للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهَادَةُ عَاقِلَةٍ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ) يَحْمِلُونَهُ مِنْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ بِخِلَافِ شُهُودِ إقْرَارٍ بِذَلِكَ أَوْ شُهُودِ عَمْدٍ، وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُنَا مَعَ تَقَدُّمِهَا فِي كِتَابِ دَعْوَى الدَّمِ لَا يُعَدُّ تَكَرُّرًا؛ لِأَنَّهُ لِلتَّمْثِيلِ، (وَ) تُرَدُّ شَهَادَةُ (غُرَمَاءِ مُفْلِسٍ بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ) ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ بِهَا ضَرَرَ الْمُزَاحَمَةِ.

(وَلَوْ شَهِدَ) أَيْ الشَّاهِدَانِ (لِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ) مِنْ تَرِكَةٍ (فَشَهِدَا) أَيْ الِاثْنَانِ (لِلشَّاهِدَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ التَّرِكَةِ قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِاحْتِمَالِ الْمُوَاطَأَةِ، وَيُدْفَعُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا مَعَ أَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْأُخْرَى.

(وَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (لِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ) لِلشَّاهِدِ (وَتُقْبَلُ) مِنْهُ (عَلَيْهِمَا، وَكَذَا) تُقْبَلُ مِنْ ابْنَيْنِ (عَلَى أَبِيهِمَا بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا أَوْ قَذْفِهَا فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ فَإِنَّهَا تَجُرُّ نَفْعًا إلَى الْأُمِّ فَالْقَذْفُ مُحْوِجٌ إلَى اللِّعَانِ الْمُسَبِّبِ لِلْفِرَاقِ وَالْأَوَّلُ قَالَ لَا عِبْرَةَ بِمِثْلِ هَذَا الْجَرِّ وَلَا تُقْبَلُ لِمُكَاتَبٍ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ وَمَأْذُونِهِمَا، (وَإِذَا شَهِدَ لِفَرْعٍ) أَوْ أَصْلٍ لَهُ (وَأَجْنَبِيٍّ قُبِلَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الْأَظْهَرِ) مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالثَّانِي لَا تَفْرِيقَ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَتُقْبَلُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) مِنْ الْآخَرِ (وَلِأَخٍ) مِنْ أَخِيهِ (وَصَدِيقٍ) مِنْ صَدِيقِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا تُهْمَةَ.

(وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوٍّ) لِشَخْصٍ عَلَيْهِ (وَهُوَ مَنْ يُبْغِضُهُ بِحَيْثُ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ وَيَحْزَنُ بِسُرُورِهِ وَيَفْرَحُ بِمُصِيبَتِهِ) وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا، (وَتُقْبَلُ لَهُ) أَيْ لِلْعَدُوِّ (، وَكَذَا عَلَيْهِ فِي عَدَاوَةِ دِينٍ كَكَافِرٍ وَمُبْتَدِعٍ) أَيْ غَيْرِ سُنِّيٍّ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ) بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي صِفَاتِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ، أَفْعَالَ عَبِيدِهِ وَجَوَازِ رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ مَنْ نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي حُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ وَعِلْمِ اللَّهِ بِالْمَعْدُومِ وَبِالْجُزْئِيَّاتِ لِإِنْكَارِهِمْ بَعْضَ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، (لَا مُغَفَّلٍ لَا يَضْبِطُ وَلَا مُبَادِرٍ) بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا فَكُلٌّ مِنْهُمْ مُتَّهَمٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِي مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ.

(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى)

ــ

[حاشية قليوبي]

بِالْمُخَاصَمَةِ الْمُنَازَعَةَ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ إنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الدَّعْوَى مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَيَجْرِي هُنَا مَا مَرَّ فِي شَهَادَةِ الْحَاكِمِ بِحُكْمِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ.

فَرْعٌ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَصْلِ الْوَكِيلِ وَفَرْعِهِ لَهُ بِالْوَكَالَةِ.

تَنْبِيهٌ: الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ كَالْوَكِيلِ لَكِنْ يَنْظُرُ مَا صُورَةُ الْوَصِيِّ رَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (عَاقِلَةٌ) وَلَوْ فُقَرَاءَ. قَوْلُهُ: (مُفْلِسٌ) أَيْ مَحْجُورُ فَلَسٍ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْغُرَمَاءِ رُهُونٌ تَفِي بِدُيُونِهِمْ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غُرَمَاءَ غَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ: (بِوَصِيَّةٍ) أَوْ إقْرَارٍ أَوْ دَيْنٍ. .

قَوْلُهُ: (لِأَصْلٍ وَلَا فَرْعَ) وَلَوْ بِرُشْدٍ أَوْ تَزْكِيَةٍ أَوْ عَلَى بَعْضٍ لَهُ آخَرَ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ قُبِلَتْ كَإِمَامٍ ادَّعَى شَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ نَاظِرٍ ادَّعَى شَيْئًا لِلْوَقْفِ أَوْ وَلِيٌّ ادَّعَى شَيْئًا لِمُوَلِّيهِ، أَوْ وَكِيلٌ ادَّعَى شَيْئًا لِمُوَكِّلِهِ فَشَهِدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ حَيْثُ لَا عَدَاوَةَ. قَوْلُهُ: (بِطَلَاقٍ) أَيْ بَائِنٍ، وَكَذَا رَجْعِيٍّ قَطْعًا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ وَهِيَ الْمُدَّعِيَةُ. قَوْلُهُ: (لِفَرْعٍ إلَخْ) الْمُرَادُ مَا لَوْ جَمَعَ فِي شَهَادَتِهِ بَيْنَ مَنْ تُقْبَلُ لَهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ قَدَّمَ الْأَوَّلَ عَلَى الثَّانِي أَوْ عَكَسَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزَّوْجَيْنِ) وَعَلَيْهِ نَعَمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا بِزِنَاهَا مَعَ ثَلَاثَةٍ غَيْرِهِ، وَلَا لَهَا بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ عَدُوٍّ لِشَخْصٍ عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمِنْهُ شَهَادَةُ عَدُوِّ الْوَارِثِ بِدَيْنٍ عَلَى مَيِّتِهِ وَلَا تَتَقَيَّدُ الْعَدَاوَةُ بِزَمَنٍ فَلَوْ بَالَغَ فِي مُخَاصَمَةِ شَخْصٍ عِنْدَ إرَادَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، مَثَلًا فَرُدَّ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ قُبِلَتْ، وَلَا تَتَقَيَّدُ بِشَخْصٍ أَيْضًا فَقَاطِعُ الطَّرِيقِ عَدُوٌّ لِكُلِّ أَحَدٍ وَخَرَجَ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ لَهُ فَمَقْبُولَةٌ. قَوْلُهُ: (يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ) أَيْ مُطْلَقًا فَإِنْ تَمَنَّى زَوَالَهَا إلَى نَفْسِهِ فَهُوَ الْحَسَدُ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ شَهِدَ لِأَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ أَوْ عَلَى عَدُوٍّ أَوْ شَهِدَ فَاسِقٌ بِحَقٍّ يَعْلَمُهُ وَالْحَاكِمُ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَالْمُخْتَارُ جَوَازُهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ يَجِبُ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِاتِّصَالِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ غَيْرُ سُنِّيٍّ) وَهُوَ مِنْ يُخَالِفُ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامَانِ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ. قَوْلُهُ: (كَمُنْكَرِي صِفَاتِ اللَّهِ) وَلَوْ الذَّاتِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ) أَيْ مِنْ التَّأْوِيلِ فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ اسْتَحَلُّوا دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا لِعُذْرِهِمْ فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الدَّاعِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَرِوَايَتِهِ وَهُوَ مَنْ يَدْعُو النَّاسَ إلَى بِدْعَتِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْخَطَّابِيِّ لِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَذْكُرْ فِعْلَ نَفْسِهِ كَرَأَيْتُهُ فَعَلَ كَذَا أَوْ سَمِعْته قَالَهُ فَإِنْ ذَكَرَهُ أَوْ شَهِدَ لِغَيْرِهِ قُبِلَتْ وَهُوَ الْمَنْسُوبُ إلَى أَبِي خَطَّابٍ الْأَسَدِيِّ الْكُوفِيِّ كَانَ يَقُولُ بِأُلُوهِيَّةِ جَعْفَرَ الصَّادِقِ فَلَمَّا مَاتَ جَعْفَرُ ادَّعَى الْأُلُوهِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ أَصْحَابَهُمْ لَا يَكْذِبُونَ. قَوْلُهُ: (لَا يَضْبِطُ) أَيْ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا مَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ وَيُنْدَبُ لِلْحَاكِمِ اسْتِفْصَالُهُ فِيهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الرَّدِّ بِالْمُتَأَخِّرِ عَلَى هَذَا،

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِأَصْلٍ) لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ فَشَهِدَ لَهَا ابْنَاهَا لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ شَهِدَا حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ دَعْوَى قُبِلَتْ رَوْضَةٌ.

فَرْعٌ: لَوْ شَهِدَ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ عَدُوُّ الْوَارِثِ فَوَجْهَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُقْبَلُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَخِ تُقْبَلُ مَعَ وُجُودِ النَّسَبِ فَمَعَ وُجُودِ السَّبَبِ أَوْلَى،

قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْحِسْبَةُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَحْتَسِبُهَا عِنْدَ اللَّهِ لِإِزَالَةِ الْفَاحِشَةِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا خَبَرُ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهُودِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا وَقِصَّةُ. الشُّهُودِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>