للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْوَلَدُ) مِنْ وَطْئِهِ، (نَسِيبٌ فَإِنْ وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ) أَيْ قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ (أَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهُ (تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا) وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِأَبِيهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، (وَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِمَمْلُوكٍ وَالثَّانِي تَصِيرُ؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ بِكِتَابَتِهِ عَلَى أَبِيهِ وَامْتِنَاعِ بَيْعِهِ فَيَثْبُتُ لَهَا حُرْمَةُ الِاسْتِيلَادِ (وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا السِّتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (وَكَانَ يَطَؤُهَا فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ) وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْعُلُوقَ قَبْلَ الْعِتْقِ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَاسْتِيلَادُهَا عَلَى الْخِلَافِ.

(وَلَوْ عَجَّلَ) الْمُكَاتَبُ (النُّجُومَ) قَبْلَ مَحِلِّهَا (لَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ إنْ كَانَ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ) مِنْ قَبْضِهَا (غَرَضٌ كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ) أَيْ الْمَالِ النُّجُومِ إلَى مَحِلِّهِ (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ) كَأَنْ عَجَّلَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ غَرَضٌ (فَيُجْبَرُ) عَلَى قَبْضِهِ (فَإِنْ أَبِي قَبَضَهُ الْقَاضِي) عَنْهُ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ (وَلَوْ عَجَّلَ بَعْضَهَا) أَيْ النُّجُومِ (لَيُبْرِئَهُ مِنْ الْبَاقِي فَأَبْرَأَ) مَعَ الْأَخْذِ (لَمْ يَصِحَّ الدَّفْعُ وَلَا الْإِبْرَاءُ) ، وَعَلَى السَّيِّدِ رَدُّ الْمَأْخُوذِ وَلَا عِتْقَ.

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ النُّجُومِ وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ (فَلَوْ بَاعَ) السَّيِّدُ (وَأَدَّى) الْمُكَاتَبُ (إلَى الْمُشْتَرِي) النُّجُومَ (لَمْ يَعْتِقْ فِي الْأَظْهَرِ وَيُطَالِبُ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ) بِهَا (وَالْمُكَاتَبُ الْمُشْتَرِيَ بِهَا أُخِذَ مِنْهُ) وَالثَّانِي يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ سَلَّطَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى قَبْضِهَا مِنْهُ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَتَمَّمَ الثَّانِيَ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي يُعْطِيهِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ كَوَكِيلِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَتِهِ فِي الْجَدِيدِ فَلَوْ بَاعَ) السَّيِّدُ (فَأَدَّى) الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ (إلَى الْمُشْتَرِي فَفِي عِتْقِهِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ وَفِي الْقَدِيمِ يَصِحُّ بَيْعُهُ كَبَيْعِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي مُكَاتَبًا وَيَعْتِقُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ إلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ، (وَهِبَتُهُ كَبَيْعِهِ) ، فِيمَا ذُكِرَ.

(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ مَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ وَإِعْتَاقُ عَبْدِهِ وَتَزْوِيجُ أَمَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ،

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَمَا هُنَا أَرْجَحُ) أَيْ الْمَنْعُ هُنَا مُطْلَقًا هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ التَّنْبِيهُ مِنْ جَوَازِهِ بِالْإِذْنِ، وَوَجْهُ الرُّجْحَانِ أَنَّ النَّفَقَةَ قَدْ تَسْتَغْرِقُ أَكْسَابَهُ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْعِتْقِ وَلَا كَذَلِكَ التَّبَرُّعُ.

قَوْلُهُ: (أَيْ جَارِيَتُهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ لَامَ الْجَوَارِي لِلْجِنْسِ وَأَنَّ الْوَطْءَ بَعْدَ الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (أَيْ قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلظَّرْفِيَّةِ وَتَدْخُلُ الْمَعِيَّةُ فِيمَا بَعْدَهُ أَوْ مُلْحَقَةً بِهِ. قَوْلُهُ: (تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا) فَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ أَبُوهُ رُقَّ وَصَارَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ) وَهَلْ يَمْتَنِعُ اسْتِخْدَامُهُ أَيْضًا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ لَهَا حُرْمَةُ الِاسْتِيلَادِ) وَرُدَّ بِأَنَّ ثُبُوتَ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ مِنْ مِلْكِ أَبِيهِ لَهُ لَا مِنْ الْإِيلَادِ كَذَا قِيلَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِفَوْقِ إلَخْ) لَزِمَ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ تَدَافُعُ كَلَامِهِ فِي السِّتَّةِ أَشْهُرٍ وَهِيَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا أَخْذًا بِمَفْهُومِ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَالْمُرَادُ سِتَّةٌ غَيْرُ لَحْظَةِ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعِتْقِ قَوْلُهُ: (وَكَانَ يَطَؤُهَا) أَيْ مَعَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ مَرَّةً وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعِتْقِ) أَوْ مَعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ) وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ حَمَلَتْ بِالْوَلَدِ قَبْلَ الْعِتْقِ يَقِينًا فَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ.

قَوْلُهُ: (عَجَّلَ النُّجُومَ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا. قَوْلُهُ: (غَرَضٌ) أَيْ صَحِيحٌ قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَالِ النُّجُومِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَنْسَبَ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ شَيْءٍ يُرْجَى زَوَالُهُ عِنْدَ الْحُلُولِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَبُولُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فِي زَمَنِ نَهْبٍ) وَإِنْ وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ فِيهِ وَمِنْ الْغَرَضِ مَا لَوْ كَانَ يَخَافُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ أَوْ أَحْضَرَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي السَّلَمِ. قَوْلُهُ: (فَيُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ) أَيْ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ وَفَارَقَ تَعْيِينَ الْقَبْضِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَبَى) أَيْ وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ إجْبَارِهِ أَوْ تَعَذَّرَ.

تَنْبِيهٌ: الْمَكَانُ هُنَا كَالزَّمَانِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ الدَّفْعِ وَإِلَّا بَرِئَ وَعَتَقَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الِالْتِمَاسُ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ السَّيِّدِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيُبْرِئَهُ مَا لَوْ عَجَّلَ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَأَخَذَهُ مِنْهُ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا بَقِيَ أَوْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ الْبَاقِي، فَأَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَالْعِتْقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عُجِّلَ مَا لَوْ جَاءَ بِهِ فِي الْمَحَلِّ وَلَوْ بَعْدَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْقَبْضُ وَالْبَرَاءَةُ وَالْعِتْقُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَجَزَمَا فِي الشُّفْعَةِ بِصِحَّتِهِ.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا وَحَمَلَ الْجَوْجَرِيُّ الْأَوَّلَ عَلَى الِاعْتِيَاضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَالثَّانِي عَلَى الِاعْتِيَاضِ مِنْ السَّيِّدِ

ــ

[حاشية عميرة]

خِلَافٌ بِخِلَافٍ نَظِيرُهُ مِنْ سَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، وَلَوْ أَدَّى هَكَذَا وَالسَّيِّدُ غَائِبٌ وَلَا ضَرَرَ قَبَضَهُ الْقَاضِي بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا رَهْنٌ نَظَرًا لِفَكِّهِ، كَمَا نَظَرَ هُنَاكَ لِفَكِّ الرَّقَبَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي) قِيلَ هَذَا لَا يُلَائِمُ الْجَبْرَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ جَبْرِهِ وَالْقَبْضِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَصِحَّ الدَّفْعُ وَلَا الْإِبْرَاءُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِالْتِمَاسُ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ السَّيِّدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ بَاطِلٌ، وَالتَّعْجِيلُ عَلَى شَرْطٍ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَزِيدُونَ فِي الْحَقِّ لِيُزَادَ فِي الْأَجَلِ، وَمِثْلُهُ أَبْرَأْتُكَ بِشَرْطِ أَنْ تُعَجِّلَ أَوْ إذَا عَجَّلْتَ فَقَدْ أَبْرَأْتُك،.

قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ) وَالثَّانِي يَعْتِقُ لَكِنْ قَدْ سَلَفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْعِتْقَ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ سَلَّطَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِ النُّجُومِ وَهُنَا قَدْ يُقَالُ التَّسْلِيطُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الرَّقَبَةِ أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) احْتَجَّ لَهُ بِقِصَّةِ بَرِيرَةَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ شِرَاءِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَبِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُكَاتَبُ بِهِ وَهَذِهِ قَدْ رَضِيَتْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْقَاضِي.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ رَضِيَ أَوْ سَخِطَ مَمْنُوعٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>