للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَهْرُهَا الْأَرْضَ (وَيَنْصِبُ يُمْنَاهُ وَيَضَعُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ) مِنْهَا (لِلْقِبْلَةِ وَفِي الْآخِرِ التَّوَرُّكُ وَهُوَ كَالِافْتِرَاشِ، لَكِنْ يُخْرِجُ يُسْرَاهُ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ وَيُلْصِقُ وَرِكَهُ بِالْأَرْضِ) لِلْإِتْبَاعِ فِيهِمَا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُسْتَوْفِزٌ فِي الْأَوَّلِ لِلْقِيَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْآخِرِ، وَالْقِيَامُ عَنْ الِافْتِرَاشِ أَهْوَنُ (وَالْأَصَحُّ يَفْتَرِشُ الْمَسْبُوقُ) فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ لِإِمَامِهِ لِاسْتِيفَازِهِ لِلْقِيَامِ.

(وَالسَّاهِي) فِي تَشَهُّدِهِ الْآخِرِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى السُّجُودِ بَعْدَهُ، وَالثَّانِي يَتَوَرَّكَانِ الْأَوَّلُ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ وَالثَّانِي نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قُعُودٌ آخِرَ الصَّلَاةِ، وَالثَّالِثُ فِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَحَلَّ تَشَهُّدِهِ افْتَرَشَ وَإِلَّا تَوَرَّكَ لِلْمُتَابَعَةِ. (وَيَضَعُ فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّشَهُّدَيْنِ (يُسْرَاهُ عَلَى طَرَفِ رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى مَنْشُورَةَ الْأَصَابِعِ) لِلْإِتْبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِلَا ضَمٍّ) بِأَنْ يُفَرِّجَ بَيْنَهَا تَفْرِيجًا مُقْتَصِدًا (قُلْت: الْأَصَحُّ الضَّمُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَتَوَجَّهَ جَمِيعُهَا إلَى الْقِبْلَةِ (وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ) وَيَضَعُهَا عَلَى طَرَفِ رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى (الْخِنْصِرَ وَالْبِنْصِرَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَثَالِثِهِمَا (وَكَذَا الْوُسْطَى فِي الْأَظْهَرِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالثَّانِي يُحَلِّقُ بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى لِلْإِتْبَاعِ أَيْضًا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَالْأَصَحُّ فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْلِيقِ أَنْ يُحَلِّقَ بِرَأْسَيْهِمَا، وَالثَّانِي يَضَعُ رَأْسَ الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ (وَيُرْسِلَ الْمُسَبِّحَةَ) وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ (وَيَرْفَعَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ) لِلْإِتْبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلَا يُحَرِّكُهَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقِيلَ

ــ

[حاشية قليوبي]

كَالْفَرْشِ لَهُ، كَمَا سُمِّيَ التَّوَرُّكُ بِذَلِكَ لِجُلُوسِهِ عَلَى الْوَرِكِ. وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُسَنُّ التَّوَرُّكُ مُطْلَقًا. وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ: يُسَنُّ الِافْتِرَاشُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَيَضَعُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ) أَيْ بُطُونَهَا وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (لِلْقِيَامِ) أَيْ أَصَالَةً فَيُنْدَبُ كَالتَّوَرُّكِ لِمَنْ يُصَلِّي مِنْ جُلُوسٍ، وَفِيهِ إعْلَامُ غَيْرِهِ بِالتَّشَهُّدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَدَفْعُ اشْتِبَاهِ مَا فَعَلَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ. قَوْلُهُ: (يَفْتَرِشُ الْمَسْبُوقُ) أَيْ وَلَوْ خَلِيفَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْمُسْتَخْلِفِ لِلِاتِّفَاقِ هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَالسَّاهِي) أَيْ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَلَوْ لِعَمْدٍ وَلَمْ يُرِدْ تَرْكَهُ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا وَعُلِمَ مِنْ إمَامِهِ تَرْكُهُ، وَلَوْ أَرَادَ السُّجُودَ بَعْدَ التَّوَرُّكِ فَلَهُ الِافْتِرَاشُ كَعَكْسِهِ وَيُنْدَبُ الِافْتِرَاشُ وَالتَّوَرُّكُ، وَلَوْ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّشَهُّدَ، وَلِمَنْ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا إنْ أَمْكَنَ، وَطَلَبُ الِافْتِرَاشِ هُنَا لِمَنْ أَطْلَقَ لِكَوْنِ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ مَحَلَّ سُجُودِ السَّهْوِ أَصَالَةً لَا يُنَافِي طَلَبَ تَرْكِ الرَّمَلِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ السَّعْيَ عَقِبَهُ، لِأَنَّ مَحَلَّهُ أَصَالَةً طَوَافُ الْإِفَاضَةِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ الضَّمُّ) وَلَوْ لِلْإِبْهَامِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْقِبْلَةِ) أَيْ لِعَيْنِهَا غَالِبًا فَلَا يُرَدُّ ضَمُّ مَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا. قَوْلُهُ: (وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ) أَيْ بَعْدَ وَضْعِهَا مَنْشُورَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَالْخَطِيبِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمْ أَنَّ الْقَبْضَ مُقَارِنٌ لِلْوَضْعِ، فَالْوَاوُ فِي وَيَضَعُ فِي عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لِلْبَعْدِيَّةِ، وَعَلَى الثَّانِي لِلْمَعِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَثَالِثُهُمَا) الْأَفْصَحُ الْفَتْحُ فِي ثَالِثِ الْخِنْصَرِ قَالَهُ الْفَارِسِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيُرْسِلُ الْمُسَبِّحَةَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ سُمِّيَتْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا إلَى التَّسْبِيحِ، وَتُسَمَّى السَّبَّابَةُ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ السَّبِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَرْفَعُهَا) أَيْ مُمَايَلَةُ الرَّأْسِ إنْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهَا وَإِلَّا فَلَا يَرْفَعُ سَبَّابَةَ الْيُسْرَى عَنْهَا، بَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا عَدَمُ الرَّفْعِ فَلَا نُغَيِّرُ. بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُسَمَّى مُسَبِّحَةً، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّنْزِيهِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ قَوْلِهِ) أَيْ مَعَهُ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا فَوَقْتَهُ كَمَا يَرْفَعُ الْعَاجِزُ عَنْ الْقُنُوتِ يَدَيْهِ فِي الْوَقْتِ لَهُ، وَيَقْصِدُ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ فَيَجْمَعُ فِي التَّوْحِيدِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ، وَخُصَّتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَهَا عِرْقًا مُتَّصِلًا

ــ

[حاشية عميرة]

الْمُرَادُ بِهِ مَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ سَوَاءٌ حَصَلَ سَبَبُهُ لِسَهْوٍ أَوْ عَمْدٍ، ثُمَّ إنَّ هَذَا وَاضِحٌ إنْ أَرَادَ السُّجُودَ أَوْ أَطْلَقَ وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ التَّوَرُّكُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا ضَمٍّ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى وَضْعِهَا عَلَى الرُّكْبَةِ فِي الرُّكُوعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت: الْأَصَحُّ الضَّمُّ) حَتَّى الْإِبْهَامِ. قَوْلُهُ: (وَثَالِثُهُمَا) قَالَ الْفَارِسِيُّ: الْفَصِيحُ فَتْحُ صَادِ الْخِنْصَرِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُرْسِلُ الْمُسَبِّحَةَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا يُشَارُ بِهَا إلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ، وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ التَّسْبِيحَ هُوَ التَّنْزِيهُ، وَتُسَمَّى أَيْضًا السَّبَّابَةُ لِأَنَّهَا يُشَارُ بِهَا عِنْدَ الْمُخَاصَمَةِ وَالسَّبِّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَرْفَعُهَا) حِكْمَةُ الرَّفْعِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ فَيَكُونُ جَامِعًا فِي تَوْحِيدِهِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالِاعْتِقَادِ، وَيُكْرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>