لِلْمَتْرُوكِ قَبْلَ السَّلَامِ سَهْوًا لِمَا فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ الْآمِرِ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلزِّيَادَةِ (فَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا) عَلَى الْجَدِيدِ، وَكَذَا الْقَدِيمُ فِي النَّقْصِ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ (فَاتَ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ كَالسَّهْوِ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ سَهْوًا وَطَالَ الْفَصْلُ) وَمَرْجِعُهُ الْعُرْفُ (فَاتَ فِي الْجَدِيدِ) بِخِلَافِ الْقَدِيمِ فِي السَّهْوِ بِالنَّقْصِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ (فَلَا) يَفُوتُ (عَلَى النَّصِّ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَحْمُولِ عَلَى ذَلِكَ وَقِيلَ يَفُوتُ حَذَرًا مِنْ إلْغَاءِ السَّلَامِ بِالْعَوْدِ إلَى الصَّلَاةِ (وَإِذَا سَجَدَ) فِي صُورَةِ السَّهْوِ عَلَى النَّصِّ أَوْ الْقَدِيمِ (صَارَ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ) فَيَجِبُ أَنْ يُعِيدَ السَّلَامَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِذَا أَحْدَثَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ لِحُصُولِ التَّحَلُّلِ بِالسَّلَامِ، وَدَفَعَ بِأَنَّ نِسْيَانَهُ السَّهْوَ الَّذِي لَوْ ذَكَرَهُ لَسَجَدَ لِرَغْبَتِهِ فِي السُّجُودِ يُخْرِجُ السَّلَامَ عَنْ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا، وَإِذَا سَجَدَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي السَّلَامِ عَمْدًا لَا يَكُونُ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ قَطْعًا (وَلَوْ سَهَا إمَامُ الْجُمُعَةِ وَسَجَدُوا فَبَانَ فَوْتُهَا أَتَمُّوهَا ظُهْرًا) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (وَسَجَدُوا) أَيْضًا لِتَبَيُّنِ أَنَّ ذَاكَ السُّجُودَ لَيْسَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ سَجَدَ فِي الْأَصَحِّ لِزِيَادَةِ
ــ
[حاشية قليوبي]
إنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ سَلَّمَ بَعْدَ السُّجُودِ، قُلْنَا: هَذَا كَافٍ فِي سُقُوطِ دَلِيلِهِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدَهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِمَا فِي الْحَدِيثِ) أَيْ السَّابِقِ فِي كَلَامِهِ الْمُتَعَرِّضِ لِلزِّيَادَةِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ نَقْصٌ فِي الْمَعْنَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي النَّقْصِ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ أَوْ سَهْوًا. قَوْلُهُ: (وَطَالَ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ تَذَكُّرِهِ وَسَلَامِهِ وَمِثْلُهُ لَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً أَوْ تَكَلَّمَ كَثِيرًا أَوْ أَتَى بِفِعْلٍ مُبْطِلٍ وَكَالسَّهْوِ الْجَهْلُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَفُوتُ) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَدِّ. نَعَمْ يَفُوتُ بِعُرُوضِ مَانِعٍ كَتَخَرُّقِ خُفٍّ، وَفَرَاغِ مُدَّتِهِ وَحَدَثٍ، وَإِنْ تَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ، وَرُؤْيَةِ مَاءٍ لِتَيَمُّمٍ، وَلَا يَصِحُّ الْعَوْدُ فِيهَا، وَنِيَّةِ إتْمَامٍ أَوْ إقَامَةٍ وَضِيقِ وَقْتِ جُمُعَةٍ عَنْهُ، وَيَصِحُّ عَوْدُهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، وَلَا يَضُرُّ فِي عَوْدِهِ انْقِلَابُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا وَإِنْ كَانَ حَرَامًا لِفَوَاتِ الْوَقْتِ، وَلَا لُزُومُ الْإِتْمَامِ وَنَحْوِهِ وَيُؤَخَّرُ السُّجُودُ إلَى قُبَيْلِ السَّلَامِ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ، وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ خُصُوصًا فِي تَصْوِيرِ لُزُومِ الْإِتْمَامِ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا سَجَدَ) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ. قَوْلُهُ: (صَارَ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ: بِأَنَّ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ: أَمَّا عَلَى الْآخَرِ فَلَا يَصِيرُ عَائِدًا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ تَذَكَّرَ تَرْكَ رُكْنٍ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَزِمَهُ تَدَارُكُهُ قَبْلَ سُجُودِهِ، فَإِنْ سَجَدَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَبِهَذَا يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا شَخْصٌ أَتَى بِسُنَّةٍ فَلَزِمَهُ قَرْضٌ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ إمَامًا وَخَلْفَهُ مَأْمُومٌ، فَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَالْجُلُوسُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَامَ وَيُلْغَى مَا فَعَلَهُ، وَلَهُ مُوَافَقَتُهُ إلَى سَلَامِهِ، أَوْ مُفَارَقَتُهُ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا، وَقَدْ سَلَّمَ قَبْلَ عَوْدِ الْإِمَامِ، أَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ أَوْ شَرَعَ فِيهِ لَمْ تَعُدْ قُدْوَتُهُ بِعَوْدِ الْإِمَامِ، وَلَا يَلْزَمُهُ مُوَافَقَتُهُ وَإِلَّا عَادَتْ، وَلَزِمَهُ مُوَافَقَتُهُ، وَهَذَا مَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَجِبُ إعَادَةُ السَّلَامِ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ نِسْيَانَهُ السَّهْوَ) أَيْ فَالْمَنْسِيُّ السَّهْوُ، وَأَمَّا سَلَامُهُ فَعَمْدٌ مُطْلَقًا.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْخِلَافُ فِي الْأَجْزَاءِ، وَقِيلَ: فِي الْأَفْضَلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ قَالُوا بِصِحَّتِهِ أَيْ فِي حَالِ النَّقْصِ. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّعَرُّضِ لِلزِّيَادَةِ) أَيْ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَقْصٌ فِي الْمَعْنَى، ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْحَدِيثِ الثَّالِثِ: إنَّ السُّجُودَ لِلتَّرَدُّدِ لَا لِلزِّيَادَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَاتَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لِأَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَقَدْ قَطَعَ الصَّلَاةَ بِالسَّلَامِ فَفَوَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ عَمْدًا، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْقِيَاسُ عَلَى النَّوَافِلِ الَّتِي تُقْضَى لَا فَرْقَ بَيْنَ تَرْكِهَا عَمْدًا وَسَهْوًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَاتَ فِي الْجَدِيدِ) لِتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْقَدِيمِ إلَخْ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ جُبْرَانُ الصَّلَاةِ فَجَازَ أَنْ يَتَرَاخَى عَنْهَا كَجُبْرَانِ الْحَجِّ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْمُبَادَرَةِ عَقِبَ التَّذَكُّرِ. قَوْلُهُ: (فِي السَّهْوِ بِالنَّقْصِ) إنَّمَا قُيِّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَتْنِ: أَوْ سَهْوًا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ يُوجِبُ الْمُبَادَرَةَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مِنْ إلْغَاءِ السَّلَامِ) الَّذِي هُوَ رُكْنٌ بِسَبَبِ سُنَّةِ تَدَارَكَهَا، وَلِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْأَمْرَ فِي الْإِلْغَاءِ وَعَدَمِهِ مَوْقُوفًا عَلَى اخْتِيَارِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْهُودٍ، قُلْت: بَلْ هُوَ مَعْهُودٌ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ عَلَى إمَامِهِ بِرُكْنٍ كَرُكُوعٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْعُودُ فَيَلْغُو. قَوْلُهُ: (وَدُفِعَ بِأَنَّ نِسْيَانَهُ إلَى قَوْلِهِ يُخْرِجُ السَّلَامَ عَنْ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا) اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَّجِهُ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ الْعَوْدِ، فَإِنَّ عَدَمَ إيجَابِ الْعَوْدِ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ مُحَلِّلًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا إذَا عَادَ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَقَلَّدَهُ فِيهِ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ فِي عَوْدِهِ هُنَا وَجْهَانِ صَرَّحَ بِهِمَا الْفُورَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ.