الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْ وَلَمْ تَسْتَوِ الْقِيمَةُ أَوْ اسْتَوَتْ، (فَلَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلِّ بَائِعٍ مِنْ الثَّمَنِ.
(وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدَ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ فَإِنْ ذَفَّفَ الثَّانِي) أَيْ قَتَلَ (أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلثَّانِي) وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِجُرْحِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَفَّفَ الْأَوَّلُ فَلَهُ) الصَّيْدُ وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ إنْ كَانَ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، (وَإِنْ أَزْمَنَ) الْأَوَّلُ (فَلَهُ) الصَّيْدُ (ثُمَّ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِي بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ) عَنْ قِيمَتِهِ مُزْمِنًا (وَإِنْ ذَفَّفَ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ) لِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرَّمِ الْمُغَلَّبِ، (وَيَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ) فِي التَّذْفِيفِ بِقِيمَتِهِ مُزْمِنًا وَفِي الْجُرْحِ بِنِصْفِهَا وَقِيلَ بِكُلِّهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
وَنَحْوُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) نَعَمْ لَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي بَيْعِ حَمَامِهِ صَحَّ، وَلَهُمَا قِسْمَةُ الثَّمَنِ بِالْمُصَالَحَةِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ بِوَكَالَتِهِ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَاطِهَا لِلضَّرُورَةِ هُنَا، وَلِكَثْرَةِ الِاخْتِلَاطِ فِي الْحَمَامِ وَلَوْ تَوَافَقَا عَلَى قِيمَةِ الْحَمَامِ ابْتِدَاءً صَحَّ وَلِكُلٍّ التَّصَرُّفُ فِيمَا يَخُصُّهُ.
فُرُوعٌ: لَوْ شَكَّ فِي أَنَّ الْحَمَامَ الْمُخْتَلِطَ بِحَمَامِهِ مُبَاحٌ أَوْ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ هِيَ الْأَصْلُ فَلَوْ ادَّعَاهُ غَيْرُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْوَرَعُ تَصْدِيقُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُهُ، وَلَوْ اخْتَلَطَ حَمَامٌ مُبَاحٌ غَيْرُ مَحْصُورٍ بِحَمَامِ بَلَدٍ وَلَوْ غَيْرَ مَحْصُورٍ جَازَ الِاصْطِيَادُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُبَاحُ مَحْصُورًا حَرُمَ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ حَمَامَةٌ أَوْ ثَمَرَةٌ مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهِ بِحَمَامٍ أَوْ بِثَمَرٍ لَهُ فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ إلَّا وَاحِدَةً وَلَوْ اخْتَلَطَ حَمَامٌ أَوْ دُهْنٌ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ نَحْوُهَا، حَرَامٌ بِمِلْكِهِ فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَصَرَفَهُ فِي مَصَارِفِهِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَاقِي وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ وَلِذَلِكَ كَرِهَ بَعْضُهُمْ اصْطِيَادَ الْحَمَامِ وَالْأَكْلَ مِنْهُ وَبِنَاءَ الْأَبْرَاجِ وَالْأَكْلَ مِنْ حَمَامِهَا بَلْ الْوَاقِعُ الْآنَ اخْتِلَاطُ حَمَامِ الْأَبْرَاجِ يَقِينًا وَأَنَّ مَا يُصَادُ مِنْ حَمَامِ الْأَبْرَاجِ الْمَمْلُوكِ يَقِينًا لَكِنَّ مَالِكَهُ مَجْهُولٌ، فَلَا يَجُوزُ صَيْدُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا الْأَكْلُ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ أُزْمِنَ) أَيْ الثَّانِي فَلَهُ الصَّيْدُ وَإِنْ كَانَ الْإِزْمَانُ بِانْضِمَامِ جُرْحِهِ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا شَمَلَتْهُ الْعِبَارَةُ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي، فِيمَا لَوْ أُزْمِنَ أَحَدُهُمَا وَذُفِّفَ الْآخَرُ وَغَيْرُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أُزْمِنَ الْأَوَّلُ فَهُوَ لَهُ) وَهُوَ حِينَئِذٍ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ ذُفِّفَ الثَّانِي) أَيْ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِقَطْعِ مَا ذُكِرَ حَلَّ لِوُجُودِ تَذْكِيَتِهِ وَإِنْ ذُفِّفَ لَا بِقَطْعِهِمَا أَوْ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَالَ جُرْحِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحِلَّ. قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ مُزْمِنًا) إنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَالَ تَذْفِيفِهِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي أَصْلًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الْجُرْحِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا عَلَى الْمَرْجُوحِ وَالْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ إنْ ذَبَحَهُ الْأَوَّلُ الْمُزْمِنُ بَعْدَ جُرْحِ الثَّانِي لَزِمَ الثَّانِي مَا نَقَصَ مِنْ أَرْشِ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ فَقَدْ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا يَلْزَمُ الثَّانِي جَمِيعُ الْقِيمَةِ بَلْ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْشِ الْمُتَقَدِّمِ بِمَا يَأْتِي، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ لَزِمَ الثَّانِي جَمِيعُ الْقِيمَةِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشَرَةً وَمَجْرُوحًا بِجُرْحِ الْأَوَّلِ تِسْعَةً، وَجُرْحُهُ الثَّانِي وَصَارَتْ قِيمَتُهُ مَذْبُوحًا ثَمَانِيَةً لَزِمَ الثَّانِي فِي عَدَمِ تَمَكُّنِ الْأَوَّلِ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ، لِأَنَّ الدِّرْهَمَ التَّاسِعَ فَانٍ بِفِعْلَيْهِمَا فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا وَالثَّمَانِيَةُ فَاتَتْ بِفِعْلِ الثَّانِي وَحْدَهُ وَفِي التَّفْوِيتِ تُجْمَعُ قِيمَتُهُ قَبْلَ الْجُرْحَيْنِ، وَهُوَ عَشَرَةٌ مَعَ قِيمَتِهِ بَعْدَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَهِيَ تِسْعَةٌ فَهُمَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا مَا فَوَّتَاهُ وَهُوَ الْعَشَرَةُ فَيَلْزَمُ الثَّانِي تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَشَرَةِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ، وَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ لَوْ كَانَ ضَامِنًا عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ذَلِكَ فَتُهْدَرُ وَهِيَ خَمْسُ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ كَصَاحِبِ التَّقْرِيبِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ جُرِحَا مَعًا) وَالِاعْتِبَارُ بِالْإِصَابَةِ.
[حاشية عميرة]
بِمَجْمُوعِ الْجُرْحَيْنِ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّهُ لِلثَّانِي كَمَا اقْتَضَتْهُ الْعِبَارَةُ، قَوْلُهُ: (دُونَ الْأَوَّلِ) الْعِبَارَةُ صَادِقَةٌ بِمَا لَوْ ذُفِّفَ الثَّانِي وَأُزْمِنَ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ مُرَادًا. وَفِي الْجُرْحِ بِنِصْفِهَا اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ، يَلْزَمُهُ تَمَامُ الْقِيمَةِ مُزْمِنًا، وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمْ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشَرَةً وَمُزْمِنًا تِسْعَةً وَمَذْبُوحًا ثَمَانِيَةً يَلْزَمُ الثَّانِي ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ، وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ هُوَ الْأَصَحُّ، وَأَمَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَتَرَكَ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا شَيْءَ سِوَى الْأَرْشِ لِتَقْصِيرِ الْأَوَّلِ وَالْأَصَحُّ يَضْمَنُ زِيَادَةً عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ: كَمَالُ الْقِيمَةِ مُزْمِنًا، وَالْأَعَمُّ أَنَّهُ كَمَا لَوْ جَرَحَ عَبْدٌ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ وَمَاتَ بِهِمَا وَكَانَتْ الْقِيمَةُ كَمَا ذُكِرَ مَثَلًا وَفِيهِ أَوْجُهٌ سِتَّةٌ: أَحَدُهَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ أَيْ فَيَسْقُطُ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ لِكَوْنِهِ مَالِكًا، وَعَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ فِيهِ ضَيَاعَ نِصْفِ دِينَارٍ عَلَى الْمَالِكِ وَالسَّادِسُ، قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَأَطْبَقَ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى تَرْجِيحِهِ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْقِيمَةِ فَتَكُونُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَيَقْسِمُ عَلَيْهَا مَا فَوَّتَاهُ وَهُوَ عَشَرَةٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَشَرَةِ وَعَلَى الثَّانِي تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَهَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ.
وَالْأَوْجُهُ السِّتَّةُ مَبْسُوطَةٌ فِيهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ نِصْفُهَا إنَّمَا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ الَّذِي ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ تَأَمَّلْت الْوُجُوهَ السِّتَّةَ الَّتِي فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ فَرَأَيْت فِيهَا أَيْضًا، وَجْهًا خَامِسًا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ هُوَ أَنَّ عَلَى الْجَارِحِ الْأَوَّلِ خَمْسَةً وَنِصْفًا، وَالثَّانِي أَرْبَعَةً وَنِصْفًا فَلَعَلَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَمَدَ هَذَا الْوَجْهَ وَبَنَى كَلَامَهُ عَلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute