للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ) لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ.

(وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ وَ) بَعْدَ (الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ) لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الرُّمْحِ وَهُوَ تَقْرِيبٌ.

وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ، وَعِنْدَ الِاصْفِرَارِ حَتَّى تَغْرُبَ، أَيْ لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الرُّمْحِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ مَعَ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّ ذِكْرَهُ أَجْوَدُ رِعَايَةً لِلِاخْتِصَارِ، فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ أَيْ لِمَنْ صَلَّى مِنْ حِينِ صَلَاتِهِ، وَلِمَنْ لَمْ يُصَلِّ مِنْ الطُّلُوعِ وَالِاصْفِرَارِ، وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: رُبَّمَا انْقَسَمَ الْوَقْتُ الْوَاحِدُ إلَى مُتَعَلِّقٍ بِالْفِعْلِ وَإِلَى مُتَعَلِّقٍ بِالزَّمَانِ (إلَّا) صَلَاةً (لِسَبَبٍ كَفَائِتَةٍ) فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ صَلَاةِ جِنَازَةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَ) صَلَاةِ (كُسُوفٍ وَتَحِيَّةٍ) لِلْمَسْجِدِ (وَسَجْدَةِ شُكْرٍ) أَوْ تِلَاوَةٍ، فَلَا تُكْرَهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَهُ رَكْعَتَا سُنَّةِ الظُّهْرِ الَّتِي بَعْدَهُ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَأَجْمَعُوا عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَقِيسَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ عَلَيْهِ فِي الْفِعْلِ وَالْوَقْتِ، وَحُمِلَ النَّهْيُ عَلَى صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا، وَهِيَ النَّافِلَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَكَرَاهَتُهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي النَّهْيِ، وَقِيلَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا لَمْ تَنْعَقِدْ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ، وَقِيلَ تَنْعَقِدُ كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ وَأُدْرِجَتْ السَّجْدَةُ فِي الصَّلَاةِ لِشَبَهِهَا بِهَا فِي الشُّرُوطِ وَالْأَحْكَامِ،

ــ

[حاشية قليوبي]

وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَمُقْتَضَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ جَمِيعِهَا فِيهِ، وَاعْتَمَدَهُ الطَّبَلَاوِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ، وَخَرَجَ بِفَوْتِهَا فَوْتُ جَمَاعَتِهَا وَلَوْ جُمُعَةً لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِذَا رَأَى إمَامًا فِي حَاضِرَةٍ وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَالْأَفْضَلُ فِعْلُ الْفَائِتَةِ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ إنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الْحَاضِرَةِ شَيْئًا فَعَلَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا خَلْفَ الْحَاضِرَةِ أَوْ يُحْرِمَ بِالْحَاضِرَةِ مَعَ الْإِمَامِ، لَكِنْ فِي الْأَوَّلِ اقْتَدَى فِي مَقْضِيَّةٍ خَلْفَ مُؤَدَّاةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ التَّرْتِيبِ، وَفِيهِمَا خِلَافٌ، وَلَوْ شَرَعَ فِي حَاضِرَةٍ فَتَذَكَّرَ فِيهِمَا فَائِتَةً أَتَمَّهَا وُجُوبًا، وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَكَانَتْ الْفَائِتَةُ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلَوْ شَرَعَ فِي حَاضِرَةٍ مُنْفَرِدًا فَرَأَى جَمَاعَةً فَلَهُ قَلْبُهَا نَفْلًا، وَيَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَهُمَا وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ شَرَعَ فِي فَائِتَةٍ مُعْتَقِدًا سَعَةَ الْوَقْتِ فَبَانَ ضِيقُهُ عَنْ جَمِيعِ الْحَاضِرَةِ وَجَبَ قَطْعُهَا، وَلَا يَجُوزُ قَلْبُهَا نَفْلًا وَإِنْ أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ فِي التَّشَهُّدِ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ وَلَوْ بِالسَّلَامِ يُفَوِّتُ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ وَهُوَ حَرَامٌ.

قَالَهُ شَيْخُنَا، وَاعْتَمَدَهُ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ جَوَازُ قَلْبِهَا نَفْلًا، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ) وَلَوْ تَقْدِيرًا كَمَا فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ، أَيْ لَوْ صَادَفَهُ التَّحَرُّمَ لَمْ تَنْعَقِدْ لِأَنَّهُ وَقْتٌ ضَيِّقٌ. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الصُّبْحِ) أَيْ الْمُؤَدَّاةِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ الْقَضَاءِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَصْرِ. قَوْلُهُ: (كَرُمْحٍ) وَهُوَ قَدْرُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ تَقْرِيبًا وَإِلَّا فَالْمَسَافَةُ طَوِيلَةٌ لِأَنَّ الْفَلَكَ الْأَعْظَمَ يَتَحَرَّكُ فِي قَدْرِ النُّطْقِ بِحَرْفٍ مُحَرَّكٍ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الْعَصْرِ) وَلَوْ مَجْمُوعَةً تَقْدِيمًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَمَا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ فَهُوَ تَابِعٌ لَهُ، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (إنَّ ذِكْرَهُ أَجْوَدُ) لِأَنَّ مِنْ الطُّلُوعِ إلَى الِارْتِفَاعِ وَمِنْ الِاصْفِرَارِ إلَى الْغُرُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِالزَّمَنِ سَوَاءٌ صَلَّى الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ) أَيْ وَدَاوَمَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا قَالُوا لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ إذَا فَعَلَ شَيْئًا دَاوَمَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَجْمَعُوا عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ حَضَرَتْ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ الْعَصْرِ أَوْ قَبْلَهُمَا وَلَمْ يَتَحَرَّ فَاعِلُهَا تَأْخِيرَهَا لِأَجْلِ صَلَاتِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَمَّا الْوَاقِعُ الْآنَ مِنْ قَصْدِ تَأْخِيرِهَا لِأَجْلِ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَضُرُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ غَيْرُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَقِيسَ عَلَى سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمَقْضِيَّةِ الثَّابِتَةِ بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ الثَّابِتَةِ بِالْإِجْمَاعِ غَيْرُهُمَا مِنْ نَحْوِ التَّحِيَّةِ وَمَا مَعَهَا.

قَوْلُهُ: (لَا سَبَبَ لَهَا) أَيْ أَصْلًا كَالنَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَحَرِّيهَا، وَإِنْ نَسِيَ الْوَقْتَ وَأَلْحَقَ بِهَا مَا لَهَا سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ، وَسَيَذْكُرُهُ كَرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَالِاسْتِخَارَةِ. قَوْلُهُ: (كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا) أَيْ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ التَّنْزِيهِ أَخْذًا مِمَّا

ــ

[حاشية عميرة]

يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا، فَلَوْ قَضَاهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ بِلَا خِلَافٍ، أَقُولُ: فَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَتَّى مَاتَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ كَالْوُضُوءِ احْتِيَاطًا.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد) فِيهِ أَيْضًا أَنَّ جَهَنَّمَ لَا تُسْجَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (رِعَايَةً لِلِاخْتِصَارِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَمْ تَنْعَقِدْ) .

قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِعْلِ لَا يَتَنَاوَلُ جُزْئِيَّاتِهِ الْمَكْرُوهَةَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْمَكَانِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ دُونَ أَمْكِنَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَأَيْضًا فَالنَّهْيُ فِي الْوَقْتِ رَاجِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>