للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَا مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ وَلَوْ) هُوَ (طِينٌ وَمَاءٌ كَدِرٌ) كَأَنْ صَلَّى فِيهِ عَلَى جِنَازَةٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي السِّتْرِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْأَوَّلِ (وُجُوبُ التَّطَيُّنِ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ) وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالتَّلْوِيثِ، وَلَا يَكْفِي مَا يُدْرَكُ مِنْهُ لَوْنُ الْبَشَرَةِ كَالثَّوْبِ الرَّقِيقِ وَالْغَلِيظِ الْمُهَلْهَلِ النَّسْجِ وَالْمَاءِ الصَّافِي لِلْعَوْرَةِ (لَا أَسْفَلَهُ) لَهَا فَسَتْرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ.

(فَلَوْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (مِنْ جَيْبِهِ) أَيْ طَوْقِ قَمِيصِهِ لَسِعَتِهِ (فِي رُكُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكْفِ) السِّتْرُ بِهَا الْقَمِيصَ (فَلْيَزُرَّهُ أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ) بِضَمِّ الزَّاي وَفَتْحِ الدَّالِ وَالسِّينِ فِي الْأَحْسَنِ حَتَّى لَا تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ ذَيْلِهِ بِأَنْ كَانَ فِي عُلُوٍّ وَالرَّائِي فِي سُفْلٍ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَمَعْنَى رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ فِي الْقِسْمَيْنِ كَانَتْ بِحَيْثُ تُرَى وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ هَلْ تَنْعَقِدُ ثُمَّ تَبْطُلُ عِنْدَ الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَأَحْرَى. قَوْلُهُ: (مَا مَنَعَ) أَيْ جُرْمٌ مَنَعَ كَمَا سَيَأْتِي، وَجَعْلُ مَا مَصْدَرِيَّةً، لِأَجْلِ صِحَّةِ الْحَمْلِ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ نَحْوَ الظُّلْمَةِ، وَدَخَلَ فِي الْجُرْمِ الْحَرِيرُ لِلرَّجُلِ، وَإِنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ، بِأَنْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَلَوْ طِينًا وَحَشِيشًا، وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ مِنْهُ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ النَّجِسُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْحَرِيرِ فِيهَا، وَلَوْ نَحْوُ طِينٍ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى الْمَغْصُوبِ، وَمِنْ الْجُرْمِ خَيْمَةٌ خَرَقَهَا فِي عُنُقِهِ، وَجَبَ ضِيقُ الرَّأْسِ وَحُفْرَةٌ كَذَلِكَ، وَكَذَا أَرْضٌ لِمُضْطَجِعٍ، أُسْبِلَ فَوْقَهُ ثَوْبٌ، قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَنُوزِعَ فِيهِ لَكِنْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا قَطْعًا فِي بَاطِنِ قَدَمَيْ الْمَرْأَةِ الْوَاقِفَةِ، وَيَكْفِي إرْخَاءُ ذَيْلِهَا عَلَى الْأَرْضِ، فَإِنْ تَقَلَّصَ حَالَةَ رُكُوعِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهَا، وَيَجِبُ قَبُولُ عَارِيَّةِ السُّتْرَةِ وَاسْتِئْجَارُهَا، وَسُؤَالُهَا إنْ جَوَّزَ الْإِعْطَاءَ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا، وَلَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَتِهَا وَلَا قَرْضِهَا، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ طِينٍ فِيهِمَا وَلَا ثَمَنِهَا مُطْلَقًا، وَيَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَلَا يَصِحُّ لَوْ وَقَعَ وَلَا صَلَاتِهِ عَارِيًّا، وَيَحْرُمُ غَصْبُهَا مِنْ مَالِكِهَا إلَّا لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُضِرٍّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ هُوَ طِينٌ) فَطِينٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرٍ لِ (كَانَ) فَلَا اعْتِرَاضَ، بِأَنَّ لَوْ تَخْتَصُّ بِالْأَفْعَالِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ نَصْبُ طِينًا خَبَرًا لَكَانَ. قَوْلُهُ: (عَلَى جِنَازَةٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهَا وَأَمْكَنَهُ إتْمَامُ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ فِي الْمَاءِ، بِلَا مَشَقَّةٍ.

قَالَ الْخَطِيبُ وَابْنُ حَجَرٍ، وَلَهُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ عَلَى الْبَرِّ عَارِيًّا بِلَا إعَادَةٍ فَإِنْ كَانَ مَشَقَّةً فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا بِالْأُولَى، وَيُخَيَّرُ فِي هَذِهِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَاءِ بِالْإِيمَاءِ، أَوْ بِالْخُرُوجِ لِيَسْجُدَ عَلَى الْبَرِّ وَيَعُودَ إلَى الْمَاءِ وَلَا إعَادَةَ فِيهِمَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ) أَيْ فَاقِدِ السُّتْرَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ الثَّوْبِ، وَهِيَ الْمُرَادُ بِهِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مَحِلِّ فَقْدِهَا مَا قِيلَ فِي فَقْدِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِي إلَخْ) لَكِنْ يَجِبُ السِّتْرُ بِالثَّوْبِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ، وَلَوْ مِنْ الطِّينِ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِدُونِهِ مَعَ وُجُودِهِ، لِأَنَّهُ الْمَيْسُورُ، وَخَرَجَ بِلَوْنِ الْبَشَرَةِ مَا يَحْكِي حَجْمَهَا كَالسَّرَاوِيلِ، فَلَا يَضُرُّ بَلْ يَجِبُ السَّتْرُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا وَحْدَهُ فِي الْمَرْأَةِ، وَخِلَافُ الْأُولَى فِي الرَّجُلِ وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدَةِ، وَيُقَالُ لِبَاطِنِهِ أَدَمَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمَاءُ الصَّافِي وَالزُّجَاجُ) لَا يَكْفِي. وَكَذَا لَوْنُ الْحِبْرِ وَالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَسَتْرُ) مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ، فَالْمَعْنَى يَجِبُ أَنْ يَسْتُرَ أَعْلَى السَّاتِرِ وَجَوَانِبِهِ وَالْعَوْرَةَ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ مُضَافًا إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ يَجِبُ أَنْ يَسْتُرَ الْمُصَلِّي أَعْلَاهُ، وَجَوَانِبَهُ أَيْ أَعْلَى عَوْرَتِهِ وَجَوَانِبِهَا، وَهَذَا وَإِنْ احْتَاجَ إلَى مُضَافٍ أَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ، لِمَا لَا يَخْفَى وَيَجِبُ سَتْرُهَا حَتَّى عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرَهَا هُوَ كَالْأَعْمَى أَوْ لَمْ يَرَهَا غَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ جَيْبِهِ) وَكَذَا مِنْ كُمِّهِ الْوَاسِعِ، فَيَجِبُ إرْخَاؤُهُ وَلَوْ رُئِيَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْإِرْخَاءِ، لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي كُمِّ الْمَرْأَةِ الْوَاصِلِ إلَى ذَيْلِهَا، بِخِلَافِ الْقَصِيرِ لِنَحْوِ الرُّسْغِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَحْسَنِ) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ أَمَّا الثَّالِثُ فَلِعَدَمِ صَلَاحِيَّةٍ بَيِّنٍ فِيهِ بِعَدَمِ تَعَدُّدٍ، فَالْأَصَحُّ مَعَ صَلَاحِيَّتِهَا السُّكُونُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِخِفَّتِهِ وَمُقَابِلُ الْأَحْسَنِ فِيهِ الضَّمُّ، وَلَا يَجُوزُ الْكَسْرُ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمُنَاسَبَةِ الْوَاوِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ إشْبَاعِ ضَمَّةِ الْهَاءِ، وَالْأَصَحُّ فِي هَذَا الْوُجُوبُ، خِلَافًا لِثَعْلَبٍ فِي تَجْوِيزِهِ الْكَسْرَ وَالْفَتْحَ أَيْضًا. نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَبْلَ الْوَاوِ مَا لَا يُنَاسِبُهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ ذَيْلِهِ) أَيْ فِي قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ، سَوَاءً رَآهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، لَا لِنَقْصِ ثَوْبِهِ بَلْ لِنَحْوِ جَمْعِ ذَيْلِهِ عَلَى عَقِبَيْهِ. فَلَوْ قَالَ كَانَ إلَخْ. كَانَ أَوْلَى وَلَعَلَّهُ قَصَرَهُ لِكَوْنِهِ فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِسْمَيْنِ) هُمَا الْجَيْبُ وَالذَّيْلُ.

ــ

[حاشية عميرة]

وَحُرِّيَّةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَا مَنَعَ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَوْنُ الْبَشَرَةِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جُرْمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا مَا يَصِفُ الْحَجْمَ دُونَ اللَّوْنِ كَالسَّرَاوِيلِ الضَّيِّقَةِ فَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى لِلرَّجُلِ وَفِيهِ وَجْهٌ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْبَشَرَةُ) هِيَ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَالْبَاطِنُ يُسَمَّى أَدَمَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ طِينٌ) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الثَّوْبِ. قَوْلُهُ: (أَيْ السَّاتِرُ) أَيْ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الشَّخْصِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ جَيْبِهِ) يُقَالُ: جُبْت الْقَمِيصَ أُجِيبُهُ وَأَجُوبُهُ إذَا قَوَّرْته. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الرَّاءِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>