تُسَنُّ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْآلِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَقِيلَ: تُسَنُّ فِيهِ، وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْآخِرِ فَإِنْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا سَيَأْتِي لَمْ تُسَنَّ فِي الْأَوَّلِ جَزْمًا (وَتُسَنُّ فِي الْآخِرِ وَقِيلَ تَجِبُ) فِيهِ لِحَدِيثِ «أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْك فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ» إلَخْ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا صَدْرَهُ فَمُسْلِمٌ، فَالصَّلَاةُ فِيهِ عَلَى الْآلِ الْمَزِيدَةُ فِي الْجَوَابِ مَطْلُوبَةٌ قَالَ الثَّانِي عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ كَالْجَوَابِ، وَقَالَ الْأَوَّلُ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ كَاَلَّذِي بَعْدَهَا وَهُوَ أَظْهَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى هَذَا الْخِلَافَ قَوْلَيْنِ وَمَشَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى تَرْجِيحِهِ، وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ وَجْهَانِ، وَلَوْ صَلَّى فِي الْأَوَّلِ عَلَى النَّبِيِّ وَلَمْ نَسُنَّهَا فِيهِ أَوْ صَلَّى فِيهِ عَلَى الْآلِ وَلَمْ نَسُنَّهَا فِيهِ مَعَ قَوْلِنَا بِوُجُوبِهَا فِي الثَّانِي، فَقَدْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا مِنْ مَحَلِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ فِي وَجْهٍ يَأْتِي فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ وَآلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَارِبُهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. (وَأَكْمَلُ التَّشَهُّدِ مَشْهُورٌ) وَرَدَ فِيهِ أَحَادِيثُ اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْهَا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ فَكَانَ يَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ
ــ
[حاشية قليوبي]
إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي سَنِّهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا وَعَدَمِهِ الْمُسْتَنِدِ لِلْقِيَاسِ وَعَدَمِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ) الَّذِي هُوَ الْأَظْهَرُ، وَمُقَابِلُهُ الْمَذْكُورَانِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَجْرِيَانِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْأَخِيرِ، وَإِنْ قِيلَ بِنَدْبِهِمَا فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لَمْ تُنْدَبْ فِي الْأَوَّلِ قَطْعًا، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ الْقَاطِعَةُ هِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِذِكْرِ الْبِنَاءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَاَلَّذِي بَعْدَهَا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، خِلَافًا لِزَعْمِ بَعْضِهِمْ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْخِلَافُ) الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ: تُسَنُّ فِي الْأَخِيرِ، وَقِيلَ: تَجِبُ. وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مَا فِي الْمَنْهَجِ كَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْلُهُ: (فِي وَجْهٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ، وَلَا يُسَنُّ سُجُودُ السَّهْوِ فِي هَذَا أَيْضًا عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (أَقَارِبُهُ الْمُؤْمِنُونَ) أَيْ وَالْمُؤْمِنَاتُ، فَهُوَ تَغْلِيبٌ.
وَقِيلَ: كُلُّ مُسْلِمٍ، وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَقَامِ الدُّعَاءِ. قَوْلُهُ: (اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ) مَعَ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوَائِدِ كَذِكْرِ الْمُبَارَكَاتِ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً} [النور: ٦١] وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (التَّحِيَّاتُ) جَمْعُ تَحِيَّةٍ بِمَعْنَى الْبَقَاءِ الدَّائِمِ، أَوْ السَّلَامَةِ مِنْ الْآفَاتِ. وَهِيَ مُبْتَدَأٌ
ــ
[حاشية عميرة]
وَالثَّانِي يُرْسِلُهُ أَيْضًا مَعَ طُولِ الْمُسَبِّحَةِ، وَقِيلَ: يَقْبِضُهُ وَيَجْعَلُهُ فَوْقَ الْوُسْطَى. قَالَ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَيْهَا يَعْنِي إلَى الْمُسَبِّحَةِ خَرَجَ بِهِ الْقَوْلُ بِقَبْضِهَا وَجَعْلِهَا فَوْقَ الْوُسْطَى، وَقَوْلُهُ: كَعَاقِدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَشَارَ بِهِ إلَى جَعْلِ الْإِبْهَامِ مَقْبُوضَةً تَحْتَ الْمُسَبِّحَةِ، فَخَرَجَ بِهِ قَوْلُ إرْسَالِهَا مَعَهَا، وَهَذَا التَّقْدِيرُ هُوَ الصَّوَابُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ عَقْدَ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ شَرْطُهَا عِنْدَ الْحِسَابِ أَنْ يَضَعَ طَرَفَ الْخِنْصَرِ عَلَى الْبِنْصِرِ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ فَهِيَ تِسْعٌ وَخَمْسُونَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْفُقَهَاءُ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إتْبَاعًا لِرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ نَقَلَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ عَنْ صَاحِبِ الْإِقْلِيدِ أَنَّهُ أَجَابَ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ وَضْعِ الْخِنْصَرِ عَلَى الْبِنْصِرِ فِي عَقْدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ طَرِيقَةُ أَقْبَاطِ مِصْرَ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَشْتَرِطُونَ فِيهَا ذَلِكَ اهـ.
(فَائِدَةٌ) : كَيْفَمَا فَعَلَ الْمُصَلِّي مِنْ الْهَيْئَاتِ الْمَذْكُورَةِ حَصَلَ السُّنَّةُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُنَاسِبُ لَهَا مِنْهَا التَّشَهُّدُ آخِرُهَا) كَانَ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ لِلتَّشَهُّدِ اشْتِمَالَهُ عَلَى السَّلَامِ، وَأَمَّا الِاخْتِصَاصُ بِالْآخِرِ فَلِأَنَّهُ خَاتِمَةُ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (فَتَجِبُ فِيهِ أَيْ مَعَهُ) إنَّمَا صَنَعَ هَكَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فَتَجِبُ فِيهِ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فَرْضٌ فِي التَّشَهُّدِ فَهُوَ الْمُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ مَعَهُ لِيَكُونَ هَذَا التَّفْسِيرُ تَفْسِيرًا لِلْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ فَالْمَعْنَى أَنَّهَا بَعْدَهُ أَيْ الْمُرَادُ مِنْ الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى الْآخِرِ) أَيْ وَلِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ مَشْرُوعٌ فِيهِ، فَلْتَكُنْ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ لِأَنَّ جَمْعَهُمَا مُسْتَحَبٌّ. قَوْلُهُ: (لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ) فِي أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَأَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى الرَّضْفِ» ، وَالرَّضْفُ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ
قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) وَالْإِسْنَوِيُّ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فِي الثَّانِي فَفِيهَا فِي الْأَوَّلِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَوَّلِ اهـ.
وَهَذَا الْبِنَاءُ كَمَا نَرَى قَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ السُّنِّيَّةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَقَدْ يُعْتَذَرُ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْخِلَافُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا هَذَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ بِتَرْجِيحِهِ. قَوْلُهُ: (اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لِأُمُورٍ مِنْهَا زِيَادَةُ الْمُبَارَكَاتِ عَلَى وَفْقِ قَوْله تَعَالَى: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: ٦١] وَمِنْهَا أَنَّ صِغَرَ سِنِّ الرَّاوِي يَقْوَى مَعَهُ رُجْحَانُ الْمُتَأَخِّرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُسْلِمٍ، وَحَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ أَصَحُّ. قَوْلُهُ: (فَكَانَ يَقُولُ التَّحِيَّاتُ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: جَمْعُ تَحِيَّةٍ، فَقِيلَ هِيَ الْبَقَاءُ الدَّائِمُ، وَقِيلَ الْعَظَمَةُ، وَقِيلَ