للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (قُلْت: الْأَصَحُّ) يَقُولُهُ (بَعْدَهُ) .

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْوَتْرِ أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَنُوتَيْنِ لِلْمُنْفَرِدِ وَلِإِمَامِ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ وَأَنَّ غَيْرَهُمَا يَقْتَصِرُ عَلَى قُنُوتِ الصُّبْحِ.

(وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوَتْرِ) الْمَأْتِيِّ بِهِ. (عَقِبَ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى نَدْبِهَا فِي التَّرَاوِيحِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ الْآتِي. وَقَوْلُهُ عَقِبَ وَجَمَاعَةً جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذَا اسْتَحْبَبْنَا الْجَمَاعَةَ فِي التَّرَاوِيحِ نَسْتَحِبُّهَا فِي الْوَتْرِ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَصْدُقُ مَعَ فِعْلِهَا جَمَاعَةً وَفُرَادَى وَمَعَ كَوْنِ الْوَتْرِ عَقِبَهَا وَمُتَرَاخِيًا عَنْهَا وَلَوْ أَرَادَ تَهَجُّدًا بَعْدَ التَّرَاوِيحِ أَخَّرَ الْوَتْرَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالتَّنْبِيهِ، وَوَتْرُ غَيْرَ رَمَضَانَ لَا يُنْدَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ.

(وَمِنْهُ) أَيْ الْقِسْمُ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الضُّحَى وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا ثَنَتَا عَشْرَةَ) رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا قَرِيبٌ مِنْهُ. وَالسُّبْحَةُ بِضَمِّ السِّينِ الصَّلَاةُ، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنْ صَلَّيْت الضُّحَى عَشْرًا لَمْ يُكْتَبْ لَك ذَلِكَ الْيَوْمَ ذَنْبٌ، وَإِنْ صَلَّيْتهَا ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَك بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ فِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَضَعَّفَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ فِيهِ: أَكْثَرُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَرْبَعٌ، وَأَفْضَلُ مِنْهُ سِتٌّ، ثُمَّ وَقْتُهَا فِيمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الِاسْتِوَاءِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ إلَى الزَّوَالِ.

وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَقْتُ الضُّحَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ارْتِفَاعِهَا.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبْعٌ

ــ

[حاشية قليوبي]

اللَّهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَلَا يُسَنُّ قِرَاءَةُ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَثَلًا لِكَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوَتْرِ) أَيْ وَلَوْ قَضَاءً كَالتَّرَاوِيحِ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ عَدَمِ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَقْضِيَّةِ مِنْ الْخَمْسِ فَهَذَا أَوْلَى فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَرَادَ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ وَلَوْ تَرَكَ التَّرَاوِيحَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (الضُّحَى) وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ وَصَلَاةُ الْإِشْرَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيّ وَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَقِيلَ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ: إنَّهَا صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ.

قَوْلُهُ: (رَكْعَتَانِ) وَقِرَاءَةُ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ فِيهِمَا، أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ وَالشَّمْسِ وَالضُّحَى.

قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً) هَذَا وَجْهٌ مَرْجُوحٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَفْضَلُ يُسَلِّمُ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ جَمْعِ أَرْبَعٍ أَوْ سِتٍّ أَوْ ثَمَانٍ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَهُ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ شَفْعٍ، فَإِنْ تَشَهَّدَ فِي وَتْرٍ فَفِيهِ مَا فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَسَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: «وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَيْقِظُ آخِرَ اللَّيْلِ فَيَفُوتُ وَقْتُهُ.

قَوْلُهُ: (وَضَعَّفَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) فَسَقَطَ كَوْنُهُ دَلِيلًا.

قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ) فَضْلًا وَعَدَدًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَكَمَا لَوْ زَادَ فِي الْوَتْرِ كَمَا مَرَّ، وَلَا مَانِعَ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ كَمَا فِي الْقَصْرِ لِمَنْ بَلَغَ سَفَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَوْنُهُ إلَى الزَّوَالِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ: إلَى الِاسْتِوَاءِ وَهَذِهِ صَاحِبَةُ وَقْتٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا وَقْتُ الْكَرَاهَةِ.

قَوْلُهُ: (الْمُخْتَارُ) أَيْ الَّذِي يُخْتَارُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ لَا عَنْهُ.

قَوْلُهُ: النَّهَارُ، انْتَهَى وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظَةُ (بَعْضٍ) قَبْلَ أَصْحَابِنَا وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ حِكَايَةَ وَجْهٍ بِذَلِكَ كَالْأَصَحِّ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ

ــ

[حاشية عميرة]

بِالْفَتْحِ النَّسَبُ وَالْعَظَمَةُ وَالْحَظُّ، وَبِالْكَسْرِ: نَقِيضُ الْهَزْلِ، وَبِالضَّمِّ: الرَّجُلُ الْعَظِيمُ، انْتَهَى. وَمُلْحِقٌ بِالْكَسْرِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ.

قَوْلُهُ: (وَمُتَرَاخِيًا عَنْهَا) زَادَ بَعْضُهُمْ وَمَعَ تَرْكِ التَّرَاوِيحِ. قَوْلُهُ: (وَتْرُ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَخْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ السَّابِقِ، وَمِنْهُ الْوَتْرُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (الضُّحَى) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَا صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ} [ص: ١٨] أَيْ يُصَلِّينَ وَلَكِنْ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهَا غَيْرُهَا وَأَنَّ صَلَاةَ الْإِشْرَاقِ رَكْعَتَانِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَ زَوَالِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ.

قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُ مِنْهُ سِتٌّ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ الضُّحَى، انْتَهَى. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ التَّسْلِيمَ الْمَذْكُورَ سُنَّةٌ، وَأَنَّ الْوَصْلَ جَائِزٌ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>