للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْبَيِّنَةِ (وَإِذَا اسْتَعْدَى عَلَى حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ) أَيْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ (أَحْضَرَهُ بِدَفْعِ خَتْمِ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) ، لِلْمُدَّعِي بِعَرْضِهِ عَلَى الْخَصْمِ وَلْيَكُنْ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ أَجِبْ الْقَاضِيَ فُلَانًا. (أَوْ بِمُرَتَّبٍ لِذَلِكَ) مِنْ الْأَعْوَانِ بِبَابِ الْقَاضِي وَمُؤْنَتِهِ عَلَى الطَّالِبِ. .

(فَإِنْ امْتَنَعَ) الْمَطْلُوبُ (بِلَا عُذْرٍ أَحْضَرَهُ بِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَعَزَّرَهُ) بِمَا يَرَاهُ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ امْتَنَعَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَكَّلَ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ فَإِنْ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ بَعَثَ الْقَاضِي إلَيْهِ مَنْ يُحَلِّفُهُ. (أَوْ) عَلَى (غَائِبٍ فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ أَوْ فِيهَا وَلَهُ هُنَاكَ نَائِبٌ لَمْ يَحْضُرْهُ بَلْ يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ) عَلَيْهِ (وَيَكْتُبُ إلَيْهِ) بِذَلِكَ (أَوْ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ فِي الْمَسَافَةِ الْقَرِيبَةِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ حَكَمَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِيهَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ.

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ مِنْ الْحَاكِمِ تَبَيَّنَ فِي الْوَاقِعِ مَا يُوجِبُ عَدَمَ صِحَّتِهِ كَحُكْمِهِ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ تَبَيَّنَ كَمَالُهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ كَالْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (فِي حَدٍّ لِلَّهِ) لَوْ قَالَ: عُقُوبَةً لِلَّهِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ التَّعْزِيرَ.

قَالَ شَيْخُنَا وَصُورَتُهَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِهَا فِي حُضُورِهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَيَهْرُبُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَدَعْوَى الْحِسْبَةِ لَا تَسْمَعُ عَلَى الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (فَحَدُّ الزِّنَا) وَالشُّرْبِ وَأَمَّا نَحْوُ حَدِّ السَّرِقَةِ مِمَّا فِيهِ الْحَقَّانِ فَيَحْكُمُ فِيهِ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ دُونَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَحْكُمُ فِي السَّرِقَةِ بِالْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَزَلَ) أَوْ انْعَزَلَ قَوْلُهُ: (بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ) أَيْ وَلَمْ يَحْكُمْ بِقَبُولِهَا وَإِلَّا فَلَا تُعَادُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الِاسْتِعَادَةُ) .

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَحَلُّهُ إنْ تَيَسَّرَتْ إعَادَتُهَا، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِلْإِعَادَةِ وَمَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إلَى خِلَافِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا اسْتَعْدَى) يُقَالُ أَعْدَاهُ الْحَاكِمُ أَرَادَ عَدُوَّهُ، قَوْلُهُ: (أَحْضَرَهُ) وَلَوْ يَهُودِيًّا فِي يَوْمِ السَّبْتِ أَوْ نَصْرَانِيًّا فِي يَوْمِ الْأَحَدِ، وُجُوبًا نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي كَذِبَ الطَّالِبِ أَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مُكْتَرًى عَلَى عَمَلِ يَتَعَطَّلُ بِحُضُورِهِ، أَوْ كَانَ فِي وَقْتِ خُطْبَةٍ لَمْ يُحْضِرُهُ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يُحْضِرُهُ فِي صُورَةِ الِاكْتِرَاءِ، وَإِنْ تَعَطَّلَ الْعَمَلُ وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا.

فَرْعٌ: لَوْ طَلَبَ شَخْصٌ حُضُورَ شَخْصٍ لِحَاكِمٍ بِغَيْرِ طَلَبِهِ، وَجَبَ الْحُضُورُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى حُضُورِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْوَفَاءُ أَوْ الْحُضُورُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ. قَوْلُهُ: (بِدَفْعِ خَتْمِ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَشَمْعٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلْيَكُنْ مَكْتُوبًا إلَخْ) .

قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا قَدْ هُجِرَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَصَارَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ الْآنَ الْكَاغِدَ الْمَعْرُوفَ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِمُرَتَّبٍ) هِيَ لِلتَّفْرِيعِ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْخَتْمِ وَالْمُرَتَّبِ.

قَالَ شَيْخُنَا وَالتَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ. قَوْلُهُ: (وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ الْمُرَتَّبُ عَلَى الطَّالِبِ حَيْثُ ذَهَبَ بِهِ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ الْفَرْضُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّرْتِيبِ، فَإِنْ ذَهَبَ بِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ فِي الْخَتْمِ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِتَعَدِّيهِ بِامْتِنَاعِهِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّرْتِيبِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّرْتِيبِ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَى الطَّالِبِ عَلَى قَوْلِ التَّخْيِيرِ، وَعَلَى الْمُمْتَنِعِ عَلَى قَوْلِ التَّرْتِيبِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ. وَمَحَلُّ وُجُوبِ مُؤْنَةِ الْمُرَتِّبِ إنْ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا مَرَّ فِي إحْضَارِ الْعَيْنِ، أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ فَالْمُؤْنَةُ عَلَى الطَّالِبِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ امْتَنَعَ) وَيَثْبُتُ امْتِنَاعُهُ بِقَوْلِ الْمُرَتَّبِ إنْ كَانَ مَعَهُ، وَإِلَّا فَبِعَدْلَيْنِ وَمَحَلُّ تَعَدِّيهِ بِالِامْتِنَاعِ إنْ كَانَ مَعَ الطَّالِبِ أَوْ الْمُرَتَّبِ أَمْرُ الْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرَتَّبِ أَمَرَنِي الْقَاضِي بِإِحْضَارِك، وَلَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ خَصْمِهِ وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ بِقَوْلِ الْعَوْنِ. قَوْلُهُ: (أَحْضُرُهُ بِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ) وَلَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ إلَّا إنْ كَانَ مَعَ الْعَوْنِ أَمْرٌ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحُضُورِ مَعَ الْعَوْنِ لِاخْتِفَائِهِ بِهَرَبٍ مَثَلًا نُودِيَ عَلَى بَابِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سُمِّرَ بَابُهُ أَوْ خُتِمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَهَا أُجِيبَ الْخَصْمُ لِمَا طَلَبَهُ مِنْهُمَا لَكِنَّ مَحِلَّهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ، وَيُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ مُسْتَعِيرٌ لَا مُسْتَأْجَرٌ وَمَحَلُّ التَّسْمِيرِ إنْ كَانَ الْبَابُ مِلْكَهُ، وَلِلْقَاضِي أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهِ بِنَحْوِ مَمْسُوحٍ إنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ نِسَاءٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَيَبْعَثُ مَعَ الَّذِي يَهْجُمُ عَدْلَيْنِ يَقِفَانِ قَرِيبًا مِنْهُ قَالَ وَلَا هَجْمَ فِي حَدِّ اللَّهِ وَلَا فِي قَطْعِ طَرِيقٍ، وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ حُكْمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ لَكِنْ بَعْدَ النِّدَاءِ عَلَى بَابِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُرِيدُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ امْتَنَعَ لِعُذْرٍ) أَيْ مِمَّا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالْمَعْذُورُ يُرْسِلُ إلَيْهِ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُ الدَّعْوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ أَوْ يُلْزِمُهُ بِالتَّوْكِيلِ وَلَهُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالْغَائِبِ انْتَهَى، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى. قَوْلُهُ: (نَائِبٌ) أَوْ مُصْلِحٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْقَضَاءِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْضُرْهُ) أَيْ يَحْرُمُ إحْضَارُهُ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَسْمَعُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِأَنَّ الْكَاتِبَ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) أَيْ إلَى نَائِبِهِ أَوْ لِلْمُصْلِحِ لِيَتَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا فِي الصُّلْحِ قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ يَحْضُرُهُ) أَيْ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَلُزُومُهَا لِئَلَّا يُتْبِعَهُ بِمَا لَا يَصِحُّ، نَحْوُ دَعْوَى ذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ بِخَمْرٍ أَتْلَفَهَا، وَهَذَا وَاجِبٌ فِي الْغَائِبِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَسَافَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَتْنِ: (وَإِذَا اسْتَعْدَى) يُقَالُ أَعْدَاءُ الْحَاكِمِ أَزَالَ الْعُدْوَانَ كَأَشْكَاهُ بِمَعْنَى أَزَالَ شَكَوَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِمُرَتَّبٍ) يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ لِنَظَرِ الْقَاضِي بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ خَصْمٍ أَوْ مُرَتَّبٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ امْتَنَعَ) لَا يَثْبُتُ الِامْتِنَاعُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إذَا كَانَ الْمَبْعُوثُ الْخَصْمَ فَإِنْ كَانَ الْعَوْنُ كَفَى قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ أَيْ فَيَتَقَيَّدُ بِالثِّقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ) هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ الْقَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ هُنَاكَ إلَخْ) . اُنْظُرْ هَلْ يَلْحَقُ بِهَذَا مَا لَوْ كَانَتْ الْبَلَدُ مُتَّسِعَةً وَلَهَا قُضَاةٌ وَطَلَبَ شَخْصٌ لِقَاضٍ فِي طَرَفِهَا وَهُوَ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى وُجُودِ قَاضِي طَرَفَهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>