للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ يُصَلِّي مَا ذُكِرَ (وَقِيلَ: لَا رَاتِبَةَ لِلْعِشَاءِ) وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا فِي الْحَدِيثِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ. (وَقِيلَ) مِنْ الرَّوَاتِبِ (أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ» . (وَقِيلَ: وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا) لِحَدِيثِ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّارِ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (وَقِيلَ: وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ» ، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ (وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرَّاتِبِ الْمُؤَكَّدِ) مِنْ حَيْثُ التَّأْكِيدِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَخِيرِ الْجَمِيعُ مُؤَكَّدٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحُ الْمُؤَكَّدُ الْعَشْرُ الْأُوَلُ فَقَطْ. (وَ) قِيلَ مِنْ الرَّوَاتِبِ (رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ قُلْت هُمَا سُنَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ الْأَمْرُ بِهِمَا) وَلَفْظُهُ (صَلَّوْا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ) أَيْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي لَفْظِ أَبِي دَاوُد، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» وَاسْتَدَلَّ لِمُقَابِلِ الصَّحِيحِ بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مَا رَأَيْت أَحَدًا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَدَفَعَ بِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَنَسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ

ــ

[حاشية قليوبي]

يَفْصِلَ بِكَلَامٍ أَوْ نَحْوِهِ، لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الْعَوَامُّ أَنَّ الصُّبْحَ أَرْبَعٌ كَانْتِقَالٍ مِنْ مَحَلِّهِ لَا بِصَلَاةِ نَفْلٍ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَرَوَاتِبِهَا، وَفِي نِيَّتِهِمَا عَشْرُ، كَيْفِيَّاتٍ سُنَّةُ الصُّبْحِ، أَوْ رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ، أَوْ الْفَجْرِ، أَوْ الْبَرْدِ بِسُكُونِ الرَّاءِ، أَوْ الْغَدَاةِ، أَوْ الْوُسْطَى عَلَى قَوْلٍ، وَلَا يَضُرُّ لَوْ قَالَ: رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ سُنَّةُ الصُّبْحِ، وَمَا قِيلَ: إنَّهُ يُطْلَبُ تَخْفِيفُهُمَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ، وَيُنْدَبُ فِيهِمَا قِرَاءَةُ آيَةِ الْبَقَرَةِ {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: ١٣٦] إلَى قَوْلِهِ {مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٦] فِي الْأُولَى، وَآيَةِ آلِ عِمْرَانَ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: ٦٤] إلَى قَوْلِهِ: {مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٦٤] فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَافِرُونَ فِي الْأُولَى، وَالْإِخْلَاصِ فِي الثَّانِيَةِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَقِرَاءَةُ أَلَمْ نَشْرَحْ فِي الْأُولَى، وَأَلَمْ تَرَ كَيْفَ فِي الثَّانِيَةِ، لِمَا قِيلَ: إنَّ مَنْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأَلَمْ وَأَلَمْ، لَا يَمَسُّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَلَمٌ أَيْ وَجَعٌ أَوْ ضَرَرٌ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ) .

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْأَكْمَلُ تَطْوِيلُهُمَا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ يُخَالِفُهُ. نَعَمْ إنْ حُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ بَادَرَ بِهَا لَكَانَ وَجِيهًا لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْتَظِرُهُ إذَا بَادَرَ لَهَا لِتَرْفَعَهَا مَعَ عَمَلِ النَّهَارِ، فَلَا يَنْبَغِي التَّطْوِيلُ عَلَيْهِمْ بِانْتِظَارِهِمْ لَهُ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْعِشَاءِ) وَلَوْ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَةَ وَيُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ. قَوْلُهُ: (كَانَ يُصَلِّي مَا ذُكِرَ) أَيْ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ كَانَ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُضَارِعِ، وَالْمُوَاظَبَةُ الْمُلَازَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِأَنْ لَا يَتْرُكَهُ إلَّا لِعُذْرٍ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ) أَيْ فَانْتَفَتْ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِمَا الْمُقْتَضِيَةُ لِلتَّأْكِيدِ، فَقَوْلُهُ لَا رَاتِبَةَ لِلْعِشَاءِ أَيْ مُؤَكَّدَةً، فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ إلَخْ صَحِيحٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ أَخْذًا مِنْ (كَانَ) الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُضَارِعِ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَخُرُوجُ الْبَعْضِ عَنْ التَّأْكِيدِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ، لِمُعَارَضَتِهِ بِعَدَمِ الْمُوَاظَبَةِ بِالْفِعْلِ، فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: وَزِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ إلَخْ مُرَادُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُؤَكَّدِ لَا مِنْهُ، بِدَلِيلِ رَفْعِ الْمَعْطُوفِ بَعْدَهُ، وَإِذَا أَحْرَمَ قَبْلَ الظُّهْرِ بِرَكْعَتَيْنِ انْصَرَفَتَا لِلْمُؤَكَّدَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُمَا وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْأَرْبَعِ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ وَكَذَا فِي الْمُتَأَخِّرِ، وَلَهُ إذَا أَخَّرَ الْمُتَقَدِّمَ أَنْ يُحْرِمَ بِالثَّمَانِيَةِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ أَحْرَمَ حِينَئِذٍ بِأَرْبَعٍ انْصَرَفَ لِلْمُؤَكَّدَاتِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ، وَلَا بُدَّ فِي إحْرَامِهِ مُطْلَقًا أَنْ يُعَيِّنَ الْقَبْلِيَّةَ أَوْ الْبَعْدِيَّةَ أَوْ هُمَا. قَوْلُهُ: (هُمَا سُنَّةٌ) أَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِ سُنِّيَّتِهِمَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْآتِي لَا فِي التَّأْكِيدِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَتْنِ: (وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ، وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ التَّأْكِيدِ) أَيْ فَفِي كَلَامِ الْمَتْنِ أَنَّ الْجَمِيعَ سُنَّةٌ رَوَاتِبُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهَا مُؤَكَّدَةٌ أَمْ لَا؟ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْجَمِيعُ مُؤَكَّدٌ لِظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْعَشْرُ فَقَطْ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَخِيرِ الْجَمِيعُ مُؤَكَّدٌ) وَذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ: وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ قَائِلٌ بِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ كَمَا.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْمُتَّجَهُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» انْتَهَى. قُلْت: فَلَوْ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِالْإِجَابَةِ يَمْنَعُ فِعْلَهُمَا قَبْلَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَاعَى الْإِجَابَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>