إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَكِيدُوا لَهُ (وَإِلَّا وَجَبَتْ إنْ أَطَاقَهَا) فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَمَعْذُورٌ إلَى أَنْ يَقْدِرَ
(وَلَوْ قَدَرَ أَسِيرٌ عَلَى هَرَبٍ لَزِمَهُ) لِخُلُوصِهِ بِهِ مِنْ قَهْرِ الْأَسْرِ (وَلَوْ أَطْلَقُوهُ بِلَا شَرْطٍ فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ) قَتْلًا وَسَبْيًا وَأَخْذُ الْمَالِ (أَوْ عَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ حَرُمَ) عَلَيْهِ اغْتِيَالُهُمْ (فَإِنْ تَبِعَهُ قَوْمٌ فَلْيَدْفَعْهُمْ وَلَوْ بِقَتْلِهِمْ) كَالصَّائِلِ (وَلَوْ شَرَطُوا) عَلَيْهِ (أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ لَمْ يَجُزْ) لَهُ (الْوَفَاءُ) بِالشَّرْطِ.
(وَلَوْ عَاقَدَ الْإِمَامُ عِلْجًا) وَهُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ (يَدُلُّ عَلَى قَلْعَةٍ) تُفْتَحُ عَنْوَةً (وَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ جَازَ) ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مُعَيَّنَةً كَانَتْ أَوْ مُبْهَمَةً رَقِيقَةً أَوْ حُرَّةً لِأَنَّهَا تَصِيرُ رَقِيقَةً بِالْأَسْرِ وَالْمُبْهَمَةُ يُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ (فَإِنْ فُتِحَتْ بِدَلَالَتِهِ) وَفِيهَا الْجَارِيَةُ (أُعْطِيهَا أَوْ بِغَيْرِهَا فَلَا) شَيْءَ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقَصْدَ الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ إلَى الْفَتْحِ وَالثَّانِي يَسْتَحِقُّهَا بِالدَّلَالَةِ (فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِقَوْلِهِ مِنْهَا (وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُعَلِّقْ الْجَعْلَ بِالْفَتْحِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ) لِدَلَالَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيَةٌ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ) لَهُ (أَوْ بَعْدَ الظَّفَرِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَجَبَ بَدَلٌ) جَزْمًا (أَوْ قَبْلَ ظَفَرٍ فَلَا) بَدَلَ (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَالثَّانِي تَجِبُ لِأَنَّهَا حَاصِلَةٌ وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُهَا (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) بَعْدَ الظَّفَرِ أَوْ قَبْلَهُ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ بَدَلٍ) وَقِيلَ فِي كُلٍّ قَوْلَانِ (وَهُوَ) أَيْ الْبَدَلُ حَيْثُ وَجَبَ فِي الْمُعَيَّنَةِ (أُجْرَةُ مِثْلٍ وَقِيلَ قِيمَتُهَا) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَيْهِ فَضَمَانُهَا ضَمَانُ يَدٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ ضَمَانُ عَقْدٍ وَتَرْجِيحُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي تَلَفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَتَقَدَّمَ تَرْجِيحُهُ فِي بَابِهِ. .
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ: كَانَتْ الْهِجْرَةُ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ إلَيْهِ، وَبَعْدَهُ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْهِجْرَةُ مِنْ بَلَدٍ يُعْمَلُ فِيهَا الْمَعَاصِي، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهَا فَقَالَ شَيْخُنَا: لَا تَجِبُ بَلْ تُنْدَبُ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ كَغَيْرِهِ تَجِبُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ. قَوْلُهُ: (اغْتِيَالُهُمْ) وَالْغِيلَةُ أَنْ يَخْدَعَهُ فَيَذْهَبُ بِهِ إلَى مَكَان فَيَقْتُلُهُ فِيهِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ) وَكَذَا عَكْسُهُ نَعَمْ إنْ قَالُوا: أَمَّنَّاك وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلْيَدْفَعْهُمْ) أَيْ نَدْبًا قَوْلُهُ: (كَالصِّيَالِ) فَيَدْفَعهُمْ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ مَا لَمْ يُحَارِبُوهُ وَإِلَّا اُنْتُقِضَ عَهْدُهُمْ وَلَهُ قَتْلُهُمْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ لَهُ الْوَفَاءُ) إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ الْوَفَاءُ وَلَوْ حَلَّفُوهُ مُكْرَهًا لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَمِنْهُ مَنْعُهُمْ مِنْ إطْلَاقِهِمْ مِنْ الْحَبْسِ إلَّا بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا وُقُوعَ.
قَوْلُهُ: (عِلْجًا) مِنْ الْعِلَاجِ لِقُوَّتِهِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْكَافِرِ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ تُعْطَى لَهُ الْجَارِيَةُ إذَا أَسْلَمَتْ. قَوْلُهُ: (قَلْعَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا، وَأَصْلُهَا الْحِصْنُ الْمَنِيعُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مُبْهَمَةً فِي قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا) لَا مِمَّا عِنْدَ إلَّا إنْ عُلِمَتْ. قَوْلُهُ: (جَازَ) إنْ كَانَ فِي دَلَالَتِهِ كُلْفَةٌ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُتِحَتْ) عَلَى يَدِ مَنْ عَاقَدَهُ عَنْوَةً بِدَلَالَتِهَا أُعْطِيهَا، وَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا أُعْطَى بَدَلَهَا الْآتِي إنْ رَضِيَ بِهِ وَإِلَّا فَإِنْ رَضُوا بِدَفْعِهَا مَجَّانًا أَوْ بِبَدَلِهَا وَهُوَ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ أُعْطِيهَا، وَإِلَّا نُبِذَ الصُّلْحُ وَبَلَغُوا الْمَأْمَنَ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَتْ) أَوْ هَرَبَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ) أَيْ الظَّفَرِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ لَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَيْضًا، أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ وَجَبَ الْبَدَلُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ قَبْلَ الظَّفَرِ أَوْ بَعْدَهُ وَجَبَتْ قِيمَتُهَا. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ بَدَلٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُعَيَّنَةِ) وَكَذَا فِي الْمُبْهَمَةِ بِأَنْ مَاتَ كُلُّ جَارِيَةٍ فِيهَا وَعَيَّنَهَا الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قِيمَتُهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ فُتِحَتْ الْقَلْعَةُ قَهْرًا بِدَلَالَتِهِ وَفِيهَا الْأَمَةُ بَعْدَ الظَّفَرِ حَيَّةٌ، أُعْطِيهَا إنْ لَمْ تُسْلِمْ أَوْ قِيمَتَهَا إنْ أَسْلَمَتْ أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ.
فَرْعٌ: لَوْ حَاصَرْنَا قَلْعَةً فَصَالَحَ زَعِيمُهَا عَلَى نَفْيِ الْقَتْلِ عَنْ مِائَةِ شَخْصٍ مِنْهَا مَثَلًا جَازَ فَإِنْ عَدَّ مِائَةً غَيْرَ نَفْسِهِ فَلَنَا قَتْلُهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
عَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ) مِثْلُهُ عَكْسُهُ
قَوْلُهُ: (فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ) قَالَ ابْنُ دَاوُد مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ قَوْلُهُ: (بِدَلَالَتِهِ) يُرَدُّ هَذَا بِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْهَا فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ عَلَى الْفَتْحِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بِهِ لَفْظًا، قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَتْ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ لِمَوْتِهَا ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ وَقَدْ أَخْطَأَ ظَنُّهُ وَقِيلَ يَرْضَخُ لَهُ لِأَنَّهُ أَعَانَنَا.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ بَدَلٌ) لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ فَكَانَتْ مِنْ ضَمَانِهِ، قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا الْخِلَافُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِنَا بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا لَمْ يُفْتَحْ، قَوْلُهُ: (وَتَعَذَّرَ) أَيْ بِالْمَوْتِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ) لَوْ أَسْلَمَ هُوَ أَيْضًا، فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَطْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ إنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ عَنْ إسْلَامِهَا لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ وَإِلَّا سُلِّمَتْ، قَوْلُهُ: (أَوْ قَبْلَهُ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا هُنَا مَوْجُودَةٌ حِسًّا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْإِسْلَامَ مَنَعَ.
تَنْبِيهٌ: هَلْ إسْلَامُهَا قَبْلَ الْعَقْدِ كَذَلِكَ أَمْ يَلْحَقُ بِالْمَوْتِ الظَّاهِرُ الثَّانِي ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الظَّفَرِ يُشْكِلُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْمَوْتِ قَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ الْجَزْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ ظَاهِرٌ خُصُوصًا، وَقَدْ قَالُوا بِأَنَّ الْبَدَلَ يَجِبُ فِي الْإِسْلَامِ السَّابِقِ عَلَى الظَّفَرِ وَلَا يَجِبُ فِي الْمَوْتِ السَّابِقِ فَالْإِسْلَامُ الْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى بِالْجَزْمِ.