للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَدَاءِ نِيَّةُ الْأَدَاءِ، وَلَا فِي الْقَضَاءِ نِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَمُرَادُهُمْ كَمَا.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الصِّحَّةُ لِمَنْ نَوَى جَاهِلَ الْوَقْتِ لِغَيْمٍ أَوْ نَحْوِهِ أَيْ ظَانًّا خُرُوجَ الْوَقْتِ أَوْ بَقَاءَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ الْأَمْرَ بِخِلَافِ ظَنِّهِ، أَمَّا الْعَالِمُ بِالْحَالِ فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ قَطْعًا لِتَلَاعُبِهِ، نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ تَصْرِيحِهِمْ (وَالنَّفَلُ ذُو الْوَقْتِ أَوْ السَّبَبِ كَالْفَرْضِ فِيمَا سَبَقَ) مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَتَعْيِينِهَا، كَصَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ النَّحْرِ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَرَاتِبَةِ الْعِشَاءِ، وَالْوَتْرِ، وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ. (وَفِي) اشْتِرَاطِ (نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ وَجْهَانِ) كَمَا فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ (قُلْت: الصَّحِيحُ لَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُعَلَّلِ بِهِ فِي الْفَرْضِيَّةِ، وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ، وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْخِلَافُ السَّابِقُ. (وَيَكْفِي فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ (نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ) لِحُصُولِهِ بِهَا، وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا خِلَافًا فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ، وَيُمْكِنُ مَجِيئُهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمَجِيءُ الْخِلَافِ فِي الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.

ــ

[حاشية قليوبي]

وَالسَّنَةُ، وَعَدَدُ الرَّكَعَاتِ وَالْقِبْلَةُ، لَكِنْ يُسَنُّ التَّعَرُّضُ لِمَا ذَكَرَ، وَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، وَلَوْ بِالتَّأْخِيرِ إلَّا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخَطَأَ بِالْقَلْبِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ نَوَى جَاهِلَ الْوَقْتِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ وَتَبَيَّنَ خِلَافَهُ. وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَقْيِيدِ مَسْأَلَةِ الْبَارِزِيِّ، وَهِيَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ، كَانَ مَحْبُوسًا فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ يَتَرَاءَى لَهُ الْفَجْرُ فَيُصَلِّي ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَنَّهُ خَطَأٌ سَابِقٌ عَلَى الْوَقْتِ، فَمَاذَا يَقْضِي، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ صَلَاةَ كُلِّ يَوْمٍ تَقَعُ قَضَاءً عَنْ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَالْأَدَاءِ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَالْوَجْهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ فَرْضَ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي ظَنَّهُ بِخُصُوصِهِ، وَإِلَّا فَلَا تَقَعُ عَنْ الْفَائِتَةِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْخَاهُ ابْنُ حَجَرٍ وَالرَّمْلِيُّ، وَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَائِتَةٌ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْعَالِمُ فَلَا تَنْعَقِدُ) أَيْ إنْ قَصَدَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، وَهُوَ أَنَّ الْأَدَاءَ بِمَعْنَى الْقَضَاءِ وَعَكْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَضُرَّ، وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا فِي الْإِطْلَاقِ، وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ صَلَاةِ الْوَقْتِ، قَالُوا لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَتَذَكَّرَ فَائِتَةً، وَهَذَا وَقْتُهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِنَحْوِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ، أَوْ بِنَحْوِ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ صَلَاةٍ يُثَوَّبُ لَهَا مَعَ وُجُودِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ فِي هَذَا بِمَا هُوَ مِنْ النَّوْعِ فَقَطْ فَيَرْجِعُ إلَى نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ، وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ، وَفِي الْأَوَّلِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَكْتَفُوا بِهِ لِعُمُومِهِ مَعَ أَنَّ نَحْوَ الصُّبْحِ عُلِمَ وَالِاشْتِرَاكُ فِيهِ لَفْظِيٌّ قَوْله: (وَتَعْيِينِهَا كَصَلَاةِ عِيدِ) أَيْ وَإِنْ نَذَرَهَا مَعَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْوَتْرِ) وَلَا يَكْفِي رَاتِبَةُ الْعِشَاءِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الرَّوَاتِبِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) ذَكَرَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ بِالتَّعْرِيفِ فَاقْتَضَى أَنَّهُمَا الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ، وَأَنَّ الْأَصَحَّ وُجُوبُ نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ هُنَا، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا ثُمَّ كَشَطَ أَدَاةَ التَّعْرِيفِ وَصَحَّحَ عَلَيْهِ لِيُفِيدَ أَنَّهُمَا وَجْهَانِ غَيْرُ الْأَوَّلَيْنِ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَا بِالصَّحِيحِ وَالِاسْتِدْرَاكِ حِينَئِذٍ عَلَى مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمَا، وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَمَا فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ دُونَ أَنْ يَقُولَ هُمَا السَّابِقَانِ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى هَذَا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَفِي اشْتِرَاطِ إلَخْ) أَوْ رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ إدْخَالِهِ فِي التَّشْبِيهِ السَّابِقِ جَرْيًا عَلَى تَرْتِيبِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ ذِكْرِهِ نِيَّةَ الْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ بَعْدَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيمَا قَبْلَهُ، وَحَيْثُ لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ كَمَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى وَجْهِ تَسْمِيَتِهِ بِالْمُطْلَقِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرُوا إلَخْ) فَهِيَ إشَارَةٌ إلَى نَدْبِ ذَلِكَ هُنَا وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِ الْفَرْضِيَّةِ وَلَمْ يَقُلْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِيُفِيدَ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ لَا نَجْعَلُهَا فَرْضًا فِي الْوَاقِعِ الَّذِي هُوَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي الْفَرْقِ فَتَأَمَّلْ، وَإِلْحَاقُ الْمَنْهَجِ سُنَّةَ الْوُضُوءِ وَالتَّحِيَّةَ وَالْإِحْرَامَ وَالِاسْتِخَارَةَ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ هُوَ مِنْ حَيْثُ الِاكْتِفَاءُ فِي ذَلِكَ بِنِيَّةِ فِعْلِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ إلَى سَبَبِهِ فِي نِيَّتِهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ السَّبَبِ فِيمَا لَهُ سَبَبٌ، وَهَذَا كَمَا تَرَى يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ الْمُقَيَّدِ، لَكِنَّ إطْلَاقَهُ لَهُ صَادِقٌ بِوُقُوعِهِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا وَجَدَ سَبَبَهُ كَالتَّحِيَّةِ وَسُنَّةِ الْوُضُوءِ لِحُصُولِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ لَا فِيمَا لَمْ يَقَعْ كَالِاسْتِخَارَةِ، لِأَنَّهُ مَعَ مُلَاحَظَةِ سَبَبِهِ لَا يَصِحُّ فَمَعَ عَدَمِهَا لَا يَصِحُّ بِالْأُولَى، فَلْيُخَصَّصْ الِاسْتِثْنَاءُ بِغَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، أَوْ بِمَا وَقَعَ

ــ

[حاشية عميرة]

وَجْهُ الدَّلَالَةِ كَوْنُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ الْمُجَازَاةَ لَا تَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ حَتَّى يَبْتَغِيَ بِهَا وَجْهَ رَبِّهِ الْأَعْلَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَتَعْيِينِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَمَا فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ) مِنْ هُنَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ قَالَ الْوَجْهَانِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَتْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>