُ: (مِمَّا قَبْلَهُ) الَّذِي قَبْلَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ كَجُرْحِ قَوْلُهُ: (وَهِيَ جُرْحٌ يَنْفُذُ إلَى جَوْفِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا، قَوْلُهُ: (وَثُغْرَةُ نَحْرٍ) كَأَنَّهَا الثُّغْرَةُ الَّتِي فِي أَعْلَى الصَّدْرِ بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَصَوَّرَ فِي الْجَبِينِ) لَكَ أَنْ تَقُولَ هَذَا التَّصْوِيرُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ مَأْمُومَةٌ فَأَلْحَقَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ فِي الْجَائِفَةِ مِنْ خَرْقِ الْجِلْدَةِ أَعْنِي خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ، فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ تَكُونُ دَامِغَةً قُلْنَا: نَعَمْ وَلَكِنَّ الدَّامِغَةَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا دِيَةٌ فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (الْمَفْهُومُ مِمَّا ذُكِرَ) الَّذِي ذُكِرَ قَوْلُ الْمَتْنِ كَبَطْنٍ إلَى قَوْلِهِ وَخَاصِرَةٍ إلَّا قَوْلَهُ وَجَبِينٌ فَلَيْسَ مِمَّا ذَكَرَ، قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ مِمَّا ذَكَرَ، قَوْلُهُ: (مُوضِحَةٌ) غَيْرَهَا مِمَّا لَهُ مُقَدَّرٌ كَذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ النَّظَرُ إلَى الِاسْمِ

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْجِنَايَةَ) عِبَارَةُ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ بِإِزَالَةِ أَحَدِهِمَا أَثْبَتَ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمَوْضِعِ كُلِّهِ، وَلَوْ أَوْضَحَ جَمِيعَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ فَأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (عَمْدًا وَخَطَأً) نُصِبَ إمَّا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ صِفَةِ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ شَمِلَتْ رَأْسًا وَوَجْهًا) خَرَجَ مَا لَوْ شَمِلَتْ رَأْسًا وَقَفًا فَلَا خِلَافَ فِي إيجَابِ مُوضِحَةِ الرَّأْسِ وَحُكُومَةِ الْقَفَا وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ عَمَّتْ الْجَبْهَةَ وَالْخَدَّ فَمُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ شَمِلَتْ بِكَسْرِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ، قَوْلُهُ: (أَوْ مُوضِحَةُ غَيْرِهِ) أَيْ فَغَيْرُهُ مَجْرُورٌ وَيَجُوزُ أَيْضًا رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ وَسَّعَ وَيَجُوزُ أَيْضًا نَصْبُهُ إقَامَةً لَهُ مَقَامَ الْمُضَافِ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (كَمُوضِحَةٍ) مِنْ جُمْلَةِ مَا دَخَلَ فِي التَّشْبِيهِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ عِنْدَ تَوْسِيعِهِ هُوَ وَكَذَا التَّعَدُّدُ عِنْدَ تَوْسِيعِ الْغَيْرِ لَهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الشَّارِحُ وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهَا الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ لَوْ وَسَّعَ غَيْرُهُ الْجَائِفَةَ مِنْ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ تَعَدَّدَتْ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ عَلَى الْمُوَسِّعِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ انْقَسَمَتْ عَمْدًا وَخَطَأً) ظَاهِرُهُ اتِّحَادُ الْجَائِفَةِ بِذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا حَيْثُ قَالَا وَيَجِيءُ فِي اخْتِلَافِ حُكْمِ الْجَائِفَةِ وَانْقِسَامِهَا إلَى عَمْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>