للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْغَاصِبِ وَالثَّانِي قَالَ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الدُّخُولُ فِيهِ.

(وَلَوْ غَصَبَ مَالًا وَأَحْرَزَهُ بِحِرْزِهِ فَسَرَقَ الْمَالِكُ مِنْهُ مَالَ الْغَصْبِ أَوْ) سَرَقَ (أَجْنَبِيٌّ) مِنْهُ الْمَالَ (الْمَغْصُوبَ فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا الْمَالِكُ فَلِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ لِأَخْذِ مَالِهِ وَالثَّانِي نَظَرًا إلَى أَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ مَالِهِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلِأَنَّ الْحِرْزَ لَيْسَ بِرِضَا الْمَالِكِ وَالثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ إلَى أَنَّهُ حِرْزٌ فِي نَفْسِهِ وَالْخَصْمُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ وَمِثْلُ غَصْبِ الْمَالِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ سَرِقَتُهُ (وَلَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ وَمُنْتَهِبٌ وَجَاحِدُ وَدِيعَةٍ) وَفُهِمَ حَدِيثُ «لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْخَائِنِ قَطْعٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْأَوَّلَانِ يَأْخُذَانِ الْمَالَ عِيَانًا، وَيَعْتَمِدُ الْأَوَّلُ عَلَى الْهَرَبِ وَالثَّانِي عَلَى الْقُوَّةِ وَالْغَلَبَةِ وَيَدْفَعَانِ بِالسُّلْطَانِ غَيْرَهُ بِخِلَافِ السَّارِقِ لِأَخْذِهِ خُفْيَةً فَشُرِعَ قَطْعُهُ زَجْرًا

(وَلَوْ نَقَبَ) فِي لَيْلَةٍ (وَعَادَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَسَرَقَ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ النَّقْبَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلطَّارِقِينَ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ عَلِمَهُ الْمَالِكُ أَوْ ظَهَرَ لِلطَّارِقِينَ (فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وُجِّهَ بِأَنَّهُ عَادَ بَعْدَ انْتِهَاكِ الْحِرْزِ وَالْأَصَحُّ أَبْقَى الْحِرْزَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَلَوْ نَقَبَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَخَذَ فِي آخِرِهِ قُطِعَ أَيْضًا وَيَأْتِي فِيهِ خِلَافٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي إخْرَاجِ النِّصَابِ فِي مَرَّتَيْنِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّهُ هُنَاكَ تَمَّمَ السَّرِقَةَ وَهُنَا ابْتَدَأَهَا.

(وَلَوْ نَقَبَ) وَاحِدٌ (وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْرِقْ وَالثَّانِي أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ (وَلَوْ تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ أَوْ وَضَعَهُ نَاقِبٌ بِقُرْبِ النَّقْبِ فَأَخْرَجَهُ آخَرُ قُطِعَ الْمُخْرِجُ) وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ شَرِيكٌ فِي النَّقْبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَلَوْ وَضَعَهُ بِوَسَطِ نَقْبِهِ فَأَخَذَهُ خَارِجٌ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابَيْنِ لَمْ يُقْطَعَا فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُمَا لَمْ يُخْرِجَاهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ وَالثَّانِي يُقْطَعَانِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي النَّقْبِ وَالْإِخْرَاجِ كَذَا وَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي النَّقْبِ (وَلَوْ رَمَاهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ أَوْ وَضَعَهُ بِمَاءٍ جَارٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

مَالَ الْبَائِعِ مِنْهَا، وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِأَنْ دَخَلَ لَا بِقَصْدِ السَّرِقَةِ وَإِلَّا قُطِعَ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَصَبَ مَالًا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ وَكَذَا اخْتِصَاصًا وَخَرَجَ بِالْغَصْبِ مِنْ عِنْدِهِ مَالُ قِرَاضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ رَهْنٍ فَسَرَقَ مَالِكُهُ مَعَهُ مَالَ الْعَامِلِ أَوْ الْوَدِيعِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فَلَا قَطْعَ) أَيْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ أَخَذَ مَالَ الْغَاصِبِ وَلَوْ مَعَ الْمَغْصُوبِ قُطِعَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ لِلْمَغْصُوبِ، وَإِنْ دَخَلَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي فِيهِ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَجَاحِدُ وَدِيعَةٍ) وَمِثْلُهَا الْعَارِيَّةُ وَالْأَمَانَةُ، قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلَانِ إلَخْ) وَسَكَتَ عَنْ الثَّالِثِ وَهُوَ الْخَائِنُ الْمُفَسَّرُ بِجَاحِدِ نَحْوِ الْوَدِيعَةِ لِعَدَمِ أَخْذِهِ الْمَالَ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ، فَلَا يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّارِقِ كَمَا ذَكَرَهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ فَتَأَمَّلْ

قَوْلُهُ: (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) إنْ لَمْ يُعِدْ الْحِرْزَ وَإِلَّا بِأَنْ أُعِيدَ الْحِرْزُ وَنَقَبَهُ ثَانِيًا وَأَخَذَ الْمَالَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ) أَيْ بِظُهُورِهِ لِلْمَالِكِ أَوْ لِلطَّارِقِينَ، وَاكْتَفَى بِذَلِكَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ هُنَا لِعَدَمِ الشُّرُوعِ فِي السَّرِقَةِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، فَاعْتُبِرَ مَانِعٌ قَوِيٌّ بِإِعَادَةِ الْحِرْزِ فِيهِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ فِي تَوْجِيهِ الْأَوْلَوِيَّةِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ،

قَوْلُهُ: (وَأَخْرَجَ غَيْرَهُ) وَلَوْ جَنِيًّا بِالْقَسَمِ عَلَيْهِ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ حَيَوَانًا مُعَلَّمًا، كَقِرْدٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا لَا يَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ فَإِنْ اعْتَقَدَ الطَّاعَةَ أَوْ كَانَ آدَمِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ قُطِعَ الْآمِرُ، وَفَارَقَ مَا هُنَا وُجُوبَ الْقَوَدِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَعَلَى مَنْ أَمَرَ نَحْوَ قِرْدٍ بِالْقَتْلِ لِأَنَّ الْقَوَدَ يَجِبُ بِالسَّبَبِ، وَالْقَطْعُ هُنَا إنَّمَا يَجِبُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ.

فَرْعٌ: لَا يُقْطَعُ أَعْمَى حَمَلَ بَصِيرًا مَعَهُ مَالٌ مَسْرُوقٌ حَامِلٌ لَهُ، قَوْلُهُ: (فَلَا قَطْعَ) أَيْ بِالْمَالِ الْمُخْرَجِ عَلَى أَحَدٍ فَلَوْ بَلَغَ قِيمَةُ نَحْوِ الْآجُرِّ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْ الْجِدَارِ نِصَابًا قُطِعَ النَّاقِبُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ بِنَقْضِهِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ لَمْ يَمْنَعْ الْمَالِكُ مِنْهُ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ) أَيْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ نَقَبَا مِنْ مَوْضِعَيْنِ مَعًا قُطِعَ مَنْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مُرَتَّبًا فَلَا قَطْعَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُبْ حِرْزًا وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ نَقَبَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عَرْضِ الْجِدَارِ مَثَلًا، وَالْآخَرُ بَاقِيَهُ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (نَاقِبٌ) لَوْ أَسْقَطَهُ لَاسْتَغْنَى عَنْ الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَضَعَهُ) أَيْ أَحَدُ النَّاقِبِينَ بِوَسَطِ نَقْبِهِ أَيْ فِي أَجْزَائِهِ وَأَخَذَهُ الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعَا وَكَذَا لَوْ نَاوَلَهُ فِيهِ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ نَاوَلَهُ لَهُ أَوْ وَضَعَهُ خَارِجَ النَّقْبِ فِيهِمَا وَأَخَذَهُ الْآخَرُ قُطِعَ الدَّاخِلُ، أَوْ دَاخِلَ النَّقْبِ قُطِعَ الْآخِذُ الْخَارِجُ، وَلَوْ قَالَ أَوْ بَدَّلَ لَوْ لَاسْتَغْنَى عَنْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَمَاهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ) أَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ وَإِنْ أَعَادَهَا بِهِ أَوْ تَلِفَ بِالرَّمْيِ كَإِحْرَاقِ نَارٍ وَإِنْ عَلِمَهَا أَوْ أَعَادَهُ إلَى حِرْزِهِ بَعْدَ الرَّمْيِ، أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُ الرَّامِي وَلَوْ مَالِكُهُ أَوْ وَقَعَ فِي حِرْزٍ آخَرَ

ــ

[حاشية عميرة]

أَعَارَهُ قَمِيصًا فَطَوَى الْمُعِيرُ جَيْبَهُ، وَسَرَقَ مِنْهُ قُطِعَ بِلَا خِلَافٍ،

قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ إلَخْ) لَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ فِي شَأْنِ الْمَسْرُوقِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ فِي شَأْنِ السَّرِقَةِ مُشِيرًا إلَى تَعْرِيفِهَا، قَوْلُهُ: (وَجَاحِدُ وَدِيعَةٍ) لَوْ قَالَ وَجَاحِدُ عَارِيَّةٍ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ خَالَفَنَا فِيهَا، وَقَالَ بِالْقَطْعِ مُسْتَمْسِكًا بِحَدِيثِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَقُطِعَتْ وَسَلَفَ لَنَا جَوَابُهُ،

قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَقَبَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ إلَخْ) ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ بَلَغَتْ قِيمَةَ الْآجُرِّ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ النَّقْبِ مِقْدَارًا يَجِبُ بِهِ الْقَطْعُ قُطِعَ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَعَاوَنَا) أَيْ بِأَنْ يَتَحَامَلَا عَلَى الْآلَةِ مَعًا وَيُخْرِجُ هَذَا لَبِنَةً وَهَذَا لَبِنَةً عَلَى الْأَصَحِّ قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) . لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ الْآخَرُ بِالتَّعْرِيفِ لَوُفِّيَ بِهَذَا الْغَرَضِ وَبَعْضُهُمْ لِأَجْلِ تَنَاوُلِ هَذَا الْقَيْدِ جُعِلَ قَوْلُهُ، وَضَعَهُ مَعْطُوفًا عَلَى انْفِرَادٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، قَوْلُهُ: (حِرْزٌ) الْأَحْسَنُ الْحِرْزُ مُعَرَّفًا. قَوْلُهُ: (فَمَشَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>