للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَشَارَ بِكُلٍّ إلَى أَنَّهُ يَضُرُّ بَقَاءُ يَسِيرٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْحِلِّ. .

(وَلَوْ ذَبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ عَصَى فَإِنْ أَسْرَعَ) فِي ذَلِكَ (فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا) يَحِلُّ (وَكَذَا إدْخَالُ سِكِّينٍ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ) لِيَذْبَحَهُ إنْ أَسْرَعَ فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ دَاخِلَ الْجِلْدِ، وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ

(وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ) فِي اللَّبَّةِ (وَذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ) فِي الْحَلْقِ لِلِاتِّبَاعِ فِي أَحَادِيثِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. (وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ ذَبْحُ إبِلٍ وَنَحْرُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ، (وَأَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ قَائِمًا مَعْقُولٌ رَقَبَتُهُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْمَعْقُولَةُ الْيُسْرَى وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «فَإِنْ لَمْ يُنْحَرْ قَائِمًا فَبَارِكًا» .

(وَالْبَقَرَةُ وَالشَّاةُ مُضْجَعَةً لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِهِ السِّكِّينَ بِالْيَمِينِ، وَإِمْسَاكِهِ الرَّأْسَ بِالْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. (وَتُتْرَكُ رِجْلُهَا الْيُمْنَى) بِلَا شَدٍّ لِتَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا (وَتُشَدُّ بَاقِي الْقَوَائِمِ) لِئَلَّا تَضْطَرِبَ حَالَةَ الذَّبْحِ فَيَزِلُّ الذَّابِحُ (وَأَنْ يُحِدَّ شَفْرَتَهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ» ، وَهِيَ السِّكِّينُ الْعَظِيمَةُ (وَيُوَجِّهُ لِلْقِبْلَةِ ذَبِيحَتَهُ) بِأَنْ يُوَجِّهَ مَذْبَحَهَا وَقِيلَ جَمِيعَهَا وَيَتَوَجَّهُ هُوَ لَهَا أَيْضًا. (وَأَنْ يَقُولَ) عِنْدَ الذَّبْحِ (بِاسْمِ اللَّهِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) ، أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ وَدَلِيلُ الْإِضْجَاعِ وَالتَّوْجِيهِ وَالتَّسْمِيَةِ الْإِتْبَاعُ فِي أَحَادِيثِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فِي الْأُضْحِيَّةِ بِالضَّأْنِ وَإِلْحَاقِ غَيْرِ ذَلِكَ بِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ لِلْقِبْلَةِ تَوَجُّهُ الذَّابِحِ لَهَا وَسَنُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ فِي حَالَةِ الذَّبْحِ كَغَيْرِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. .

ــ

[حاشية قليوبي]

كَأَصْلِهَا.

قَوْلُهُ: (بِقَطْعِ) يُفِيدُ أَنَّهُ بِمُحَدَّدٍ مِنْ آلَاتِ الذَّبْحِ فَخَرَجَ نَحْوُ خَنْقٍ وَبُنْدُقَةٍ وَنَزْعِ رَأْسِ نَحْوَ عُصْفُورٍ بِيَدِهِ. قَوْلُهُ: (مَخْرَجَ) أَيْ مَحِلُّ الْخُرُوجِ وَيَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ مَا زَادَ وَلَوْ بِانْفِصَالِ رَأْسِهِ وَقَالَ مَالِكٌ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ وَيُسَمَّيَانِ الْوَرِيدَيْنِ دُونَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيء، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ أَيْضًا، وَلَوْ ذَبَحَهُ بِآلَتَيْنِ مِنْ خَلْفٍ وَأَمَامٍ فَالْتَقَيَا لَمْ يَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ شَخْصٌ حَشْوَتَهُ أَوْ نَخَسَهُ فِي خَاصِرَتِهِ حَالَةَ ذَبْحِهِ.

قَوْلُهُ: (حَلَّ) أَيْ مَعَ الْعِصْيَانِ وَالثَّعْلَبُ مِثَالٌ.

قَوْلُهُ: (نَحْرُ إبِلٍ) وَكُلِّ مَا عُنُقُهُ كَذَلِكَ كَالنَّعَامِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِمُفَارَقَةِ الْحَيَاةِ. قَوْلُهُ: (وَذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ) وَكُلِّ مَا قَصُرَ عُنُقُهُ كَالْخَيْلِ. قَوْلُهُ: (لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) لَا الْأَيْمَنِ وَإِنْ عَسُرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ عَمَلِهِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى بَلْ يَسْتَنِيبُ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ) الْمُرَادُ بَيَانُ عَادَةِ النَّاسِ لَا أَنَّهُ دَلِيلٌ قَوْلُهُ: (وَهِيَ السِّكِّينُ الْعَظِيمَةُ) بَيَانٌ لِلشَّفْرَةِ لُغَةً وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ وَيُنْدَبُ إمْرَارُ الْآلَةِ بِرِفْقٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَأَنْ لَا يَحِدَّهَا وَالذَّبِيحَةُ تَنْظُرُهُ وَأَنْ لَا يَذْبَحَ وَاحِدَةً بِحَضْرَةِ أُخْرَى، بِحَيْثُ تَنْظُرُ إلَيْهَا وَأَنْ لَا يُبَيِّنَ رَأْسَهَا وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْقَطْعِ الْمَطْلُوبِ، وَأَنْ لَا يَكْسِرَ عُنُقَهَا وَأَنْ لَا يَقْطَعَ عُضْوًا مِنْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَأَنْ يَنْقُلَهَا عَنْ مَحِلِّهَا قَبْلَ مَوْتِهَا، وَأَنْ يَسُوقَهَا لِلْمَذْبَحِ بِرِفْقٍ وَأَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهَا مَاءً لِلشُّرْبِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ) عِنْدَ الذَّبْحِ أَوْ إرْسَالِ الْجَارِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقُلْ) هُوَ نَهْيٌ مُحْتَمِلٌ لِلْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ، وَيَحْتَمِلُهَا تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ: تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ وَالْقَوْلُ عِنْدَ قَصْدِ التَّشْرِيكِ، وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ مُطْلَقًا وَلَكِنْ يُكْرَهُ الْقَوْلُ إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ، وَيَحْرُمُ إنْ أَطْلَقَ وَلَوْ ذَبَحَ عَلَى اسْمِ الْكَعْبَةِ أَوْ التَّقَرُّبِ لِلْجِنِّ حَرُمَ الْمَذْبُوحُ فِيهِمَا، أَوْ عَلَى قَصْدِ صَرْفِ الْجِنِّ عَنْهُ لَمْ يَحْرُمْ الْمَذْبُوحُ لِعَدَمِ قَصْدِ التَّشْرِيكِ.

ــ

[حاشية عميرة]

وَالْمَرِيءُ) جَمْعُهُ مُرُؤٌ كَسَرِيرٍ وَسُرُر، قَوْلُهُ: (وَهُمَا عِرْقَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُمَا الْوَرِيدَانِ فِي الْآدَمِيِّ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، لَكِنْ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهَا جُرْحٌ بَعْدَ تَمَامِ الذَّبْحِ،

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ خِلَافًا لِمَالِكٍ حَيْثُ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْإِبِلِ وَلَا نَحْرُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا حَرَّمَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مَالِكٌ فَقَطْ، قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ) أَيْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: ٣٦] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قِيَامًا عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ، قَوْلُهُ: (مَعْقُولٌ) هُوَ نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ ثَانٍ لَا عَلَى الْحَالِ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَعْرِفَةٍ. قَوْلُهُ: (مُضْجَعَةً) ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الشَّاةِ وَقِيسَ بِهِ الْبَقَرَةُ وَحَكَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: إنْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَمْ تَحِلَّ لَنَا إنَّهُ يُقَالُ أَبَاحَ لَنَا ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمْ لَا يَذْكُرُونَهَا وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا «أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْأَعْرَابِ يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمُّوا وَكُلُوا» وَأَمَّا الْآيَةُ فَمُؤَوَّلَةٌ وَكَفَاك دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ التَّأْوِيلِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَبِيحَةً لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهَا لَا يَفْسُقُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ أَنْ يُرَادَ بِهَا مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، بِمُلَاحَظَةِ كَوْنِ الْوَاوِ لِلْحَالِ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَيْتَةُ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: ١٢١] ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ، وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّهُ يَعْنِي الْمَيْتَةَ. قَوْلُهُ: (مِنْ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ) أَيْ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>