للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ كَالزِّنَى وَعَكْسُهُ) أَيْ حَرَّمَ حَلَالًا بِالْإِجْمَاعِ كَالنِّكَاحِ، (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) كَرَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ (أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ كَفَرَ) وَمَسْأَلَةُ الْعَزْمِ حُمِلَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ بِنِيَّةِ كُفْرٍ الْمَزِيدُ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَعَمُّ (وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ

ــ

[حاشية قليوبي]

لَمْ يُرِدْهُ وَلَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَبِلْته، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّوْرِيَةَ هُنَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا تُفِيدُ فَيَكْفُرُ بَاطِنًا أَيْضًا وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِوُجُودِ التَّهَاوُنِ هُنَا.

قَوْلُهُ: (فَانْدَفَعَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ الْهَمْزَةُ إلَّا مَعَ وُجُودِ أَمْ وَعَكْسُهُ.

قَوْلُهُ: (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ) هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَسْمَائِهِ لِأَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَى الْأَصَحِّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ الرُّسُلَ) لَامُهُ لِلْجِنْسِ وَالنَّبِيُّ كَالرَّسُولِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا) خَرَجَ مَا لَوْ كَذَبَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ تَكْذِيبِهِ لَوْ قَصَدَ تَحْقِيرَهُ، وَلَوْ بِتَصْغِيرِ اسْمِهِ أَوْ سَبَّهُ أَوْ سَبَّ الْمَلَائِكَةَ أَوْ صَدَّقَ مُدَّعِي النُّبُوَّةَ أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ، أَوْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ أَوْ أَنْكَرَ غَيْرَ جَاهِلٍ مَعْذُورٍ الْبَعْثَ أَوْ مَكَّةَ أَوْ الْكَعْبَةَ، أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ، وَالْوَجْهُ فِيمَنْ قَالَ عَلِمَ اللَّهُ، أَوْ فِيمَا يَعْلَمُ اللَّهُ كَذَا وَكَانَ كَاذِبًا عَدَمُ الْكُفْرِ بِمُجَرَّدِهِ، لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَذِبٌ فَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ عِلْمِ اللَّهِ بِهِ أَوْ أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ، أَوْ جَوَّزَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ.

فَرْعٌ: مَنْ صَلَّى خَوْفًا مِنْ الْعَذَابِ وَأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ عَصَى بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا يُكَفَّرُ فَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ كَفَرَ. قَوْلُهُ: (بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ فَخَرَجَ إنْكَارٌ أَنَّ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ فَلَا يَكْفُرُ بِهِ، وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ بِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.

قَوْلُهُ: (كَالزِّنَى) وَالْمَكْسِ وَالرِّبَا قَوْلُهُ: (كَالنِّكَاحِ) وَالْبَيْعِ قَوْلُهُ: (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) ، وَكَذَا لَوْ نَفَى مَشْرُوعِيَّةَ نَفْلٍ رَاتِبٍ كَالْعِيدِ، قَوْلُهُ: (كَرَكْعَةٍ) أَوْ سَجْدَةٍ.

قَوْلُهُ: (كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ) أَوْ زِيَادَةِ رَكْعَةٍ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيْ الْكُفْرِ أَيْ هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلتَّرَدُّدِ فِي إيجَادِ فِعْلٍ مُكَفِّرٍ أَيْضًا، كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي إلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (كَفَرَ) أَيْ حَالًا وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ جَوَابُ مَنْ نَفَى وَكُفْرُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَكْذِيبًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْهُ يُعْلَمُ التَّكْفِيرُ بِتَكْذِيبِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَوْلَى كَأَنْ يَنْفِيَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ يَنْفِيَ رَمْيَ بِنْتِهِ عَائِشَةَ مِمَّا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ سَبَّهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَوْ نَفَى وُجُودَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ نَفْيُ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ فَلَا يَكْفُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَعَمُّ) أَيْ الْقَوْلُ الْمَزِيدُ الَّذِي هُوَ النِّيَّةُ لُغَةً أَعَمُّ لِشُمُولِهَا الْحَالَ كَالْمُسْتَقْبَلِ، وَخُصُوصُ الْعَزْمِ بِالثَّانِي فَحَمْلُ بَعْضِهِمْ النِّيَّةَ عَلَى الْعَزْمِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَفِي كَلَامِهِ رَدٌّ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ ذِكْرَ النِّيَّةِ مُسْتَدْرَكٌ وَقِيلَ الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْعَزْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ كَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النِّيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِأَنَّ الْعَزْمَ مُغَايِرٌ لِلنِّيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، كَقَوْلِهِمْ النِّيَّةُ قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ سُمِّيَ عَزْمًا، فَإِنْ قَالُوا هَذَا الْعَزْمُ الشَّرْعِيُّ. وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَهُوَ شَامِلٌ فَيُقَالُ لَهُمْ النِّيَّةُ لُغَةٌ شَامِلَةٌ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهُ، وَحَمْلُهَا عَلَى الشَّرْعِيَّةِ دُونَهُ وَدَعْوَى الْأَعَمِّيَّةِ فِيهِ تَحَكُّمٌ فَتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية عميرة]

يُعْتَرَضُ.

قَوْلُهُ: (الصَّانِعَ) هَذَا شَمِلَ إطْلَاقَهُ الِاشْتِقَاقَ مِنْ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا) أَوْ نَفَى رِسَالَةَ رَسُولٍ بِخِلَافِ مَنْ كَذَّبَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ، قَوْلُهُ: (أَوْ حَلَّلَ إلَخْ) لِحَدِيثِ «مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَاهُ إلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَاصْطَفَى مَالَهُ» وَحُمِلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ اسْتَشْكَلَ تَكْفِيرَ مُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ، بِأَنَّ مَنْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ وَرَدَّ أَصْلَهُ لَا نُكَفِّرُهُ وَحَمْلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَ الْمُجْمِعِينَ ثُمَّ خَالَفَ وَأَجَابَ الزَّنْجَانِيُّ بِأَنَّا نُكَفِّرُهُ مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْحَقُّ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْإِجْمَاعِيَّةَ إنْ صَحِبَهَا تَوَاتُرٌ كَفَرَ جَاحِدُهَا لِمُخَالَفَةِ التَّوَاتُرِ لَا لِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنْ لَا يُعَوَّلَ عَلَى حُكْمِ الْإِجْمَاعِ فِي هَذَا الشَّأْنِ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَجْهَ اخْتِصَاصِهِ بِالذِّكْرِ كَوْنُ الْغَالِبِ عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ التَّوَاتُرَ وَعَلِمَهُ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ مِنْ قَوْلِهِ حُمِلَ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَعَمُّ) وَجْهُ الْأَعَمِّيَّةِ شُمُولُهُ مَنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ كَافِرًا حَالًا مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ وَلَا فِعْلِ جَوَارِحَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>