(وَيُبَاحُ الْحُدَاءُ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْمَدِّ، (وَسَمَاعُهُ) وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رَجَزٍ وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْشِيطِهَا لِلسَّيْرِ وَإِيقَاظِ النُّوَّامِ، (وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (بِلَا آلَةٍ وَسَمَاعُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ، (وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ آلَةٍ مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ) لِلْخَمْرِ (كَطُنْبُورِ وَعُودٍ وَصَنْجٍ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ وَاسْتِمَاعُهَا) ؛ لِأَنَّهَا تُطْرِبُ (لَا يَرَاعٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ (قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ أَيْضًا، وَهُوَ هَذِهِ الزَّمَّارَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ (وَيَجُوزُ دُفٌّ لِعُرْسٍ وَخِتَانٍ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا) ، مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ (فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ جُلَاجِلٌ) فِي وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَقِيلَ لَا يُبَاحُ مَا هِيَ فِيهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الثَّالِثِ لَا يَجُوزُ الْخَالِي عَنْهَا فِيهِ، (وَيَحْرُمُ ضَرْبُ الْكُوبَةِ وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ) وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّشَبُّهُ بِمَنْ يَعْتَادُ ضَرْبَهُ وَهُمْ الْمُخَنَّثُونَ قَالَهُ الْإِمَامُ (لَا الرَّقْصُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَكَسُّرٌ كَفِعْلِ الْمُخَنِّثِ) ، بِكَسْرِ النُّونِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ فَيَحْرُمُ.
(وَيُبَاحُ قَوْلُ شَعْرٍ) أَيْ إنْشَاؤُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ وَهُوَ حَرَامٌ وَأَخْذُ الْمَالِ فِيهِ كَبِيرَةٌ كَمَا مَرَّ وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِكُلِّ مَا عَلَيْهِ صُورَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَبِكُلِّ مَا فِيهِ إخْرَاجُ صَلَاةٍ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ اقْتِرَانٌ بِفُحْشٍ، قَوْلُهُ: (وَيُبَاحُ الْحُدَاءُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ وَكَسْرِهِ مَعَ الْمَدِّ وَقَبْلَ الْأَلِفِ دَالٌ مُهْمَلَةٌ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (مِنْ رَجَزٍ) بِجِيمٍ قَبْلَهَا مُهْمَلَةٌ وَبَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ نَوْعٌ مِنْ الشِّعْرِ وَقِيلَ الْحُدَاءُ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالشِّعْرِ، قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالْمَدِّ فَإِنْ قُصِرَ فَهُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ، وَإِنْ مُدَّ مَعَ الْفَتْحِ فَهُوَ بِمَعْنَى النَّفْعِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ فِتْنَةٌ كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ وَالتَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ حَرَامٌ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مُطْلَقًا لِإِخْرَاجِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ وَقَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِمَا إذَا وَصَلَ بِهِ إلَى حَدٍّ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ، قَوْلُهُ: (بِلَا آلَةٍ) أَمَّا بِهَا فَيَحْرُمُ.
وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَالزَّرْكَشِيِّ بِحُرْمَةِ الْآلَةِ دُونَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ عَنْهُ، قَوْلُهُ: (وَسَمَاعُهُ) أَيْ اسْتِمَاعُهُ فَلَا يَحْرُمُ بِلَا قَصْدٍ.
قَوْلُهُ: (كَطُنْبُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَمِثْلُهُ الرَّبَابَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَقِطَعُ الصِّينِيِّ وَنَحْوُ الْفَنَاجِينِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَصَنْجٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيُقَالُ لَهُ الصَّفَّاقَتَيْنِ وَهُمَا مِنْ صُفْرٍ أَيْ نُحَاسٍ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَقِيلَ مِنْ صُفْرٍ عَلَيْهِ أَوْتَارٌ يُضْرَبُ بِهَا وَمَا قِيلَ عَنْ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ جَوَازِ اسْتِمَاعِ الْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ النَّشَاطِ عَلَى الذِّكْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ تَهَوُّرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. نَعَمْ يَجُوزُ لِنَحْوِ مَرَضٍ بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ.
قَوْلُهُ: (وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَوَّلَهُ وَبَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ وَهُوَ مَالَهُ بُوقٌ، وَالْغَالِبُ أَنَّهُ يُوجَدُ مَعَ الْأَوْتَارِ وَلَوْ مِنْ حَشِيشٍ رَطْبٍ كَالْبِرْسِيمِ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ: (لَا يَرَاعٍ) بِتَحْتِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ فَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، قَوْلُهُ: (قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ) وَكَذَا اسْتِمَاعُهُ، قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ) وَهِيَ مَا لَيْسَ لَهَا بُوقٌ وَمِنْهَا الْمَأْصُولُ الْمَشْهُورُ وَالسُّفَّارَةُ وَنَحْوُهَا.
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ دُفٌّ) بَلْ يُنْدَبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ مَعَ الْجُلَاجِلِ وَهُوَ بِضَمِّ الدَّالِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَاسْتِمَاعُهُ مِثْلُهُ، قَوْلُهُ: (جُلَاجِلٍ) جَمْعِ جُلْجُلٍ كَقُنْفُذٍ وَالْمُرَادُ بِهَا الْحِلَقُ الَّتِي تُجْعَلُ دَاخِلَ دَائِرَةِ الدُّفِّ، وَالْقِطَعُ الْعِرَاضُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صُفْرٍ وَتُوضَعُ فِي خُرُوقِ دَائِرَتِهِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُبَاحُ إلَخْ) فِي ذِكْرِ هَذَا الْوَجْهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَلَى قَاعِدَةِ رُجُوعِ الْخِلَافِ لِمَا بَعْدَ كَذَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الثَّالِثِ وَقَيَّدَهُ بِالْخَالِي عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ انْفِرَادِهِ عَنْ الْأَوَّلَيْنِ لِجَوَازِ الْخَالِي فِيهِمَا جَزْمًا، لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْوَجْهَ الثَّالِثَ يَقُولُ بِحُرْمَةِ الْخَالِي عَنْ الْجُلَاجِلِ وَيَحِلُّ غَيْرُ الْخَالِي عَنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْقَائِلَ بِهِ هُوَ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِالْوَجْهِ الثَّانِي فَهُوَ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْخَالِي؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَفَرُّدِهِ عَنْهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ الدُّفَّ الْوَارِدَ كَانَ فِيهِ الْجُلَاجِلُ فَقَيَّدَ الْحِلَّ بِهِ لِوُرُودِهِ وَمَنَعَ الْخَالِيَ رُجُوعًا إلَى أَصْلِ الْمَنْعِ فِي آلَاتِ الْمَلَاهِي فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (الْكُوبَةِ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَقَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ، قَوْلُهُ: (وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا.
قَوْلُهُ: (الْمُخَنَّثُونَ) بِكَسْرِ النُّونِ فِي الْأَشْهَرِ وَبِفَتْحِهَا عَلَى الْأَفْصَحِ أَيْ الْمُتَشَبِّهُونَ بِحَرَكَاتِ النِّسَاءِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (لَا الرَّقْصُ) فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ.
قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ) أَيْ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَا وَرَدَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ لِعَائِشَةَ يَسْتُرُهَا حَتَّى تَنْظُرَ إلَى الْحَبَشَةِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَيَزْفِنُونَ» وَالزَّفْنُ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الرَّقْصُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِغَيْرِ تَكَسُّرٍ، وَمَا قِيلَ عَنْ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ بِجَوَازِهِ مَعَ التَّكَسُّرِ فَهُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ وَخَيَالٌ بَاطِلٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَيْسَ بِالِاخْتِيَارِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَصَنْجٍ) وَهُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْ صُفْرٍ يُضْرَبُ إحْدَى الصَّنْجَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يُطْرِبُ بِانْفِرَادِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا الرَّقْصُ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ لَوْ رَفَعَ رِجْلًا وَقَعَدَ عَلَى الْأُخْرَى فَرَحًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ إذَا هَاجَ بِهِ شَيْءٌ أَخْرَجَهُ وَأَزْعَجَهُ عَنْ مَكَانَهُ، فَوَثَبَ مِرَارًا مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ تَزَيُّنٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ.