للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ سَجَدَ إمَامُهُ فَتَخَلَّفَ) هُوَ (أَوْ انْعَكَسَ) ذَلِكَ أَيْ سَجَدَ هُوَ دُونَ إمَامِهِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِمُخَالَفَتِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ تَنَازَعَ فِيهِ قَرَأَ وَسَجَدَ، فَالْفَرَّاءُ يُعْمِلُهُمَا فِيهِ، وَالْكِسَائِيُّ يَقُولُ: حُذِفَ فَاعِلُ الْأَوَّلِ. وَالْبَصْرِيُّونَ يُضْمِرُونَهُ، وَهُوَ مُفْرَدٌ لَا مَثْنَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلِ. فَالتَّرْكِيبُ صَحِيحٌ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ:

(وَمَنْ سَجَدَ خَارِجَ الصَّلَاةِ) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ (نَوَى) سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) بِهَا (رَافِعًا يَدَيْهِ) كَالرَّفْعِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (ثُمَّ) كَبَّرَ (لِلْهُوِيِّ بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ (وَسَجَدَ) سَجْدَةً (كَسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَرَفَعَ) رَأْسَهُ (مُكَبِّرًا) وَجَلَسَ (وَسَلَّمَ) مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَتَسْلِيمِ الصَّلَاةِ (وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ شَرْطٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا السَّلَامُ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْهُمَا وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا. وَمُدْرَكُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ السَّجْدَةَ تَلْحَقُ بِالصَّلَاةِ أَوْ لَا تَلْحَقُ بِهَا، وَلَا يُسْتَحَبُّ التَّشَهُّدُ فِي الْأَصَحِّ.

(وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) قَطْعًا كَالطَّهَارَةِ وَالسَّتْرِ وَالِاسْتِقْبَالِ (وَمَنْ سَجَدَ فِيهَا) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ فِي الصَّلَاةِ (كَبَّرَ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلسُّجُودِ وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ لَا يَفُوتُ بِهِ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَمَا لَمْ يُحْدِثْ إمَامُهُ وَإِلَّا فَيَسْجُدُ، وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ الْإِمَامِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ لَمْ يَسْجُدْ وَإِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ، وَإِذَا لَمْ يُفَارِقْهُ فِي الْأُولَى سَجَدَ بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرَ السُّجُودِ إلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ خَشِيَ عَلَى بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ التَّخَلُّفَ لِبُعْدٍ، أَوْ صَمَمٍ، أَوْ جَهْلٍ، أَوْ إسْرَارَهُ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ بِسُجُودِ إمَامِهِ بَعْدَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَسْجُدْ، أَوْ قَبْلَهُ وَجَبَ أَنْ يَهْوِيَ خَلْفَهُ، فَإِنْ رَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ سُجُودِهِ هُوَ وَجَبَ عَوْدُهُ مَعَهُ وَلَا يَسْجُدُ، وَفَارَقَ سُجُودَ السَّهْوِ فِيهِمَا بِأَنَّهُ يُطْلَبُ فِعْلُهُ مِنْ الْمَأْمُومِ وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ سُجُودَ السَّهْوِ جَائِزٌ بِخِلَافِ هَذَا وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ هُنَا لِلْمُتَابَعَةِ كَسُجُودِ السَّهْوِ لِلْمَسْبُوقِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ لَا يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ خَلْفَ الْإِمَامِ، أَيْ مَا لَمْ يُفَارِقْهُ وَإِلَّا فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ يَكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ قِرَاءَةُ آيَةِ سَجْدَةٍ خَلْفَ الْإِمَامِ لَمْ يَسْجُدْ أَيْضًا، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ السُّجُودُ، وَهُوَ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ نَفْسِهِ وَغَيْرُ إمَامِهِ، وَإِنْ فَارَقَ إمَامَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ هُوِيِّ الْإِمَامِ، أَوْ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي الْهُوِيِّ دُونَ الْإِمَامِ إنْ قَصَدَ الْمُخَالَفَةَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا فَبِرَفْعِ رَأْسِ الْإِمَامِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَبِسُجُودِهِ هُوَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ خَالَفَ بَعْدَ عِلْمِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا تَبْطُلُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّأْوِيلِ) بِقَوْلِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (نَوَى سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ) أَيْ نَوَى السُّجُودَ لِلتِّلَاوَةِ، وَلَا تَجِبُ مُلَاحَظَةُ الْآيَةِ وَلَا عَيْنِهَا. قَوْلُهُ: (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) أَيْ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ، وَلَا يُنْدَبُ الْقِيَامُ لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ كَبَّرَ لِلْهُوِيِّ) فَلَوْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِيمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا. قَوْلُهُ: (وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامُ شَرْطٌ) أَيْ رُكْنٌ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ أَرْبَعَةٌ: النِّيَّةُ، وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَالسَّجْدَةُ، وَالسَّلَامُ، وَأَمَّا الرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِأَنَّ بِهِ يَتِمُّ السُّجُودُ، وَسَكَتَ عَنْ الْجُلُوسِ لِلسَّلَامِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ إذْ يَكْفِي عَنْهُ الِاضْطِجَاعُ كَمَا فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، فَلَا يَكْفِي غَيْرُهَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَكَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ لَا يُخَالِفُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ.

قَوْلُهُ: (كَالطَّهَارَةِ) أَيْ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ. قَوْلُهُ: (وَالسَّتْرُ) لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي غَيْرِ الْحُرَّةِ، وَفِيهَا لِمَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الْآيَةِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَارِئِ أَوْ السَّامِعِ أَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَوْ بِحَرْفٍ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ كُلِّهَا أَوْ سَمَاعِهَا مِنْ قَارِئٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَجَدَ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا

ــ

[حاشية عميرة]

وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْإِطْلَاقِ فَهُوَ خَارِجٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ عُلِمَ الْحَالُ بِرُؤْيَةِ السَّاجِدِينَ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (حُذِفَ فَاعِلُ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ اسْمٌ ظَاهِرٌ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَذْهَبَ الْبَصْرِيِّينَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَاسْتَحَبَّ الرَّافِعِيُّ الْقِيَامَ لِيَحُوزَ فَضِيلَتَهُ، وَخَالَفَ النَّوَوِيُّ فَصَحَّحَ اسْتِحْبَابَ تَرْكِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا السَّلَامُ) .

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى التَّحَرُّمِ، فَتَفْتَقِرُ إلَى التَّحَلُّلِ كَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسْتَحَبُّ التَّشَهُّدُ) كَمَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ، وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ جَوَازُ التَّشَهُّدِ كَالْقِيَامِ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) مِنْهَا دُخُولُ الْوَقْتِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>