للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ طَهُرَ جَزْمًا

. (وَدُونَهُمَا) أَيْ وَالْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ (يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ) لِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ السَّابِقِ الْمُخَصِّصِ لِمَنْطُوقِ حَدِيثِ «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» السَّابِقِ. نَعَمْ إنْ وَرَدَ عَلَى النَّجَاسَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي بَابِهَا. (فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ فَطَهُورٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَلَوْ كُوثِرَ بِإِيرَادِ طَهُورٍ) أَيْ أُورِدَ عَلَيْهِ طَهُورٌ أَكْثَرُ مِنْهُ (فَلَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ وَقِيلَ) : هُوَ (طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ) لِأَنَّهُ مَغْسُولٌ كَالثَّوْبِ وَقِيلَ: هُوَ طَهُورٌ حَكَاهُ فِي التَّحْقِيقِ رَدًّا بِغُسْلِهِ إلَى أَصْلِهِ. وَالْكَلَامُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ. وَلَوْ انْتَفَى الْإِيرَادُ أَوْ الطَّهُورِيَّةُ أَوْ الْأَكْثَرِيَّةُ فَهُوَ عَلَى نَجَاسَتِهِ جَزْمًا. وَلَا هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرِ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ، وَهِيَ مَعَهُ صِفَةٌ لِمَا قَبْلَهَا.

(وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّجَسِ (مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ) عِنْدَ شَقِّ عُضْوٍ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا كَالزُّنْبُورِ وَالْخُنْفُسَاءِ (فَلَا تُنَجِّسُ مَائِعًا) بِمَوْتِهَا فِيهِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا إلَّا أَنْ تُغَيِّرَهُ بِكَثْرَتِهَا وَالثَّانِي تُنَجِّسُهُ كَغَيْرِهَا، وَلَوْ مَاتَتْ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ كَالْعَلَقِ وَدُودِ الْخَلِّ لَمْ تُنَجِّسْهُ جَزْمًا، وَلَوْ طُرِحَتْ فِي الْمَائِعِ بَعْدَ مَوْتِهَا نَجَّسَتْهُ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ: فِيمَا نَشْؤُهُ فِي الْمَاءِ، لَوْ طُرِحَ فِيهِ مِنْ خَارِجٍ عَادَ الْخِلَافُ

ــ

[حاشية قليوبي]

الرَّافِعِيِّ فِي جَعْلِهِ مِنْ أَوْصَافِ الرِّيحِ فَقَطْ.

وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّ صِفَاتِ التُّرَابِ مُخْتَلِفَةٌ، فَكُلٌّ يَسْتُرُ مَا يُوَافِقُ صِفَتَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ صَفَا الْمَاءُ) أَيْ مِنْ التُّرَابِ وَالْجِصِّ الْمَذْكُورَيْنِ فِي كَلَامِهِ وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ مِنْ أَوْصَافِ النَّجَاسَةِ طَهُرَ جَزْمًا، وَكَذَا يَطْهُرُ التُّرَابُ أَوْ الْجِصُّ لَوْ كَانَ نَجِسًا لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ دَوَامًا كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ) بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ، وَيَجُوزُ نَصْبُهُ كَذَلِكَ لَوْلَا الرَّسْمُ، وَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاصِلِ، وَالْمُرَادُ مَا شَأْنُهَا ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ وُجُودُ دَمٍ لَهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ كَعَكْسِهِ، وَلِلْمُتَوَلَّدِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا حُكْمُ الْغَيْرِ، وَلَوْ شَكَّ فِي أَنَّهَا لَهَا دَمٌ تُنَجِّسُ، وَجَازَ جَرْحُهَا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (مَائِعًا) .

قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: وَمِنْهُ الْمَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فَعُدُولُهُ إلَيْهِ لِعُمُومِهِ لَهُ أَوْ لِعَدَمِ حُكْمِ الْمَاءِ مِنْهُ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِمَوْتِهَا فِيهِ) وَإِنْ تَفَتَّتَتْ مَا لَمْ تُغَيِّرْهُ سَوَاءٌ طُرِحَتْ حَيَّةً فِيهِ أَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا، وَسَوَاءٌ مَا نَشَأَتْ مِنْهُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ تُغَيِّرَهُ بِكَثْرَتِهَا) فَيَتَنَجَّسَ، فَلَوْ زَالَ هَذَا التَّغَيُّرُ لَمْ يَطْهُرْ إنْ كَانَ مَائِعًا مُطْلَقًا أَوْ مَاءً قَلِيلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَتْ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ) أَيْ قَبْلَ إخْرَاجِهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طُرِحَتْ مَيْتَةٌ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَبَهِيمَةٍ إلَّا الرِّيحَ وَمِثْلُهُ لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا.

قَوْلُهُ: (نَجَّسَتْهُ) سَوَاءٌ مَا نَشَأَتْ مِنْهُ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَوْ طُرِحَ فِيهِ مِنْ خَارِجٍ) أَيْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فِيهِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَهِيَ فِي الْمَاءِ خَاصَّةٌ، وَمَا قَبْلَهَا فِي الْمَائِعِ، فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَاءَ كَالْمَائِعِ، أَوْ هُوَ مِنْهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الدَّقَائِقِ، فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلِ، وَفَهْمُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ عَلَى غَيْرِ هَذَا إمَّا تَعَسُّفٌ أَوْ تَكَلُّفٌ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: مَا لَوْ مَاتَتْ فِي الْمَائِعِ، وَمِنْهُ الْمَاءُ بَعْدَ طَرْحِهَا فِيهِ، أَوْ وُقُوعِهَا بِنَفْسِهَا حَيَّةً سَوَاءٌ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ أَوْ لَا فَلَا تُنَجِّسُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. الثَّانِيَةُ: مَا لَوْ مَاتَتْ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِهَا مِنْهُ فَلَا تُنَجِّسُهُ جَزْمًا. الثَّالِثَةُ: مَا لَوْ طُرِحَتْ مَيْتَةٌ سَوَاءٌ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ أَمْ لَا فَإِنَّهَا تُنَجِّسُهُ جَزْمًا. وَبَقِيَ رَابِعَةٌ وَهِيَ مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا مَيِّتَةً، أَوْ أَلْقَاهَا الرِّيحُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُنَجِّسُهُ جَزْمًا، وَلَوْ أَلْقَاهَا حَيَّةً فَمَاتَتْ قَبْلَ الْوُصُولِ أَوْ عَكْسَهُ لَمْ تُنَجِّسْ فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ.

(تَنْبِيهٌ) : مِنْ الْمَيْتَةِ الْمَذْكُورَةِ نَحْوُ قُرَادٍ أَوْ بَقٍّ انْشَقَّ جَوْفُهُ فِي الْمَائِعِ وَخَرَجَ مَا فِيهِ، وَلَا يُنْدَبُ غَمْسُ غَيْرِ الذُّبَابِ لِعَدَمِ

ــ

[حاشية عميرة]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>