للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ صَلَّى كَيْفَ كَانَ، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ (وَإِنْ تَحَيَّرَ) الْمُجْتَهِدُ لِغَيْمٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ تَعَارُضِ أَدِلَّةٍ (لَمْ يُقَلِّدْ فِي الْأَظْهَرِ) لِجَوَازِ زَوَالِ التَّحَيُّرِ عَنْ قُرْبٍ (وَصَلَّى كَيْفَ كَانَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَيَقْضِي) وُجُوبًا. وَالثَّانِي يُقَلِّدُ وَلَا يَقْضِي.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخِلَافُ جَارٍ سَوَاءٌ ضَاقَ الْوَقْتُ أَمْ لَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: مَحَلُّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، وَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ قَبْلَ ضِيقِهِ قَطْعًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، انْتَهَى. وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى مَقَالَةِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهَا: وَفِيهِ أَيْ التَّقْلِيدِ احْتِمَالٌ مِنْ التَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ.

(وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ) مِنْ الْخَمْسِ أَدَاءً كَانَتْ أَوْ قَضَاءً (عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَنْ يَكُونَ مَعْرِفَةُ الْأَدِلَّةِ مِنْ مُعَلِّمٍ مُسْلِمٍ أَوْ مِنْ كَافِرٍ بَلَغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ، أَوْ أَقَرَّ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ عَارِفٌ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِهَا، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا وَإِنْ صَدَقَ الْمُعَلِّمُ عَلَيْهِ.

قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا اعْتِبَارُ التَّصْدِيقِ. قَوْلُهُ: (وَالنُّجُومِ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَمِنْهَا قَلْبُ الْعَقْرَبِ الَّذِي هُوَ نَصٌّ فِي قِبْلَةِ مِصْرَ عِنْدَ طُلُوعِهِ مِنْ الْأُفُقِ، وَمِنْهَا الْكَوْكَبُ الْمُسَمَّى بِالْجَدْيِ بِالتَّصْغِيرِ وَبِالْقُطْبِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ، وَبِالْوَتَدِ وَبِفَاسِ الرَّحَى، وَهُوَ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ وَأَعَمُّهَا لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ لِمُلَازَمَتِهِ مَكَانَهُ، فَيُجْعَلُ فِي الْيَمَنِ قُبَالَةَ الْوَجْهِ، وَفِي نَحْوِ الشَّامِ خَلْفَ الظَّهْرِ، وَفِي نَحْوِ الْعِرَاقِ خَلْفَ الْأُذُنِ الْيُمْنَى، وَفِي نَحْوِ مِصْرَ خَلْفَ الْأُذُنِ الْيُسْرَى، وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ نَظْمًا:

مَنْ وَاجَهَ الْقُطْبَ بِأَرْضِ الْيَمَنْ ... وَعَكْسُهُ الشَّامُ بِخَلْفِ الْأُذُنْ

عِرَاقُ الْيُمْنَى وَيُسْرَى مِصْر ... قَدْ صَحَّحَ اسْتِقْبَالَهُ فِي الْعُمُرْ

قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا ذُكِرَ لِيَخْرُجَ بِهِ مَعْرِفَةُ ذَوَاتِهَا، وَأَسْمَائِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الْجِبَالُ وَالرِّيَاحُ، وَهِيَ أَضْعَفُهَا وَأُصُولُهَا أَرْبَعٌ: الشَّمَالُ وَيُقَالُ لَهَا الْبَحْرِيَّةُ، وَمَبْدَؤُهَا مِنْ الْقُطْبِ الْمُتَقَدِّمِ، فَلَهَا حُكْمُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَيُقَاسَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا مِمَّا يُنَاسِبُهَا، وَيُقَابِلُهَا الْجَنُوبُ، وَيُقَالُ لَهَا الْقِبْلِيَّةُ لِكَوْنِهَا إلَى جِهَةِ قِبْلَةِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْجَنُوبِ وَالصَّبَا، وَيُقَالُ لَهَا الشَّرْقِيَّةُ، وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْمَشْرِقِ، وَيُقَابِلُهَا الدَّبُورُ، وَيُقَالُ لَهَا الْغَرْبِيَّةُ، وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْمَغْرِبِ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ التَّقْلِيدُ) أَيْ الْعَمَلُ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ وَلَوْ أَعْلَى مِنْهُ مَعْرِفَةً. قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ) وَلَوْ عَلَى الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَحَيَّرَ لَمْ يُقَلِّدْ) أَيْ إنْ كَانَ بَصِيرًا وَإِلَّا فَلَهُ التَّقْلِيدُ وَلَوْ لِأَعْمَى أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ) أَيْ الِاجْتِهَادُ صَلَّى فَلَا يُصَلِّي قَبْلَ ضِيقِهِ لِأَنَّهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ.

قَالَ شَيْخُنَا إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ زَوَالِ التَّحَيُّرِ، فَيُصَلِّي وَقْتَ يَأْسِهِ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ وَفَارَقَ مَنْ عَلِمَ مَاءً فِي حَدِّ الْغَوْثِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِتَيَقُّنِ الْمَاءِ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ) أَيْ الْأَظْهَرُ فِي أَنَّهُ لَا يُقَلِّدُ، وَمُقَابِلُهُ جَازَ سَوَاءٌ ضَاقَ الْوَقْتُ أَمْ لَا. فَالتَّعْلِيلُ بِحُرْمَةِ الْوَقْتِ يُرَادُ بِهِ عَدَمُ خُلُوِّ الْوَقْتِ عَنْ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ مَحَلُّهُ) أَيْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى مَقَالَةِ الْإِمَامِ) أَيْ ارْتَضَاهَا وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ طُرُقٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُ قَالَ) أَيْ وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ إلَخْ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ قَبْلَ آخِرِ الْوَقْتِ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَحْثِ الْإِمَامِ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ، فَسُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ) أَيْ التَّقْلِيدِ احْتِمَالٌ بِجَوَازِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ) وَلَوْ عَلَى الصَّبِيِّ، وَمِثْلُهُ تَجْدِيدُ الْأَعْمَى، وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَنْ تَحَيَّرَ فِي وَقْتِ السَّابِقَةِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِإِمْكَانِ زَوَالِ التَّحَيُّرِ فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ) أَيْ يَدْخُلُ وَقْتُ فِعْلِهَا بِدَلِيلِ شُمُولِهِ لِلْمَقْضِيَّةِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَوْلُهُ: (مِنْ الْخَمْسِ) وَمِنْهَا الْمُعَادَةُ وُجُوبًا وَخَرَجَ بِهَا غَيْرُهَا مِمَّا يَحْضُرُ وَقْتُ فِعْلِهِ، كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ السَّالِمَةُ مِنْ الطَّعْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ) أَيْ أَوْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ مُطْلَقًا عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ، أَوْ بِشَرْطِ السَّفَرِ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا سَيَأْتِي كُلُّ ذَلِكَ آخِرَ الصَّفْحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: فَيَحْرُمُ التَّقْلِيدُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى مَقَالَةِ الْإِمَامِ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نَقَلَ الرَّافِعِيُّ كَلَامَ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ ثُمَّ جَزَمَ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ الْوَجِيزِ بِأَنَّ الْإِطْلَاقَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ، وَغَفَلَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ، فَنَقَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ سَاكِتًا عَلَيْهِ، انْتَهَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِيهِ أَيْ التَّقْلِيدِ احْتِمَالٌ مِنْ التَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ) أَيْ إذَا عَلِمَ وُصُولَهُ إلَى الْمَاءِ آخِرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>