للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفَرْضُ عَيْنٍ وَإِلَّا فَفَرْضُ كِفَايَةٍ، وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ.

(وَمَنْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ فَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ) فِي الْجِهَةِ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِعُذْرِهِ بِالِاجْتِهَادِ. (فَلَوْ تَيَقَّنَهُ فِيهَا وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا) بِنَاءً عَلَى الْقَضَاءِ، وَيَنْحَرِفُ عَلَى مُقَابِلِهِ إلَى جِهَةِ الصَّوَابِ وَيُتِمُّهَا.

(وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) فَظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ فِي جِهَةٍ غَيْرِ جِهَةِ الْأَوَّلِ (عَمِلَ بِالثَّانِي وَلَا قَضَاءَ) لِمَا فَعَلَهُ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ وَسَوَاءٌ تَغَيَّرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَمْ فِيهَا (حَتَّى لَوْ صَلَّى) صَلَاةً (أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ) أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (فَلَا قَضَاءَ) لَهَا لِمَا ذُكِرَ وَيَنْدَرِجُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الْخَطَأُ فِي

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يُقَلِّدَ مُجْتَهِدًا آخَرَ، لِأَنَّهُ فِي الْعَارِفِينَ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ بِسَبَبِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ مُقَلِّدِهِ، وَكَذَا بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، مِمَّا مَرَّ كَالْمِحْرَابِ. قَوْلُهُ: (فَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ) وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ، وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ فَيَشْمَلُ خَبَرَ الثِّقَةِ، الْمُعَايِنِ لِلْكَعْبَةِ أَوْ الْقُطْبِ أَوْ الْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ، وَخَرَجَ بِهِ الظَّنُّ وَلَوْ بِخَبَرِ الثِّقَةِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ لَا عِبْرَةَ بِتَرَدُّدٍ يَحْصُلُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (قَضَى) أَيْ لَزِمَهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ ثَانِيًا لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ فِي الْوَقْتِ وَلَا يَفْعَلُ حَتَّى يَظْهَرَ لَهُ الصَّوَابُ، وَلَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْيَقِينِ بِالصَّبْرِ أَوْ بِالِانْتِقَالِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ لُزُومِ الْقَضَاءِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا فِي الصَّوْمِ، وَبِالْخَطَإِ فِي وُقُوفِ عَرَفَةَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَ الْخَطَإِ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا) بِمَعْنَى أَنَّ فِعْلَهَا يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا ظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (يَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ) أَيْ مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَأِ أَوْ عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ زَمَنٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَا مَرَّ، لِتَأَذِّي جُزْءٍ مِنْهَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ بِغَيْرِ ظَنِّهَا. قَوْلُهُ: (عَمِلَ بِالثَّانِي) وُجُوبًا مُطْلَقًا إنْ كَانَ أَرْجَحَ، فَإِنْ تَسَاوَيَا امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِالثَّانِي فِيهَا، وَتَخَيَّرَ قَبْلَهَا وَيُعِيدُ مَا فَعَلَهُ، كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِتَرَدُّدِهِ حَالَ الشُّرُوعِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ، لَا لِلْعَمَلِ بِالثَّانِي كَمَا عَلِمْت، وَفَائِدَةُ الْعَمَلِ بِالثَّانِي بَعْدَهَا، بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ) وَكَذَا أَكْثَرُ فِي أَكْثَرَ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ خَطَأٌ فِيهَا، أَوْ بَعْدَهَا فِي جِهَةٍ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (وَيَنْدَرِجُ فِيهَا إلَخْ) أَيْ وَالتَّخْصِيصُ بِالْجِهَةِ أَوْلَى مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِيهَا انْحِرَافٌ) أَيْ إنْ كَانَ الثَّانِي أَرْجَحَ كَمَا مَرَّ.

ــ

[حاشية عميرة]

شُرُوطِ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بَلْ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ نَادِرَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إنْ أَرَادَ سَفَرًا فَفَرْضُ عَيْنٍ) أَيْ لِكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ فِيهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ) أَيْ وَلَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ وَمِثْلُهُ مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِينَ السَّالِمَةُ مِنْ الطَّعْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَضَى) يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْخِلَافِ بِمَا بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْوَقْتِ، لَكِنْ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ الْقِبْلَةِ لِابْنِ الْقَاصِّ جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ مُطْلَقًا كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ هُنَا فِي الْمُجْتَهِدِ إذَا تَيَقَّنَ الْخَطَأَ أَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ يَجْرِي فِي الْمُقَلِّدِ إذَا أَخْبَرَ مَنْ قَلَّدَهُ بِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ أَوْ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ، أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ثَالِثٌ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ الَّذِي قَلَّدَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْخَطَأِ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَبِخِلَافِ الْأَكْلِ نَاسِيًا فِي الصَّوْمِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ) هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ لِعُذْرٍ فَكَانَ كَالتَّرْكِ لِلْقِتَالِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَضِيَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ فِي تَحَوُّلِهِمْ لَمَّا بَلَغَهُمْ النَّسْخُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ النَّسْخَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِمْ إلَّا بَعْدَ الْخَبَرِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ ثَبَتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُمْ كَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِنَصٍّ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ الْمُجْتَهِدِ فَقَدْ يَكُونُ قَصَّرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِنَاءٌ عَلَى الْقَضَاءِ) قَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ بِالْفَاءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَنْحَرِفُ إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ بِقِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) أَيْ وَلَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ) يُرِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِالثَّانِي إذَا اقْتَرَنَ ظُهُورُ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَأِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَهُوَ مُتَحَيِّرٌ، أَيْ فَلَا يُقَلِّدُ وَيُصَلِّي كَيْفَ كَانَ وَيَقْضِي، وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَنْ قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَالْمُرَادُ بِالْمُقَارَنَةِ أَنْ يَظْهَرَا مَعًا أَوْ يَظْهَرَ الصَّوَابُ عَقِبَ ظُهُورِ الْخَطَأِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ، انْتَهَى.

فَلَا إشْكَالَ فِي قَوْلِنَا، يُرِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ إلَخْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الثَّانِيَ إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ، فَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَصَوَّبَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وُجُوبُ الْبَقَاءِ عَلَى الْجِهَةِ الْأُولَى، فَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ وُجُوبِ التَّحَوُّلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ مَرْدُودٌ، بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ بَاطِلٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>