للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِإِبْقَاءِ الْآدَمِيِّينَ (فَإِنْ طَرَحَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ طَرَحَهُ بِإِذْنِهِ رَجَاءَ السَّلَامَةِ (فَلَا) ضَمَانَ

(وَلَوْ قَالَ) لِغَيْرِهِ (أَلْقِ مَتَاعَك) فِي الْبَحْرِ (وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) فَأَلْقَاهُ فِيهِ (ضَمِنَ) الْمُلْقِي (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (أَلْقِ) مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ فَأَلْقَاهُ (فَلَا) ضَمَانَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ كَقَوْلِهِ أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ يَنْفَعُهُ قَطْعًا وَالْإِلْقَاءَ قَدْ لَا يَنْفَعُهُ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ لِخَوْفِ غَرَقٍ وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي) ، فَفِي غَيْرِ الْخَوْفِ لَا ضَمَانَ وَكَذَا فِي الِاخْتِصَاصِ بِأَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ عَلَى الشَّطِّ أَوْ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى، وَفِي الْأُولَى الْمَتَاعُ وَصَاحِبُهُ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ الْمُلْتَمِسُ أَوْ غَيْرُهُ قِيلَ يَسْقُطُ قِسْطُ الْمَالِكِ وَهُوَ فِي وَاحِدٍ مَعَهُ مَثَلًا النِّصْفُ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ.

(وَلَوْ عَادَ حَجَرٌ مَنْجَنِيقٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ (فَقَتَلَ أَحَدَ رُمَاتِهِ هَدَرٌ قِسْطُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ الْبَاقِي) مِنْ دِيَتِهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلُهُمْ خَطَأٌ فَإِنْ كَانَ أَحَدَ عَشَرَةٍ سَقَطَ عُشْرُ دِيَتِهِ وَوَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْ التِّسْعَةِ عُشْرُهَا (أَوْ) قَتَلَ (غَيْرَهُمْ وَلَمْ يَقْصِدُوهُ فَخَطَأٌ) قَتْلُهُ (أَوْ قَصَدُوهُ فَعَمْدٌ) قَتْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ إنْ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ) ، وَالثَّانِي شِبْهُ عَمْدٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ قَصْدٌ مُعَيَّنٌ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ هَذَا إنْ غَلَبَ عَدَمُ الْإِصَابَةِ فَشِبْهُ عَمْدِهِ جَزْمًا.

ــ

[حاشية قليوبي]

فَكُلُّ حَرْفٍ مُهْمَلٍ مَكَانَ مُسْلِمٍ، وَكُلُّ حَرْفٍ مُعْجَمٍ مَكَانَ كَافِرٍ، وَالْعَدَدُ بِتِسْعَةٍ بَعْدَ تِسْعَةٍ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَرَحَ) وَلَوْ فِي حَالَةِ الْوُجُوبِ مَالَ غَيْرِهِ الْمَعْصُومَ بِلَا إذْنٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ اعْتِبَارُ إذْنِهِ ضَمِنَهُ بِمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (أَلْقِ مَتَاعَك) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا وَلَا بِحَضْرَتِهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَقْيِيدُهُ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ مُشَارًا إلَيْهِ، وَبِأَنْ لَا يَرْجِعَ الْقَائِلُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ وَمَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إلَى الْأَوَّلِ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ أَلْفٌ مَتَاعُ عَمْرٍو فَالضَّمَانُ عَلَى مُبَاشِرِ الْإِلْقَاءِ، قَوْلُهُ: (عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) وَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِيرٍ مَثَلًا يَعُودُ إلَى الْمَتَاعِ أَيْ ضَامِنٌ لَهُ أَوْ ضَامِنُهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا وَأَهْلُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ لَزِمَهُ الْكُلُّ إلَّا إنْ أَرَادَ إخْبَارًا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ كُلِّهِمْ وَصَدَّقَهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ صَدَّقَهُ، وَيُصَدَّقُ مُنْكِرُ الْأَخْبَارِ عَنْهُ بِيَمِينِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ بِعَدَدِ رُءُوسٍ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (ضَمِنَ الْمُلْقَى) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ ضَمِنَ الْقَائِلُ الْمَتَاعَ الَّذِي أَلْقَاهُ الْمَقُولُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلْقَائِلِ فِيهَا شَيْءٌ أَوْ لَمْ تَحْصُلْ النَّجَاةُ بِالْإِلْقَاءِ، وَالضَّمَانُ بِمَا سَمَّاهُ إنْ كَانَ سَمَّى شَيْئًا كَقَوْلِهِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ بِكَذَا، وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ أَيْ بِمَا يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي ذَاتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ سَوَاءٌ الْمِثْلِيُّ، وَالْمُتَقَوَّمُ لِأَنَّهَا لِلْحَيْلُولَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ وَجَبَ رَدُّهُ، وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا مُخَالِفًا فِيهِ لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَوَالِدِهِ، فِي قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ مَعَ مُوَافَقَتِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ إذَا رَدَّهُ.

تَنْبِيهٌ: أَلْحَقُوا بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُعْفُ عَنْ هَذَا الْأَسِيرِ وَلَك عَلَيَّ كَذَا أَوْ اُعْفُ عَنْ قِصَاصِ هَذَا وَلَك عَلَيَّ كَذَا، أَوْ أَطْعِمْ هَذَا وَلَك عَلَيَّ كَذَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِغَرَضٍ بِعِوَضٍ صَحِيحٍ، وَانْظُرْ لَوْ قَالَ فِي ذَلِكَ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ) أَيْ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا وُجُودِيٌّ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِخَوْفِ غَرَقٍ، وَالْآخَرُ عَدَمِيٌّ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ. وَتَقَدَّمَ شَرْطَانِ آخَرَانِ الْمُشَارُ إلَى أَحَدِهِمَا بِقَوْلِهِ: أَلْقِ مَتَاعَك وَإِلَى الْآخَرِ بِقَوْلِهِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ قَوْلُهُ: (لِخَوْفِ غَرَقٍ) أَيْ لِلْمُلْتَمِسِ لِنَفْسِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ لِمَالِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ مَعَ مَالِ غَيْرِهِ وَلِرَجُلٍ فِيهِ خَوْفُ غَرَقِ غَيْرِهِ فَقَطْ لِأَجْلِ الشَّرْطِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ.

فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَوْ قَالَ لِرَفِيقِهِ فِي سَفَرٍ مَثَلًا خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهُمَا أَلْقِ مَتَاعَك وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ ضَمِنَهُ كَمَا هُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَمِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الشُّرُوطِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ) بِأَنْ اخْتَصَّ بِالْمُلْتَمِسِ أَوْ بِهِ أَوْ بِالْمُلْقِي أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ فَقَطْ، أَوْ بِهِ وَبِأَحَدِهِمَا أَوْ عَمَّ الثَّلَاثَةَ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ ذَكَرَهَا شَيْخُنَا وَفِي دُخُولِ الثَّالِثَةِ نَظَرٌ مَعَ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي خَوْفِ الْمُلْتَمِسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ حَيْثُ عُمُومُ الْعِبَارَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَضْمَنُ الْمُلْتَمِسُ الْكُلَّ كَمَا عُلِمَ وَذَكَرَهَا لِمَحَلِّ الْخِلَافِ.

قَوْلُهُ: (مَنْجَنِيقٌ) هُوَ آلَةٌ لِرَمْيِ الْحِجَارَةِ وَلَفْظُهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَيُقَالُ مَنْجَلِيقٌ بِاللَّامِ وَمَنْجَنُوقٌ بِالْوَاوِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَوْلُهُ: (أَحَدُ رُمَاتِهِ) وَهُمْ مَنْ مَسَكَ الْحَبْلَ وَرَمَى الْحَجَرَ لَا مَنْ مَسَكَ الْخَشَبَةَ أَوْ وَضَعَ فِيهِ الْحَجَرَ إلَّا إنْ كَانَ لَهُمْ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ. قَوْلُهُ: (خَطَأً) بِالنَّصْبِ حَالٌ فَالْوَاجِبُ دِيَةُ خَطَأٍ مُوَزَّعَةٌ عَلَيْهِمْ. نَعَمْ إنْ قَصَدُوا مُعَيَّنًا مِنْهُمْ وَغَلَبَتْ الْإِصَابَةُ فَهُوَ عَمْدٌ فَتَجِبُ دِيَةُ عَمْدٍ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ قِصَاصٌ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مُخْطِئٍ وَسَكَتُوا عَنْ ذِكْرِ هَذَا الشَّرْطِ هُنَا لِتَحَقُّقِ الْغَلَبَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَعَمَدَ قَتْلَهُ) أَيْ فَعَلَيْهِمْ الْقَوَدُ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ غَلَبَ عَدَمُ الْإِصَابَةِ) أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَشِبْهُ عَمْدٍ أَيْضًا.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) أَيْ لَهُ قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) إنْ سُمِّيَ قَدْرًا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا، وَأَنْ تُعْتَبَرَ قَبْلَ الْهَيَجَانِ وَلَا بُدَّ أَنَّهُ يَقُولُ أَلْقِ هَذَا أَوْ يَكُونُ الْمَتَاعُ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا لِلْقَائِلِ أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ، وَلَكِنْ أَلْقَاهُ بِحُضُورِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ بَلْ افْتِدَاءً، كَقَوْلِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا وَلَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ رُدَّ لِصَاحِبِهِ وَأَخَذَ الضَّامِنُ مَا غَرِمَهُ، قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ) . تَحْتَهُ سِتُّ صُوَرٍ.

فَرْعٌ: قَالَ لِرَفِيقِهِ فِي الطَّرِيقِ خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهُمَا أَلْقِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (لَا ضَمَانَ إلَخْ) . وَالْحَالُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ.

قَوْلُهُ: (مَنْجَنِيقٌ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا مَنْجَنُوقٌ بِالْوَاوِ وَمَنْجَلِيقٌ بِاللَّامِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَقْتُولُ قَوْلُهُ: (أَوْ قَصَدُوهُ) نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِأَنْ قَصَدَهُ مَعَ فَرْضِ الْغَلَبَةِ كَيْفَ، يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ. نَعَمْ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَقُولُ: لَا يُتَصَوَّرُ قَصْدُ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ بِالْمَنْجَنِيقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>