للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَعَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي) خَطَأً كَانَتْ جِنَايَتُهُ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا بِأَنْ قَصَدَ غَيْرَ الْحَامِلِ فَأَصَابَهَا أَوْ قَصَدَهَا بِمَا لَا يُؤَدِّي إلَى الْإِجْهَاضِ غَالِبًا أَوْ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ (وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ فَعَلَيْهِ) ، وَالْأَوَّلُ يَنْفِي الْعَمْدَ فِي الْجَنِينِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ أَوْ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ بِالْجِنَايَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ الْغُرَّةِ مَعَ الدِّيَةِ فِي فَصْلِ لُزُومِهَا الْعَاقِلَةَ

(وَالْجَنِينُ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ قِيلَ كَمُسْلِمٍ وَقِيلَ هَدَرٌ وَالْأَصَحُّ) فِيهِ (غُرَّةٌ كَثُلُثِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ) كَمَا فِي دِيَتِهِ.

(وَ) الْجَنِينُ (الرَّقِيقُ) فِيهِ (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) عَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ الْغُرَّةِ فِي الْحُرِّ بِعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ الْمُسَاوِي لِنِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ الْمُتَقَدِّمِ (يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَقِيلَ) يَوْمَ (الْإِجْهَاضِ) ، وَالْقِيمَةُ فِي الْأَوَّلِ أَكْمَلُ غَالِبًا فَإِنْ فَرَضَ زِيَادَتَهَا بَعْدَهُ اُعْتُبِرَتْ الزِّيَادَةُ فَيُعْتَبَرُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِجْهَاضِ (لِسَيِّدِهَا) لِمِلْكِهِ الْجَنِينَ (فَإِنْ كَانَتْ مَقْطُوعَةً) أَيْ مَقْطُوعَةَ الْأَطْرَافِ (وَالْجَنِينُ سَلِيمٌ قُوِّمَتْ سَلِيمَةً فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ تُقَدَّرَ كَذَلِكَ لِسَلَامَتِهِ، وَالثَّانِي لَا تُقَدَّرُ سَلِيمَةً لِنَقْصِهَا لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ أَمْرٌ خِلْقِيٌّ وَفِي تَقْدِيرِ خِلَافِهِ بُعْدٌ وَلَوْ كَانَ الْجَنِينُ مَقْطُوعَ الْأَطْرَافِ وَالْأُمُّ سَلِيمَةٌ لَمْ تُقَدَّرْ مَقْطُوعَةً فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْجَنِينِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَاللَّائِقُ الِاحْتِيَاطُ وَالتَّغْلِيظُ (وَتَحْمِلُهُ) أَيْ الْعُشْرَ فِي الْجَنِينِ الرَّقِيقِ (الْعَاقِلَةُ فِي الْأَظْهَرِ) هُمَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِي حَمْلِ الْعَاقِلَةِ الْعَبْدَ. ثَانِيهِمَا أَنَّهُ فِي مَالِ الْجَانِي. .

ــ

[حاشية قليوبي]

الْجَانِي هُنَا. قَوْلُهُ: (جِنَايَتُهُ) أَيْ الْجَنِينِ أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي دِيَتِهِ) وَقِيَاسُهُ فِي الْجَنِينِ نَحْوِ الْمَجُوسِيِّ كَثُلُثَيْ عُشْرِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ فِي دِيَتِهِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَالْجَنِينُ الرَّقِيقُ) هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ بَعْدَهُ الْمَحْذُوفَةُ الْخَبَرُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ فِيهِ، وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْيَهُودِيِّ مَعَ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَنِينِ أَوَّلَ فَصْلٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) وَلَوْ أُنْثَى كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبَةً وَقَدْ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِالشَّرْطِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ إجْزَاءِ مَا دُونَهُ فَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ عَدَمُ لُزُومِ الْقَبُولِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (عَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ إلَخْ) فَهَذَا هُوَ الضَّابِطُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَيُعْتَبَرُ أَقْصَى الْقِيَمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَتْ بِالْجِنَايَةِ اُعْتُبِرَ يَوْمُ انْفِصَالِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِسَيِّدِهَا) فَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْجَانِيَةُ أَوْ سَيِّدُهَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِمِلْكِهِ الْجَنِينَ) فَالْمُعْتَبَرُ الْمَالِكُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَيِّدَهَا.

قَوْلُهُ: (أَمْرٌ خِلْقِيٌّ) يُفِيدُ أَنَّ النَّقْصَ الطَّارِئَ بِجِنَايَةٍ يُفْرَضُ عَدَمُهُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَعُلِمَ أَنَّ الْأُمَّ تُقَوَّمُ سَلِيمَةً مُطْلَقًا، وَكَذَا تُفْرَضُ كَالْأَبِ دَيْنًا إنْ فَضَّلَهَا فِيهِ. فُرُوعٌ: لَوْ كَانَ الْجَنِينُ مُبَعَّضًا وُزِّعَتْ الْغُرَّةُ عَلَى قَدْرِ الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةُ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ مُبَعَّضَةً فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ عُشْرُ قِيمَتِهَا أَوْ عُشْرُ دِيَتِهَا أَوْ عُشْرُهُمَا مَعًا رَاجِعْهُ. وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَالْجَنِينُ مُسْلِمٌ قُدِّرَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَالْجَنِينُ رَقِيقٌ قُدِّرَتْ رَقِيقَةً، وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَانِي أَصْلِ الْجِنَايَةِ أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَأَنْكَرَ الْإِجْهَاضَ أَوْ أَقَرَّ بِهِمَا، وَادَّعَى نُزُولَهُ مَيِّتًا أَوْ ادَّعَى مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَأَمْكَنَ لِطُولِ زَمَنٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ مُطْلَقًا، وَكَذَا مَحْضُ النِّسَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْوِلَادَةِ وَتَشْهَدُ فِي الْأَخِيرَةِ بِدَوَامِ الْأَلَمِ إلَى الْمَوْتِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا ذُكِرَ صُدِّقَ الْوَارِثُ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ وَلَوْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ عُرِفَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَجَبَ الْيَقِينُ وَهُوَ غُرَّةٌ وَدِيَةُ أُنْثَى.

وَلَوْ أَلْقَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا وَمَاتَتْ هِيَ وَالْحَيُّ، وَادَّعَى الْوَارِثُ الْجَنِينَ سَبَقَ مَوْتُهَا وَوَارِثُهَا عَكْسُهُ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَلَا تَوَارُثَ وَإِلَّا قُضِيَ لِلْحَالِفِ.

ــ

[حاشية عميرة]

وَأَوْقَفْنَا شَيْئًا فَلَا يُجْعَلُ هَذَا الْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ بَلْ يَرْجِعُ لِوَرَثَةِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْغُرَّةِ يُقَدَّرُ فِيهَا حَيَاتُهُ تَغْلِيظًا عَلَى الْجَانِي، وَإِنَّمَا نَصَّ الشَّيْخُ عَلَى أَنَّهَا لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَوَاعِدِ مِنْ التَّضْمِينِ مَعَ الشَّكِّ فِي الْحَيَاةِ وَلِأَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ يُصْرَفُ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عُضْوٍ مِنْهَا وَعَنْ عَلِيٍّ لِلْعَصَبَةِ وَعَنْ رَبِيعَةَ لِلْأَبَوَيْنِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَيُقَدَّرُ مِلْكُ الْجَنِينِ لَهَا ثُمَّ يُورَثُ كَمَا فِي الدِّيَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ إلَخْ) قِيلَ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْبِيرِ تَصَوُّرُ الْعَمْدِ فِيهِ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ عَلَى الْعَاقِلَةِ يَمْنَعُ تَصَوُّرَ الْعَمْدِ. أَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَمَّدَ وُجُودُ حَقِيقَةِ الْعَمْدِ الْمَانِعِ مِنْ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (قِيلَ كَمُسْلِمٍ) أَيْ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَقِيلَ هَدَرٌ أَيْ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ غَيْرُ لَائِقَةٍ، وَالْبَابُ بَابُ تَعَبُّدٍ فَلَا يُصَارُ إلَى التَّجْزِئَةِ فَيَكُونُ هَدَرًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالتَّحْرِيرُ فِي حِكَايَةِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ تَجِبُ غُرَّةٌ نِسْبَةُ قِيمَتِهَا إلَى دِيَةِ النَّصْرَانِيَّةِ كَنِسْبَةِ الْخَمْسِ مِنْ الْإِبِلِ إلَى دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَوْمَ الْإِجْهَاضِ) لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْإِجْهَاضِ عَلَى هَذَا فَهَلْ يَرْجِعُ إلَى يَوْمِ الْجِنَايَةِ أَوْ تُقَدَّرُ حَيَاتُهَا يَوْمَ الْإِلْقَاءِ، أَوْ نَعْتَبِرُهَا قُبَيْلَ الْمَوْتِ احْتِمَالَاتٌ الْأَوَّلَانِ لِلْإِمَامِ وَالْأَخِيرُ لِابْنِ الرِّفْعَةِ.

قَوْلُهُ: (لِسَيِّدِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلْجَنِينِ غَالِبًا فَلَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَهُوَ لِمَالِكِ الْجَنِينِ، قَوْلُهُ: (أَمْرٌ خِلْقِيٌّ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِهَذَا إلَى مَا قَالَ غَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ النَّقْصَ الْخِلْقِيَّ وَالنَّقْصُ بِغَيْرِهِ تُقَدَّرُ فِيهِ السَّلَامَةُ قَطْعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>