للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِطَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ) لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَخْلُو عَنْهُ وَالْمَنْعُ مِنْ الطُّرُوقِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ.

(وَيُحْتَرَزُ عَمَّا لَا يُعْتَادُ كَرَكْضٍ شَدِيدٍ فِي وَحْلٍ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمُعْتَادِ.

(وَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ بَهِيمَةً فَحَكَّ بِنَاءً فَسَقَطَ ضَمِنَهُ) ، لِأَنَّ سُقُوطَهُ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ دَابَّتِهِ الْمَغْصُوبِ إلَيْهِ (وَإِنْ دَخَلَ سُوقًا فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ ضَمِنَ) ذَلِكَ (إنْ كَانَ زِحَامٌ) بِكَسْرِ الزَّايِ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَتَمَزَّقَ) بِهِ (ثَوْبٌ فَلَا) يَضْمَنُهُ (إلَّا ثَوْبُ أَعْمَى وَمُسْتَدْبَرُ الْبَهِيمَةِ فَيَجِبُ تَنْبِيهُهُ) ، أَيْ كُلٍّ مِنْ الْأَعْمَى وَالْمُسْتَدْبِرِ فَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْهُ ضَمِنَهُ، (وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ (إذَا لَمْ يُقَصِّرْ صَاحِبُ الْمَالِ فَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ أَوْ عَرَّضَهُ لِلدَّابَّةِ فَلَا) يَضْمَنُهُ (فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ نَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ) لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ فِي حِفْظِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ نَهَارًا وَالدَّابَّةِ لَيْلًا (إلَّا أَنْ لَا يُفَرِّطَ فِي رَبْطِهَا) بِأَنْ أَحْكَمَهُ وَعَرَّضَ حَلَّهَا، (أَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَتَهَاوَنَ فِي دَفْعِهَا)

ــ

[حاشية قليوبي]

أَحَدُ الثَّلَاثَةِ مَثَلًا وُزِّعَ الضَّمَانُ عَلَى الرُّءُوسِ نَعَمْ لَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ بِمَرَضٍ أَوْ مَوْتٍ، أَوْ الرَّاكِبُ كَذَلِكَ فَتَلِفَ بِهِمَا شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَكَالْمَرَضِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَوْ غَلَبَتْ رَاكِبَهَا، وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِرُكُوبِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهِ، وَشَأْنُهُ أَنْ يُضْبَطَ وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ السَّفِينَةُ وَخَرَجَ بِغَلَبَتِهَا لَهُ مَا لَوْ انْفَلَتَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَرْكَبَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا دَابَّةً ضَمِنَ الْمَرْكَبَ، وَإِنْ أَمْكَنَهُمَا ضَبْطُهَا عَلَى الْمُعْتَدِّ وَلَوْ نَخَسَهَا إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ صَحِبَهَا ضَمِنَ النَّاخِسُ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا وَلَوْ غَلَبَتْ رَاكِبَهَا فَرَدَّهَا إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ الرَّادُّ حَيْثُ نُسِبَ رَدُّهَا إلَيْهِ، وَلَوْ بِإِشَارَةٍ فَإِنْ رَجَعَتْ فَزَعًا مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ: ضَمَانُ النَّفْسِ وَنَحْوِهَا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الْعَاقِلَةِ.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ خَلْفُ الدَّابَّةِ تَبَعًا لَهَا كَوَلَدِهَا ضَمِنَ مَا يُتْلِفُهُ إنْ كَانَ لَهُ يَدٌ عَلَيْهِ بِمِلْكٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ اسْتِحْفَاظٍ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَضْمَنُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَتَلِفَ بِهِ) أَيْ بِالْبَوْلِ أَوْ الرَّوْثِ حَالَ وُجُودِهِ أَوْ بَعْدَهُ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (فِي وَحْلٍ) أَوْ فِي زَحْمَةٍ لِلنَّاسِ فَيَضْمَنُ وَمِثْلُهُ فِي الضَّمَانِ سَوْقُ نَحْوِ غَنَمٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ إبِلٍ غَيْرِ مَقْطُورَةٍ فِي الْأَسْوَاقِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمُعْتَادِ) فَمَا يُعْتَادُ مِنْ الرَّكْضِ وَغَيْرِهِ لَا ضَمَانَ فِيهِ نَظَرًا لِلْعَادَةِ.

قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) أَيْ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ اللَّبِنَاتِ مِثْلِيَّةٌ لِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا وَضَرْبُهَا عَنْ اخْتِيَارٍ، وَمَا قِيلَ مِنْ ضَمَانِهِ بِالْقِيمَةِ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِنَاؤُهُ بِلَبِنَاتٍ. نَعَمْ لَا يُضْمَنُ جِدَارٌ بُنِيَ مَائِلًا. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ زِحَامٌ) أَيْ حَالَ دُخُولِهِ فَإِنْ طَرَأَ الزِّحَامُ فَلَا ضَمَانَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَوْ طَرَأَ كَمَا عُلِمَ قَوْلُهُ: (الْأَثْوَابُ) أَيْ مَثَلًا وَالْمُرَادُ جَامِعُهُمَا وَكَذَا أَنْفُسُهُمَا. قَوْلُهُ: (أَعْمَى) وَكَذَا مَعْصُوبُ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمُسْتَدْبِرُ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقًا وَكَذَا مُقْبِلٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ صِبًا أَوْ جُنُونًا وَغَافِلٌ، وَمُفَكِّرٌ مُطْرِقٌ وَمُلْتَفِتٌ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَجِدْ مُنْحَرَفًا يَنْحَرِفُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ وَمَا مَعَهُ وَلَوْ نَحْوَ مَدَاسٍ وَيَجِبُ كُلُّ الضَّمَانِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ صَاحِبِ الْمَتَاعِ جَذْبٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ، وَلَوْ شَكَّ فِي فِعْلِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ إلَى الْقَرِينَةِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ) وَلَوْ وَاسِعًا وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ وَمِنْهُ رَبْعًا دَابَّةً بِبَابِ دَارِهِ أَوْ عَلَى حَانُوتِهِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا أَيْضًا، وَمِنْ التَّقْصِيرِ فِي الْمَارِّ مَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْبِقَ دَابَّةً عَلَيْهَا حَطَبٌ فَتَمَزَّقَ بِهِ ثَوْبُهُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (صَاحِبُهَا) أَيْ مَنْ صَحِبَهَا وَلَوْ غَاصِبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ إلَخْ) فَلَوْ جَرَتْ بِالْحِفْظِ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ، أَوْ بِالْحِفْظِ فِيهَا ضَمِنَ فِيهِمَا أَوْ بِعَدَمِهِ فِيهِمَا لَمْ يَضْمَنْ فِيهِمَا سَوَاءٌ الْبُنْيَانُ وَالصَّحْرَاءُ قَالَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، إنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْبُنْيَانِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ) أَيْ حَافِظُهُ وَلَوْ غَيْرَ مَالِكِهِ وَتَهَاوَنَ فِي حِفْظِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الدَّفْعِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا ضَمِنَ صَاحِبُهَا وَلَوْ أَرْسَلَهَا فِي مَكَان مَغْصُوبٍ، فَانْتَشَرَتْ لِغَيْرِهِ وَأَفْسَدَتْهُ ضَمِنَهُ الْمُرْسِلُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَوْ وَجَدَهَا فِي زَرْعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَلْزَم عَلَى إخْرَاجِهَا دُخُولُهَا فِي زَرْعِ غَيْرِهِ، فَلَهُ إخْرَاجُهَا إلَى حَدٍّ يَأْمَنُ فِيهِ عَوْدَهَا إلَى زَرْعِهِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ ضَمِنَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا سَيَّبَهَا وَلَوْ أَمْكَنَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْأَكْلِ بِنَحْوِ رَبْطِ فَمِهَا، وَأَمِنَ تَلَفَ شَيْءٍ بِبَقَائِهَا لَزِمَهُ بَقَاؤُهَا، فَإِنْ أَخْرَجَهَا ضَمِنَهَا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ لَزِمَهُ عَلَى إخْرَاجِهَا دُخُولُهَا فِي زَرْعِ غَيْرِهِ، وَلَوْ زَرْعَ

ــ

[حاشية عميرة]

يُقَصِّرْ إلَخْ) أَلْحَقَ الْقَفَّالُ بِالتَّقْصِيرِ مَا لَوْ كَانَ يَمْشِي مِنْ جِهَةٍ وَحِمَارُ حَطَبٍ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَمَرَّ عَلَى جَنْبِ الْحِمَارِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ فَتَمَزَّقَ ثَوْبُهُ بِالْحَطَبِ، فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ جَانٍ بِمُرُورِهِ وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْحَطَبُ مَوْضُوعًا بِالطَّرِيقِ الْوَاسِعِ فَمَرَّ بِهِ إنْسَانٌ وَتَعَلَّقَ بِهِ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا) مَحِلُّهُ إذَا أَرْسَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ دُونَ الْعَبْدِ وَالْمُرَادُ بِصَاحِبِهَا ذُو الْيَدِ لَكِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ: إنَّ الْمُودِعَ وَالْمُسْتَأْجِرَ يَضْمَنَانِ نَهَارًا وَتَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخَانِ، قَوْلُهُ: (رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) وَهُوَ حَدِيثُ الْبَرَاءِ السَّابِقُ وَعَلَى النَّهَارِ حُمِلَ حَدِيثُ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» أَيْ هَدَرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>