وَشِمَالًا مُلْتَفِتًا فِي الْأُولَى حَتَّى يَرَى خَدَّهُ الْأَيْمَنَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْأَيْسَرَ) لِلْإِتْبَاعِ فِي ذَلِكَ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا، وَيَبْتَدِئُ السَّلَامَ فِي الْمَرَّتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَيُنْهِيهِ مَعَ تَمَامِ الِالْتِفَاتِ. (نَاوِيًا السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَإِنْسٍ وَجِنٍّ) مُؤْمِنِينَ أَيْ يَنْوِيهِ بِمَرَّةِ الْيَمِينِ عَلَى مَنْ عَلَى الْيَمِينِ وَبِمَرَّةِ الْيَسَارِ عَلَى مَنْ عَلَى الْيَسَارِ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا، وَالْمُنْفَرِدُ يَنْوِيهِ بِالْمَرَّتَيْنِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهِ (وَيَنْوِي الْإِمَامُ السَّلَامَ عَلَى الْمُقْتَدِينَ) هَذَا يَزِيدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِالْمُقْتَدِينَ خَلْفَهُ وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا وَيَلْحَقُ بِالْإِمَامِ فِي ذَلِكَ الْمَأْمُومُ (وَهُمْ الرَّدُّ عَلَيْهِ) فَيَنْوِيهِ مِنْهُمْ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالْأُولَى وَمَنْ خَلْفَهُ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ، وَبِالْأُولَى أَفْضَلُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ الرَّدَّ عَلَى بَعْضٍ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَحَدِيثُ سَمُرَةَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ نَتَحَابَّ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَنْوِيَ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ أَيْضًا إنْ لَمْ نُوجِبْهَا.
(الثَّالِثَ عَشَرَ: تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ) السَّابِقَةِ (كَمَا ذَكَرْنَا) فِي عَدِّهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
يُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ عَنْ يَمِينِهِ عَلَى نَظِيرِ مَا فِي قِرَاءَةِ سُورَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الْجُمُعَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) أَيْ بِوَجْهِهِ فِي ابْتِدَائِهَا، وَيُنْهِيهَا مَعَ انْتِهَاءِ الِالْتِفَاتِ وَيَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَمَامُهَا إلَى الْقِبْلَةِ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (نَاوِيًا السَّلَامَ إلَخْ) وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ وَضْعَ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ لِلتَّحَلُّلِ مِنْهَا، وَلَوْ مَحَضَهُ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِمْ أَوْ لِإِعْلَامِهِمْ بِفَرَاغِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي فَاعِلِ نَاوِيًا وَمَجْرُورِ عَلَى، وَبِذَلِكَ تَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ: وَيَنْوِي الْإِمَامُ إلَخْ، وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: هَذَا يَزِيدُ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مُؤْمِنِينَ) هُوَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فِي الْمَلَائِكَةِ، وَقَيَّدَ فِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَدَخَلَ فِيهِمْ غَيْرُ الْمُصَلِّينَ، وَلَوْ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ إلَى مُنْقَطِعِ الْأَرْضِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَذَا فِي الرَّوْضَةِ) تَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ لَا يَنْوِيَانِ عَلَى مَنْ خَلْفَهُمَا أَوْ أَمَامِهِمَا، وَأَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَا يَنْوِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُصَلِّينَ مَعَ بَعْضِهِمْ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ، يَرُدُّ عَلَيْهِ مَأْمُومٌ فِي طَرَفِ صَفٍّ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا.
قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَنْ خَلْفَهُ وَكَذَا أَمَامَهُ، وَالْمُنْفَرِدُ كَالْمَأْمُومِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيَنْوِيهِ مِنْهُمْ إلَخْ) وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ تَأَخُّرِ تَسْلِيمَتَيْ الْمَأْمُومِ عَنْ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَيَنْوِي الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مِمَّنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ أَمَامَهُ. قَوْلُهُ: (حَدِيثُ عَلِيٍّ إلَخْ) هُوَ فِي السَّلَامِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُقْتَدِينَ، وَشَامِلٌ لِلْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ. وَعَطْفُ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ مُرَادِفٌ أَوْ خَاصٌّ لِشُمُولِ مَا قَبْلَهُ لِلْمُنَافِقِينَ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ ظَاهِرًا.
قَوْلُهُ: (وَحَدِيثُ سَمُرَةَ) هُوَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلشَّارِحِ ذِكْرَهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ نَتَحَابَّ وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) هُوَ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ أَوْ الْمُرَادِفِ أَوْ الْمُغَايِرِ بِحَمْلِ الْمَحَبَّةِ عَلَى نَحْوِ عَدَمِ الْمُشَاحَنَةِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمُصَافَحَةُ الْمُصَلِّينَ خِلَافُ الْأَوْلَى مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا خَلْفَ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْوِيَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ مُقَارِئًا لِلسَّلَامِ أَوْ لِبَعْضِهِ، فَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَصَرِيحُ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ صَارِفٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْأَرْكَانِ مَعَهُ، فَلِذَلِكَ مَالَ بَعْضُهُمْ إلَى الِاشْتِرَاطِ، وَإِنَّمَا سَكَتُوا عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ هُنَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَوْضُوعَ السَّلَامِ لِلتَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ فَنِيَّةُ غَيْرِهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْهُ إلَّا إنْ تَمَحَّضَتْ لِغَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مَعَهُ وَإِلَى هَذَا مَالَ شَيْخُنَا.
ــ
[حاشية عميرة]
(فَائِدَةٌ) : يُسَنُّ أَنْ يَفْصِلَ إحْدَى التَّسْلِيمَتَيْنِ عَنْ الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَالْمُنْفَرِدُ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ سُنَّةِ الْعَصْرِ الْآتِي، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّالِثَ عَشَرَ تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ إلَى آخِرِهِ) لِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَلِأَنَّهُ الْوَارِدُ مَعَ قَوْلِهِ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَجَعْلُ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ شَرْطَيْنِ أَظْهَرُ مِنْ جَعْلِهِمَا رُكْنَيْنِ وَصُوَرُ تَرْكِ الْمُوَالَاةِ بِتَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْأَرْكَانِ) أَمَّا السُّنَنُ فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهَا رُكْنٌ