بِكَسْرِ الْمِيمِ (مِنْ الطَّيْرِ) لِلنَّهْيِ عَنْ الْأَوَّلِ فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ، وَعَنْ الثَّانِي فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَالْمُرَادُ مِنْ الْأَوَّلِ مَا يَعْدُو عَلَى الْحَيَوَانِ وَيَتَقَوَّى بِنَابِهِ. (كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (وَذِئْبٍ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْهَمْزِ. (وَدُبٍّ وَفِيلٍ وَقِرْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينَ وَصَقْرٍ وَنَسْرٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (وَعِقَابٍ وَكَذَا ابْنُ آوَى) بِالْمَدِّ. (وَهِرَّةِ وَحْشٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ وَالثَّانِي يَعْدُو بِنَابِهِ وَالثَّانِي فِي الْأَوَّلِ نَظَرٌ إلَى ضَعْفِ نَابِهِ، وَفِي الثَّانِي قَاسَهُ عَلَى حِمَارِ الْوَحْشِ وَتَحْرُمُ الْهِرَّةُ الْأَهْلِيَّةُ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ. .
(وَيَحْرُمُ مَا نُدِبَ قَتْلُهُ كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَغُرَابٍ أَبْقَعَ وَحِدَأَةٍ) ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَبِالْهَمْزِ (وَفَأْرَةٍ) بِالْهَمْزِ (وَكُلِّ سَبُعٍ) بِضَمِّ الْبَاءِ (ضَارٍ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ عَادٍ فَلِحُرْمَتِهِ سَبَبَانِ النَّهْيُ عَنْ أَكْلِهِ وَالْأَمْرُ بِقَتْلِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثُ «خَمْسٌ يُقْتَلْنَ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْحَيَّةُ» بَدَلَ الْعَقْرَبِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ خَمْسٍ» إلَى آخِرِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ ذَكَرَ السَّبُعَ الْعَادِيَ مَعَ الْخَمْسَةِ، فَأُخِذَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ حُرْمَةُ الْأَكْلِ، (وَكَذَا رَخَمَةٌ) لِخُبْثِ غِذَائِهَا بِالْجِيَفِ (وَبُغَاثَةٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ طَائِرٌ أَبْيَضُ بَطِيءُ الطَّيَرَانِ أَصْغَرُ مِنْ الْحِدَأَةِ أُلْحِقَ بِهَا. .
(وَالْأَصَحُّ حِلُّ غُرَابِ زَرْعٍ) وَهُوَ أَسْوَدُ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ الزَّاغُ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مُحْمَرَّ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ لِأَنَّهُ مُسْتَطَابٌ بِأَكْلِ الزَّرْعِ وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ غُرَابٌ، وَيَحْرُمُ الْغُرَابُ الْأَسْوَدُ الْكَبِيرُ فِي الْأَصَحِّ وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ مُسْتَخْبَثٌ بِأَكْلِ الْجِيَفِ. (وَ) الْأَصَحُّ (تَحْرِيمُ بَبَّغَا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ وَإِعْجَامِ الْغَيْنِ وَبِالْقَصْرِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالدُّرَّةِ (وَطَاوُسٌ)
ــ
[حاشية قليوبي]
وَالضَّحِكُ وَمِنْهُ النَّسْنَاسُ الْبَرِّيُّ كَمَا مَرَّ وَهَذَا آخِرُ أَمْثِلَةِ ذِي النَّابِ، قَوْلُهُ: (وَشَاهِينِ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، قَوْلُهُ: (وَصَقْرٍ) بِالصَّادِ أَوْ الزَّايِ أَوْ السِّينِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ، قَوْلُهُ: (وَنَسْرٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَكَسْرِهِ.
قَوْلُهُ: (وَعِقَابٍ) نَوْعٌ مِنْ الْحِدَأَةِ قَوْلُهُ: (وَكَذَا ابْنُ آوَى بِالْمَدِّ) أَيْ فِي الْهَمْزَةِ أَوَّلُهُ وَهُوَ مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ بَنَاتُ آوَى سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَى جِنْسِهِ وَيَعْوِي إذَا اسْتَوْحَشَ لَيْلًا وَصِيَاحُهُ يُشْبِهُ صِيَاحَ الصِّبْيَانِ وَهُوَ كَرِيهُ الرِّيحِ دُوَيْنُ الْكَلْبِ وَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ الذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ إذَا مَرَّ تَحْتَ حَائِطٍ عَلَيْهِ دَجَاجٌ تَسَاقَطَتْ مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهَا مِنْهُ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُلْحَقٌ بِذِي النَّابِ وَأَفْرَدَهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَهِرَّةِ وَحْشٍ) وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالنِّمْسِ وَقِيلَ غَيْرُهُ فَهِيَ حَرَامٌ وَيَلْحَقُ بِهَا فِي الْحُرْمَةِ ابْنُ مُقْرِضٍ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ فَقَافٍ سَاكِنَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَوْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ لَهُ الدُّلَقُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَهُوَ دُوَيْبَّةٍ أَصْغَرُ مِنْ الْفَأْرِ كَحْلَاءُ اللَّوْنِ طَوِيلَةُ الظَّهْرِ تَقْتُلُ الْحِمَارَ وَتُقْرِضُ النَّبَاتَ، قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ الْهِرَّةُ الْأَهْلِيَّةُ) كَالْوَحْشِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ السِّنَّوْرُ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالصَّحِيحِ فِيهَا جَوَابٌ عَنْ تَخْصِيصِ الْمُصَنِّفِ لَهَا بِالْوَحْشِيَّةِ فِيمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ مَا نُدِبَ قَتْلُهُ) وَمِنْهُ الْقَمْلُ وَالْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ وَالْبَعُوضُ وَالزُّنْبُورُ. قَوْلُهُ: (كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ) هُمَا اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَوْلُهُ: (وَغُرَابٍ أَبْقَعَ) وَيُقَالُ لَهُ الْأَعْوَرُ لِحِدَةِ بَصَرِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ يُغْمِضُ إحْدَى عَيْنَيْهِ عِنْدَ النَّظَرِ وَسَيَأْتِي آنِفًا قَوْلُهُ: (وَحِدَأَةٍ) بِوَزْنِ عِنَبَةٍ قَوْلُهُ: (وَفَأْرَةٍ) وَمِنْهَا الْجِرْذَانُ قَوْلُهُ: (وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ) هَذَا الْقَيْدُ لِمَحَلِّ النَّدْبِ وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا. وَيَحْرُمُ قَتْلُ غَيْرِ الْعَقُورِ وَقِيلَ يَجُوزُ قَتْلُ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ كَمَا نُقِلَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا رَخَمَةٌ) طَائِرٌ أَبْيَضُ كَبِيرٌ بَطِيءُ الطَّيَرَانِ مُصْفَرُّ الْمِنْقَارِ، قَوْلُهُ: (وَبُغَاثَةَ إلَخْ) هِيَ مِنْ الْبُومِ وَهُوَ حَرَامٌ بِأَنْوَاعِهِ كَالْهَامَةِ وَالصَّدَى وَالضَّوْعِ وَمُلَاعِبِ ظِلِّهِ، وَغُرَابِ اللَّيْلِ وَمِنْهُ الْخُفَّاشُ وَهُوَ الْوَطْوَاطُ نَعَمْ اسْتَثْنَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ الْبُغَاثِ النَّوْرَثَ، وَيُسَمَّى الْجَوْزِيَّةَ فَقَالَ إنَّهُ حَلَالٌ وَيَحْرُمُ الرُّخُّ وَهُوَ أَعْظَمُ الطُّيُورِ جُثَّةً لِأَنَّ طُولَ جَنَاحِهِ عَشَرَةُ آلَافِ بَاعٍ الْمُسَاوِيَةُ لِأَرْبَعَيْنِ أَلْفِ ذِرَاعٍ.
قَوْلُهُ: (يُقَالُ لَهُ الزَّاغُ) بِمُعْجَمَتَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مُحْمَرَّ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ هَذَا أَحَدُ نَوْعَيْهِ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ أَوْ رَمَادِيُّ اللَّوْنِ وَيُسَمَّى الْغُدَافَ الصَّغِيرَ وَهُوَ حَلَالٌ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الْغُرَابُ الْأَسْوَدُ الْكَبِيرُ) وَيُسَمَّى الْغُدَافَ الْكَبِيرَ وَالْجَبَلِيَّ لِأَنَّهُ يَسْكُنُ الْجِبَالَ، وَيَحْرُمُ بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْغُرَابِ كَالْعَقْعَقِ وَيُقَالُ الْقُعْقُعُ وَهُوَ عَلَى قَدْرِ الْحَمَامَةِ طَوِيلُ الذَّنَبِ ذُو لَوْنَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، قِيلَ وَهُوَ الْأَبْقَعُ السَّابِقُ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْأَبْقَعَ مَا لَوْنُهُ بِسَوَادٍ وَرَمَادَيْهِ يَتَشَاءَمُ الْعَرَبُ بِصَوْتِهِ وَيُعْرَفُ بِالْأَعْوَرِ كَمَا مَرَّ.
ــ
[حاشية عميرة]
قِيلَ الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مَعَ الذِّئْبِ قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، قَوْلُهُ: (وَنَسْرٍ) .
قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا مِخْلَبَ لَهُ يَعْدُو بِهِ وَلَكِنَّهُ خَبِيثٌ كَالرَّخَمَةِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ مُطَرِّفٍ النَّسْرُ مُثَلَّثُ النُّونِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَسْتَخْبِثُهُ) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ جِنْسِ الْكِلَابِ وَلَهُ نَابٌ يَعْدُو بِهِ وَيَأْكُلُ النَّجَاسَاتِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ مَا نُدِبَ قَتْلُهُ) لِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِهِ أَسْقَطَ احْتِرَامَهُ وَمَنَعَ اقْتِنَاءَهُ وَلَوْ وَطِئَ شَخْصٌ بَهِيمَةً مَأْكُولَةً وَجَبَ ذَبْحُهَا وَحَلَّ أَكْلُهَا، قَوْلُهُ: (كَحَيَّةٍ) هِيَ وَكَذَا الْعَقْرَبُ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.
قَوْلُهُ: (بَبْغَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَيْسَتْ مِنْ طُيُورِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا تُجْلَبُ مِنْ النَّوْبَةِ وَالْيَمَنِ.
قَوْلُهُ: (وَتَحِلُّ نَعَامَةٌ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي قَاعِدَةً